استقالة وزير النقل المصري ورئيس السكك الحديدية والرئيس مبارك يشدد على عدم إخفاء الحقائق

فنيون يستبعدون نظرية الماس الكهربائي في حادث القطار ويرجحون اندلاع النيران من إحدى العربات

TT

وجه الرئيس المصري محمد حسني مبارك صباح امس كلمة عبر التلفزيون والاذاعة قدم فيها خالص تعازيه ومواساته لاسر ضحايا قطار الصعيد.

واكد مبارك في كلمته انه فور ابلاغه بالحادث طلب من الجهات المختصة أن تجري تحقيقا شاملا بحيث تحدد المسؤولية بكل وضوح وتتم محاسبة كل من يثبت أنه قصر في أداء واجبه أو تراخى في توفير السلامة للمواطنين في دورهم وترحالهم. وشدد على انه لن يتم السماح بأي محاولة لاخفاء الحقيقة أو التغطية على أي جانب مما حدث، لان الخطب جلل والحادث خطير والفجيعة فادحة ولان ارواح المواطنين هي أغلى شيء. واضاف انه طلب في نفس الوقت ان تتم دون ابطاء مراجعة شاملة ودقيقة لنظم الامان في شتى وسائل المواصلات وغيرها من الخدمات التي تقدم للمواطنين، كما طلب من الدوائر المسؤولة ان تسارع بتقديم العون اللازم لاسر المنكوبين والمصابين.

وقال مبارك «تحية لابناء مصر البررة الذين خرجوا الى مكان الحادث على الفور بشعور تلقائي واحساس فطري بالخطر وبالتزام اصيل بالتضامن مع غيرهم من المواطنين مهما تكبدوا في هذا السبيل من تضحيات ومهما واجهوا من أخطار وعقبات، وتحية لاشقائنا واصدقائنا الذين شاركونا مشاعرنا في هذا المصاب الأليم وعبروا عن روح اخوية صميمة تجاه مصر وشعبها».

واضاف «اننا لا نملك بعد هذا سوى ان نسأل الله تعالى ان يتغمد كل فقيد برحمته وأن يلهم اسر المنكوبين الصبر وأن يهيئ لمصر العزيزة ان تتجنب مثل تلك الكوارث، انه سميع مجيب رحمن رحيم».

وعلى صعيد الكارثة المروعة قبل الرئيس مبارك استقالة الدكتور ابراهيم الدميري وزير النقل كما قبل الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء استقالة المهندس احمد الشريف رئيس هيئة السكك الحديدية. وكان وزير النقل الذي تولى عمله في التشكيل الوزاري الجديد برئاسة الدكتور عاطف عبيد قد قطع زيارته الى كندا وعاد الى القاهرة من لندن، ولم يدل الوزير بأية تصريحات صحافية لدى عودته على الرغم من اعلان وزارة النقل عن مؤتمر صحافي للوزير. وهبطت الطائرة المصرية التي تقله في موقع قريب جدا من استراحة الرئاسة ولم يدخل الى قاعة الشرف بالمطار كما جرت العادة واستقل سيارة مباشرة من مهبط المطار وسط اجراءات امنية مشددة.

وعلى الصعيد نفسه قرر مجلس الشعب «البرلمان» المصري تخصيص جلسته التي يعقدها السبت المقبل برئاسة الدكتور احمد فتحي سرور وعقب عيد الاضحى مباشرة لمناقشة حادث قطار الصعيد حيث من المنتظر ان يلقي الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء بيانا امام المجلس حول الحادث والاجراءات التي اتخذتها الحكومة فور وقوعه تنفيذا لتوجيهات مبارك الذي كان يتابع الحادث لحظة بلحظة.

ويأتي قرار مناقشة الحادث استجابة للبيانات العاجلة وطلبات الاحاطة التي قدمها ما يزيد على 30 عضوا حتى الآن خاصة نواب الصعيد وفي مقدمتهم أبو النجا المحرزي، والسيد الشريف ممثلا حزب الاغلبية، واحمد أبوحجي، وناريمان الدرمللي، وبهاء عبد المجيد، ومحمد علام، وعمر الطاهر خلف الله، وحسن فرغل، ومحمد أبو الفتوح عصام الدين، وحسن احمد عصمت وعدد آخر من نواب المحافظات الاخرى ومنهم عماد الجلده واسماعيل هلال والقدري رسلان بينما وجه مرتضى منصور النائب المستقل استجوابا لرئيس الوزراء حول الحادث.

واعلن اصحاب البيانات العاجلة ان تحقيقات النيابة في الحادث لا تحول دون مناقشة المجلس للحادث خاصة ان وزارة النقل لم تستجب للتوصيات الصادرة عن لجنة النقل بشأن تحسين حالة القطارات خاصة قطارات الصعيد وسبق مناقشة هذا الموضوع في لجنة النقل خلال ديسمبر (كانون الاول) الماضي بناء على طلب احاطة من نائب جهينة محمد علام.

