خبراء فرنسيون ويمنيون يحققون في حادث تفجير ناقلة النفط

TT

يبدأ اليوم فريق مشترك من الخبراء الفرنسيين واليمنيين التحقيق ميدانياً في الاسباب والملابسات التي ادت الى احتراق ناقلة النفط الفرنسية العملاقة (ليمبورغ) قرب ميناء الضبة اليمني في محافظة حضرموت اول من امس، والذي ادى الى التهام اجزاء كبيرة من الناقلة وخلف كميات كبيرة من النفط تهدد بتلوث بيئي حسب تصريحات لخبراء يمنيين.

ويبدأ فريق التحقيق الفرنسي الذي من المفترض ان يكون قد وصل صباحاً الى صنعاء عمله اليوم مع المحققين اليمنيين والسلطات المختصة لجلاء الأسباب التي ادت الى حصول انفجار وحريق ضخم التهم ناقلة النفط الفرنسية ليمبورغ اول من امس قبالة الساحل اليمني.

ورغم العديد من المؤشرات التي تفضي كلها الى اعتبار ان ما ضرب الناقلة الفرنسية عمل ارهابي، الا ان المسؤولين الفرنسيين ما زالوا متحفظين إزاء هذا الامر.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان ان بلاده «لا تستبعد اي فرضية» في ما خص الأسباب التي ادت الى حصول الانفجار. وقال الوزير الفرنسي لاذاعة «آر. تي. إل» ان المحققين «سيحددون ما حصل بالضبط... اما الآن، فاننا نكتفي بالوقائع».

وبموازاة ذلك، عمد قسم مكافحة الارهاب في النيابة العامة في باريس الى فتح تحقيق حول حادثة الناقلة ليمبورغ وعهد بذلك الى جهاز مكافحة التجسس.

وتفيد مصادر فرنسية غير رسمية متخصصة في شؤون الارهاب بأن ما اصاب ناقلة النفط الفرنسية هو «بالتأكيد» عمل ارهابي وهي الفرضية التي تنفيها السلطات اليمنية ولكن تتبناها الشركة المالكة للناقلة «يوروناف» والقنصلية الفرنسية في صنعاء.

وتؤكد هذه المصادر وجود رابط بين استهداف الناقلة الفرنسية وبين التسهيلات التي توفرها فرنسا لفرقة اميركية خاصة بمكافحة الارهاب تعمل في اليمن وتستخدم المنشآت الفرنسية في جيبوتي، حيث تحتفظ فرنسا بقواعد عسكرية مهمة.

وتربط هذه المصادر بين حادثة الناقلة وبين القاء السلطات اليمنية القبض، قبل مدة، على فرنسيين من اصول جزائرية كانا ينويان مهاجمة السفارة اليمنية في صنعاء.

وقال الخبراء الذين تفقدوا مكان الحادث على متن مروحية صباح امس في منطقة المكلا في محافظة حضرموت (جنوب شرق) «شاهدنا العديد من البقع النفطية» من دون ان يقدموا تقديرا لحجم التلوث البحري.

وارسلت فرق ظهر امس في زوارق سريعة لاجراء «تقييم اولي» للاضرار الناجمة عن تسرب النفط من الناقلة حسب ما قاله احد الخبراء.

وفي فرنسا افاد مصدر قضائي امس ان قسم مكافحة الارهاب في النيابة العامة في باريس كلف الاجهزة الفرنسية لمكافحة الارهاب باجراء تحقيق حول الانفجار على متن الناقلة الفرنسية قبالة السواحل اليمنية اول من امس.

واوكل هذا التحقيق الاولي الذي وصف بانه «تحقيق استكشافي» بحسب المصدر نفسه، الى ادارة مراقبة الاراضي (جهاز مكافحة التجسس).

وقد تولت النيابة العامة المكلفة مكافحة الارهاب التحقيق لوجود معيارين في تحديد الصلاحيات: وجود افراد طاقم فرنسيين على متن الناقلة ورفعها العلم الفرنسي.

واعلن وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان امس ان فرنسا «لا تستبعد اي فرضية» في تفسير اسباب الانفجار على متن الناقلة.

وكان نائب القنصل في السفارة الفرنسية في صنعاء مارسيل غونكالفيس قد اعلن اول من امس استنادا الى شهادة احد البحارة، ان سبب الانفجار هجوم شنه زورق صغير محشو بالمتفجرات، وقد ايدت شركة اوروناف المالكة للناقلة هذه الرواية للحادث.

