اكتشف أحد باحثي الآثار السعوديين كهفاً أثرياً بالقرب من العاصمة السعودية، الرياض، يعود تاريخه إلى اكثر من ألفي سنة بعدما بقي مجهول المكان رغم وروده في بعض الكتب المهتمة بآثار المنطقة.
مكتشف الكهف، الباحث الأثري محمد بن سعود الحمود، قال ان هذا الكهف الذي يقع على مسافة 65 كم شرق الرياض يحوي عدداً من النقوش والكتابات الأثرية المهمة، وحث الجهات المختصة بالآثار على الاهتمام بهذا الكهف والمحافظة عليه. وقال الحمود في حديثه لـ «الشرق الأوسط» انه «ورد ذكر هذا الكهف في كتاب (معجم اليمامة) لمؤلفه عبد اللّه بن خميس، وهو معروف لدى المهتمين بالآثار، غير انه مجهول المكان، ونظراً لاهتمامي بالآثار والتنقيب عنها فقد سعيت إلى البحث عن هذا الكهف في منطقة (برمة) ضمن رحلاتي الاستكشافية المتعددة. وبالفعل قمت بسبع رحلات للمنطقة واجهتني خلالها عدة مصاعب بسبب وعورة الطريق في هذه المنطقة الصحراوية النائية، وتمكنت في الرحلة السابعة من العثور على الكهف وسعدت كثيراً بذلك، خاصة انني وجدت فيه العديد من الرسوم والنقوش القيمة».
وعن الأهمية والقيمة الأثرية للكهف يقول الحمود: «الكهف يقع في منطقة برمة المهمة من الناحية الأثرية والكهف يحتوي على مجموعة من النقوش الكتابية الثمودية المحفورة بالنقر الغائر، وهي واضحة المعالم تحتوي على أسماء رجال. ويحتوي الكهف أيضاً على رسوم غائرة للإنسان والخيول والوعول والجمال والرماح، ولكن المشكلة أن جزءاً كبيراً منها مغطى بالرّمال، ولن يعطى هذا الكهف حقه إلاّ باجراء حفرية أثرية منظمة للكشف عن باقي النقوش ولمعرفة الدّلالات الأثرية مثل الأدوات الحجرية المعاصرة لذلك الإنسان».
ثم اضاف: «ولعل تكوينات تلك الهضاب السوداء المنتشرة في منطقة برمة التي كست الرمال أجزاء منها وتعرف بالأبارق، وهي متناثرة في أجزاء كثيرة من بطين برمة تساعد على تهيئة كتابة النقش، لذا من المحتمل جداً ان يكون الكثير من تلك النقوش ما زال مختفياً تحت كثبان الرمال، خاصة اذا علمنا أن الفترة الزمنية للنقوش طويلة جداً، إذ تعود إلى اكثر من 2000 سنة».
دلائل على أمة حضرية يرى الحمود أن دلالات هذه النقوش توحي بأن المنطقة قد استوطنتها امة حضرية متعلمة ويقول: «هذه النقوش الكتابية تدل دلالة واضحة على التعليم والثقافة وعلى ان اصحابها من أمة حضرية، وفي رأيي أنها لا تنسب للرعاة أو البادية كما يزعم بعض الأثريين لأن الكتابة صنعة حضرية، الأولى بها أن تكتسبها الحاضرة وتنسب اليها. إذا ربطنا الفترة الزمنية والمكانية بين عصر قبيلتي طسم وجديس (من العرب البائدة) اللتين عرفتا القصور والحصون وتلك النقوش يصبح هناك احتمال كبير بأنها من بقايا طسم وجديس».
ويوضح أن منطقة برمة غنية بالآثار وقد اكتشف فيها العديد من تلك الآثار، ومنها نقوش الاطارات حيث تقع في شمال برمة مجموعة من النقوش الثمودية التي تحتوي على أسماء اشخاص، وهذه النقوش تعتبر فريدة في منطقة الرياض وذلك لاحتواء بعضها على اطارات تلتف على النقش وقد حفرت بالنقش الغائر، واحتوت أيضاً على مجموعة من الأشكال الحيوانية كالجمال والابقار والخيول والوعول والذئاب والمعتقد أن هناك كتابات ونقوشا اخرى مطمورة تحت الرمال، ويلاحظ كذلك وجود الرسوم المختلفة من بينها رسوم كتبت بالمداد الاسود.
وفي سياق كلامه عن ثراء منطقة برمة بالآثار والنقوش، ولا سيما الثمودية منها في شمال المنطقة، يقول الحمود: «من آثار برمة ايضاً نقوش الوسوم وهي تل صغير من الصخر الرملي ولكنه يحوي غرائب الوسوم والرموز المختلفة، أهمها حفر متقاربة صغيرة على الصخر يصل قطرها إلى 2 سم. ومن آثار برمة ايضاً نقوش الكف وتحوي مجموعة من الكتابات الثمودية المختلفة التي تحمل اسماء اشخاص. كما تحوي مجموعة من الأشكال الحيوانية مثل الابقار والوعول والأسود والجمال والنعام، بالاضافة إلى رسوم الانسان، وخاصة رسمة الكف التي لها دلالات مهمة وما زالت لغزاً أثرياً، اذ عثر على العديد من نقوش الكف في مناطق مختلفة من السعودية.
ويقع في المنطقة ايضاً كهف كبير يصل طوله إلى 12متراً وينتهي في حفرة طبيعية عميقة في الصخر وهو مغطى ببعض الأتربة، والكهف بلا شك مكان يحمل اشارة مهمة للاستيطان القديم، وهذا الأمر لا تثبته الا الحفريات الأثرية. ويلاحظ في الكهف وجود الرسوم الأثرية القديمة التي كتبت بالمداد الاسود.
ونوه الحمود بضرورة اهتمام وكالة الآثار والمتاحف بوزارة المعارف وكذلك الهيئة العليا للسياحة بهذه المواقع الأثرية المهمة والمحافظة عليها، وقدم شكره لزملائه الذين رافقوه في رحلاته الاستكشافية، ومنهم عبد الرحمن المنصور ومحمد الرقيب وعبد اللّه القحطاني.