مجلس الشيوخ الأميركي يبحث تفويض الرئيس بوش سلطة شن الحرب على العراق

* سناتورة: بالغنا في تقدير قوتنا الأمنية قبل 11 سبتمبر * سناتور: العمل المنفرد يزيد من غضب المسلمين المستائين منا

TT

بدأ مجلس الشيوخ الاميركي الاثنين الماضي مناقشة مشروع قرار للكونغرس في اجازة مجلس النواب في وقت سابق ويقترح منح الرئيس الاميركي جورج بوش صلاحية شن الحرب ضد العراق. وهنا نص المناقشة التي دارت في مجلس الشيوخ اول من امس.

* السناتور جون كيري (ديمقراطي عن ولاية ماساشوستس): تغيير نظام صدام لا يبرر وحده شن الحرب ان السبب المطروح لخوض الحرب، اذا كان علينا ان نشنها، ليس عدم التزام صدام حسين بإعادة اسرى حرب الخليج او الممتلكات الكويتية. وبالرغم من اننا ندين الطريقة التي عامل بها صدام شعبه، فإن قضية تغيير نظامه وحدها ليست سببا كافيا للدخول في حرب. كان تغيير النظام العراقي مطروحا في السياسة الاميركية في عهد (الرئيس السابق) كلينتون، وهي السياسة الحالية التي أؤيدها. الا ان تغيير النظام، ليس مبررا كافيا لدخول الحرب، ولا سيما من طرف واحد، الا اذا كان تغيير النظام هو الوسيلة الوحيدة لنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية تنفيذا لقرارات الامم المتحدة. وبالرغم من انه حاكم سيئ فإن صدام حسين الديكتاتور ليس هو سبب الحرب. اما صدام حسين الذي يجلس في بغداد ومعه ترسانة من اسلحة الدمار الشامل فهو امر آخر.

في اعقاب 11 سبتمبر (أيلول)، من منا كان يمكنه القول بثقة لأي شخص ان تلك الاسلحة لن تستخدم ضد قواتنا او حلفائنا في المنطقة؟ من يمكنه القول ان من عرف دائما بحساباته الخاطئة لن يطور سلاحا من اسلحة الدمار الشامل اكبر واضخم، سلاحا نوويا، ثم يعيد غزو الكويت، ويطرد الاكراد ويهاجم اسرائيل، هناك العديد من السيناريوهات لمحاولة تحقيق طموحاته لكي يصبح زعيما للعرب او مجرد الدخول في مواجهات في المنطقة ثم يخطئ مرة اخرى في حساب رد الفعل، وان يعتقد بأنه الاقوى لانه يملك هذه الاسلحة؟

وفي الوقت الذي فشلت فيه الادارة في العثور على علاقة مباشرة بين العراق واحداث 11 سبتمبر، هل يمكن لنا تجاهل امكانية ان يسمح صدام حسين بطريق الخطأ او عمدا، لهذه الاسلحة بالانتقال الى يد مجموعة من المجموعات او غيرهم في منطقة تعتبر فيها الاسلحة هي التجارة الأكثر ربحاً؟

سيدتي الرئيسة كيف نترك ذلك للصدفة؟ هذا هو السبب وراء كون آلية التطبيق عبر الامم المتحدة وحقيقة امكانية استخدام القوة ضرورية لتحقيق حماية المصالح طويلة المدى، ليس فقط للولايات المتحدة، ولكن للعالم بأكمله، ولكي يفهم العالم ان الديناميكية قد تغيرت، واننا نعيش في وضع مختلف اليوم، وانه لا يمكننا الجلوس والتغاضي، بل واهمال اسلحة الدمار الشامل وانتشارها، كما فعلنا في الماضي.

ان سجل النظام العراقي في الحقبة الاخيرة لا يدع مجالا للشك بأن صدام حسين يريد الاحتفاظ بترسانته من اسلحة الدمار الشامل، ومن الواضح، كما قلنا زيادتها. مثل هذه الاسلحة تمثل تهديدا غير مقبول.

اريد ان اؤكد ان هذه الادارة بدأت هذا النقاش بقرار يمنح سلطات واسعة استثنائية للرئيس لاستخدام القوة، وانا اشعر بالاسف لأن البعض في الكونغرس اسرعوا بتأييدها، وانا أعارضها. فهي تمنح السلطة لاستخدام القوة ليس فقط لتطبيق جميع قرارات الامم المتحدة كمبرر للحرب، ولكن ايضا لتغيير النظام في العراق وضمان السلام والامن الدوليين في منطقة الخليج.

