«الشرق الأوسط» تلتقي المذيع أحمد سعيد الأكثر إثارة أيام نكسة 1967: مقارنتي بالصحاف مقصودة.. ولأهداف خبيثة

أداء الفضائيات العربية في حرب العراق.. كارثة والإعلام العراقي متخلف

TT

عاد اسمه فجأة ليتردد من جديد رغما عنه بعد ان ودع حياة الشهرة والاضواء قبل نحو 35 عاما بعد ان أطل علينا وزير الاعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف مؤكدا تفوق العسكرية العراقية على آلة الحرب الامريكية، وحجم الخسائر التي يوقعها الجيش العراقي بالجنود الامريكان فتذكر الناس اسم الاعلامي احمد سعيد الذي تولى مسؤولية اهم محطة اذاعية عربية اثناء نكسة 1967 وعرف بأسلوبه الفريد في الاداء امام الميكروفون بشكل جعل منه نجما جماهيريا، ليس في مصر وحدها، بل على امتداد الوطن العربي كله، حتى ان الحكومة البريطانية طلبت من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1965 رفع اسم احمد سعيد من قائمة الوفد المصري المسافر الى لندن، برئاسة السيد مرعي وثروت عكاشة، بعد اعتراض مجلس العموم البريطاني عليه، بتهمة تحريضه على قتل الجنود البريطانيين في عدن، وكانت ما تزال تحت الاحتلال الانجليزي ورفض عبد الناصر، وكادت تحدث ازمة بين البلدين بسببه، حتى تدخل رئيس الوزراء الانجليزي وقتها هارولد ولش، والقى خطابا بشأنه في مجلس العموم لنزع فتيل الازمة.

ومازالت الجماهير العربي التي عاصرت فترة المد القومي في سنوات الستينيات تتذكر صوت احمد سعيد مدير اذاعة صوت العرب، واسلوبه الحاد، وعباراته الساخنة ضد الاستعمار وعملائه، وبياناته البليغة المحرضة على مقاومته ومقاتلته بكل السبل، ومازالت بياناته الاشهر في الايام الاولى لحرب يونيو (حزيران) تثير التندر عن انتصارات مذهلة للجيش المصري، في حين كانت هزيمة ساحقة تحدث على ارض سيناء. وفي اعقاب سقوط بغداد في التاسع من ابريل الجاري قارن الجمهور العربي بين نكسة 2003 ونكسة 1967 وبين الاداء الاعلامي لوزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف، وبين بيانات احمد سعيد، الى حد الربط الكامل بين الرجلين، واطلاق اسم واحد عليهما على سبيل التندر هو «احمد سعيد الصحاف».

ولكن هذا الربط عند «احمد سعيد» لا يثير التندر بل يرى ان الربط متعمد، ويحمل شبهة المؤامرة المقصودة ويقول لـ«الشرق الاوسط» الربط بيني وبين الصحاف يرمي الى تشويه كل ما يمت الى العروبة والقومية بصلة فهناك الآن محاولات ضارية تقتل «العروبة» في النفوس من جانب هؤلاء الذين ازعجهم ان تخرج المظاهرات بطول العالم العربي وعرضه تحمل صورة جمال عبد الناصر. ومادام النظام العراقي المخلوع كان يقوم على اساس قومي، فلماذا لا يتم الربط بين هزيمته وهزيمة 67، وبين بيانات الصحاف وبيانات أحمد سعيد ليوحي بأن هذا الفكر العروبي هو الذي يسبب للامة الهزائم والنكسات هذا هو التفسير الواضح عندي لهذا الربط بيني وبين الصحاف، والا فلماذا يخرجون احمد سعيد الآن من «قبره» وهو بعيد عن الاضواء والاحداث منذ 36 عاما؟!

