حملة في السعودية على الغش التجاري و«سماسرة الموت»

علماء دين وقانون يجيزون إعدام التاجر الذي يتعمد الغش في المواد التي تصل إلى بطن المستهلك * تاجر مارس الغش وتاب: نفذنا الغش بطريقة متقنة يفضي تناولها إلى الموت

TT

كانت ممارسة الغش التجاري في السعودية قبل عقود لا تتعدى المعادن الثمينة والأحجار الكريمة ومضخات الوقود والعطورات والأجهزة الكهربائية وغيرها من المواد التي لا تحدث الضرر بالمستهلك بصورة مباشرة، ولكنها اليوم أصبحت ظاهرة متفشية تهدد صحة الإنسان وقد تؤدي إلى موته، بعد أن خلع كثير من تجار المواد الغذائية بالتعاون مع عمالة وافدة رداء الإنسانية والضمير والخوف من العقوبات إلى ممارسة هذا الغش في وضح النهار، غير عابئين بقلة من مفتشي وزارة التجارة الذين لا يتعدى عددهم 100 شخص، ينتشرون في بلد مساحته أكثر من مليونين وربع المليون كيلومتر مربع، وتشتهر بأنها تضم واحداً من أكبر الأسواق الغذائية في العالم، ولأن العقوبات متواضعة أو لا تطبق البتة، فقد تحركت وزارة التجارة قبل أشهر وكشفت عن ظواهر غش طالت حليب الأطفال والأدوية ومنتجات طبية ومواد غذائية ولحوماً يؤدي تناولها إلى الموت أو الإصابة بأمراض مستعصية يصعب علاجها، مما دعا علماء سعوديين إلى المطالبة بتطبيق أقصى العقوبات بحق التجار قد تصل إلى القتل أو السجن لمدة تصل إلى ثلاثة عقود.

الزميل عبد الرحمن المنصور من مكتب «الشرق الأوسط» بالرياض يكتب عن ظاهرة الغش التجاري في السعودية ويطرح نماذج من هذه الحالات بعد أن رصد حجمها، والتقى بتاجر مارس الغش التجاري عدة سنوات من دون أن يكتشف أمره، ثم تحرك ضميره أخيراً وباح بأسرار عن أساليب الغش التي كان يمارسها. كما التقى بمجموعة من المعنيين بمسألة الغش التجاري وعدد من العلماء والقانونيين الذين طرحوا رأيهم في هذه المسألة وقدموا حلولاً لمعالجتها والحد من اخطارها.

تكشف آخر إحصائية فصلية أن الجولات الرقابية التي قام بها زهاء 100 مراقب، يمثلون لجان مكافحة الغش التجاري التابعة لوزارة التجارة في جميع أنحاء البلاد، أسفرت عن إتلاف 678 طناً من المنتجات الغذائية المتنوعة و44484 كرتوناً و374187 علبة وإتلاف 181489 عبوة و1426 سلعة تسبب أضراراً بالغة على مستهلكيها، وأحيلت 111 قضية إلى اللجان القانونية التي تفصل في قضايا الغش التجاري لإصدار العقوبات بحق مرتكبي هذا الغش الذي اعتبره كل الذين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم من الجرائم الخطرة، وأن التاجر يخون المسلمين عندما يغشهم وأنه متوعد بالا يكون مع المسلمين لأنه على خطر عظيم.

هذه الجولات قام بها 100 موظف، فماذا بوسع هذا العدد القليل أن يعمل في أرض مساحتها أكثر من مليونين وربع المليون كيلومتر مربع ويبلغ تعداد سكانها 22 مليون نسمة بينهم سبعة ملايين وافد.

يقول أحد المفتشين الذين يعملون في أحد فروع إدارة مكافحة الغش التجاري: نقوم بعملنا في مواجهة مؤسسات ومحلات تبيع الموت للمستهلك دون أن تساندنا وزارة قوية أو جزاءات رادعة بقرارات نافذة، فما أن نقوم بإغلاق أحد المحلات أو المستودعات بعد ثبوت جرمها حتى يعاد فتح هذا المحل في اليوم التالي أو بعد أيام قليلة وكأن شيئاً لم يكن، حتى الفروع الأخرى لهذه المؤسسة التي تم ضبط أحد فروعها تبقى مفتوحة تبيع المادة المغشوشة نفسها، وهذا ما جعلنا موضع تندر وسخرية العمالة التي تعمل في المحلات والأسواق لعلمها وتأكدها بهزالة عقوباتنا وطول وعقم إجراءاتنا، وهي محقة في هذه النظرة المستهترة لوجود مبرراتها، ويضيف هذا المفتش: أصحاب المؤسسات والتجار الذين اعتادوا على الغش والخداع لا يتورعون هم وعمالتهم في عرض الرشوة علينا حتى نغض الطرف عن أعمالهم الشنيعة. يجب ردع هؤلاء وأمثالهم بأقصى العقوبات وأشدها وأهمها السجن والتشهير بأسمائهم وصورهم وإقفال محلاتهم نهائياً وتسفير عمالتهم لاشتراكها في الذنب، إن لم تكن هي أساسه أو أحد أركانه.