ولم يشر مشروع القرار الى جهود الرئيس في الامم المتحدة او الحاجة الى التوصل الى دعم متعدد لاية تصرف سنتخذه.

واشعر بالسعادة لأن ضغوطنا والاسئلة التي طرحناها والانتقادات التي اثيرت علنا، والنقاش في ديمقراطيتنا قد دفع هذه الادارة الى تبني تغييرات هامة، سواء في الصياغة، او في التعهدات التي قدمتها. ان النص المعدل الذي سنصوت عليه يحد من السلطات الممنوحة للرئيس لاستخدام القوة، فقط في ما يتعلق بالعراق، ولا يفوضه استخدام القوة في منطقة الخليج. انه يفوض الرئيس استخدام القوة المسلحة للدفاع عن الامن القومي للولايات المتحدة، وهي سلطات يعتقد معظمنا انها متضمنة بالفعل في الدستور باعتباره القائد الاعلى. القرار المقترح يفوض الرئيس سلطة تطبيق كل قرارات مجلس الامن بشأن العراق. وتلك القرارات او غيرها لا يطالب اي منها بتنفيذ العراق تعهداته الدولية وتغيير النظام.

وفي الايام الاخيرة، انتقلت الادارة الى نقطة اخرى. فهي تحدد ما تعنيه قرارات مجلس الامن. فعندما ادلى وزير الخارجية كولن باول امام لجنتنا، (لجنة الشؤون الخارجية) في 26 سبتمبر الماضي بشهادته، طرح عليه سؤال حول قرارات مجلس الامن التي تريد الولايات المتحدة دخول الحرب لتطبيقها. وكان رده واضحا. تلك القرارات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل ونزع سلاح العراق.

وفي الواقع عندما طرح عليه سؤال آخر حول الالتزام بقرارات الامم المتحدة الاخرى التي لا تتعامل مع اسلحة الدمار الشامل، فان الوزير رد «ليس للرئيس سلطة مرتبطة لدخول الحرب بخصوص اي من هذه العناصر». وعندما طرح عليه سؤال آخر لماذا يطلب القرار الذي ارسله الرئيس للكونغرس السلطة لتطبيق كل القرارات التي لم يلتزم بها العراق، فان الوزير ابلغ اللجنة «هذه هي الطريقة التي صيغ بها القرار. ولكننا نعلم جميعا ان المشكلة الرئيسية التي يركز عليها الرئيس والاخطار التي تهددنا والعالم، هي اسلحة الدمار الشامل».

واكد الرئيس في كلمته مساء الاثنين، ما ابلغه الوزير باول للجنة. وفي اوضح تفسير حتى اليوم طرح الرئيس وجهة نظر قوية ومتكاملة حول اسباب خطورة برنامج الرئيس حول اسلحة الدمار الشامل على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

* السناتورة اولميبيا سنو (جمهورية عن ولاية مين): قبل 11 سبتمبر بالغنا في قدراتنا الأمنية.. وعلينا ان نتعلم من تجاربنا الفاشلة ما هو الامر العاجل الذي جعل من الملح بحث الامور التي ندرسها اليوم؟ السيد الرئيس، إجابتي تبدأ، ليس بتسجيل حقيقة او واقعة واحدة، ولكن عن طريق توضيح تهديدات جديدة تتزايد في الحقبة الاخيرة، عززها اول هجوم على الاراضي الاميركية منذ بيرل هاربور وهو تفجير مركز التجارة العالمي في عام 1993.

اعتقد انها كانت لحظة لفتت الانتباه، عندما تكشف لاعدائنا ما هو الممكن لمثل هؤلاء الذين يرغبون في تدميرنا وتطبيق استراتيجيات شاملة للهجوم بطريقة منظمة على الاميركيين وعلى مصالحنا، في اي مكان ووقت وبأي كيفية، كما كانت لحظة ايقظت اميركا. وهذا هو السبب انني ترأست تحقيقات بشأن دخول وخروج الشيخ عمر عبد الرحمن العقل المدبر لتلك العملية الذي دخل وخرج من الولايات المتحدة خمس مرات بدون اعتراض.