* بعيدا عن هذا الربط ما رأيك في أداء «الصحاف» وقد اختلف الناس عليه بين مؤيد ورافض؟

ـ الاداء الاعلامي خاصة في ظروف الحرب يخضع للتوجهات العامة للدولة وبالنسبة للعراق نجد ان الاعلام كان يعاني من مشكلة اساسية قبل نحو 12 عاما، اي منذ فرض العقوبات عليه وحصاره عقب غزو الكويت، فالنظام العراقي راح يقدم تنازلات ضخمة، وصلت الى حد المهانة، ونالت من كرامته وكبريائه، واعلامه كان مخنوقا لا يستطيع ان يدافع عن العراق أو يهاجم امريكا، فالتوجهات العامة كانت ان تبتعد عن استفزاز الولايات المتحدة حتى لا تتعرض محطاته للضرب.

ولما حدثت المواجهة العسكرية اعطت الاعلام العراقي الحرية الكاملة في الرد، فانطلق الصحاف يقول ما بدا له، الذي وصل الى حد السب، واستخدام عبارات عنيفة، مما اكسبه شعبية في الشارع العربي الذي يموج بحالة من الغليان ضد السياسة الامريكية، وصادفت تعبيرات الصحاف واداؤه هوى في نفس الناس. ولكن على مستوى الاداء الحرفي كان الاعلام العراقي متخلفا، وفشل في ان يستغل فرصا عديدة لاحت له.

* وماذا عن الفضائيات العربية في فترة الحرب؟

ـ يؤسفني ان اقول انها لعبت دورا سلبيا، ونجحت في ان تصل بالمشاهد العربي الى حالة من التبلد السياسي الكامل، ووقفت به عند حد الانفعال من دون ان تصل به الى درجة التحرك الايجابي.لدينا 137 فضائية عربية، وهو رقم مذهل، وعدد كبير كان بامكانه ان يؤدي دورا اكثر فعالية مما حدث، ولا يقتصر دورها على مجرد النقل.

* ولكن هناك كتابات غربية اعترفت بالدور المهم الذي لعبته الفضائيات العربية، بدليل ان قوات التحالف لم تتورع عن قصف مكاتب الجزيرة وابو ظبي في بغداد اليس ذلك دليل نجاح؟

ـ لا. هذا ليس نجاحا النجاح الحقيقي للاعلام العربي من وجهة نظري ان يجعل المشاهد فعلا ويدفعه للتحرك ومواجهة الاخطار المحدقة به، لا أن يجلس امام الشاشات ليتابع الاحداث والغارات وكأنه يشاهد مباراة لكرة القدم هذه كارثة، أو قل خطيئة ارتكبها الاعلام العربي في حق مشاهديه.

* انت تضع جميع القنوات اذن في سلة واحدة؟

ـ هناك استثناءات قليلة في مقدمتها قناة «المنار» كان لها موقف ايجابي واضح من الحرب اعجبني كذلك قناة «العربية» رغم حداثتها فهي تنضج بسرعة على المستوى المهني أو الحرفية.

اما الباقي فلعب هذا الدور السلبي، بدرجات متفاوتة في توصيل المشاهد العربي لهذه الحالة من التبلد.

* وهل كنت تريد من تلك القنوات ان تدعو مشاهديها الى القيام بعمليات استشهادية مثلا؟

ـ لا. ليس لهذا الحد ولكن ابصرهم بحقيقة الغزو وأهدافه الحقيقية وادعوهم الى مقاومته بالطرق المتاحة ولو بالمقاطعة مما يضر بالمصالح الامريكية ولكن الذي حدث ان اعلامنا حاول ان يلتزم الحياد، وكأنه ليس طرفا في المعركة وحاول ان يوحي لمشاهديه ان الغزو الامريكي «قدر» مفروض وعليه ان يتحمله بكل ضغوطه وتبعاته ومهاناته.

* ومن يتحمل السبب في رأيك؟

ـ لا استطيع ان القي بالتبعة على تلك القنوات لانها لا تتمتع بالاستقلالية الكافية فهي مملوكة لحكومات أو مؤسسات لها اهداف ومصالح والقنوات تسعى لتحقيقها ولا تستطيع الخروج على النص. ولسنا في مقام القاء الاتهامات وتوزيع المسؤوليات المهم ان نحاول استيعاب ما يحدث وادراك حقيقته.