ثلاث شخصيات حولت الظواهري من ابن عائلة أرستقراطية إلى المطلوب رقم 2 في العالم

إحدى قريباته: لم يتصور أحد أن يكون هذا هو مستقبله وأبوه مات محسورا على ولديه

TT

هذه محاولة لتوسيع ثقب الابرة الذي ينظر منه العالم الآن الى زعيم جماعة الجهاد المصرية الدكتور ايمن الظواهري حتى تتوضح الصورة كاملة ونعرف كيف تحول ذلك الشاب الهادئ الوديع سليل واحدة من اكبر واشهر العائلات في مصر حيث ينحدر منها الشيخ الظواهري شيخ الازهر الاسبق والدكتور محمد الظواهري اشهر اطباء الامراض الجلدية بمصر والعالم، الى المطلوب رقم 2 في العالم بعد اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي تتهمه الولايات المتحدة بارتكاب تفجيرات نيويورك وواشنطن يوم 11 من الشهر الماضي.

بداية كان الدكتور ايمن الظواهري يعيش مع اسرته حتى 1981 في ضاحية المعادي جنوب القاهرة وهي الضاحية الراقية والمكان المفضل للاقامة بالنسبة للاجانب خاصة الدبلوماسيين حيث تطل على شاطئ النيل الهادئ بما يمثله من انسيابية في الحياة والحب والرومانسية الا ان الدكتور ايمن الظواهري جاء شيئا مختلفا عن كل ما تؤدي اليه هذه المعطيات، فكيف تم ذلك؟

للكشف عن هذه الابعاد قامت «الشرق الأوسط» بجولة بين معارفه واصدقائه وعائلته فماذا قالوا؟

الدكتور عبد المعز، هو الاسم الحركي الذي اشتهر به د. ايمن الظواهري في افغانستان بين عناصر تنظيم القاعدة، حيث يعيشون وسط الجبال في كهوف أو مغارات مجهزة لمعيشة ذلك التنظيم الذي اصبح حديث العالم باسره، وقد سافر ايمن الظواهري الى افغانستان في 1985 عقب خروجه من السجن بعد انتهاء الحكم الصادر ضده في قضية اغتيال الرئيس السادات، طلب السفر لأداء العمرة فسمحت له السلطات المصرية بذلك ومن هناك سافر الى افغانستان، اشتهر ببراعته كطبيب بين المجاهدين حسب ما وصفه عصام دراز الذي كان مع الافغان العرب وقت الحرب ضد الاتحاد السوفياتي وقضى في افغانستان اربع سنوات، ونام بجوار ايمن الظواهري ليلة كاملة في أحد الكهوف، ويضيف عصام دراز قائلا «توثقت العلاقة بين اسامة بن لادن وايمن الظواهري بسبب مرض بن لادن فهو يعاني من ضغط منخفض، واذا فاجأته الازمة يقع على الأرض مغشيا عليه، ولهذا فإن ايمن الظواهري يلازمه كظله، والحقيقة ان د، عبد المعز ـ وهذا اسم الظواهري هناك ـ ولم اعرف ان اسمه الظواهري الا بعد مدة طويلة، فلا احد هناك يناديه الا بذلك الاسم د. عبد المعز ـ وتشعر وانت تحادثه انه يملك الكثير من الخبرة والتجارب».

ويقول دراز سمعت انه صار الآن الذراع الايمن لاسامة بن لادن وله كلمة مسموعة هناك كما انهم يحبونه كثيرا لبساطته في التعامل معهم، وعلاجه لكثير من اصاباتهم وامراضهم، واذكر ان د. عبد المعز او الظواهري انقذني ذات ليلة من موت محقق، فأثناء تصويري لاحدى المعارك بين الروس والافغان وجدت ان السماء تمطر ثلجا بطريقة غير عادية فلجأت والمجموعة التي تصاحبني الى بعض اعضاء التنظيم الذين كانوا قريبين منا في احد الجبال، حيث توجد عدة كهوف مجهزة لاقامتهم فطلبت منهم الدخول لاننا اذا ظللنا في الخارج فسنموت من البرد لكنهم لم يوافقوا لانهم يرفضون التصوير ويخافون منه، فالبعض يعتبره حراما والاخرون يخشون من معرفة اجهزة الاستخبارات العالمية لهم، وظللنا انا ومن معي نحاول اقناعهم لكنهم رفضوا، وبعد ساعة جاء د. عبد المعز (ايمن الظواهري) واعتذر لنا وسمح لنا بالدخول لاحد الكهوف الدافئة فنمت يومها بجواره.

