أساليب حديثة لحماية المحاصيل الزراعية من الحشرات درءا للأضرار الاقتصادية

مكافحة الحشرات بالحشرات والابتعاد عن المواد الكيماوية في مكافحة الآفات

TT

تحول كريستوف رايشموت، من معهد حماية المحاصيل الزراعية الالماني، من باحث زراعي وخبير في خزن الحبوب الى متلصص يسترق السمع الى «قرقطة» الحشرات. اذ نشر رايشموت في مخازن الحبوب الكبيرة لاقطات صوت غاية في الدقة بهدف التأكد ما اذا كانت الحشرات قد أصابت المحاصيل.

ويملك الباحث كامل الحق في التجسس على المناطق الاولى التي تتسلل منها الحشرات الى المحاصيل لانه يستطيع بذلك الاسراع في مكافحتها قبل ان تلحق أضرارا اقتصادية كبيرة بمخازن الحبوب. وتشير إحصائية المعهد نفسه الى ان الحشرات والفطريات والعث وغيرها تتلف 2% من المحاصيل كمعدل، او ما يقدر بمليون طن سنويا، وتلحق بالاقتصاد أضرارا تقدر بحوالي 150 مليون يورو. ولا تمتلك البلدان النامية تقديرات عن الخسائر التي تلحقها الحشرات بالمحاصيل الا ان الخبراء يعتقدون انها جسيمة بلا شك.

وتبدو المشكلة اكثر تعقيدا أمام تجار المحاصيل البيولوجية او الطبيعية، وهي النزعة السائدة في التغذية هذه الأيام، لان طبيعة المواد التي يبيعونها تحظر عليهم استخدام المواد الكيماوية في مكافحة الآفات الزراعية. ودفعت هذه الحال أصحاب مخازن المحاصيل البيئية للبحث عن بدائل اخرى مقبولة من قبل سلطات الرقابة فابتكر الباحث مايك ايرب ـ برنكمان من شركة أجرينوفا طريقة استخدام Diatomaceous earth لطرد الحشرات. عمل ايرب ـ برنكمان وزملاؤه على خلط الطبقة العليا من المحصول بمادة Diatomaceous earth فتراجعت إصابات العث (السوس) الى الصفر وكفت أنواع الحشرات الاخرى عن الاقتراب من المحصول.

الباحث جيرد بالم من معهد تقنية الزراعة والأغذية قرب هامبورج جرب طريقة تغيير الأجواء القياسية المعروفة لمخازن الحبوب بهدف مكافحة الآفات والحشرات الضارة بالمحاصيل. وتعمد بالم استخدام نوع خاص من التفاح ومعروف بسهولة إصابته بالفطريات وهوIngrid Marie في تجاربه.

حفظ الباحث التفاح في ديسمبر قبل الماضي بأجواء قياسية تحتوي على الأوكسجين بنسبة 21%، بدرجتين مئويتين و90% من الرطوبة فبقي التفاح طازجا طوال ديسمبر. اضطر في فبراير للتخلص من 60% من التفاح بعد ان اصيب ثم اضطر للتخلص من كل المتبقي بحلول شهر ابريل.

عمد بعدها في ديسمبر الماضي على حفظ التفاح في أجواء تحتوي على الاوكسجين نسبة 1.5% وظروف اخرى مشابهة فاحتفظ التفاح بنضارته بنسبة 85% حتى فبراير وباكثر من 50% حتى ابريل. وتعتمد فكرته على حقيقة بسيطة مفادها ان قلة الاوكسجين تحافظ على نضارة التفاح وتؤخر نضوجه ومعروف ان الفطريات والحشرات تصيب التفاح الناضج فقط.

المشكلة في هذه الطريقة حسب رأي كريستوف رايشموت هي انها غالية بعض الشيء وتكلف 8 يورو لكل 100 كغم من الفواكه. وهذا يعني انها غالية جدا بالنسبة للحبوب لان سعر الـ 100 كغم من الحبوب منخفض.

مكافحة الحشرات بالحشرات استبدل فيلكس كرول من نفس المعهد الأجواء الباردة بهواء حار فنجح بدوره في «تطفيش» الحشرات من مخازن شركة كيرشبرج للأغذية البيئية. واستخدم كرول أنابيب ضخمة تطلق هواء ساخنا بدرجة 31 مئوية لإبعاد الحشرات عن المحاصيل حيث من المعروف ان درجات الحرارة العالية نسبيا في اوروبا لا تشكل اجواء مناسبة لتكاثر ومعيشة الحشرات.

ولجأ كريستوف رايشموت الى طريقة فعالة في مكافحة الحشرات وبيوضها الا انه يعترف بأنها «ليست مقبولة» من الجميع. عمل الباحث على تمرير الحبوب في خلاطات ضخمة تدوّر المحاصيل مع المسامير الصغيرة بمعدل 12 طن في الساعة. فعملت المسامير على تحطيم الحشرات القليلة الموجودة مع بيوضها لكنها لم تؤثر على الحبوب. ويرى رايشموت ان نسبة الحشرات والبيوض داخل المحاصيل الجديدة هي من الصغر بحيث لا تؤثر بقاياها المطحونة على طعم هذه المحاصيل.

الخدمات المثالية تقريبا تقدمها حاليا شركة BIP في برلين التي يتولى خبراؤها مكافحة الحشرات الضارة بالمحاصيل بحشرات اخرى غير ضارة. وحسب مصادر الشركة فان الحشرات غير الضارة تضع بيوضها في يرقانات الآفات الزراعية وتمنعها بالتالي من الحاق الضرر بالمحاصيل.

وتضمن الشركة للزبائن حماية مخازنهم مرة كل ثلاثة أشهر لشركات الطحن مقابل 1500 يورو كل مرة ومقابل 150 إلى 700 يورو بالنسبة للمخابز والأفران.