ما وجدته ادى الى اصدار تشريعات في عام 1994 تطلب تداول المعلومات بين الوكالات الحكومية الهامة لتمكين الذين يقفون على خطوط الجبهة لضمان أمن اميركا من الحصول على المعلومات لمنع الاجانب الخطرين من دخول الولايات المتحدة. ولكن يوجد أيضاً الذين لم يأخذوا التهديدات على محمل الجد. وسمح بتغيير هذه الاصلاحات في قانون صدر في عام 1998 وتلافيها بعيدا عن الحس القومي.

واليوم ونحن نكشف الكثير عبر المزيد من التحقيقات، نكتشف ان الشيخ عمر عبد الرحمن كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بأسامة بن لادن والشبكة التي نعرفها الآن بشبكة القاعدة. تلك النقطة تغطي عقد التسعينات والايام الاخيرة من القرن العشرين، ولم ينتبه ضميرنا الى نموذج الهجمات الذي حدث لاحقا. ولذا فقد استمر النموذج من ابراج الخبر عام 1996 الى نسف السفارتين في كينيا وتنزانيا والهجوم على المدمرة الاميركية في خريف 2000 واستكملت بهجمات 11 سبتمبر.

ان هذا اليوم الخطير سيغير وللابد الطريقة التي نقيم بها امننا ونقاط ضعفنا، فقد اضيفت عبارة «أمن الوطن» الى العبارات المستخدمة في صياغتنا. وقد غيرت مفهومنا لما يمثل اسلحة والحرب وكيف يمكن استخدام الاثنين ضدنا. ولكي اعيد صياغة عبارة الحكم ريدج، يمكننا الان استيعاب عدو لا يفرق بين المقاتلين وغير المقاتلين. كما تغير ميدان المعركة. فاليوم تلاحقنا تهديدات متماثلة في ميدان المعركة فقط ولكن داخل بلادنا. لقد تلاشت الخطوط الفاصلة.

قبل 11 سبتمبر قللنا من قيمة التهديدات وبالغنا في قدراتنا الامنية. وهذا هو السبب وراء عقد مجلسي النواب والشيوخ جلسات استماع استخبارية مشتركة لتقرير كيف نتعلم من تجاربنا الفاشلة في الماضي. لقد كانت الهفوات الامنية ضخمة الى درجة انها ادت الى تصويتنا الاخير بتفويض هيئة مستقلة بإجراء تحقيقات واسعة في كيفية تصرفنا بطريقة افضل وكيف يمكننا التصرف بطريقة افضل في المستقبل، لانه لم يعد هناك اية اسئلة حول مدى تهديدات وقدرة الجماعات الارهابية لالحاق الدمار بوطننا.

وكما قال وزير الدفاع رامسفيلد وانا انقل عنه «لقد دخلنا عالما طورت فيه الحركات الارهابية والدول الارهابية القدرة على الحاق دمار لم يسبق له مثيل. لقد اصبح هامش خطئنا، اليوم، مختلفا بطريقة ملحوظة. ففي القرن العشرين، كنا نتعامل في معظم الوقت مع اسلحة تقليدية، اسلحة يمكن ان تقتل المئات او الالاف من الافراد، المقاتلين بصفة عامة. اما في القرن الواحد والعشرين فنتعامل مع اسلحة دمار شامل يمكنها قتل عشرات الالوف من الناس الرجال والنساء والاطفال الابرياء.

وعلينا عبر هذا المنظور لاحداث ما بعد 11 سبتمبر، سيادة الرئيس النظر الى تدفق التهديدات المستمر في السنوات العشر الاخيرة الذي يمثله من ناحية، ارهاب منتشر في كل مكان تمثله القاعدة، وخلايا في اكثر من 30 دولة، وكذلك النظام في العراق الذي طور بالفعل ونشر اسلحة دمار شامل رهيبة.

