مداهمة خلية مكة المكرمة تكشف تجنيد المتطرفين للأطفال في الشبكات الإرهابية

TT

بسقوط خلية مكة المكرمة، أخذ المحللون يستكشفون ما وراء تلك الجماعات التي تشغل الأطفال في عملياتها الإرهابية، بعد أن اتضح أن 6 من بين قائمة الـ12 الأخيرة في مكة المكرمة كانت أعمارهم دون الـ18 عاماً، في حين أن أكبرهم لم يبلغ الـ25 من عمره.

وتشير المعلومات المستطلعة من قبل أقارب أعضاء تلك الخلية إلى أن بعضهم يسكن في العاصمة الرياض ( 900 كلم شرق مكة المكرمة)، وقد تغيبوا عن أسرهم منذ فترات متفرقة تتراوح من الأسبوع الواحد وتصل لدى بعضهم إلى 4 أشهر، بينما البقية من سكان مكة المكرمة ما عدا أحدهم الذي قدم من جدة.

واتضح أن هذه المجموعة لم تكن بأكملها في الشقة التي شهدت الحادثة، فالمجموعة المعلن عنها تبلغ 17 شخصاً، بثت وزارة الداخلية منها صور 12 منهم واسم سعودي ومالي آخرين من بين القتلى، ولم يكن في الشقة حينها إلا 10 قتل منهم 5 وأصيب 4، بينما الـ7 الآخرون قبض عليهم في مواقع متفرقة فور انتهاء الحادثة مباشرة، ومن بينهم مساعد الخريصي وصديقه أمين الغامدي اللذان كانا يقفان بجوار أحد الفنادق في وسط مكة المكرمة، في حين قبض على ماجد المغينيم بعد مطاردة أمنية انتهت باصابته بطلق ناري في كتفه. وتحدثت معلومات أمس عن أن الذي يقود أفراد تلك الخلية يحتمل أن يكون من بين القتلى الخمسة الذين لقوا حتفهم أثناء تبادل لإطلاق النار في مداهمة عمارة العطاس في حي الخالدية، وتشير إلى أن الذي قتل خلال المداهمة هو عبد الحميد عمر تراوري الذي قد يكون اهمهم لحضوره القوي لدى بعض الفئات المتطرفة في مكة، ولعلاقاته السابقة حيث كان سافر للقتال في أفغانستان، إلا أن ما اتضح أولياً هو أن القتيل إبراهيم عبد الوهاب النفيسة ليس ذا شأن رئيسي في قيادة تلك المجموعة كاملة، إلا أنه يستحوذ على اهتمام اثنين من أفرادها قدما معه من الرياض في سيارة واحدة وهما عصام الغامدي وأحمد الحصان، حيث كانا يسكنان في حارتين متقاربتين مع إبراهيم النفيسة في الجزء الغربي من العاصمة الرياض.

ويجمع محللون وعدد من أقارب أفراد الخلية تحدثت اليهم «الشرق الأوسط» أمس على أن اصطياد الفئات العمرية الصغيرة هو من أهداف تنظيم «القاعدة» بشكل جلي، ويذهب أحدهم في تأكيده لهذه الفرضية إلى ما جاء على لسان اسامة بن لادن في لقاءات إعلامية قبل سنوات حين قال «نحرص على الشباب المجاهد الذي ينحصر بين الـ15 والعشرين من العمر، فهم الأكثر تهيئة لتشكيل فكر الجهاد في سبيل الله»، وهو ما يربطه محلل أمني بأن عناصر هذه الخلية التي تتضح ملامحها بأنها ترتبط بتنظيم القاعدة «في أغلبها لا تعلم بأنها مرتبطة بذلك التنظيم، فأدبيات تنظيم «القاعدة» لا تعطي أفرادها فكرة الانضمام إليها، بقدر ما يكون الأمر بصورة سرية لدى القيادات، إلا أنهم جميعاً يعملون لدى التنظيم دون أن يشعروا».

وحين يـُنظر إلى قائمة أفراد الخلية يتضح جلياً أنها لم تصل إلى مرحلة الإدراك والتمييز، فمن بين التشاديين المقبوض عليهم هناك أحمد عبد الرحمن عيسى هارون، 15 عاما، و3 آخرون لم يتجاوزوا الـ17 من العمر وهم أحمد الحصان ومساعد الخريصي والتشادي خالد طاهر، وآخران في الثامنة عشرة من العمر وهما أمين الغامدي والتشادي بشير هارون، ومن يفوقهم في العمر فهم عصام الغامدي، 19 عاماً، والمصري محمد فتحي، 20 عاماً، ورشيد الخثلان، 21 عاماً، وعامر الصاعدي، 24 عاماً، اضافة الى اثنين آخرين يبلغان من العمر 25 عاماً، وهما ماجد المغينيم، وإبراهيم المكني بأبي ذر.

وحسب المعلومات التي تبحث الأجهزة الأمنية في مدى دقتها وتتبعها يشار إلى أن تشكيل هذه الخلايا من الأطفال والقُصر يتم من داخل الأحياء وفي بعض منها من داخل المدارس، إلا أن الفرضية الأولى هي الأقرب والأكثر احتمالية. ويذكر أن بعض التجمعات غير الرسمية التي تتم في المساجد، بدأ ينظر اليها بجدية من قبل الجهة المناط بها رعاية المساجد وهي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. وكان أحد أفراد الخلية (رشيد الخثلان) يتهيأ لأن يكون إماماً لأحد المساجد غرب الرياض، بعد أن عمل لفترة في مؤسسة الحرمين الخيرية، إلا أن الكشف عن الخلية لم يمكنه من زيارة فرع وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض لإتمام بقية الإجراءات.