مذكرات بريماكوف بين حس الصحافي ورجل السلطة

أمير طاهري

TT

المكان هو العاصمة المصرية القاهرة، والزمان هو ربيع عام 1967. الرئيس جمال عبد الناصر يستقبل المارشال السوفياتي أندريه غريشكو، القائد العام لقوات حلف وارسو.

ناصر يسأل الزائر حول رأيه بحالة القوات المسلحة المصرية. وغريشكو، الذي قام للتو بجولة على بعض الوحدات العسكرية المصرية، يعبر عن ثنائه العالي على العمل الذي قام به المستشارون والمخططون العسكريون السوفيات العاملون في مصر.

ويستنتج قائلاً ان الجيش المصري هو الآن في وضع يمكنه من «حل ناجح للمشاكل المختلفة في هذا المسرح من الصراع».

والرئيس المصري يشعر بالتباهي، وهو مقتنع بأن عامين من التعاون العسكري مع الاتحاد السوفياتي والواردات الهائلة من الأسلحة من الاتحاد السوفياتي وحلفائه يوفران له فرصة لـ«عرض عضلاته» ضد اسرائيل، وتأكيد ادعائه بزعامة العالم العربي. وبعد أسابيع قليلة يثير ناصر قضية الصواريخ الموجهة في مضيق تيران التي أدت الى هجوم اسرائيل في السادس من يونيو (حزيران).

هزيمة كاملة وإذلال كامل يروي يفغيني بريماكوف، الذي كان في ذلك الوقت مراسلاً لصحيفة «برافدا»، في مذكراته التي تحمل عنوان «في قلب السلطة»، والتي نشرت، مؤخراً، في موسكو وباريس وعدد من العواصم الاخرى. ومن الواضح ان الذهول أصاب بريماكوف من الطريقة الصبيانية التي قاد بها ناصر بلاده نحو الكارثة. وفي وقت لاحق التقى الكثير من الزعماء الذين لعبوا بمصير بلدانهم على النحو الصبياني ذاته.

وهو يصر، على عكس المزاعم التي طرحها ناصر ومساعدوه لاحقاً، على ان الاتحاد السوفياتي لم يدفع مصر، ابداً، الى الحرب مع اسرائيل. والحقيقة ان غريشكو أبلغ ناصر بأن المصريين لن يكونوا مستعدين للعمل الجاد قبل أقل من عامين.

ويروي بريماكوف كيف أرسل تقريراً عاجلاً لصحيفته حول طائرة حربية كان قد رآها تسقط في سماء القاهرة، مفترضا انها طائرة اسرائيلية. وكان راديو القاهرة يتحدث عن «أرقام غير واقعية» عن خسائر اسرائيلية متخيلة. غير ان بريماكوف يعلم، في وقت لاحق، من مصادر سوفياتية، ان الطائرة الوحيدة التي رآها تسقط كانت، ايضاً، طائرة مصرية، أسقطها مدفع مصري مضاد للطائرات.

«هزيمة كاملة، اذلال كامل»، هكذا يصف بريماكوف الهزيمة العربية بعد 35 عاماً.

ويقول، الآن، متأملاً، ان «المشكلة الأعظم بالنسبة للعرب هي عجزهم عن التمييز بين الوهم والواقع. فهم يعتقدون أنه يكفيهم ان يتمنوا ان الأمور تسير في اتجاه معين بالنسبة لهم لكي تكون سائرة في ذلك الاتجاه».

ولم تتوقف سيرة حياة بريماكوف عند حدود عمله مع «برافدا» قبل سنوات كثيرة. فسرعان ما أقام لنفسه موقعاً أكاديمياً، تعزز، لاحقاً، بالمناصب الدبلوماسية. واستمر افتتانه بالعالم العربي حتى انتهى الى تعلم ما يكفي من العربية لقراءة الصحف، والتحدث، دون كلفة، الى التجار في الأسواق.

