من نماذج الحياة العربية في لندن..

أبو زكي بدأ عاملا في مطعم وحاليا تتوالد سلسلة مطاعمه الخاصة =-

TT

اتفقت مع رجل الأعمال اللبناني معروف أبو زكي، مالك سلسلة مطاعم «مروش» اللبنانية الشهيرة في لندن، لإجراء حوار صحافي معه حول سلسلته التي أصبح الإعلام البريطاني يسلط الضوء عليها أخيراً، واصفاً إياها بـ «الإمبراطورية الدائمة الاتساع».

تم اللقاء في أحد المطاعم الإيطالية (سنيور ماركو)، التي يمتلكها أيضا في «شارع العرب» الشهير ادجوير رود، حيث بادرته:

* هل باستطاعتنا القول «إنك ولدت وفي فمك ملعقة من ذهب»؟

ـ فرد: لم تكن ملعقة من ذهب، بل كانت من نحاس، لقد حضرت للأراضي البريطانية عام 1975، وعملت بوظيفة عامل في أحد المطاعم، وبعد جهد شاق وعمل متواصل، استطعت افتتاح مطعم لبناني مستقل بي في منطقة (نايتس بريدج)، لحين عام 1980، حيث اتفقت مع شركاء لي على افتتاح أول مطعم في لندن باسم «مروش»، وحالفني الحظ عندما قرر هؤلاء الشركاء المقيمون خارج بريطانيا ما بين كندا ولبنان وألمانيا، التفرغ لإدارة مشاريعهم التجارية في الخارج، وطالبوا بفض الشراكة معي. بعد هذا الانفصال افتتحت مطعم «رنوش» اللبناني، وبدأت مسيرة حياتي العملية مستقلا ما بين عامي 1980 ـ 1985.

* لكن كيف استطعت مادياً ومن دون شركاء افتتاح مطعم تلو الآخر، وفي مواقع سياحية مركزية؟

ـ هنا جاء دور عائلتنا الكبيرة في لبنان، حيث مدّتني بالدعم المادي والمعنوي المطلوبين لبناء تلك المشاريع التجارية، وأثمر هذا الدعم عن افتتاحنا لفرعين آخرين من سلسلة مطاعم «مروش»، بالإضافة إلى افتتاحنا لمطعم «بيروت إكسبرس»، فلغاية عام 1990، كنا نمتلك فقط ثلاثة مطاعم، لكن بعد تاريخ عام 1990، بدأنا بالتوسع تجارياً، وانطلقنا تجارياً، حيث افتتحنا هذا المطعم «سنيور ماركو» الإيطالي.

* لماذا مطاعم إيطالية بالذات؟

ـ فأجاب: أنا مولود لأب لبناني وأم إيطالية من جزيرة سيسيلي الإيطالية.

* كشاب عربي مغترب، ما هي الصعوبات التي اعترضت مسيرة حياتك العملية؟

ـ هناك تسهيلات تجارية كثيرة جداً توفرها بريطانيا، ففي اعتقادي إذا عمل الإنسان بصدق وبجهد متواصل، واتبع القنوات الشرعية لتأسيس مشاريعه التجارية، فسوف يحظى باحترام السلطات في هذا البلد، حيث يخلق نوعاً من الاحترام المتبادل ما بين الطرفين.

* هل احتكرتم اسم مروش عالمياً؟

ـ بصراحة لم يخطر ببالنا تسجيل اسم مروش عالميا، لقد اقتصر احتكارنا على مدينة لندن، مع العلم أن البعض افتتحوا مطاعم لبنانية باسم مروش خارج مدينة لندن، لكن أتمنى من كل قلبي ان يحافظوا على تميز اسم مروش كمطعم عريق، لأنه إذا افتقدت الجودة من تلك المطاعم فسوف تضر باسم مروش، الذي بنيناه بجهد وعرق.

* هل لي بسؤالك كم كان رأسمالك عند امتلاكك لأول مطعم لبناني؟

ـ رأسمالي في ذلك الوقت ما بين 60 ـ 70 ألف جنيه استرليني.

* وكم يبلغ رأس مالك حالياً؟

ـ لقد ازداد رأس المال بالطبع، فمثلا نحن نمتلك مشروعاً تجارياً ضخماً في شارع التسوق الشهير اكسفورد ستريت، حيث نمتلك الآن بناية تجارية ضخمة مؤلفة من سبعة طوابق، الطابق الأرضي والأول سيكونان مطعما إيطاليا يتسع لما يقارب 300 شخص، أما باقي الطوابق فسوف تكون مكاتب تجارية، لقد صرفنا على هذا المشروع إلى الآن ما يقارب العشرة ملايين جنيه استرليني.

* كم يبلغ عدد فروع المطاعم اللبنانية والإيطالية التي تمتلكها اليوم؟

ـ لحد الآن أمتلك ثمانية فروع، وسوف يزداد العدد إلى تسعة فروع بعد شهر أبريل (نيسان).

* ما هي جنسيات الزبائن المترددين على سلسلة مطاعم مروش؟

ـ عند بدايات عام 1975، كان معظمهم من اللبنانيين، بعد ذلك تحول زبائننا إلى خليجيين وجنسيات عربية أخرى مختلفة. وكان %10 فقط من زبائننا من الأجانب، الآن أصبح الوضع مختلفاً، إذ أصبح %70 إلى %80 من زبائننا أي الأغلبية العظمى من جنسيات أجنبية.

