مقاطعو مؤتمر لندن للمعارضة العراقية لماذا يقاطعون؟

الشيوعي: لا يتبنى برنامجا وطنيا للتغيير ولا يجسد الهوية المستقلة * الدعوة: التحضيرات له لا تقود إلى الاعتقاد بأنه سيحقق النتائج التي نرجوها * الإسلامي: ننتظر الرد على اعتراضاتنا.. ومنها هيمنة بعض الأطراف عليه

TT

* الاشتراكي: تمويله أميركي.. وكذلك توجيهه وأجندته.

* يقاطع عدد من جماعات المعارضة العراقية والكثير من الشخصيات المستقلة المؤتمر الذي تنظمه ست جماعات اخرى ويبدأ اعماله غدا في لندن بعد حفلة استقبال للمشاركين تجري اليوم.

«الشرق الاوسط» تحدثت مع ممثلين للجماعات المقاطعة التي تأخذ على المؤتمر انه «تابع للموقف الاميركي» ولا يتمتع بالاستقلالية في اتخاذ قراراته. وكانت الجماعات المقاطعة التي شكلت «ائتلاف القوى الوطنية العراقية» وتضم: حزب الدعوة الاسلامية والحزب الشيوعي العراقي والحزب الاشتراكي في العراق والحزب الاسلامي في العراق وقيادة قطر العراق لحزب البعث المنشق عن الحزب الحاكم في العراق والتجمع الديمقراطي في العراق ومجلس العلماء المجاهدين، قد استبقت المؤتمر بعقد اجتماع لها اول من امس في لندن اكدت فيه موقفها المعارض للمؤتمر.

صبحي الجميلي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وممثله في بريطانيا، اوضح موقف حزبه بالقول: «اعتبر حزبنا النظام الديكتاتوري القائم في بغداد المسؤول الاول والاساسي عن كل الكوارث والمآسي والويلات التي حلت وتحل بشعبنا ووطننا. ولذا فالخلاص من هذا النظام، هو الهدف الاول والاساسي للشيوعيين ولجماهير شعبنا والاحزاب والقوى الوطنية المعارضة». واضاف «ولاحداث عملية التغيير المطلوبة فان الحزب يعول اساسا وقبل كل شيء على قوى الداخل، الشعب والقوات المسلحة بقيادة تحالف واسع يستند الى برنامج ومشروع وطني ديمقراطي ينطلق من ارادة ومصالح شعبنا ويؤمن استقلالية القرار السياسي المعارض».

واضاف الجميلي «حزبنا اكد دائما على ان اي تحالف لقوى المعارضة او مؤتمر يراد له ان يوحد الجهد الوطني المعارض، ينبغي ان يكون واضحا في منطلقاته وأسسه وتوجهاته وأهدافه الحالية والمستقبلية وآلية عمله، ولا بد ان يكون له موقف في شأن تحديد دور قوى المعارضة في عملية التغيير المنشود وما بعدها وتحقيق البديل المنسجم مع ارادة الشعب الحرة.

ويرى الحزب بان التحالف الوطني العريض المستند الى برنامج وطني عراقي، ويحظى بدعم عربي واقليمي ودولي نزيه ومشروع وعلى اساس المواثيق والشرعية الدولية ويستند الى مواقف المصالح، هو وحده القادر على التصدي لمهمة التغيير الجذري والتخلص من الديكتاتورية وإقامة البديل الديمقراطي الفيدرالي الموحد، وهو السبيل ايضا الى درء خطر الحرب والتدخل العسكري الخارجي، ولإقامة هكذا تحالف لا بد ان تبادر قوى المعارضة نفسها الى اللقاء والتشاور بارادتها الحرة والاتفاق على قواسم مشتركة تشكل اساسا خطابا سياسيا موحدا يقوم على الثوابت الوطنية واستقلالية القرار وينطلق قبل كل شيء من مصلحة الشعب العراقي».