وفي حين رفض عدد من المسؤولين في وزارة التجارة التحدث في قضية تتعلق بسلامة وصحة المستهلك، فإن أحدهم وبعد إلحاح استمر عدة أيام قال: إن ما يتم الإعلان عنه من ضبطيات لمواد غذائية فاسدة وسلع مغشوشة لا يشكل إلا نسبة قليلة جداً من المواد المضرة التي تباع بالفعل لتؤكل أو تشرب وليس بمقدور الوزارة كشفها بسبب تواضع العقوبات وعدم تغليظها، وندرة حملات التفتيش والمداهمة وقلة الموظفين المكلفين بالعمل الميداني. وسألت «الشرق الأوسط» هذا المسؤول حول ما يكتب ويقال حول عدم صلاحية نوع من الدجاج المنتج محلياً للاستهلاك مع استمرار الشركة التي تنتج هذا الدجاج في تسويق منتجها بكل ارتياح وقوة، فرد بغضب: «هذا هو نظام عقوباتنا نعمل به على علاته... وهذه قدراتنا وإمكانياتنا، فماذا تريدون منا أن نفعل؟

ولم يتردد تاجر أكد على عدم ذكر اسمه ليس بداعي الخوف أو خشية عزوف زبائنه عن محلاته المنتشرة في جدة والرياض والدمام ومكة المكرمة والمدينة المنورة، ولكن لأنه شرب من نفس الكأس الذي يسقيه للآخرين فارتدع وتاب من تلقاء نفسه و«التوبة تجب ما قبلها» حسب قوله، وهو رغب في إفشاء واقعه السابق وما أصابه بسببه لعل الآخرين يتعظون ويستفيدون. هذا التاجر الذي يملك سلسلة من محلات وثلاجات تبيع اللحوم والدجاج والبيض وأصنافاً متنوعة من المواد الغذائية والمشروبات يقول: «كنت وبالتعاون مع عمالتي العربية والآسيوية نغش على نطاق واسع ببيع مواد لا تصلح للاستهلاك الآدمي، وكنا نقوم بتغيير تواريخ صلاحية المنتجات التي تنتهي مدتها، ونغير اسم البلدان التي تم التصنيع فيها إلى أخرى أوروبية وأميركية حسب ما يفضله المشتري، ونفذنا هذا العمل بطريقة متقنة، وكنا نخفف العصيرات المركزة والثقيلة بالماء فيكون لدينا علبة إضافية لنكسب في الاثنتين، واحدة اشتريناها والأخرى دخلت علينا بالمجان من دون أن تتضح كمية الماء المضافة، لأننا نضيف على الخليط نكهات مختلفة بمواد قوية، وكنا نعلم أن كميات كبيرة من الدجاج والبيض الذي نشتريه من بعض المصانع والمزارع المحلية والخارجية غير صالح للاستهلاك وفق ابسط المعايير التي نعرفها لانتهاء صلاحيته في نفس موقع إنتاجه، أو لأن المصنع الذي يقوم بإنتاج هذه المواد يحقن الدجاج بهرمونات مضرة تلحق بمن يأكلها أمراضاً تتضاعف أخطارها لتتحول إلى أمراض مستعصية في المستقبل، أو أن هذا المصنع يغذي الدجاج بأشياء متعفنة أو ملوثة بميكروبات وفيروسات تسبب أوبئة يرجح خطورة نتائجها في حال انتشارها بين العشرات من الأشخاص داخل مساحة محدودة وضيقة». وبكلمات ساخرة ومتهكمة بالجهات الحكومية التي يتعامل معها أشار التاجر إلى إطار معلق في مكتبه بداخله شهادة «شكر وتقدير» تثني على «تعاونه وإخلاصه والتزامه» بتنفيذ بنود التعاقد، قدمت له وقت كان متعهداً بتأمين الاحتياجات الإعاشية لأحد المستشفيات لمدة سنتين... إلا أن قدر هذا التاجر لم يمهله ففي وقت واحد تعرض ابنه لمرض غامض لم تعرف أسبابه ترك بسببه دراسته الجامعية ولم يعد باستطاعته إكمالها وما زال يبحث عن الشفاء هنا وهناك.. ثم شربت أخته الكبرى من نفس الكأس «المغشوش» الذي يبيعه في محلاته عندما أصيبت بتسمم غذائي.. حينها قالت له أخته: أخشى أنك تطعمنا من مال حرام.

