كارثة جوية في السودان: مقتل 115 في تحطم طائرة بوينغ بينهم محافظ ونائب برلماني وقائد في الجيش والناجي الوحـيد طفل في شهره التاسع

أسرة سودانية تفقد 5 من أفرادها و17 طفلا بين الضحايا و6 أجانب بينهم فلسطيني

TT

لقي 115 شخصا مصرعهم صباح امس في السودان اثر تحطم طائرة للخطوط الجوية الوطنية (سودانير) كانت تقوم برحلة داخلية بين الخرطوم وبورتسودان ولم ينج من الحادث سوى طفل رضيع في شهره التاسع بترت ساقه، بينما لقي قائد جوي ومحافظ ونائب في البرلمان مصرعم. واعلن جلال محمود العجب مدير العلاقات الخارجية في شركة الخطوط السودانية ان رئيس قوات الدفاع الجوي السوداني بالبحر الاحمر نور الهدى فضل الله من بين ضحايا الحادث. وذكرت مصادر أخرى في سودانير لـ«الشرق الأوسط» ان من بين الضحايا الطاهر بخيت ابكراي عضو المجلس الوطني (البرلمان) وعبد الرحيم الامير محافظ سنكات، وان الاجانب الذين كانوا على متن الطائرة هم ثلاثة من الهنود وبريطاني وصيني وفلسطيني وان اسرة سودانية فقدت 5 من اطفالها بينما فقدت اسرة 4 من اطفالها، واسرة ثالثة 4 من افرادها. ولم يصدر تأكيد فوري على وفاة الاجانب من سفارات بلدانهم، لكن العجب اوضح ان «كافة القتلى بمن فيهم الاجانب دفنوا في موقع الحادث». واقلعت الطائرة السودانية وهي من طراز بوينغ 737 من مطار بورتسودان بولاية البحر الاحمر في اقصى شرق البلاد متوجهة الى الخرطوم في الرابعة فجرا بالتوقيت المحلي (الثانية صباحا بتوقيت غرينتش) وبعد خمس دقائق من اقلاعها ابلغ قائدها برج المراقبة انه مضطر للعودة لوجود خلل فني. وقال مصدر مسؤول في سودانير ان حريقا شب في الطائرة وان قائدها كان على وشك الهبوط بها في مياه البحر الاحمر الا انها سقطت وتحطمت على الارض على بعد 4 كيلومترات من مدينة بورتسودان. وأوضح الناطق باسم الحكومة السودانية عبد الحميد عابدين ان الطيار اشار الى وجود «مشكلات فنية» بعد دقائق على اقلاع الطائرة، وقال لبرج المراقبة انه يحاول العودة الى المطار. غير ان الطائرة المتوجهة الى الخرطوم تحطمت على بعد اميال من المطار. وأوضح المسؤول «كانت قريبة جدا من البحر»، مؤكدا انه يجهل ما اذا كان الطيار يحاول القيام بهبوط اضطراري في البحر. وقال «لا يمكن ان نتكهن بما كان ينوي القيام به». واضاف ان الحادث لم يؤد الى سقوط ضحايا على الارض. وقالت مصادر اتصلت بها «الشرق الأوسط» في بورتسودان ان كابتن الطائرة عندما شعر بالخلل الفنى اتجه بعد ان اتصل ببرج المراقبة نحو شواطئ البحر الاحمر لتفريغ حمولتها من الوقود الا ان الزمن لم يسعفه وسقطت الطائرة وهو يحاول الهبوط بها في منطقة رملية غرب شارع بورتسودان ـ الخرطوم وارتطمت بصخرة مما ادى الى تناثر الجثث والحطام على مساحة واسعة. واضافت ان الطفل الناجي اسمه محمد الفاتح يبلغ من العمر حوالي 9 اشهر بترت ساقه واصيب بحروق في رقبته. وكان مسؤولون في الشركة السودانية قالوا في بادئ الامر ان الناجية طفلة عمرها عامان وان اسمها دينا عبد الله تم نقلها الى المستشفى لتلقي العلاج وهي الآن في حالة طيبة، لكن مصادر اخرى اكدت ان الناجي رضيع في شهره التاسع واسمه محمد الفاتح. وقال موظف بسودانير ان الطائرة كانت تقل 105 ركابا بينهم 17 طفلا، بالاضافة الى طاقمها المكون من 11 فردا. وتم نقل الجثث الى مشارح في بورسودان على بعد نحو 700 كيلومتر شمال شرقي العاصمة وتم دفنها جميعا. وقال محمد حسن الباهي وزير الدولة للطيران لاذاعة السودان انه تم التعرف على عدد من الجثث ولكن البقية منها كانت متفحمة نتيجة للحريق ولم يتعرف عليها. وقال ان لجنة فنية تم تشكيلها للتحقيق في اسباب الكارثة. وقال التلفزيون السوداني ان وفدا من هيئة الطيران المدني والخطوط الجوية السودانية ومسؤولين امنيين زاروا موقع الحادث على بعد بضعة اميال من بورسودان. ونقل عن متحدث باسم الحكومة المحلية في بورسودان قوله ان سبب الحادث لم يعرف بعد.

