عباسي مدني يغادر الجزائر إلى قطر للعلاج

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر قيادية في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» أن عباسي مدني غادر العاصمة الجزائرية اول من امس متوجها إلى الدوحة لإجراء فحوص طبية بعد أن تدهورت حالته الصحية. ولم توضح هذه المصادر نوع الفحوص التي سيجريها رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، واكتفت بالإشارة إلى أن «الشيخ عباسي يعاني من عدة أمراض منذ سنوات ولم يستطع أن يعرف في المستشفيات الجزائرية ما يجب أن يفعله، فقط تلقى عدة نصائح من الأطباء المعالجين بضرورة قطع الشك بإجراء فحوص وتحاليل أساسية في الخارج». وكان معروفا أن عباسي مدني كان يعاني، طيلة وجوده في السجن ثم في الإقامة الجبرية (بين 1992 و2003)، من قرحة المعدة وأمراض القلب والضغط. غير أن الكثير من رفاقه الذين زاروه في منزله بعد الإفراج عنه في 2 يوليو (تموز) الماضي أكدوا أنه «كان يرفض الحديث عن حالته الصحية وعن معاناته مع المرض، بل كان يحمد الله أنه خرج من محنته حيا». وبعد الافراج عنه، تنقل عباسي مدني بين عدد من مساجد العاصمة وضواحيها بهدف الاطلاع على التطورات الحاصلة في المجتمع الجزائري طيلة السنوات الـ 12 التي قضاها بين السجن العسكري والإقامة الجبرية، وكانت تلك التنقلات فرصة أيضا لأنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ لرؤية رئيسهم ومصافحته والاطمئنان على صحته، لكن تلك اللقاءات والمصافحات لم تكن تمر دون إثارة مصالح الأمن المكلفة بحراسته ومراقبة تحركاته أيضا. وكان علي جدي أحد قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ قد أشار، في بيان نُشر قبل أيام، إلى أن عددا من الذين صافحوا أو تحادثوا مع عباسي مدني وعلي بن حاج تلقوا استدعاءات إلى مراكز الشرطة لاستجوابهم حول الغاية من مصافحة الشيخين والعلاقة القائمة بينهم.

إلى ذلك، قال أحد جيران عباسي مدني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه شاهده قبل أيام يتدرب على سياقة سيارة أحد أصدقائه بعد أن أنسته سنوات السجن فنون القيادة، كما كان يخرج في نفس السيارة مرتين أو ثلاثة كل أسبوع إلى إحدى الغابات يمارس رياضة المشي ويستنشق الهواء الذي حُرم منه طيلة سنوات سجنه وخلال وجوده تحت الرقابة في بيت والده الواقع بحي بلوزداد الشعبي بوسط العاصمة. وذكر أحد المقربين من عباسي مدني، 72 سنة، أنه «أخبرنا بأنه تلقى وعودا من جهات في السلطة لتسليمه جواز سفر والسماح له بالتوجه إلى الخارج للعلاج، إلا أننا لم نكن نصدق كثيرا ما قاله اعتقادا منا أنها نفس الوعود التي تطلقها السلطة ولا تنفذها». واكتفت مصادر «الشرق الأوسط» بالإشارة إلى ضرورة انتظار ما ستحمله الأيام، في رد على سؤال بخصوص احتمال وجود «اتفاق» بين عباسي مدني والسلطات الجزائرية على أن يلتزم هذا الأخير باحترام منعه من الإدلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام مقابل منحه جواز السفر والسماح له بمغادرة الجزائر للتداوي وأيضا لمقابلة زوجته وأولاده الموجودين في المنفى منذ سنوات عديدة.

وكان عباسي مدني قد اعتقل في يونيو (حزيران) 1991 من مكتبه في مقر الجبهة الإسلامية للإنقاذ بشارع حماني بالعاصمة وحكمت المحكمة العسكرية عليه وعلى زميله علي بن حاج بالسجن 12 عاما، وقد أفرج عن عباسي في صيف 1997، غير أن وزير الداخلية آنذاك مصطفى بن منصور قرر فرض الإقامة الجبرية عليه بعد أن شرع في الإدلاء بسلسلة من التصريحات الصحافية ووجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان يخبره فيها أنه مستعد للمساهمة في إعادة السلم في الجزائر.