المؤرخ الجزائري محمد حربي: خلفيات التباين بين الدول المغاربية تعود لمرحلة الاستعمار ومشكلة «الدولة الوطنية»

قال إن قضية الصحراء أضرت بالشعوب المغاربية التي تضامنت مع الجزائر لتحقيق استقلالها

TT

دعا محمد حربي المؤرخ الجزائري المعروف واستاذ التاريخ بجامعة باريس، الى اعادة صياغة فكرة وحدة المغرب العربي على اسس جديدة تعالج مخلفات الماضي السلبية سواء منها المرتبطة بالارث الاستعماري والصراعات الايديولوجية والمشاكل التي تولدت بين دول المنطقة في عهد الاستقلال.

وكان حربي الذي استضافه مركز جاك بيرك بالرباط، قد تحدث خلال اليومين الماضيين في ندوتين فكريتين عقدت الاولى بالمركز الثقافي الفرنسي والثانية بمقر وكالة المغرب العربي للانباء، وقدم حربي كتابه الجديد «محمد حربي.. حياة كريمة» الذي يضم الجزء الاول من مذكراته.

وقال المؤرخ الجزائري ان المشاكل التي حدثت بين المغرب والجزائر بداية من حرب الرمال التي وقعت سنة 1963 ووصولا الى تفاعلات ملف الصحراء، وقعت في عهد دولة الاستقلال ونتيجة تنامي مفهوم «الوطنية القطرية» (ارتباطا بالدولة الوطنية) واضاف ان الدولة الوطنية غذت مفهوما حادا للوطنية على حساب الاندماج والوحدة المغاربية التي تضرب بجذورها في تاريخ المنطقة. وقال ان قضية الصحراء كان لها ثقل كبير في اوضاع المغرب العربي وتركت اثارها على الشعوب المغاربية التي تضامنت مع الجزائر ابان ثورتها التحريرية. وقال «لقد عشت احداث حرب الرمال سنة 1963 وكنت بالمغرب وكان يبدو لي ان مفهوم الدولة الوطنية وراء اشتعال تلك الحرب التي لم تكن مجدية للمغرب العربي».

ودعا حربي الى اعتماد منظور مغاربي جديد وتأسيسه على قواعد ثقافية وسياسية تدمج العناصر المؤثرة اليوم في اوضاع ومستقبل منطقة المغرب العربي وضمنها القضايا المرتبطة بالتعدد اللغوي والمسألة الامازيغية وحركات الاسلام السياسي، وقال ان المنطقة واجهت تناقضات وانفجارات نتيجة خلفيات ايديولوجية تعود جذورها الى فترة الثلاثينات وتم تأجيل عدد من القضايا دون حسم الى ان وصلت دول المنطقة الى اوضاع صعبة وانفجارات وواقع يتسم بالحواجز والحدود بين اللغات. معتبرا ان المدخل السليم لمعالجة القضايا المرتبطة بالعروبة والامازيغية انما يقوم على قاعدة التعددية دون هيمنة نزعة على اخرى، مبرزا ان لكل لغة «حدود».

واضاف حربي ان المنطقة المغاربية بحاجة اليوم الى اعتماد اجندة تتضمن الدعوة لانسياب التبادل وتنقل الاشخاص والممتلكات ورفع الحواجز واعادة التفاوض اجتماعيا على قضايا اساسية مثل اوضاع المرأة ومفهوم المواطنة.

ولاحظ حربي ان الحركات الاستقلالية المغاربية نهجت مبكرا استراتيجية مغاربية لمكافحة الاستعمار، لكنها لم تكن متفقة في المهد حول مفهوم موحد للوحدة المغاربية، واثار حربي تساؤلات الجمهور الحاضر عندما ذكر خلفيات لقاء عقد في بيرن عاصمة سويسرا سنة 1953 وشارك فيه زعماء مغاربيون وضمنهم زعيم حزب الاستقلال المغربي علال الفاسي وزعماء جزائريون وهم محمد اليزيد والطيب بولحروف، وقال ان ذلك اللقاء ناقش العلاقة بين عمل الحركات الوطنية من أجل الاستقلال وبين مسألة الوحدة المغاربية بعد تحقيق الاستقلال. واضاف ان رأي علال الفاسي كان مع قيام جبهة مغربية جزائرية لمكافحة الاستعمار لكنه لم يكن مؤيدا للاتفاق آنذاك على الوحدة المغاربية. وقال حربي ان الحركات الاستقلالية المغاربية لم تكن موحدة النظرة في المهد ازاء موضوع الوحدة المغاربية وان الانقسام حدث داخل النخبة الوطنية الجزائرية نفسها، مشيرا الى مسالي الحاج زعيم حزب الشعب الجزائري كان قريبا من رأي علال الفاسي، بينما كان زعماء جزائريون آخرون لهم رأي مخالف.