برناديت حديب.. ممثلة تتحدى موهبتها بأداء كل أنواع الشخصيات

TT

الفنانة اللبنانية برناديت حديب هي «افضل ممثلة» بشهادة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي للعام 2000، وقد نالت هذه الجائزة عن دورها في مسرحية «ارخبيل» للمخرج اللبناني عصام بو خالد (وقد عقد قرانهما اخيراً). وفور عودتها من المهرجان الى بيروت منحتها نقابة المسرح والسينما والتلفزيون في لبنان وسامها الخاص في حفل ضخم اقيم في مسرح بيروت، قدم لها خلاله وزير الثقافة اللبناني محمد يوسف بيضون درعاً تقديرياً.

وبرناديت الممثلة، تعتمد منحى فكرياً في حديثها عن عالم الفن والمجتمع، وتظهر تميزاً في امكاناتها النفسية والجسمانية. وكانت قد نالت في مهرجان قرطاج الدولي عام 1997 جائزة الممثلة الواعدة عن دورها في مسرحيتي «تريو» و«جنينة الصنائع».

حصلت حديب على دبلوم دراسات عليا في التمثيل المسرحي من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية عام 1995، وبدأت حياتها العملية منذ السنة الجامعية الاولى فشاركت في مسرحية «العصافير» مع الفنان احمد الزين والمخرج روجيه عساف سنة 1989. كما شاركت في فرقة فهد العبد الله الاستعراضية الفلكلورية.

على رغم حداثة عهدها في الفن ساهمت في العديد من الاعمال، ابرزها للمسرح الذي تعتبره منزلاً لها، منها «العصفورة السعيدة» و«صانع المطر» مع الفنان الكبير دريد لحام، كما ادت ادواراً في عدد من المسلسلات منها «عودة غوار» الذي جمعها بدريد لحام و«القلاع» مع مأمون البني، و«حوش المصاطب» و«طالبين القرب».

«الشرق الأوسط» حاورت حديب على هامش حفل تكريمها:

* عما تتحدث مسرحية «ارخبيل»؟

ـ «ارخبيل» كوميديا سوداء مستقبلية، تحكي عن بيروت بعد 200 سنة، من خلال قصة ثلاثة اموات يعيشون في البنى التحتية، وكل منهم يتكلم لغة، ويروي قصة، بالاضافة الى شخصية رابعة هي «طفل انبوب» اي برغشة تعن ولا تتكلم، والفكرة تكمن في ان المستقبل سيصبح من دون زواج، والاطفال يتوالدون في انابيب مبرمجة. ولتشويه في التكوين يرمى طفل الانبوب في المجارير، فيخبر الاموات الثلاثة ان الحرب ايجابية، وبفضلها تستطيع الوصول الى قبرص سيراً على الاقدام، لما خلفته من ردم مساحات واسعة في البحر. وانا اؤدي دور راقصة خرساء لديها هاجس الولادة، فالشخصية حامل ولا تنجب سوى اموات، ودوري كان صعباً للغاية، حاولنا عدم اعتماد اللغة الخرساء، فابتدعت لغة تعبيرية خاصة بالشخصية لتوصل ماذا تريد قوله الى الجمهور.

* ولماذا تندرج المسرحية في اطار المسرح التجريبي؟

ـ المسرحية لم تملك حواراً مكتوباً بل هي فكرة، نصها يعتمد الارتجال. لأنه يعكس جهداً جماعياً، لذلك اندرجت «ارخبيل» في اطار المسرح التجريبي الذي تكمن صعوبته في اختراع شيء من فكرة ، وربما من لا شيء، ولهذا العمل لذة ومتعة اجد نفسي فيه اكثر من اي مسرح آخر.

* هل تعتبرين ان هذه الخصوصية في المسرحية ساهمت في نيلك الجائزة؟

ـ العمل تكلم عن نفسه، وتميز بأنه نوع جديد من المسرح، لا يعتمد فقط على الحوار لأنه يتضمن عرضاً بصرياً وسمعياً قوياً، وكذلك سينوغرافياً، تعدت عنصر الديكور، لتصبح عنصراً اساسياً ، لذلك تميز العمل خاصة في ظل مخرجه عصام بو خالد، الذي فهم حقيقة برناديت حديب كممثلة واخذ منها اكثر ما يمكن ان تقدمه، لذلك نلت الجائزة.

* هل ستعرض المسرحية في لبنان بعد الجائزة؟

ـ نفكر في اعادة عرضها، لكن ذلك يحتاج الى تمويل اضافة الى عمل وجهد كبيرين واعلام واعلان موازيين. ولكن عرضها مستمر في الاسكندرية، حيث تلقينا دعوة، كذلك سنعرض في عدة مدن فرنسية منها مارسيليا.