واوضح الجميلي ان اللجنة التحضيرية للمؤتمر دعت الحزب الشيوعي للمشاركة في المؤتمر وقال «في اللقاء الوحيد مع اللجنة التحضيرية لمؤتمر لندن قدمنا مجموعة من التساؤلات ذات العلاقة بالمؤتمر المزمع عقده ومنها: كيف تم تشكيل «اللجنة التحضيرية»؟ ومن اين استمدت شرعيتها؟ ولماذا استثنيت من عملية التحضير قوى اساسية معروفة بتضحياتها ونضالها؟ ما هي الاهداف المتوخاة من عقد المؤتمر؟ ما صلاحيات المؤتمر وتركيبته؟ ما الاجندة والوثائق التي سيناقشها؟ ما دور المعارضة العراقية في عملية التغيير؟ ما الموقف من الحرب والغزو والاحتلال وما يخطط له من تنصيب حاكم عسكري؟ ما البدائل المطروحة والموقف منها؟ ماذا عن استقلالية القرار الوطني العراقي؟ توقيت هذا التحرك وعلاقته بالمشروع الاميركي المطروح للتعامل مع الملف العراقي؟ وغير ذلك من الاسئلة والاستفسارات التي لم نحصل على اجابات بصددها. وكخلاصة لم نجد في المؤتمر المزمع عقده، ما ينسجم مع تصوراتنا ورؤانا لمؤتمر يجسد الهوية الوطنية العراقية المستقلة ويتبنى برنامجا وطنيا للتغيير».

اما ابراهيم الجعفري القيادي في حزب الدعوة في بريطانيا فقال «نحن ومنذ فكرة انعقاد المؤتمر حددنا المنطلقات والافكار التي بموجبها سنشارك فيه، وحاورنا الاطراف المعنية وعلى كل المستويات وفي اكثر من جولة نقاش اكدنا على اهمية استقلال القرار السياسي العراقي، وتأمين هيئة اشراف على المؤتمر على ان تكون عراقية وذات طابع مفصلي معروف، وتوصيف اعضاء المؤتمر ليشمل كافة الاطياف السياسية العراقية، وما يتعلق باوراق العمل التي تصلح ان تكون مادة جاهزة للامضاء من قبل المؤتمر، ومنها ما يرتبط بالحالة التي ستعقب المؤتمر».

واضاف قائلا «نحن بصراحة لم نر اية حالة من الجدية بترتيب الاثر المطلوب من قبل اللجنة التحضيرية، ولهذا كان من الطبيعي جدا ان لا نستطيع التعامل مع هكذا مؤتمر بالرغم من تأكيد اللجنة التحضيرية بان مكاننا محفوظ في اللجنة».

وتابع الجعفري قائلا «لا اكتمكم سرا انه منذ ان تم طرح الهيئة السداسية (اللجنة التحضيرية) على انها القدر الذي يجب ان يتولى الاشراف على المؤتمر صار عندنا تحفظ كبير وتساءلنا كيف نشأت هذه الهيئة، ومن اعطاها صفة مطلقة، ولماذا تتحفظ على الاطراف الاخرى؟ وحدثت عندنا اشكالات كثيرة أهمها ان المؤتمر لن يمشي بسياقات تلقائية باتخاذ القرارات وتوسيع اعضاء المؤتمر، ثم اننا فكرنا هل ان هذا المؤتمر هو لملء فراغ سياسي ام انه لانشاء واجهة لتغطية الضربة العسكرية»؟

واعتبر الجعفري ان من السابق لاوانه الحكم على نتائج المؤتمر «لكنه سيكون على المحك وسنرى كيف ينهض بمهمته لتجسيد طموحات العراقيين لايجاد خطاب سياسي واثبات كفاءة لملء الفراغ في المرحلة الانتقالية»، لكنه شدد على ان «مقدمات التحضير للمؤتمر لا تقود الى النتائج التي نرجوها».

واتهم اياد السامرائي من الحزب الاسلامي العراقي (تنظيم سني) المجلس الاعلى للثورة الاسلامية (تنظيم شيعي) بالعمل من اجل الهيمنة على مجريات مؤتمر المعارضة ومصادرة آراء بقية الاطراف في اللجنة التحضيرية. وقال «ان التمثيل السني العربي في المؤتمر محدود وضعيف».

