نضال الأشقر: الإصرار على العمل في المسرح نوع من الانتحار

الممثلة اللبنانية ترى أن لا مكان للثقافة في لبنان ما بعد الحرب

TT

ما زالت الممثلة المسرحية اللبنانية نضال الاشقر، تحلم باستعادة فرقة الممثلين العرب، التي انفرط عقدها منذ عقدين من الزمان بعد ان كونتها خلال الحرب اللبنانية، وشارك فيها ممثلون من 13 دولة عربية انطلاقا من عمان، حيث قدمت الفرقة تجربة مسرحية واحدة ومتميزة طافت بها معظم البلدان العربية. وتبدو الممثلة اللبنانية متفائلة في هذا الشأن رغم استيائها الواضح من الحالة التي آل اليها المسرح في الاقطار العربية في ظل الاوضاع الراهنة.

وتحدثت نضال الاشقر خلال زيارة قصيرة لصنعاء اخيرا لـ «الشرق الأوسط» عن ثلاث تجارب مسرحية تعتبرها مهمة بحياتها، اولاها كانت «محترف بيروت للمسرح» الذي أسسته عقب عودتها من بريطانيا في منتصف الستينات بعد ان درست فن المسرح هناك، وكانت غاية هذا المحترف هي البحث عن جذور لمسرح عربي مستمد من مجمل التاريخ والتراث العربيين، ومرتكز في ذات الوقت على تقنيات ووسائط المسرح العالمي. اما التجربة الثانية فولدت بعمان ابان الحرب الاهلية اللبنانية، وهي فرقة الممثلين العرب الاولى من نوعها وربما الاخيرة، بمشاركة ممثلين من 13 بلدا عربيا، وارتكز قيام الفرقة، كما توضح، على الكتاب العربي بشكل عام، حيث اعد الدكتور وليد سيف مسرحية بعنوان: «ألف حكاية وحكاية من سوق عكاظ»، وطافت الفرقة بهذه المسرحية معظم الاقطار العربية وصولا الى العاصمة البريطانية، ووجدت قبولا واستحسانا، لكن الفرقة لم تستمر لجملة من الاسباب. أما التجربة الثالثة في حياة هذه الممثلة فهي مسرح المدينة في بيروت الذي يواصل تألقه حاليا كمنبر حر يستقبل التجارب المسرحية والاعمال الفنية المتميزة من الدول العربية والبلدان الأخرى. ونجاح هذه التجربة هو الذي يعطي الأمل في استعادة فرقة الممثلين العرب انطلاقا من بيروت هذه المرة، كما ترى نضال الاشقر.

وقالت في سياق الحديث: للأسف ليس هناك مستقبل للمسرح في الوطن العربي كممارسة ثقافية وحضارية، لأن المسرح اكثر الفنون تأثرا بمحيطها، فهو يدفع حاليا ثمن الاوضاع الراهنة من غياب للحرية والديمقراطية، لأنه حالة مدنية بامتياز، وما يقدم الآن من انشطة في هذا الجانب لا يعدو كونه تشنجات مسرحية لا اكثر. وأوضحت انها تعمل وتجرب وتبذل كل جهدها معتمدة على قوة الايمان بالمسرح، وهذه القوة هي التي تجعلها تواصل حياتها وتنهيها على هذا النحو الذي هو نوع من الانتحار، ففي لبنان ما بعد الحرب ليس هناك مكان للثقافة.

كما تؤكد ان الدولة لا تقدم أي شكل من أشكال الدعم للمسرح، بعد ان اصبح حالة مركبة من السياسة والثقافة والاعلام ويتطلب امكانيات مادية هائلة فوق طاقة الافراد والجماعات المسرحية. وحذرت في ذات الوقت من الدعم المشروط الذي يمكن ان تقدمه الدولة للمسرح الذي يخولها السيطرة عليه وتوجيهه لغايات سياسية خالية من أي مضمون او نبض اجتماعي حقيقي، ويصيّره واجهة اعلامية «وذلك يتعارض مع كونه حالة تعبير حر عن المجتمع».

وفي ما يتعلق بتأثير الانتشار الواسع للفضائيات على المسرح، أكدت الممثلة اللبنانية ان ذلك لا يؤثر مطلقا، لأن المسرح هو الفن الوحيد الذي لا يعطي ألقه وخصوصيته القائمة على اللقاء الحي والمباشر بين الفنان والجمهور.

وتطرقت ايضا الى ان المسرح يظل فنا نخبويا جمهوره الطبقة الوسطى من المثقفين والطلاب، وهي الطبقة التي تآكلت بسبب السياسات الاقتصادية الراهنة ودخلت في دائرة الفقر، والبحث عن جمهور واسع للمسرح يحوله الى تهريج واسفاف. منوهة الى انها تدرك كغيرها من الفنانين التغيير في المزاج العام بسبب الكثير من الاحداث والتحولات التي يشهدها العالم. وتضيف: لكن ذلك لا يعني غياب عشاق المسرح الجاد والمتميز، كما تأكد لي من خلال تقديمي لمسرحية «كلمات تعشق النغم» في عدد من البلدان العربية.

ودعت نضال الاشقر الى مسرح عربي يجمع بين التسلية والفائدة، ويعكس قضايا المجتمع برؤية عميقة، كما هو في تجارب سعد ونوس، والفريد فرج، ويوسف ادريس وغيرهم.