الرئيس الروسي يبعث ببرقية للملك فهد ممتدحا أسلوب تحرير رهائن الطائرة ومطالبا بتسليم الخاطفين

TT

جدة: «الشرق الأوسط» في الوقت الذي غادر فيه أمس رهائن الطائرة الروسية المختطفة البالغ عددهم 161 راكبا (114 روسياً و47 تركياً) عائدين إلى بلادهم على متن طائرات خاصة بعثت بها حكوماتهم إلى المدينة المنورة، تركزت الانظار على مصير الخاطفين، وعددهم 3 حاليا من أصل 4 بعد أن قتل أحدهم خلال عملية اقتحام الطائرة أول من أمس من قبل قوات الامن الخاصة السعودية. ففي موسكو، نقلت وكالة «رويترز» أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر عن تقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وامتدح طريقة تعامل السعودية مع عملية خطف الطائرة، مطالبا في الوقت نفسه بتسليم الخاطفين إلى روسيا لمعاقبتهم. وكتب بوتين في برقية للملك فهد أعلنها الكرملين «أود أن أعرب عن خالص تقديري للتضامن والتفاهم الذي اوضحتموه في ما يتعلق بالوضع المأساوي باحتجاز ارهابيين لرهائن، وفي الوقت نفسه أود أن أعرب عن أملي في حل المسألة المتعلقة بتسليم المسؤولين عن القيام بمثل هذا العمل غير الانساني إلى العدالة الروسية في أقرب وقت ممكن». وأضاف بوتين في رسالته «أعتقد أن مستوى التعاون الكبير بين سلطات مملكتكم وروسيا أثناء عملية الافراج عن الرهائن دليل واضح على استعداد بلدينا الصديقين على التعاون في الصراع ضد الارهاب الدولي». وأكد مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في سفارة روسيا في الرياض لـ«الشرق الاوسط»، أن الاتصالات بدأت مع السعوديين في هذا الشأن. وقال المصدر في حديث هاتفي: «تلقينا أوامر من القيادة الروسية بالاتصال مع المسؤولين السعوديين لتسليم الخاطفين».

وقال الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الامر سيترك للبحث عبر القنوات الدبلوماسية، وان مصير الخاطفين ستحدده السلطات السعودية.

وفي المدينة المنورة، نقلت الطائرة الروسية وهي من طراز «اليوشن» الركاب الروسيين البالغ عددهم 114 راكبا، بالاضافة الى جثة المضيفة، وهي روسية الجنسية وليست تركية كما ذكر، والتي قتلها أحد الخاطفين. كما نقلت طائرة بوينج تابعة للخطوط الجوية التركية الركاب الآخرين البالغ عددهم 47 راكبا، إضافة إلى جثة الراكب الذي قتل أثناء عملية اقتحام الطائرة. من جهته، قال المهندس عبد الكريم الحنيني وكيل امارة المدينة المنورة المكلف، الذي تقدم مودعي ركاب الطائرة المخطوفة أمس في المطار، إن الحكومة السعودية وضعت سلامة الركاب في سلم أولوياتها خلال التعامل مع الحادث.

وخاطب الركاب قائلا: «ان نهج هذه البلاد مستمد من الدين الاسلامي الذي لا يرضى بالارهاب، وان ما قام به المختطفون عمل لا تقبله السعودية». وأضاف: ان حادث اختطاف الطائرة يفسر نفسه، ونحن لا نقر مثل هذا الاسلوب الارهابي المرفوض، وان ديننا الحنيف يرفض هذه الاعمال. وكان ركاب الطائرة المختطفة قد تلقوا عناية طبية خاصة في المستشفى الميداني الذي تم تجهيزه في المطار نتيجة تعرض معظمهم لانهيارات عصبية، بينما تم نقل 11 راكبا فقط إلى مستشفى الملك فهد منهم 6 روس و5 اتراك، تراوحت اصاباتهم بين رضوض وانهيار عصبي وارتفاع ضغط الدم.

ولاحظت «الشرق الأوسط» التي رافقت الرهائن إلى الطائرتين، أن العديد من الركاب لا يزالون تحت تأثير صدمة الاختطاف، فيما تم نقل البعض منهم داخل الطائرة على اسرة خاصة، نظرا لانهيارهم التام واصابتهم بكسور ورضوض. وقال أحد الركاب الاتراك لـ«الشرق الأوسط»: كنت منهارا جدا حينما هدد أحد الخاطفين بنسف الطائرة.