واشار السامرائي الى ان حزبه لم يقرر حتى الآن عدم المشاركة في المؤتمر، واوضح انهم قدموا مجموعة من النقاط للجنة التحضيرية التي اجتمعت معهم امس وانهم في انتظار الرد. وقال «نحن لم نعلن موقفنا بعدم المشاركة لكننا قدمنا مجموعة من الاحتجاجات والاعتراضات على الكيفية التي يتم فيها الاعداد للمؤتمر، والملاحظات التي لدينا هي يجب ان لا تكون هناك حالة استئثار او استفراد من خلال وجود اطراف قوية في اللجنة التحضيرية على حساب الاطراف الاخرى، ونشعر ان الكيفية التي يتم فيها العمل داخل اللجنة التحضيرية هي استغفال لاطراف قوية ومهمة في داخل تركيبة المجتمع العراقي وبالذات للطرف العربي الذي يؤدي دوره بشكل صحيح، وان يكون هذا المؤتمر عراقيا وليس لصالح اطراف خارجية، وعلى ان يكون عراقيا ولصالح مستقبل الشعب العراقي، ويجب ان تكون هناك حالة من الشفافية وان لا يتم عرض مشاريع مخفية تطرح في اللحظة الاخيرة». واضاف انهم يمكن ان يشاركوا في المؤتمر اذا ما تعاملت اللجنة التحضيرية ايجابيا مع مطاليبهم، وقال ان «اطرافا كثيرة في اللجنة التحضيرية والمعارضة محتجة على مسألة تغييب الطرف العربي السني في هذا المؤتمر وتعتبر ان الحضور غير متوازن على الاطلاق».

واعتبر السامرائي ان للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية تمثيلا في المؤتمر «يتعدى حجمه وحجم اية صيغة معقولة، وان التمثيل الشيعي حجمه يزيد على ثلثي الحضور»، مشيرا الى ان «من يدير مؤتمرا يهم الشعب العراقي يجب ان يتمتع بحالة من التجرد عن الذات وحالة من التعبير عن العراقيين، اما ما يتعلق بالمستقبل ومن يحكم وكيف سيحكم فهذا متروك لوقته حيث سيكون هناك دستور وانتخابات لكن ان تأتي جهة وتحاول ان تستغل الموازنات والحسابات الدولية لتفرض حالة معينة، فهذا ما نرفضه ولا نقبله والاحتجاج كبير على كيفية الاداء واذا لم يتم تدارك هذه المسألة فالنتيجة ستكون ليس بصالح المؤتمر وحجم الانسحابات سيكون كبيرا».

وقال الدكتور مبدر الويس رئيس الحزب الاشتراكي في العراق (ناصري) «هذا المؤتمر يضم اطرافا مختلفة من المعارضة العراقية، وان مما سأقوله لا يشمل الاخوة الاكراد كون ظروفهم مختلفة ولهم وضع خاص في كردستان. ان عقد هذا المؤتمر لم يتم برغبة ذاتية ووطنية من قوى المعارضة العراقية، انما تم تحضيره وتمويله وإعداده بناء على رغبة اميركية لهذا سوف يفقد مصداقيته في اتخاذ القرارات التي تخدم الشعب العراقي والامة العربية».

واضاف الويس «ان الاهداف الاميركية تتعارض مع مصالح الشعب العراقي، ومع مصالح الامة العربية، نحن نعتقد ان الاجندة الاميركية تهدف لانفصال العراق من الامة العربية واقامة علاقات مع اسرائيل، ونحن نهدف لتأسيس عراق ديمقراطي يدعم قضايا الامة العربية ونضال الشعب الفلسطيني، واميركا ضد هذه الاهداف».

واكد الويس «ان تمويل وتوجيه المؤتمر تما من قبل الادارة الاميركية، وان الاطراف التي تشرف على انعقاد هذا المؤتمر تحصل على الاموال الاميركية منذ سنوات طويلة، والادارة الاميركية لا تمنح هذه الاموال من اجل عيون العراقيين وانما من اجل تحقيق مصالحها في العراق»، مشيرا الى ان الادارة الاميركية «لم تخف اهدافها في العراق بل قالت على لسان تشيني وباول ورامسفيلد بانها ستقوم بغزو العراق وتنصيب حاكم عسكري هناك، وهذا يعني انها ستقوم باحتلال العراق وإقامة سلطة عسكرية ثم تعيين اشخاص من المعارضة العراقية يعتمدون عليهم لتنفيذ مصالحهم في العراق وفي المنطقة».