* حضور في الشرق الأوسط

* وتظهر قراءة دقيقة للمذكرات ان بريماكوف كان، على الدوام، يمتلك نوعاً معيناً من العلاقة مع الأجهزة السرية السوفياتية. انه يتحدث عن مهمات كثيرة شارك فيها بل وقادها دون الاشارة الى من كلفه بها. وكما شاء القدر انتهى بريماكوف الى أن يكون رئيسا للمخابرات (إف إس بي)، وهي وريث (كي جي بي) بعد انهيار الامبراطورية السوفياتية. وقال كثيرون ان بريماكوف قد وصل، ببساطة، الى قمة مؤسسة كان قد انتمى اليها صحافياً شاباً في سنوات الخمسينات. غير ان بريماكوف يرفض المزاعم التي تشير الى أنه كان رجل الـ (كي جي بي) منذ البداية.

فهو يشير الى مناصبه الأكاديمية الكثيرة، والعمل الدبلوماسي الأصيل الذي مارسه خلال سنوات كثيرة كـ «دليل» على أنه لم يكن «ذلك الجاسوس بريماكوف»، كما زعم خصومه السياسيون. واياً كانت الحقيقة، تألق بريماكوف ليصبح عضواً في المكتب السياسي وشخصية رئيسية في سنوات ميخائيل غورباتشوف المضطربة.

وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي كان بريماكوف واحداً من مجموعة من المسؤولين السوفيات الكبار ممن احتفظوا بحصة في السلطة. وفي ظل عهد الرئيس بوريس يلتسين أصبح، أولاً، وزير خارجية، ثم رئيسا لوزراء روسيا لفترة ثمانية أشهر.

وبقدر تعلق الأمر بالشرق الأوسط يبدو ان بريماكوف حاضرا دائماً كلما وأينما يحدث شيء هام. وهو يعرف، ايضاً، كل اللاعبين الأساسيين في لعبة السياسة العربية المعقدة.

فنحن نرى بريماكوف وهو يصل الى دمشق على متن طائرة تشيكية في فبراير (شباط) عام 1966 في وقت يكون فيه مطار العاصمة السورية مغلقاً على يد زعماء انقلاب جديد.

(يصفهم بريماكوف باعتبارهم الجناح اليساري من حزب البعث). وفي البداية تريد سلطات المطار اعادته. غير ان مكالمة هاتفية غامضة «لواحد من مسؤولي السلطة الجدد» تفتح السجادة الحمراء له. وخلال ساعات يجلس محتسياً الشاي مع زعماء الانقلاب بمن فيهم صلاح جديد ويوسف زعين. وبعد أيام قليلة يلتقي حافظ الأسد، الذي كان في حينه قائد القوة الجوية، ولكنه يعتبره «الرجل الأقوى» للنظام الجديد. ويقول بريماكوف ان علاقاته مع الأسد تطورت اكثر عندما أصبح الأخير رئيساً لسورية.

* بريماكوف وصدام

* وبعد سنتين من ذلك يكون بريماكوف حاضراً أيضاً، بطريقة سحرية تقريباً، عندما تستولي مجموعة بعثية اخرى على السلطة في بغداد. وهو يعرف منذ البداية ان القوة الحقيقية خلف واجهة النظام الجديد هو صدام حسين التكريتي. وعلى الرغم من أنه ما يزال صحافياً، يباشر بريماكوف مهمة سلام بين بغداد والأكراد الذين يقودهم الملا مصطفى البارزاني. ويفلح في عقد هدنة. غير ان صدام يحاول، بعد أيام، اغتيال البارزاني عبر جهاز تسجيل أرسله له وهو يحتوي على قنبلة موقوتة.

ويعلق بريماكوف قائلاً إنه «كان من الواضح أن هذا هو عمل صدام».