حتى عام 1991، اعلنت منظمة الأمم المتحدة عن قلق بالغ ازاء علاقة محتملة بين صدام حسين وارهابيين مما دعا الى تضمين القرار 687 مطلبا يلزم العراق بإبلاغ مجلس الامن. واشرت من جانبي الى ان إلزام العراق بعدم دعم اي عمل ارهابي دولي او السماح لأي منظمة لها صلة بالأعمال الارهابية بالعمل داخل حدود العراق. ادركنا أخيراً من وزير الدفاع رامسفيلد ان «القاعدة» تعمل في العراق وان لدى الولايات المتحدة دليلاً دقيقاً ليس حوله جدل على وجود قادة بارزين من «القاعدة» وتنظيمات اخرى في العاصمة العراقية. وفّر العراق ايضا ملاذا آمنا لعبد الرحمن ياسين، الذي يعتبر من اخطر المطلوبين لمكتب المباحث الفيدرالي والمتورط في الهجوم الأول على «مركز التجارة العالمي» عام 1993. ندرك ايضا ان صدام حسين لا يزال مستمرا في توفير مكافأة قدرها 25 الف دولار لأسر الانتحاريين في الشرق الأوسط، كما لا يزال يأوي منظمة ابو نضال وجبهة التحرير الفلسطينية (أبو العباس). لذا، فإن السؤال الذي نحن في حاجة حقيقية الى ان نسأل انفسنا هو: لماذا يعمل صدام حسين على تكديس هذه الكميات الضخمة من الاسلحة المروعة؟ نعرف انه يملك هذه الاسلحة. ونعرف انه استخدمها في وقت سابق، والسؤال الآن هو: هل سيستخدم صدام حسين هذه الاسلحة مرة مجددا؟

الاجابة هي اننا لا نعرف بصورة مؤكدة اجابة على هذا السؤال، ولكن من خلال ما حصلت عليه من تأكيدات من خلال تنويرات على مستوى عال، فإن النتيجة المنطقية تقوم على اساس كل الادلة وعلى اساس كل الوعود التي نكث بها وعلى اساس التشويش والتعتيم والعلاقة الحالية بين صدام حسين وجماعات ارهابية اخرى وشخصيات ،وتتلخص هذه النتيجة ببساطة في اننا لا يمكن ان نخاطر بحياة البشرية.

* السيناتور ليهي (ديمقراطي من ولاية فيرموث): هل نذهب وحدنا إلى الحرب ونستعدي المزيد من المستائين في العالم الإسلامي؟