واضاف «ان القوات الاميركية لن تعتمد على اي طرف عراقي في عملية احتلال العراق، ومعلوماتنا تؤكد ان الاميركيين ضغطوا على الحكومة الايرانية لمنع تدخل فيلق بدر التابع للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية فيما اذا حدثت ضربة عسكرية اميركية للعراق».

وتحدث رئيس الحزب الاشتراكي في العراق عن اجتماع ائتلاف القوى الوطنية العراقية الذي تم أول من امس وقال: «لقد توصلنا الى نتائج اهمها ان تكون لنا ارادة سياسية مستقلة بعيدا عن الهيمنة الاجنبية، وعدم الدخول في مهاترات مع بقية اطراف المعارضة العراقية، ذلك ان اتجاهنا وطني وليس خاضعا للهيمنة الاميركية».

واختتم الويس حديثه قائلا «بعد الانتهاء من هذا المؤتمر نعتقد بان الكثير من الاطراف المعارضة ستلتحق بنا وسنعقد مؤتمرنا الوطني»، مشيرا الى ان «ما سيخرج به مؤتمر لندن هو مجرد كلام وانه مؤتمر اعلامي ليس الا كما تهدف الادارة الاميركية، وانه سيخرج بقرارات لا قيمة لها».

وقال ادريس محمد ادريس من التجمع الديمقراطي العراقي «لقد جرت لقاءات بيننا وبين اعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر وقد ابلغناهم تصوراتنا في كيفية انعقاد مؤتمر يمثل مصالح الشعب العراقي، واعتراضنا يتجسد في ان هذا المؤتمر لم ينبثق من ارادة عراقية واضحة وانما نتيجة لترتيبات خارجة عن ارادة المعارضة العراقية، وهذا في رأينا ما يفقده الاستقلالية والخروج بخطاب سياسي عراقي موحد».

واضاف «لو كان المؤتمر منبثقا بارادة سياسية عراقية لما تم تحديد قيادته باللجنة التحضيرية المشكلة من ستة اعضاء، وان هذه اللجنة شكلت بعد زيارة اعضائها لواشنطن، وتم اهمال شخصيات وحركات سياسية لها تاريخها في النضال العراقي، وبالتالي فان المؤتمر سيكون غطاء عراقيا لاجندة دولية وتغييب الارادة العراقية».

واكد محمود الشيخ راضي من قيادة قطر العراق لحزب البعث المنشق منذ اواسط الستينات عن الحزب الحاكم في العراق «ان موقفنا ثابت من النظام العراقي فمنذ عام 1966 اي قبل وصول صدام حسين للسلطة ونحن نعمل من اجل اسقاط النظام، لكن ما مطروح حاليا هو ليس اسقاط النظام وانما اسقاط العراق والمنطقة»، مشيرا الى ان «طريقة تعامل الاميركيين مع المعارضة العراقية مهينة ومذلة ولا تدافع عن كرامة او مستقبل العراق».

واضاف «ان الموضوع هو ليس اسقاط النظام باية طريقة كانت وحسب بل ايجاد بديل افضل وضمان كرامة وحقوق الشعب العراقي»، وقال «لقد سألنا اللجنة التحضيرية حينما فاتحتنا بالمشاركة في المؤتمر فيما اذا كانت هناك اية ضمانات لتحقيق ما سيخرج به اذا لم يعجب الموقف الاميركي فاجابوا بانه ليست هناك اية ضمانات».

واعتبر الشيخ راضي ان مشروع المؤتمر «مصمم من قبل الادارة الاميركية وان القائمين عليه ليست لديهم اية فكرة عما سيخرجون به من قرارات فكيف لنا ان نشارك فيه»؟