ونقلت السلطات اليمنية امس عددا من الصحافيين الى موقع الحادث وشاهد احدهم ثقبا في الجانب الايسر من السفينة وصفه بانه كاف لمرور رجل، وان قطع المعدن المدمرة في هيكل السفينة معوجة في اتجاه الخارج اكثر منها الى الداخل.

وان اللهب البادي من الثقب لا يزال متصاعدا من داخل حوض السفينة التي كانت تجرها امس قاطرة لابعادها عن السواحل المهددة بالتلوث.

وقال محمد المثنى المسؤول في محافظة حضرموت الذي كان يرافق المراسلين «لا نملك اي تقديرات عن كميات النفط المتسربة الى البحر وليست لدينا حاليا الامكانيات للقيام بذلك».

وذكر خبراء يمنيون حلقوا فوق المنطقة ان «بقعا عديدة تظهر» من دون ان يكون بامكانهم تحديد مدى اتساع التلوث البحري.

وتم ارسال فرق عند منتصف نهار امس على متن زوارق سريعة الى موقع الكارثة للقيام «بتقييم اولي» للخسائر التي سببها النفط الخام المتسرب من الناقلة، وفق ما ذكر خبير في المكلا.

وبحسب مصادر نفطية في المنطقة فان الناقلة لاتزال تنحرف تحت تأثير التيارات البحرية والرياح. وقال احد هؤلاء الخبراء انه «منذ الانفجار انحرفت الناقلة عدة كيلومترات الى الغرب في اتجاه المكلا».

وقال محافظ حضرموت عبد القادر هلال للصحافيين «تمت السيطرة على حريق الناقلة» من دون ان يقدم توضيحات عن حالة الناقلة.

واصيب 12 من افراد الطاقم المكون من 17 بلغاريا وثمانية فرنسيين، بجروح بينما اعتبر احد افراد الطاقم (بلغاري) في عداد المفقودين.

وشكلت الحكومة اليمنية غرفة عمليات لمتابعة الوضع ولمكافحة التلوث البحري. وينتظر وصول فريق من الخبراء الفرنسيين الى اليمن للمشاركة في التحقيق في اسباب الانفجار. وتقرر ارسال هذا الفريق خلال اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ونظيره اليمني علي عبد الله صالح بعد ظهر امس، بحسب الرئاسة الفرنسية.

وكان الانفجار قد جرى في ميناء الشحر على بعد 30 كلم من المكلا.

وقدمت فرضيات متناقضة لاسباب الانفجار منها خلل فني في احد احواض السفينة وهجوم بزورق صغير معبأ بالمتفجرات.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة ان فريقا من المحققين الامنيين اليمنيين غادر عدن امس الى مدينة المكلا للمشاركة في التحقيقات في الحادث، وقالت ان معظم اعضاء الفريق من بين الذين شاركوا في اوقات سابقة في مراحل التحقيقات المشتركة اليمنية ـ الاميركية في حادث تفجير المدمرة الاميركية يو. اس. اس. كول في ميناء عدن الدولي يوم 12 اكتوبر (تشرين الأول) 2000 والذي خلف 17 قتيلا و39 جريحا من مشاة البحرية الاميركية (المارينز) واصاب المدمرة باضرار كبيرة.

وتقول المصادر ان حادث ناقلة النفط الفرنسية خلف وراءه بعد يومين من وقوعه ما يشبه كارثة بيئية خطيرة في المياه الاقليمية لبحر المكلا حيث تتمدد حتى الان بقعة كبيرة من الزيت قبالة سواحل الميناء وهو ما يشكل مخاطر كبيرة على البيئة والاحياء البحرية في تلك المنطقة والتي يعمل فيها اكثر من ستة الاف صياد، ويعتمدون واسرهم على هذا العمل كمصدر رئيسي لمعيشتهم.

وعلاوة على ذلك فان خطراً اخر بات يتهدد سكان مدينة المكلا والمناطق القريبة منها نتيجة كثافة الدخان والغازات المنبعثة من الحرائق التي لا تزال متواصلة حتى قرابة مساء امس، حسب شهود عيان، وما يمكن ان تحدثه من اثار على البيئة والانسان والكائنات الحية الاخرى.

ومما يجدر ذكره ان اليمن لا يمتلك الامكانيات التي تمكنه من مكافحة هذا التلوث في المياه او الهواء والمخاطر المحتملة على البيئة والحياة البحرية وللانسان ايضا، وفي هذا الصدد قال مسؤول يمني كبير في وزارة السياحة والبيئة اليمنية ان بلاده مضطرة لطلب المساعدة في هذا الجانب من البلدان والمنظمات الاقليمية والدولية.