ليس ثمة خلاف حول خطورة صدام حسين على شعبه وعلى جيران العراق. انه طاغية... العالم سيكون افضل وضعا اذا اطيح بصدام حسين. انه لم يخف كراهيته للولايات المتحدة واذا بات يمتلك اسلحة للدمار الشامل والمقدرة على اطلاقها، فإنه سيشكل خطرا كبيرا على حياة الاميركيين وعلى حياة الكثير من الدول الحليفة التي تربطها علاقات وثيقة بالولايات المتحدة. السؤال لا يكمن في ما اذا يجب تجريد العراق من اسلحة الدمار الشامل بقدر ما يتعلق بمدى قرب الخطر الذي يشكله صدام حسين وكيفية علاج هذا الخطر. هل نواجهه لوحدنا، كما يرغب البعض في الادارة الاميركية، لأن العراق يمثل اول فرصة لتطبيق استراتيجية الرئيس بوش الخاصة باستخدام القوة العسكرية في توجيه ضربة وقائية؟ هل نفعل ذلك ونخاطر بخسارة تأييد بعض الدول التي نحتاج الى مساندتها في مكافحة الارهاب؟ هل نقدم على استعداء المسلمين الذين يشعرون مسبقا بالإستياء إزاء سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟ ام نعمل مع الدول الاخرى على نزع سلاح صدام حسين ونستخدم القوة في حال فشل الخيارات الاخرى؟ القرار المطروح امام مجلس الشيوخ الآن يترك الباب مفتوحا امام الولايات المتحدة لاتخاذ خطة بمفردها، حتى في ظل عدم وجود خطر وشيك. فهذا القرار يمنح الرئيس صلاحيات وسلطات ينص الدستور الاميركي بوضوح على ان هذه الصلاحيات والسلطات تخص الكونغرس. وكما ذكرت قبل اسبوعين، فإن هذا القرار سابق لأوانه. لم يحدث ان اعتقدت او فكرت في ان مجلس الشيوخ يعتقد ان السياسة الخارجية للولايات المتحدة يجب ان تكون اسيرة لدى أي دولة او حتى لدى منظمة الامم المتحدة. إلا خوض الولايات المتحدة الحرب لوحدها ليس هو الحل. تحدث الرئيس ليل الاثنين حول العمل مع الأمم المتحدة. اوافق من وجهة نظري الشخصية على الكثير مما قاله الرئيس بوش، فالوضع الراهن غير مقبول، كما ان القرارات السابقة للامم المتحدة لم تحقق نتائج ايجابية. يضاف الى ما سبق ان الرئيس صدام حسين والمسؤولين العراقيين كذبوا على العالم بصورة متكررة. اشار الرئيس كذلك الى وجود مساع في الامم المتحدة بغرض استصدار قرار قوي يطالب العراق بالسماح لفرق التفتيش باستئناف عملها دون عرقلة او شروط مسبقة. هذه الجهود تحرز الآن تقدما ايجابيا. واذا نجحت هذه المساعي في نهاية الامر، فإنها ستمكن من نزع سلاح العراق دون تعريض حياة آلاف الاميركيين والعراقيين الابرياء للخطر ودون اللجوء الى إنفاق مئات البلايين من الدولارات في وقت يعاني فيه الاقتصاد الاميركي من الضعف وتعاني فيه الميزانية الفيدرالية من عجز متزايد، فضلا عن إنفاق جزء كبيرة من مدخرات التقاعد. باتت الدبلوماسية الآن مضجرة في الكثير من الاحوال، كما نعرف حالات فشلت فيها الدبلوماسية في السابق، بيد ان التاريخ ظل يثبت باستمرار ان الضغط الدبلوماسي لا يحمي فحسب مصالحنا القومية، بل من الممكن تحسين فعالية قوتنا العسكرية عندما تصبح القوة امرا ضروريا. المفاوضات الآن في مرحلة حساسة، يقول الكونغرس انه من الضروري المصادقة على قرار باستخدام القوة ضد العراق اليوم بصرف النظر عن ما يفعله مجلس الامن. يقول البعض ان يد الرئيس ستصبح اكثر قوة اذا اتخذ موقفا سلبيا ازاء هذه المفاوضات. نجحت الولايات المتحدة عام 1991 في بناء ائتلاف واسع لخوض حرب الخليج الثانية، اذ لم يصدر الكونغرس قرارا إلا بعد اتخاذ الامم المتحدة خطوة تجاه الاوضاع. يعرف العالم الآن ان الرئيس جورج بوش جاد في استخدام القوة ضد العراق، كما ان الكونغرس على استعداد للتصويت على اعلان الحرب اذا فشلت الوسائل الدبلوماسية، بيد ان القرار الموجود امامنا تجاوز ما قاله الرئيس يوم الاثنين حول العمل من خلال الامم المتحدة، اذ يمنح القرار المذكور ادارة الرئيس بوش اتخاذ خطوة من جانب واحد دون المتابعة مع الامم المتحدة. اعرب الكثير من الشخصيات المطلعة وعسكريون ودبلوماسيون سابقون عن تحفظات قوية ازاء هذه القرار. قال هؤلاء انه اذا كان هناك دليل على ان صدام حسين يخطط لاستخدام اسلحة الدمار الشامل ضد الولايات المتحدة او واحدة من الدول الحليفة لها، فإن الشعب الاميركي والكونغرس سيؤيدان بصورة واسعة استخدام القوة العسكرية لوقف هذا الخطر، ولكن هؤلاء لم يروا هذا الدليل بعد. سمعنا الكثير من لغة الحرب والمواجهة ولكن اين الحقائق؟

انا لا اطالب بدليل 100 بالمائة، ولكن الادارة الاميركية تطالب الكونغرس باتخاذ قرار بدخول حرب ضد العراق بناء على تصريحات متضاربة وتأكيدات غاضبة وافتراضات قائمة على التكهنات. ولكن هذه ليست هي الطريقة التي تدخل بها دولة عظيمة الحرب. الادارة الاميركية كانت غامضة ومراوغة وادلت بتصريحات متضاربة ازاء خططها. الرئيس هنا في واشنطن يقول ان القضية تتركز في نزع سلاح صدام حسين وانه لم يتخذ قرارا بعد باستخدام القوة العسكرية، ولكن عندما يشارك الرئيس في حملة التبرعات كثيرا ما يتحدث حول تغيير النظام في العراق. كما ان نائب الرئيس قال من خلال شاشات التلفزيون ان الرئيس اوضح ان هدف الولايات المتحدة هو تغيير النظام في العراق.