يقول هذا التاجر: بعد هذا العقاب الدنيوي، أحيت كلمات أختي ضميري الذي كاد أن يموت، تغير كل شيء في حياتي، في بيتي وتجارتي وعلاقتي مع الآخرين وأسعى للتكفير في كل يوم. وبسؤاله عن الحلول التي يقترحها للتصدي لهذا الغش المتفشي أجاب: يوجد أكثر من 2000 مواصفة قياسية سعودية للأغذية، ولكنها موجودة في المكاتب والأدراج. لا يوجد أي تطبيق عملي لها فما الفائدة منها.

* علماء دين: غش عقوبته الإعدام

* واجمع علماء دين ورجال قانون على أن غش الغذاء والدواء جريمة خطرة تستوجب تعزير مرتكبيه بعقوبة شرعية صارمة، ولكنهم اختلفوا على نوعية العقوبة التي يجب تطبيقها فمنهم من رأى أن على ولي الأمر تعزير من يتورط في هذا العمل بعقوبة رادعة بقصد تأديبه ومنعه، ومنهم من قال بسجن مرتكب جريمة الغش 30 سنة ومصادرة اسمه التجاري وإلزامه بتعويض المتضررين مالياً ودفع دية المتوفى، وأفتى ثالث بأنه يقع عليه حد المفتري الذي قد يؤدي إلى قتله تعزيراً لسد هذا الباب على أساس أن تعمد الاضرار بالنفس البشرية هو من الإفساد في الأرض وحماية هذه النفس من ضرورات الحياة التي أجاز الشارع قتل من يسعى إلى هلاكها.

ومع هذا الاختلاف في نوعية عقوبة التعزير فإن هؤلاء العلماء اتفقوا على أن النظر في قضايا الغش التجاري هو من اختصاص المحاكم الشرعية ورأوا ضرورة سحب الاختصاص من وزارة التجارة وإحالته إلى الشرع مروراً بالجهات الأمنية.

ووجهت «الشرق الأوسط» سؤالاً إلى الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم المتاجرة بالأغذية الفاسدة مع علم التاجر بفسادها أو انتهاء صلاحيتها فقال: «لا يجوز شراء وبيع ما ذكر من السلع الفاسدة أو المنتهية صلاحيتها، لأن هذا ممنوع بيعه وشراؤه، لأنه غش للمسلمين وضرر على المستهلكين، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا»، ومن باعها فثمنها حرام عليه، ويجب على ولي الامر منعه وتأديبه على هذا العمل بما يراه رادعاً له ولأمثاله».

ورأى الشيخ ابراهيم صالح الخضيري القاضي في المحكمة الكبرى بالرياض أن غش الغذاء والدواء عمل محرم وانه نوع من الافساد في الارض والسعي بين الناس بالاضرار واذا ترتب عليه ضرر او موت فان المتسبب يتحمل مع العقوبة الشرعية تعويضات المتضررين وديات المتوفين، وشدد على ضرورة ضبط الاسواق بجولات تفتيشية كثيفة وضبط مستودعات التجار وفرض عقوبات شرعية صارمة. واشار الخضيري إلى اهمية تنبيه التجار إلى الوازع الايماني وايقاظ الضمير والحس الانساني لافتاً إلى أن الشريعة الاسلامية أباحت للمسلم أن يأكل لحم الميتة ويشرب غمجة من الخمر لينقذ نفسه ويحفظ حياته، فاذا كان الاسلام يحافظ على حياة المسلم بأن أجاز له تناول هذه المحرمات عند الضرورة فكيف يتجرأ هؤلاء التجار بإعدام هذا الكيان بلقيمات من السم يضعونها في أفواه المسلمين، وحتى الكافر لا يجوز أن يخدع ويغش والمسلم والكافر في هذه الحالة مظلومان والله جل وعلا يستجيب لدعوتهما لأن الله ينصر دعوة المظلوم.