وهذه هي الطريقة التي يحدد بها بريماكوف «مزايا شخصية صدام الوحشية التي غالباً ما تميل الى القسوة، قوة الارادة الاستثنائية، العناد في التصرف بطريقته الخاصة، التصميم على تحقيق هدفه بأي ثمن، وعدم القدرة على التنبؤ بأفعاله».

ومع ذلك فإن بريماكوف يعتقد ان صدام «يظهر، بين حين وآخر، حساً بالواقعية». وهذا هو الحال، خصوصاً، عندما يشعر صدام بأن قبضته على السلطة قد تكون في خطر. وبكلمات اخرى فإنه مستعد لفعل أي شيء من اجل البقاء في السلطة. ويلقي بريماكوف باللوم على إثارة شكوكه، التي تقرب من جنون الارتياب، بكل شيء وبكل شخص. والبطانة نفسها مسؤولة عن تعزيز أوهام صدام ومنعه من تقدير واقعية الموقف.

وقادة الانقلاب السوريون والعراقيون ليسوا سوى بعض الشخصيات العربية الذين أقام بريماكوف معهم صلات حميمة غالباً. أما الآخرون فبينهم ياسر عرفات وأحمد قريع وكمال ووليد جنبلاط، وملك الأردن الحسين وآخرون كثيرون. وما يخيب الآمال هو أن بريماكوف لا يذهب أبعد من التلميحات التي تعذب رغبة الانسان في المعرفة بشأن محتوى أحاديثه مع الزعماء الذين يذكرهم. ان ولعه بالسرية في تناقض حاد مع رغبة الصحافي النموذجية في أن يبلغ كل امرئ في الحال عما يعرفه.

* حرب أكتوبر

* وكل ذلك، بالطبع، قابل للجدل والمناقشة، مثلما هو قابل للجدل والمناقشة، ايضاً، زعم بريماكوف بأن الرئيس أنور السادات نظم حرب اكتوبر 1973 كجزء من خطة اعدها هنري كيسنجر. واذا كان لنا ان نصدق بريماكوف، كان قد قرر أن «نجاحاً عسكرياً محدوداً» يحققه السادات ضروري لتغيير الموقف واقناع الاسرائيليين بالدخول في سلام منفرد مع مصر. بل ان بريماكوف يقول ان كيسنجر طلب من السادات ان لا يبيد قوة اسرائيلية عبرت الى مصر بقيادة الجنرال أرييل شارون. وكان جيش شارون قد اصبح، من الناحية الفعلية، معزولاً عن القوات الاسرائيلية الرئيسية في سيناء، وكان يمكن الاستيلاء عليه من قبل المصريين. غير ان كيسنجر أبلغ السادات بأن مثل هذه النتيجة يمكن ان تعني «تفوق الاسلحة السوفياتية، التي كانت تستخدمها مصر في ذلك الحين، على الأسلحة الأميركية التي كانت تستخدمها اسرائيل. ولا يمكن للولايات المتحدة ان تسمح لحليفتها الاستراتيجية، اسرائيل، بمواجهة هزيمة كاملة.

ومن الطبيعي أنه يصعب قبول هذه النظرية بدون مزيد من الأدلة. بل ان المرء يمكن أن يدافع عن قضية مضادة بقوة مقنعة مماثلة. وابتداء فإن اسرائيل والولايات المتحدة اصبحتا حليفتين استراتيجيتين بعد عشر سنوات (في عام 1983) كما ان معظم الأسلحة في عام 1973 لم تكن اميركية وانما فرنسية. والأكثر أهمية هو أنه ما من مبرر لوجوب اصغاء السادات الى كيسنجر. فالذين يعرفون السادات جيداً يعرفون ان الزعيم المصري، شئنا أم أبينا، لم يكن من النوع الذي يتلقى الأوامر من آخرين.