واكد النواب وخاصة النائب عماد الجلده ضرورة وضع تشريع جديد للتأمين على ركاب القطارات اسوة بنظام التأمين على الطائرات لزيادة قيمة التعويض الذي يتم صرفه خاصة ان اغلب المسؤولين في الحادث من الفئات غير الخاضعة لاي نظم تأمينية وان التعويض المنصرف لهم قليل جدا. وطالب السيد الشريف نائب اخميم وممثل الحزب الوطني بضرورة صرف معاشات استثنائية لاسر ضحايا الحادث واتاحة فرص عمل لافراد تلك الاسر الذين بقوا على قيد الحياة لاعالة الاسر. واقترح أبو النجا نائب قنا وضع نظام لتسجيل اسماء ركاب القطارات لتفادي ما اظهره هذا الحادث وعدم معرفة اسماء الضحايا بسبب تفحم الجثث ووجود حالة قلق بين الاسر في الصعيد.

من ناحية اخرى استبعدت التحقيقات التي جرت بواسطة فنيين من وزارة النقل احتمال حدوث حريق العربات السبعة نتيجة ماس كهربائي أو تلف في عجلات القطار، واوضحت التحقيقات ان سبب الحريق هو شرارة قوية ادت الى حدوث الحريق. واشار المسؤول الى ان كهرباء القطار تعمل بقوة كهربائية لا تؤدي الى احداث شرارة قوية اضافة الى انه ليس هناك عربة توليد قوى كهربائية بالقطار.

ورجحت التحقيقات ان تكون النيران قد صدرت من داخل الكبائن أو العربات وهي اما نيران أو بوفيه حدث به اشتعال قوي تحرك سريعا مع سرعة القطار في هذا الوقت 100 كيلومتر في الساعة، والدليل هو ان اتجاه احتراق العربات كان مع اتجاه الهواء. واكد مسؤولو الهيئة انه رغم أن الغاء بوفيهات الاهالي غير المجهزة والذين يتخذون من دورات المياه في العربات مقرا لها وراء هذا الحادث الا انهم يتحايلون بالركوب من محطات اخرى غير محطة القاهرة وبعيدا عن أعين الرقابة.

وكشفت تحقيقات النيابة ان وراء الحادث وجود احد الباعة الجائلين بداخل احدى عربات القطار وضع يده على دورة المياه وحولها الى بوفيه خاص به لصنع الشاي، فانفجر موقد البوتاجاز وامسكت النيران بعربة القطار وامتدت الى باقي العربات، وما زال استبعاد حدوث ماس كهربائي مسببا للحريق قائما بعد ان اكد سائق القطار منصور يوسف القمصي ومساعده اشرف نجيب عزيز انه لو حدث ذلك لسقطت دائرة القطار الكهربائية وتوقف القطار فجأة.

وخيم الحزن امس على أول ايام عيد الاضحى المبارك على معظم مدن وقرى صعيد مصر بعد ان اختطف الحادث المروع فرحتهم به وأدى المصلون في المساجد صلاة الغائب على أرواح الضحايا كما قام المحافظون عقب صلاة العيد بزيارة الاسر المنكوبة وقدموا لهم واجب العزاء وقرر محافظ اسيوط اقامة سرادق كبير بالمدينة لتلقي العزاء في ضحايا القطار من ابناء المحافظة.

وعلى صعيد الحكومة المصرية فقد ادخل رئيس الحكومة الدكتور عاطف عبيد والوزراء تعديلاً على برامجهم المعتادة في عيد الاضحى وفضل عدد منهم قضاء الاجازة في القاهرة بدلا من شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالي والمناطق السياحية لمتابعة تطورات الحادث، وقرر الدكتور عبيد قضاء العيد في القاهرة بدلا من الشاليه الخاص به في منطقة أبو سلطان في الاسماعيلية لمتابعة تطورات التحقيقات والاشراف على عمليات علاج المصابين.

كما قرر الدكتور اسماعيل سلام وزير الصحة قضاء العيد في القاهرة لزيارة المصابين ومتابعة حالاتهم والعلاج المقدم لهم.

وعلى الرغم من ضخامة الحادث وفداحته الا ان قطارات الصعيد شهدت اقبالا هائلا وفضلوا السفر بها الى الصعيد على سيارات الميكروباص خوفا من الطريق الوعر والضيق الموصل الى محافظات الصعيد.

واكد مسؤولو الهيئة ان جميع قطارات الصعيد ذات الحجز كاملة العدد وقد اقبل المواطنون وبصورة كبيرة في القاهرة والمحافظات على عربات التبرع بالدم التي اطلقت وزارة الصحة قوافلها للتبرع بالدم لصالح المصابين حيث قرر الدكتور اسماعيل سلام تكثيف هذه السيارات في شوارع وميادين المحافظات وفتح بنوك الدم بالمستشفيات لتلقي تبرعاتهم.