وبسؤاله عن العقوبة الشرعية التي تنطبق على مرتكب جريمة غش الغذاء والدواء قال: هي نوع من الإفساد في الأرض وجريمة لكنها ليست من الدرجة الأولى، وإذا أفضى تناول غذاء فاسد إلى موت من أكله مع علم التاجر الذي باعه بضرره وتم التيقن من أن التاجر هو المسؤول المباشر الذي تسبب بموت من أكل بضاعته أو دواءه الطبي فان هذه الجريمة تكون والعياذ بالله صورة من صور القتل العمد ولكل قضية ملابساتها وظروفها، وفي كل الأحوال يجب أن تكون عقوبة من يغش المواد الغذائية والأدوية من العقوبات الشرعية التعزيرية: وإذا كان التاجر يعلم بفساد الغذاء الذي يبيعه أو انتهاء صلاحيته، فان هذا العمل عند تكرره يستوجب الحكم بسجنه 30 سنة من قبل القاضي «وقد يرى ولي الأمر سجنه مدى الحياة» ويسبق هذا الحكم منعه من مزاولة التجارة بالكلية ومصادرة اسمه التجاري وعليه ايضاً أن يعوض المتضرر وإعلان هذه العقوبات على الملأ. وأكد القاضي الخضيري أن قضايا الغش التجاري وكل حقوق البشر أو بحقوق ربهم عليهم هي من عمل القضاء فيجب إحالة قضايا الغش دون تأخير إلى المحاكم الشرعية، وقال بأن الذي يغش المسلمين يخونهم وهو متوعد بالا يكون مع المسلمين لأنه على خطر عظيم.

وأوقع الدكتور احمد الدريويش الأستاذ المشارك بقسم الفقه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حد المفتري على من يغش وهو يعرف بفساد سلعته وضررها ما يوجب تعزيره بعقوبة تتحدد حسب حجم المشكلة والضرر الحاصل. وقال ان كان التاجر يقصد ويتعمد هذا الغش فانه يعتبر من المفسدين في الأرض، وقد يرى في يوماً من الأيام قتله تعزيراً وليس حداً لسد هذا الباب وحماية النفس البشرية من هذا الضرر الخطير حيث أوجب الله الدفاع عن هذه النفس ومحاربة كل من يسعى إلى هلاكها، وقد يقتضي الأمر قتله لدرء ضرره، كما أن العقوبة الشرعية التي تنطبق على من يغش أول مرة تختلف عن العقوبة التي يفترض تطبيقها على من يتكرر منه هذا الغش، وأوجب الدريويش إحالة قضايا الغش التجاري للقضاء الشرعي، لأن القاضي لديه من الصلاحيات ما يجعل احكامه حازمة ورادعة.

* حقوق المتضررين

* أبدى المستشار القانوني احمد محمد العمري اعتراضاً شديداً على قيام وزارة التجارة بمباشرة كل ما يتعلق بقضايا الغش التجاري لأنها غير قادرة على ذلك، وقال إن نظام مكافحة الغش التجاري الحالي ولائحته التنفيذية لا يتضمنان أي عقوبات كافية لردع من تسول له نفسه ارتكاب جريمة الغش التجاري وخصوصاً الغش في المواد الغذائية التي قد تتحول إلى أداة سامة تقتل أفراداً أو أسراً لا ذنب لهم. وأكد العمري أن الفقه الإسلامي واضح في موقفه وحكمه في جرائم الغش التجاري حيث يعتبرها جرائم تستوجب عقوبات تعزيرية قد تصل فيها العقوبات إلى القتل تعزيراً في بعض الحالات حسب خطورة الجرم وتكراره ووفق ما يراه القاضي، ونبه المتضررين بالغش التجاري الذي يتعرضون له في مأكلهم أو مشربهم أو علاجهم بأن لهم حقاً خاصاً يتمثل برفع دعوى للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم، وقد يحكم لهم القاضي عند نظر دعوى الحق العام، كما انه باستطاعة هؤلاء المتضررين رفع دعاواهم للقاضي الشرعي مباشرة دون الرجوع لأي جهة رسمية أخرى.