* الى اي مدى يتقبل الجمهور هذا النوع من المسرحيات؟

ـ في البداية خفنا الا يتقبلها الجمهور، لأنها تجربة فريدة من نوعها على صعيد المسرح، لكن الصحافة المتخصصة وصفتها بـ: «المدرسة المسرحية الجديدة» وهو ما نفخر به. وفوجئنا حين عرضت المسرحية في بيروت العام الماضي، لمدة اسبوعين بازدياد الطلب عليها، مما دفعنا الى التمديد اسبوعين آخرين.

* ما هي مشاكل المسرح اللبناني؟

ـ لعلنا نختصر المشاكل هذه في حاجتنا اولاً الى دعم وزارة الثقافة، وثانياً ان يكون للمسرح حصة في المناهج التربوية الجديدة. كما اننا نعاني من قلة الانتاج واعمالنا تنفذ بتمويل فردي بسيط. وحين نتغلب على هاتين العقبتين نستطيع تعويد الجمهور على فن المسرح، ولا يهم اذا تحقق ذلك على المدى القريب. نحتاج ايضاً الى خطة ثقافية عملية مدى سنوات طويلة، فتبدأ من الطفل وصولاً الى سنوات الدراسة المتقدمة الثانوية والجامعية.

* هل توجد خصوصية للمسرح اللبناني يجب الحفاظ عليها؟

ـ ليس هناك شيء يسمى خصوصية. ليس في لبنان فحسب بل في العالم كله، فلندع التقوقع والانغلاق وسرقة الافكار من خلال الفيديو وغيره، لنكن منفتحين اكثر، مشكلتنا تقليد الغير من دون وعي. ولدينا تجارب مسرحية غنية، لكن ليس لدينا تراكم مسرحي، ويجب الابتعاد عن الفردية في العمل والانطلاق نحو العمل الجماعي.

* هل تعكس اعمالنا صورة المجتمع؟

ـ المسألة متفاوتة، هناك فنانون لا يحبذون طرح مشاكل المجتمع ويعتبرون الفن لمجرد الفن، ولكن المسرح بحد ذاته هو علاقة بين اشخاص، علاقة حية من خلال مخاطبة انسان حي، ونحن منذ 1995 نطرح مشاكل تمس المجتمع. ولكن ما اقوله من خلال التجربة ان المشاكل الاجتماعية عامة ومشتركة بين جميع الدول عربية كانت ام غربية.

* هل هناك شخصية تكرهين تأديتها؟

ـ اتحدى موهبتي التمثيلية بأن العب كل الشخصيات، ففي فيلم اسد فولادكار واجهت تحدياً لمجرد القيام بشخصية مريم، وهي امرأة محجبة وعاقر ومستعدة للتخلي عن زوجها وتزويجه بغيرها من اجل ابقائه الى جانبها، والتحدي هنا بأداء هذا الدور الذي لا يمت الى قناعاتي بصلة.

* وما هي الادوار التي تحبين تأديتها؟

ـ المجتمع بحد ذاته يولد ادواراً مهمة، فثقافتنا وتعاليمنا والاستمرارية والبقاء على قيد الحياة، كلها تطرح ادواراً احب تأديتها.

* ألم تجدي نفسك في السينما؟

ـ شاركت في فيلمين لمخرجين ايرانيين «لبنان عِشقُ مَنْ» و«شيء اسمه حب» ولم اجد نفسي في السينما او حتى التلفزيون، لكن الجمهور وجدني وطموحي ليس الانتشار من خلال هذه الوسائل، بل رغبت بالاستمرارية وتقديم ما اقتنع به، اكتفي بثلاثين مشاهداً يتفاعلون مع مسرحيتي عوضاً عن عمل تلفزيوني يلاقي انتشاراً.

* ماذا بعد «ارخبيل»؟

ـ «ارخبيل» لم تنته بعد، ولكن هناك فكرة مبتكرة تحتاج الى المسرح والسينما ـ والتلفزيون من خلال «مسرحة السينما»، وهي فكرة ما زالت قيد الاختبار والدرس ونسعى الى تنفيذها، وانا شبه متفرغة حالياً الى التعليم فأنا مدرسة في «مدرسة الممثل» لمادة التعبير الجسماني، واعطي كذلك دروساً في المسرح للمتخلفين

* هل يساعدك كونك زوجة المخرج عصام بو خالد على التطور؟

ـ لا علاقة للأمر بالتطور، فأنا ممثلة قبل الزواج وعصام كذلك قبل ان يصبح مخرجاً، المهم في الأمر اننا نملك الاهتمامات نفسها، مما يؤدي الى تبادل الاحاديث يومياً وخلق افكار ومناخات جديدة.