دمج الرئاسة العامة لتعليم البنات في السعودية بوزارة المعارف وإحالة رئيسها للتقاعد

القرار جاء على خلفية حادث الحريق بمدرسة مكة المكرمة

TT

أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز أمس أمرا باحالة الدكتور علي المرشد رئيس تعليم البنات إلى التقاعد ودمج الرئاسة العامة لتعليم البنات بوزارة المعارف وتعيين خضر بن عليان القرشي نائبا لوزير المعارف لشؤون تعليم البنات. وجاء في الامر الملكي أنه بناء على ما عرضه الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني يحال المرشد إلى التقاعد ويتم دمج رئاسة تعليم البنات بوزارة المعارف وتعيين نائب للوزير لشؤون تعليم البنات على المرتبة الممتازة.

ويأتي القرار التاريخي بدمج رئاسة تعليم البنات، وهي الجهاز المسؤول عن تعليم المرأة في البلاد في المراحل الثلاث الأولى قبل الجامعية، بعد أن عملت الاولى كإدارة مستقلة لمدة ما يزيد على 42 عاما، دار خلالها الكثير من الجدل، حتى حادث حريق مدرسة مكة المكرمة الذي أودى بحياة 14 طالبة، وحينها طالب الكثير من التربويين ورجال التعليم بتحميل رئاسة تعليم البنات مسؤولية الحادث، بسبب تجاهلها خطورة المدارس المستأجرة من الناحية الامنية والتي بلغ عددها نحو 5400 مدرسة وبلغت مخصصاتها السنوية ما يزيد عن 400 مليون ريال. ويبلغ عدد المدارس التابعة لرئاسة تعليم البنات 13893 مدرسة تشمل جميع المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتحفيظ القرآن الكريم ومعاهد المعلمات. ويدرس في هذه المدارس 2،2 مليون طالبة تحت اشراف نحو 147 الف مدرسة و12 الف ادارية.

وشكل أول جهاز لرئاسة تعليم البنات في العام 1960 في عهد الملك سعود بن عبد العزيز، برئاسة عبد العزيز بن ناصر الرشيد وعدد من الموظفين الذين لديهم خبرات إدارية وتعليمية، وتشكل الجهاز الاداري الذي بدأ بافتتاح مدارس البنات في شتى المناطق، من ثم عين الراشد بعد عام وعدة شهور رئيسا لتعليم البنات وشكل الجهاز الاداري الاول للرئاسة. وافتتحت الرئاسة في العام الاول 15 مدرسة ابتدائية مع معهد واحد لاعداد المعلمات. وتضاعفت اعداد الطالبات حتى وصل عددهن إلى أكثر من مليوني طالبة في العام .2000 وتعاقب على رئاسة تعليم البنات بعد ذلك، كل من: ناصر بن حمد الراشد لمدة ثمانية أعوام، ثم راشد بن صالح بن خنين لمدة خمسة أعوام، ثم محمد بن عبد الله بن عودة لمدة ستة أعوام، تلاه عبد العزيز بن عبد الرحمن المسند، رئيسا مكلفا، لمدة عام، ثم الدكتور عبد الملك عبد الله الدهيش لمدة ستة أعوام، وأخيرا الدكتور علي بن مرشد المرشد الذي انهى عامه السادس أخيرا قبل احالته إلى التقاعد.

وفيما بلغ عدد موظفي الرئاسة العامة لتعليم البنات قبل دمجها 16750 منهم 75 في المائة من النساء و3750 رجلا، أي أن المرأة السعودية تسيطر على ما يزيد عن 75 في المائة، تصاعدت الاصوات بضرورة ضم المرأة السعودية إلى قيادات جهاز الرئاسة العامة لتعليم البنات باعتبارها الاكثر قدرة، وصدر قرار بتعيين الاميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود على وظيفة وكيل مساعد للشؤون التعليمية بالمرتبة الرابعة عشرة بالرئاسة العامة لتعليم البنات. وبتعيين الاميرة الجوهرة تكون أول سعودية تحظى بمنصب رفيع المستوى في الرئاسة العام لتعليم البنات، وهو الجهاز المسؤول عن تعليم المرأة في البلاد في المراحل الثلاث الأولى، قبل الجامعية. وكان الامير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، أكد عزم الحكومة السعودية اشغال ما يزيد عن نسبة 80 في المائة من وظائف رئاسة تعليم البنات، بموظفات سعوديات محل الموظفين الرجال.

ومن جهته قال الدكتور احمد بن عثمان التويجري، عضو مجلس الشورى، ان دمج تعليم البنات مع وزارة المعارف سيوفر الكثير من الجهود وسيهيئ امكانات افضل وان كان هذا الاجراء مطلوبا من فترة ليست بالقصيرة لأن الفصل بين تعليم البنين والبنات اقتضته ظروف معينة في بدايات تأسيس الرئاسة تجاوزته المرحلة الحالية ولم تعد هناك حاجة للفصل بينهما.

وتمنى الدكتور التويجري في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان يواكب هذا التغيير تحولا جوهريا في هيكلة هذا القطاع وان تعطى المرأة دورا اكبر في ادارة هذا المرفق وان لا يكتفى بدورها الثانوي او الشكلي لانها هي المعنية بهذا الامر والاقدر على معرفة احتياجاته والاستجابة لمتطلباته.

ووصف التويجري دمج رئاسة تعليم البنات بوزارة المعارف بأنها ستكون مرحلة انتقالية صعبة كون معاناة وزارة المعارف لا تقل عن مشاكل ومعاناة الرئاسة نفسها.

وعبر وزير المعارف الدكتور محمد الرشيد عن اعتزازه بثقة ولاة الامر بالقرار الذي قضى بربط تعليم البنات بتعليم البنين تحت اشراف وزارته، وقال «انها امانة احس بعظمتها واعاهد الله تعالى ان ابذل قصارى جهدي لأكون عند حسن ظن ولاة الامر الذين يضعون التعليم في مقدمة اولوياتهم وان اقوم بالمهمة بل الرسالة التي كلفت بها على افضل وجه يراه معي زملائي وزميلاتي في الميدان التربوي».

وشدد الرشيد في تصريح نقلته وكالة الانباء السعودية على «ان المؤسسة التعليمية هي اهم مؤسسات المجتمع قاطبة ذلك ان الناس يودعون فيها اغلى وانفس ما يملكون وهم الابناء والبنات فلذات الاكباد».

وأكد ان وزارة المعارف تعتبر من اهم الوزارات «لأن اثرها في المجتمع يشبه اثر الاسرة الواعية التي تحرص على مصلحة اولادها وبناتها فتعدهم لمستقبلهم احسن اعداد ولذلك رفعنا شعارنا وراء كل امة عظيمة تربية عظيمة».

واعترض عضو مجلس الشورى الدكتور عبد العزيز الفايز على وجود اي ارتباط بين قرار تحويل تعليم البنات الى وزارة المعارف وبين حادث مدرسة مكة المكرمة، معتبرا ان الرئاسة كانت تعاني من كوارث سبقت حادثة مكة مست الطالبات والمعلمات معا، ووزارة المعارف كانت ايضا تعاني من مشاكل مماثلة، مبرراً اعتراضه بأن القيادة السعودية وصلت الى قناعة بأن دمج المؤسستين في قطاع واحد يشكل اهتماما سابقا من جانبها بالتعليم وتطويره.