وبسؤال المستشار القانوني عن ماهية هذا التعويض قال بأنه تعويض مادي مشيراً الى ان الحق الشرعي يجيز فرضه بحالين في وقت واحد أو باحدهما، فهناك تعويض مادي لإصلاح الأضرار والمشاكل التي حصلت للمتضرر جراء تناوله سلعة غذائية فاسدة وتحدد قيمة التعويض في هذه الحالة حسب توجه القضاء نفسه، وهناك تعويض مالي آخر يلزم بدفعه ايضاً من يغش بضاعته بقصد إصلاحه وتأديبه، ورأى العمري أن وزارة التجارة غير قادرة على معالجة الجرائم التجارية والمالية، واستشهد بعجزها الذي امتد لسنوات طويلة في حل جرائم الأوراق المالية «جرائم الشيكات بدون رصيد»، لأن وزارة التجارة حسب تفسير العمري لأنظمة العمل الحكومي جهة تنفيذية وليست جهة أمنية حيث يفترض أن يقتصر دورها على تنظيم التجارة المشروعة، وقال بأن المدعي العام في كل بلدان العالم «باستثناء السعودية» يتولى هذا النوع من الجرائم «جرائم الغش التجاري» بعد أن تكون الجهات الأمنية قد قامت بدورها في القبض على مرتكبي هذه الجرائم والتحقيق معهم ليتولى القضاء بعد ذلك إصدار العقوبات فيها.

* هيئة مستقلة للغذاء والدواء

* وطالب رجل الأعمال خالد صالح الشثري بإنشاء هيئة مستقلة للغذاء والدواء لتسن المواصفات والمعايير ويناط بها مسؤوليات التطبيق والمراقبة وتكون مسؤولة عن متابعة ومقاضاة هؤلاء التجار الذين يسممون أبناء الوطن، وسخر من عقوبات وزارة التجارة التي تطبق على مرتكبي الغش التجاري بقوله: هل شاهدت صورة لتاجر سعودي أقدم على ارتكاب جريمة غش، نحن أقوياء على وافد آسيوي يغش في زيت سيارة، بينما المفروض أن يسجن التاجر الذي يقبض عليه متلبساً بالغش اولاً ويعامل على انه الحق ضرراً بالآخرين ويحاكم شرعاً بما يتفق مع مستوى الجريمة، ويجب التفريق بين من يغش في علبة حليب واحدة أو 100 ألف علبة منتهية الصلاحية، هذه جريمة مع سبق الإصرار والترصد ومن يقع فيها يجب أن يعامل كمجرم خطير.

وقال: ان التجار الذين يمارسون هذه الجريمة يشكلون عصابات محترفة بل هم «مافيا» الغذاء والدواء. حتى الأطفال أصبحوا مستهدفين في الحليب الذي يشربونه بعد ولادتهم، وحينما يقدم تاجر معروف على توزيع حوالي 238 ألف علبة حليب للأطفال وهو فاسد مضى على صلاحيته أربع سنوات فان مثل هذا التاجر يجب شطب سجله التجاري ومنعه من أي شيء اسمه تجارة ووضعه في السجن لينهي عمره فيه. واستغرب الشثري قيام وزارة التجارة بكل الأدوار، فهي التي تصرح للتاجر وهي التي تراقبه وهي التي تعاقبه، هذا أمر لا يجوز في كل بلدان العالم، واعتبر هؤلاء التجار الذين يغشون الغذاء والدواء من المفسدين في الأرض، وقال: نحن ضحايا ترابط المصالح. ودعا الشثري الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني الى أن يتدخل لكشف غطاء الغش التجاري «وهو الأخطر» مثلما كشف غطاء الفقر.

* 100 فرد فقط يراقبون أكثر من 400 ألف منشأة استهلاكية

* من جانبه قال الدكتور عبد العالي إبراهيم العبد العالي مدير عام الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري في وزارة التجارة لـ«الشرق الأوسط» إن إدارته اقترحت على اللجنة المكلفة دراسة تحديث نظام عقوبات الغش التجاري تضمين النظام الجديد عقوبة إبعاد العمالة الوافدة التي تتورط في غش وتقليد السلع والمواد الاستهلاكية عن البلاد، إضافة إلى مضاعفة الغرامة المالية وشطب السجلات التجارية والتراخيص وتصفية المحلات التي تتكرر مخالفاتها.

وأكد العبد العالي على ضرورة دعم إدارته بزيادة عدد أعضاء فرق ضبط الغش التجاري إلى 250 فرداً كحل مرحلي سريع وتزويدهم بالسيارات والأجهزة اللازمة للكشف والمعاينة بداعي اتساع رقعة المملكة «قبل 20 سنة كان عدد مؤسسات الاستيراد ومستودعات السلع والمواد يقل عن 100 ألف مؤسسة والآن أصبحت أكثر من 400 ألف مؤسسة تجارية. وقال: ما زلنا نعاني من نقص كبير في الموظفين والمحققين ووسائل النقل والفحص والمعاينة وجميع الأجهزة المساندة الأخرى».