* السيناتور هاغيل (جمهوري من نبراسكا): علينا أن نتجنب أخطاء وحماقات ارتكبناها في الماضي يجب ألا نخطئ في ما يتعلق بأولويات سياستنا الخارجية بالتسرع لإعلان نهج جديد في الشؤون العالمية. يجب ان تفهم اميركا انه ليس بوسعها ان تكسب الحرب ضد الارهاب بمفردها، فهذه الحرب تتطلب مشاركة دول حليفة واصدقاء وشركاء. القيادة الاميركية في العالم سيحددها ما ستقوم به الولايات المتحدة في العراق والشرق الاوسط. فما يبدأ في العراق لن ينتهي في العراق، اذ ستكون هناك اعمال ارهابية مستمرة وتطور قوى ونزاعات اقليمية. اذا نجحنا في التعامل بصورة صحيحة مع هذه القضية من خلال الامم المتحدة وبالتنسيق مع حلفائنا، فسيصبح بوسعنا تحديد معايير جديدة للقيادة الاميركية والتعاون الدولي. تصور القوة الاميركية هو السلطة والنفوذ، اذ ان كيفية فهم واستيعاب قوتنا يمكن ان تكبر او تصغر نفوذنا في العالم. فلمجلس الشيوخ مسؤولية دستورية والتزام مؤسسي في هذا المسعى. تشير الوثيقة الفيدرالية رقم 63 الى مسؤوليات مجلس الشيوخ الاميركي في الشؤون الخارجية كما يلي: «الاهتمام بالحكم على الدول الاخرى امر مهم لأي حكومة لسببين. اولا، بعيدا عن أي مزايا خاصة بخطة محددة او إجراء، من المرغوب فيه وبسبب مجموعة من الاعتبارات، يجب ان يبدو هذا الحكم للدول الاخرى كنتاج لسياسة امينة ومتعقلة. ثانيا، يجب ان تهتدي الولايات المتحدة بالرأي المعروف والمفترض للعالم المحايد خصوصا في القضايا المشكوك فيها وعندما تكون مجالسنا متأثرة بمشاعر قوية او مصالح آنية. كم خسرت الولايات المتحدة بسبب بعض الاخطاء؟ وكم من اخطاء وحماقات كان من الممكن تجنبها اذا جرى تجريب عدالة ومناسبة الاجراءات مسبقا على نحو ربما كان تبدو فيه غير منحازة وجزءا من البشرية؟ يجب ان يخضع القرار الموجود امامنا اليوم على اساس المعايير الواردة في الوثيقة الفيدرالية المشار اليها، فقرار الرئيس جورج بوش، القرار 45، سيكون نكسة لهذه المؤسسة، فالقرار لا يعكس التقاليد الديمقراطية ولا يعكس العلاقات التنفيذية للكونغرس او مسلك السياسة الخارجية الاميركية. القرار 46، الذي قدمه كل من ليبرمان وماكين وباييه اكثر مسؤولية مقارنة بالوثيقة التي بدأنا بها قبل ثلاثة اسابيع. اهنىء زملائي، خصوصا لوغار وبيدن وداشيل والاربعة الذين تبنوا هذا القرار على مجهودهم في القيادة ووصولنا الى هذه النقطة. القرار 46 يقلص من سلطة استخدام القوة الى ويحددها في القرارات المشابهة للامم المتحدة المتعلقة بالعراق وحماية الولايات المتحدة الاميركية لمصالحها ضد أي أخطار يشكلها العراق. يتضمن القرار دعم المساعي الدبلوماسية بالامم المتحدة، كما يتطلب ان يحدد الرئيس رسميا ان الوسائل السلمية والدبلوماسية لن تكون كافية لتحقيق اهداف الولايات المتحدة، كما يتضمن القرار ايضا كل الافعال الموضحة في الفقرة الخاصة بقانون تحرير العراق لعام 1998 فيما يتعلق بمساعدة ودعم العراق عقب إطاحة صدام حسين. يعترف هذا القرار بالكونغرس كشريك متكافئ التعامل مع التهديد الذي يشكله العراق. اما اذا تطلبت عملية نزع السلاح استخدام القوة، فستكون هناك حاجة الى ان تدرس بتأن وعناية النتائج المترتبة على أي خطوة تقوم تقدم عليها الولايات المتحدة. خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»