واذا كان هذا ما يقوله احد الاعلاميين عن ايمن الظواهري، فماذا تقول اسرته وعائلته؟ كلهم رفضوا الحديث عن ايمن وبإصرار شديد، وجاء هذا الرفض قاطعا بصورة اكبر من د. ربيع الظواهري طبيب العيون وابن عم ايمن الظواهري، الذي قال لنا: «نحن لا نعرف شيئا عنه ولن نتكلم مع احد في ذلك الموضوع»، ولكن احدى قريباته تحدثت لنا رافضة ذكر اسمها قالت: «كان ايمن من اكثر الناس تهذيبا في عائلتنا والجميع يشهد له بالأدب وحسن المعاملة، لم يسبب مشكلة في يوم ما لاسرته سوى اعتناقه لذلك الفكر، والتيار الذي سار فيه، كان متفوقا في دراسته وقارئا نهما، وكان موسوعة في ما يعرف من معلومات بشكل يفوق اقرانه في العائلة، كان محط فخر اسرته وبخاصة ابيه، الذي مات محسورا على ولديه ايمن ومحمد، اما والدته فتحيا على أمل ان ترى ولديها أو تسمع عنهما أي شيء يطمئنها. لم يكن احد فينا يتصور أن يكون هذا هو مستقبل ايمن أو مصيره هو وأخوه محمد، إن اخوته يعانون كثيرا من الطريق الذي سار فيه لكنه لا يشعر بهم فهو بعيد عنهم ولا يعلم احد هل نراه مرة اخرى أم لا».

نعود الى الوراء نصف قرن وبالتحديد الى 19 يونيو (حزيران) 1951 حين ولد ايمن محمد ربيع الظواهري، ابن اشهر طبيب في مصر للامراض الجلدية والتناسلية د. محمد الظواهري، تخرج ايمن في كلية الطب جامعة القاهرة 1974، ثم عمل كطبيب وجراح وكان يمتلك عيادة في المعادي، تزوج في 1979، ولأيمن شقيقان هما محمد وحسين، وشقيقتان هما هبة وأمينة. بدأ الظواهري مساره في نهاية الستينيات حينما كان يتردد على مسجد انصار السنة بمنطقة عابدين، بعدها انضم للجماعة الاسلامية وسرعان ما اصبح رئيسا لها في 1970، التي كانت تجمع في فكرها بين الفكر الجهادي الذي دعا له سيد قطب، وفكر انصار السنة، وتوالت المحطات في حياة ايمن لكن كان اكثرها تأثيرا في حياته ثلاث محطات اولاها لقاؤه بالرائد عصام القمري احد ضباط سلاح المدرعات وثانيتها لقاؤه بعبد السلام فرج صاحب كتاب «الفريضة الغائبة» وثالثتها واهمها هو لقاؤه باسامة بن لادن، وتتدافع الاحداث ليقضي الظواهري عقوبة السجن ثلاث سنوات في قضية اغتيال الرئيس السادات وكان هو المتهم رقم 113 في القضية. ويقول مصدر امني كبير سابق طلب عدم ذكر اسمه انه وقت محاكمة المتهمين في قضية اغتيال السادات كان المطلوب القبض على عصام القمري الذي استطاع الهرب وقتها، وكنا نعلم صلته القوية بأيمن الظواهري ولهذا تم عمل كمين في منزل الظواهري وجلس احد الضباط ينتظر قرب التليفون، وفعلا رن جرس الهاتف وكان المتحدث لا يعلم بالقبض على ايمن، وسأل عنه فقال له ضابط الامن أن ايمن غير موجود فقال له المتحدث عندما يأتي اخبره ان يحضر لمقابلة دكتور عصام في المكان المعتاد للقائهما في كل مرة، ويكمل المصدر الامني حديثه ويقول: «جاءوا لي بأيمن الظواهري وكان شابا هزيلا هادئا منخفض الصوت وسألته عمن يكون د، عصام فأخبرني انه الاسم الحركي لعصام القمري، وان مكان لقائهما المعتاد هو مسجد صغير في امبابة، ولم اكن اتصور يومها ان هذا الشاب الذي تكاد لا تسمع صوته سيكون هو نفسه الذراع الايمن لاسامة بن لادن، والاسم الثاني في قائمة الولايات المتحدة التي تضم 22 ارهابيا مطلوباً القبض عليهم.