ولفتت عملية تحرير الطائرة من قبل قوات الامن الخاصة السعودية اعجاب الوسط الدولي، نظرا لجرأتها وتوقيتها الحاسم، وفوق ذلك كله سرعتها التي استغرقت 3 دقائق فقط. ونقل عن العقيد ركن علي بن دخيل الرحيلي قائد عملية الاقتحام قوله في حديث للتلفزيون، بعد وصوله مدينة الرياض: ان وحدة الامن والحماية المعنية بمكافحة الارهاب في السعودية تتدرب طيلة العام على فرضيات لتحرير اي طائرة من طائرات الخطوط السعودية سواء القديمة او الحديثة، مشيرا الى أن فريق التحرير استفاد من معلومات حصل عليها من شركة الخطوط السعودية، بأن الطائرة المختطفة شبيهة بطراز ام.دي .90 وطراز بوينج .727 وأضاف أن فريق القوة الخاصة انتقل الى المدينة المنورة مستطلعا مكان الطائرة بواسطة أجهزة مكنته من رصد اي فتحات او مداخل للطائرة. وأوضح أن الفريق استفاد أيضا من المعلومات التي حصل عليها من بعض الركاب الذين تم الافراج عنهم، «وبعد استطلاع دقيق وجدنا ان الطائرة تتكون من عدة مداخل، هي: فتحة القيادة وبها نافذتان احداهما من اليمين والاخرى من اليسار يمكن ان ندخل منهما، كما يوجد باب رقم 1 وباب رقم 2 وباب رقم 3 وباب رقم 4 على الاجنحة، بالاضافة الى فتحات للطوارئ، فتحتان على كل جانب، و في مؤخرة الطائرة يوجد بابان للدخول رقم 9 و.10 وبعدما حصلنا على هذه المعلومات دوناها ورسمناها». وطبقا للرحيلي فإن التنفيذ فعليا لاقتحام الفريق السعودي الطائرة بدأ في الساعة (11.45 بالتوقيت المحلي)، حينما أمر مختطفو الطائرة الطيار بالاقلاع مهددين بتفجيرها، وبدأ قائد الطائرة بالاستغاثة ثم عمد الخاطفون إلى ايذاء الرهائن.

وبشأن مقاومة المختطفين، قال قائد عملية تحرير الطائرة: «نعم وجدنا مقاومة أثناء فتح الباب رقم 1، اذ شاهدنا أحد المختطفين يقتل أحد المضيفات بالسكين فأطلق عليه أحد افراد القوة الخاصة النار».

واوقفت الشرطة التركية في اسطنبول، زوجة احد خاطفي الطائرة الروسية، حسبما اعلن رئيس شرطة انقرة كاظم ابانوز لوكالة انباء الاناضول.

واضاف المصدر نفسه ان زارا ارساييف زوجة سفيان ارساييف الذي اعلنت موسكو انه احد خاطفي الطائرة اوقفت في منزلها في حي كوجوكجكمج الاوروبي في اسطنبول ووضعت قيد الحجز الاحتياطي. وقال رئيس الشرطة ان «زارا ارساييف ليست متورطة في عملية خطف الطائرة لكننا سنستجوبها للحصول على معلومات»، مشيرا الى ان الخاطفين الآخرين هما نجلا ارساييف.

واعتبر الجهاز الاعلامي التابع للرئيس الشيشاني اصلان مسعدوف امس ان خاطفي الطائرة الروسية «يجب ان يعاقبوا طبقا للشريعة الاسلامية» وان لا يتم تسليمهم الى موسكو.

وقال الجهاز الاعلامي التابع للرئاسة الشيشانية لوكالة الصحافة الفرنسية «المجرمون يجب ان يعاقبوا بحسب قواعد الشريعة».

وحملت الرئاسة الشيشانية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مسؤولية خطف الطائرة باعتبار ان «الجرائم التي ارتكبتها القوات الروسية في الشيشان دفعت الشيشانيين الى ارتكاب هذه الاعمال». وفي الوقت نفسه، اعتبرت الرئاسة ان خاطفي الطائرة ليسوا سوى «منفذين» لعملية دبرتها اجهزة الاستخبارات الروسية.