* في اعتقادكم ما سبب انخفاض نسبة السائحين العرب لبريطانيا عما كانت عليه في السبعينات والثمانينات؟

ـ الغلاء المتزايد في بريطانيا، بالإضافة إلى تضرر السائح الخليجي مادياً بعد حرب الخليج، وما استنزفته تلك الحرب من أموال. أيضا انفتاح لبنان، وتغير وجهة السائح العربي لوجهات سياحية أخرى كلبنان وسورية ومصر وتركيا.

* ما هو انطباع الزبون الأجنبي عند زيارته لمطاعمكم؟

ـ معظم زبائننا الأجانب يشكروننا بشكل مهذب على قضائهم لوقت طيب وتناولهم لوجبة مميزة.

* سلّط الإعلام البريطاني الضوء أخيراً على سلسلة مطاعم مروش، في رأيكم ما سبب اهتمام الإعلام البريطاني بكم؟

ـ أولا الخدمة التي نقدمها لزبائننا، وجودة الطعام، وجو الضيافة والترحيب الذي نخلقه، فنحن نؤمن بأن الزبون يجب أن يأخذ حقه كاملاً قبل أن نضع أيدينا في جيوبه ونطالبه بدفع الفاتورة.

* كم يبلغ عدد العاملين في سلسلة مطاعمكم سواء اللبنانية أو الإيطالية؟

ـ لدينا الآن 180 عاملاً، وسوف يزداد العدد إلى 230 عاملاً بعد افتتاحنا للمشروع التجاري الذي حدثتك عنه، حيث سنستقدم خريجي جامعات ومعاهد متخصصين في مجال السياحة وإدارة الفنادق، وسوف نعمل على تطوير كوادر العاملين من خلال تخصيص مديرين لتدريبهم للارتقاء بجودة الخدمة في مطاعمنا.

* على فكرة، ما سبب تسميتك لمطاعمك الإيطالية «سنيور ماركو»؟

ـ هناك أسباب خاصة لتلك التسمية..

ثم ردّد ضاحكا: لا استطيع أن أبوح لك بالسر!

* مع تزايد عدد الفروع التي تمتلكها، كيف تستطيع التوفيق في إدارة جميع تلك الفروع؟

ـ كي تمتلك مطعماً ناجحاً عليك الوجود في هذا المطعم من 14 ـ 16 ساعة يومياً، وهذا ما أفعله بالضبط. فأنا أتابع سير عمل جميع الفروع يوميا، كما يساعدني على إدارة تلك الفروع ابن أخي، كما أن اثنتين من بناتي بدأتا معاونتي أخيراً في إدارة تلك الفروع، فابنتي رنا مثلا أؤمن بأن لديها المقدرة العقلية والحس التجاري لتولي إدارة تلك الفروع، وآمل أنها ستحقق نجاحات تفوق نجاحاتي التي حققتها.

* هل من شخصيات سياسية أو فنية مهمة ترددت على مروش؟

ـ تردد على مروش الكثير من الأمراء، أذكر منهم الأمير السعودي الوليد بن طلال، والأمير طلال أرسلان، وكذلك أمين الجميل. والكثير الكثير من الشخصيات المهمة، لكنني لا استطيع أن أتذكرهم جميعاً «بعدين بيعتب علينا الباقين».. كما تتردد على مطاعمنا شخصيات فنية ورياضية معروفة.

* هل كان يحلم معروف أبو زكي بامتلاك سلسلة أكبر مطاعم لبنانية في بريطانيا؟

ـ كما قلت لك لقد تغربت عن بلدي لبنان، وجئت إلى بريطانيا وبدأت من الصفر كعامل، وسعيت إلى هدف معين وهو النجاح، حيث أردت أن أرسم صورة مشرقة ومشرفة عن بلدي في الغربة، وبجهدي وعملي المتواصلين حققت هدفي الذي طالما سعيت إليه.

* هل من كلمة تحب أن توجهها كرجل أعمال عربي نجح في بريطانيا، للشباب العربي المغترب الذي يهجر الأوطان باحثاً عن لقمة العيش في بلاد الاغتراب؟

ـ نصيحتي لكل شاب مغترب راكض وراء لقمة العيش في بلاد الاغتراب، بأن يضع نصب عينيه هدفاً واحداً فقط، وهو العمل بجهد متواصل لتحقيق النجاح المشرف. فللأسف تجدين الآن الكثير من الشباب العربي في بريطانيا يعيش على الضمان الاجتماعي الذي توفره السلطات البريطانية للعاطلين عن العمل، وفي تصور هؤلاء الشباب أن ما سيجنونه من خلال الالتحاق بوظيفة سيعادل ما يدفعه الضمان الاجتماعي لهم، فلماذا العمل إذاً والتعب، هذا التفكير لن يجعلهم يتقدمون خطوة واحدة للأمام، لكنهم سيعودون خطوات للوراء.

* ألا تحنّ إلى الرجوع لوطنك بعد اغتراب دام 25 سنة؟

ـ حلم كل مغترب العودة إلى أحضان الوطن، ويبقى الحنين بداخلنا، لكن ما أسسته من نجاح تجاري هنا صعب جداً أن أتخلى عنه الآن، لأن هذا النجاح هو ثمرة سنوات طويلة قضيتها في الغربة مليئة بالشقاء والتعب، ولأعود مرة أخرى للبنان لانطلق من هناك سيكون صعباً بعض الشيء، فلبنان ما زال يحتاج إلى المزيد من الوقت ليعود إلى قمة توهجه.