ويفرط بريماكوف في الثناء على كيسنجر باعتباره «واحداً من أعظم العقول الاستراتيجية في القرن العشرين». وهذه وجهة نظر لا يتفق معها كاتب هذا المقال. فعلى العكس من ذلك يعتبر كثيرون كيسنجر استاذاً بارعاً في العلاقات العامة، خصوصاً في تعظيم الذات، لكنه وزير خارجية فاشل. غير ان هذه قصة اخرى.

* بداية الانهيار

* ولا تقدم رواية بريماكوف لسنوات تعاونه مع غورباتشوف الكثير مما هو جديد، على الرغم من أن تأكيده على أن غورباتشوف كان رجلاً ضعيفاً ومتردداً «وبمعرفة غير كافية بالديالكتيك»، تأكيد مثير للاهتمام. وتبدو رواية بريماكوف لانقلاب اغسطس (اب) ضد غورباتشوف مثل سيناريو كوميديا خفيفة. فنحن نرى زعيم الانقلاب، غينادي ياناييف، وهو يرتشف الفودكا خلف منضدته، لا يعرف ما الذي عليه أن يفعله بعد ذلك. كما نرى، ايضاً، مسؤولين سوفياتاً رفيعي المستوى ينتظرون الاتجاه الذي ستهب به الرياح قبل ان يتخذوا موقفاً معيناً. ويظهر لنا بريماكوف نخبة حاكمة لا تؤمن بشيء مطلقاً سوى ممارسة السلطة المجردة. فهم ماركسيون ـ لينينيون في يوم، ويمكن ان يصبحوا، في يوم آخر، زعماء لنظام متعدد الأحزاب على النمط الغربي المستند الى السوق. وما كان يهمهم هو البقاء في القيمة، والحفاظ على سيارات الليموزين، والقصور الريفية، ومكافآت آخر السنة.

وكانت لبريماكوف علاقة شاقة مع يلتسين الذي طرده، في نهاية المطاف، بأبشع طريقة ممكنة. ومما يعزز مصداقية بريماكوف انه لا يحاول التقليل من دور يلتسين التاريخي في التعجيل بنهاية الامبراطورية السوفياتية.

واذا ما قرأ المرء ما بين السطور، وتجاهل الادعاءات المحتمة الحدوث، فإنه يحس بأن بريماكوف يواصل الاعجاب بيلتسين كزعيم حاسم.

وهو يتمتع بشيء من الاعجاب ايضاً، وان يكن اكثر دقة وحذراً، تجاه الرئيس فلاديمير بوتين.

ولكن اكثر من يعجب به بريماكوف هو يوري اندروبوف، رئيس الـ«كي جي بي» المتمرس الذي عمل زعيماً سوفياتياً فترة 18 شهراً خلال سنوات الثمانينات. ومن المؤكد ان اندروبوف، اذا ما قورن مع سلفيه المباشرين ليونيد بريجنيف وقسطنطين تشيرنينكو، كان عملاقاً سياساً وفكرياً. ولكن انطلاقاً مما يمكن لكاتب هذا المقال أن يعرفه حول سيرة أندروبوف، من الصعب فهم حماس بريماكوف. فخلال فترة زعامته القصيرة كان أندروبوف مريضاً في الغالب وبعيداً عن العمل، فقد كان يعاني من مرض في الكلية اودى بحياته اخيراً. ولم يستهل، ابداً، أية سياسات جديدة هامة، ولم يشجع أية اصلاحات، ولم يقدم أية مساهمة حتى للفكر الشيوعي الرسمي. ويرفض بريماكوف هذا، غير ان كثيرين يؤكدون ان اندروبوف كان قد لجأ، في سنواته الاخيرة على الأقل، الى تعاطي المشروبات الروحية، وغالباً ما كان في حالة كآبة.

فلماذا يعتبر اندروبوف بطلاً بالنسبة لبريماكوف؟ قد يكمن الجواب في حقيقة ان اندروبوف كان آخر زعيم قوي للـ«كي جي بي»، وواحداً من رعاة غورباتشوف وبريماكوف.