وقال موظف بالخطوط الجوية السودانية ان هذه كانت الطائرة الوحيدة التي تملكها الشركة وان بقية الطائرات في الاسطول مستأجرة. وقبل عام تحطمت طائرة شحن تابعة للخطوط الجوية السودانية في منطقة سكنية ببانجي عاصمة جمهورية افريقيا الوسطى وقتل 23 معظمهم من الركاب والطاقم. كما تحطمت طائرة اخرى من طائرات الشحن التابعة للشركة لدى اقترابها من المطار في العاصمة الكينية نيروبي في ديسمبر (كانون الاول) العام .1990 وفي عام 1986 قتل 70 شخصا عندما اطلق مقاتلو الجنوب صاروخا من طراز «سام 7» على طائرة ركاب تابعة للخطوط السودانية عقب اقلاعها من مدينة ملكال في جنوب السودان. وقبل اعوام سقطت طائرة عسكرية في الجنوب قتل فيها نائب الرئيس الزبير محمد صالح و13 آخرون من كبار ضباط الجيش والمسؤولين الحكوميين. ونقلت الاذاعة السودانية عن وزير الدولة للطيران المدني محمد حسن الباهي ان «قائد الطائرة اتصل ببرج المراقبة قائلا انه يواجه صعوبات وانه سيعود الى بورتسودان». واضاف ان الطائرة «تحطمت عند محاولتها الهبوط في المطار». وقال الباهي انه سيتوجه الى منطقة الملاحات الواقعة على بعد 6 كيلومترات من مطار بورتسودان للتحقيق في الحادث. وقال مصدر في الخطوط السودانية لـ«الشرق الأوسط» ان الطائرة توجهت مساء اول من امس في رحلة اعتيادية من الخرطوم الى بورتسودان دون ان تشكو من اى خلل. واشار الى ان طاقم الطائرة كان مكونا من الكابتن عوض بلال الحاج جابر ومساعده امير عبد الله النجومي ومساعده الثاني وليد امين علي خير، وطاقم ضيافة مكون من عادل صديق محمد جاد الله، ويعقوب محمد احمد حاج الطيب والصادق حسن ابراهيم، وسيف الدين عوض، وعالمية ورشة البيت، وضابط امن الطائرة مبارك ناصر، ومهندس اسماعيل عبد الله محمد، والفني الطيب مدثر الوداعة. وذكر المصدر ان راكبا واحدا كان قد تخلف عن السفر كما تبادل سودانيان موقعهما حيث ركب احدهما مكان الآخر. وكان بين الركاب 33 امرأة و17 طفلا والبقية رجال. وقد توجه اليوم الى بورتسودان كبار المسؤولين في وزارة الطيران المدني والخطوط الجوية الى جانب الوالي وكبار المسؤولين بالولاية الذين خفوا الى مكان الحادث للاشراف على دفن الجثث.

وتلقى الرئيس السوداني برقيات تعاز من عدد من قادة الدول العربية.