* تصفية حسابات

* ويعاني كتاب بريماكوف من رغبته في تصفية الحسابات مع أولئك الذين نتفوا ريشه، وبينهم وارين كريستوفر، المحامي الصارم، الذي عمل وزير خارجية في عهد الرئيس بيل كلينتون فترة أربع سنوات. والهدف الآخر لتصفية الحساب هو ادوارد شيفرنادزه، الزعيم الشيوعي الجورجي، الذي عمل وزير خارجية في عهد غورباتشوف. ويرتكب بريماكوف، ايضاً، عدداً من الاخطاء غير المتوقعة. فميغلادي أودغوف لم يكن ابداً جزءاً من المجموعة ذاتها التي ينتمي اليها الرئيس الشيشاني أصلان مخادوف. والرئيس القرغيزي اكاييف لم يكن أبداً عضواً في الحزب الشيوعي. ووزير خارجية ستالين عام 1948 كان فياشيسلاف مولوتوف وليس اندريه غروميكو. (فالأخير كان مندوب السوفيات في الأمم المتحدة). كما يخطئ بريماكوف في تسلسل عدد من المفاوضات بشأن أزمات البوسنة والهرسك، ربما لأنه لم يكن يستطيع الوصول الى المعلومات الروسية الرسمية حول الموضوع.

وعلى الرغم من اخطائه الكثيرة، فإن «في قلب السلطة» كتاب آسر، وبالنسبة للسياسيين، مصدر متعة في القراءة. إنه يستحق الترجمة الى العربية لأنه يحتوي على شيء من النقد القاسي، والكثير من الأحكام والملاحظات الذكية، من رجل ظل صديقاً للعرب لفترة تقرب من نصف قرن.

* الصحافي والجاسوس

* ان الصحافة والتجسس هما، في الواقع، النمط ذاته من النشاط جوهرياً. فالصحافي والجاسوس يريدان ان يكتشفا ما يجري. والفارق ان الصحافي ليست لديه أسرار لأنه يعمل من اجل قرائه ويريد الاعلان عن اكتشافاته، بينما يعمل الجاسوس لـ «سيد» واحد، ويعتبر كل معلومة سراً.

ويتباهي بريماكوف بالكيفية التي استخدم بها تقاريره الى «برافدا» لاقامة صداقات مع كثير من كبار المسؤولين، خصوصاً في العالم العربي. وذلك، ايضا، على نقيض مع التقاليد الصحافية. فالصحافي الحقيقي لا يصبح، أبداً صديقاً لمن هو في السلطة لسبب واضح.

من المؤكد أن يكتشف الصحافي، آجلاً أو عاجلاً، شيئاً ما لا يريد رجل السلطة أن يصبح علنياً. واذا ما أبقى الصحافي الأمر مخفياً لارضاء صديق يتمتع بالسلطة، فإنه يخون قراءه، أما اذا كشف، من ناحية أخرى، عن كل شيء فإنه سيخون صديقه الذي يتمتع بالسلطة.

وبالنسبة لكاتب هذا العرض يعتبر الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في كتاب بريماكوف هو روايته للمهمة التي فشلت في منع وقوع حرب عام 1991 لتحرير الكويت. فبريماكوف يدافع عن قضية قوية مفادها أن صدام كان يتصرف على ذلك النحو لأنه كان مقتنعاً بأن الأميركيين لن يستخدموا القوة ضده. ويزعم بريماكوف ايضاً ان صدام كان سينسحب من الكويت لو أنه أعطي فرصة للقيام بذلك. ويؤكد، أيضاً، ان صدام كان قد بدأ «يلين» في يناير (كانون الثاني) 1991 ولكنه لم يستطع منع الهجوم الاميركي لأن واشنطن كانت قد قررت تدمير ماكنة الجيش العراقي على كل حال.