عمليات القلب النابض الحديثة تخفض اختلاطات زراعة شرايين القلب لأقل من واحد في المائة

الدكتور أحمد الجمل كبير محاضري جراحة القلب في كينغ كولج لـ«الشرق الأوسط»: التقنية الجديدة حل مثالي للمنطقة العربية

TT

ظهرت في السنوات الاخيرة تقنيات جديدة في جراحة القلب منها جراحة القلب بأقل قدر ممكن من المرض، وجراحة القلب بواسطة الروبوت، وجراحة القلب الليزرية.

لكن أهم هذه التطورات الحديثة هو جراحة القلب النابض نظراً لتطبيقاتها العملية الكبيرة في الوقت الحاضر في وحدات جراحة القلب في العالم المتطور.

ومن أجل الاستفسار عن هذه التقنية ومعرفة الفوائد المستقبلية للعالم العربي من هذه الوسيلة الجراحية الجديدة، التقت «الشرق الأوسط» الدكتور أحمد الجمل، استشاري جراحة قلب وصدر، وكبير محاضري جراحة القلب في كلية كينج كولدج للطب في لندن، ومطور برنامج جراحة القلب النابض وجراحة القلب بأقل زمن ممكن في مستشفى كينج كولدج، وصاحب ابحاث متطورة في زراعة القلب والقلب الصناعي في جامعة ييل الاميركية، وكان لنا معه الحديث التالي:

* ما هي أهم التطورات الحديثة في جراحة القلب النابض في السنوات الأخيرة؟

ـ لا شك ان جراحة القلب المفتوح تخضع المرضى الى اختلاطات القلب والرئة الصناعيين التي يوضع المريض عليها بشكل مؤقت لانجاز العملية الجراحية، الا ان نسبة قليلة من المرضى يتعرضون لاختلاطات عصبية، أو فشل متعدد في اعضاء الجسم.

والأبحاث الحديثة ركزت على كيفية تقليل هذه الاختلاطات، وحالياً ظهر تكتيك جديد وهو زراعة الشرايين القلبية على قلب نابض دون اخضاع المريض للقلب والرئة الصناعيين، او توقيف القلب، أو ما يعرف بالقلب المفتوح.

وعمليات القلب النابض تسمح باجراء المجازات او الاتصالات الشريانية في اي مكان في القلب، حيث يمكن اعادة تروية القلب الدموية بشكل آمن وتجري حالياً 90 في المائة من عمليات زراعة الشرايين القلبية او ما يدعى باللغة الطبية مجازات الأوعية القلبية الاكليلية من خلال عمليات القلب النابض وذلك باستخدام معدات واجهزة خاصة يمكن التدريب عليها بسهولة.

* ما هي فائدة هذا النوع من العمليات مقارنة مع العمليات على القلب غير النابض؟

ـ عمليات القلب النابض لها ايجابيات كثيرة جداً منها انخفاض زمن مكوث المريض في المستشفى، حيث يذهب المريض الى المنزل في اليوم الخامس بعد العملية وهذه العملية تقلل الحاجة الى نقل الدم للمريض، وبالتالي منع اختلاطاته. وقد اجرينا 500 عملية في السنوات الاخيرة دون اي اختلاط عصبي. والمريض يعود للعمل بعد اسبوعين بدلاً من ثلاثة اشهر.

* هل هناك مرضى معينون يستفيدون من عمليات القلب النابض اكثر من غيرهم؟

ـ بالتأكيد، خاصة المرضى البدينين والمسنين، فقد كان الاطباء يرفضون اخضاع هؤلاء المرضى للعملية بسبب ارتفاع نسبة خطورة حدوث الاختلاطات الناتجة عن القلب والرئة الصناعية. اما الآن فيمكن مساعدة هؤلاء المرضى بهذا النوع من العمليات.

* هل تستخدم عمليات القلب النابض على انواع اخرى من امراض القلب اضافة الى تضييق الشرايين؟

ـ نعم، هناك تطور كبير في هذا المجال، وبدأنا نجري اعادة ترميم وبناء الصمام التاجي بواسطة عمليات القلب النابض.

كذلك تستخدم عمليات القلب النابض على المرضى الذين لديهم حالات قلبية معقدة مثل اصابة الشرايين مع احد الصمامات القلبية، حيث تتم زراعة الشرايين على قلب نابض ويختصر وقت اصلاح الصمام حين كان يجري توقيف ضربات القلب.

كذلك نختبر الآن تبديل الصمام الابهري عن طريق عمليات القلب النابض، لكن ما زالت العملية في مراحلها الأولية وسوف تصبح روتينية قريباً.

* هل تحتاج هذه التقنية الى مهارات جراحية خاصة؟

ـ بالتأكيد فإن أي عمل جراحي يحتاج الى مهارات خاصة، لكن هذه المهارات يمكن تلقينها للجراحين الجدد بسهولة، وهي عملية مثالية لاجرائها في العالم الثالث.

* ما هي فائدة هذا النوع من العمليات في العالم العربي برأيك؟

ـ في العالم العربي، يمكن ان تكون ارخص وسيلة لزراعة الشرايين القلبية وتوفيرها لأكبر عدد ممكن من المرضى بأقل الاختلاطات.

إن هذه العملية يمكن ان توفر على المرضى العرب تكاليف عمليات زراعة الحصائر التي يجب ان تستبدل من وقت الى آخر. لكن الحل النهائي للمرضى الذين يعانون من تضيق الشرايين هو التحويلات وبهذه التقنية يمكن معالجة اكبر عدد ممكن من المرضى. الصعوبة هي اقناع الهيئات الطبية في الاستثمار في التقنية الجديدة وتدريسها للجراحين في المنطقة العربية من اجل خدمة المرضى.

* بالتأكيد كان لك دور في الدراسة التي نشرت حديثاً في بريطانيا عن زراعة الشرايين بعمليات القلب النابض، فما هو رأيك بهذه الدراسة؟

ـ لدينا دراسة اجريت في تسعة مراكز في بريطانيا وهي المراكز الوحيدة التي تستخدم هذه التقنية، حيث ان بقية المراكز تستخدم التقنيات القديمة، وقد بينت الدراسة ان جراحة القلب النابض تقلل الاختلاطات الناتجة عن العملية لأقل من واحد في المائة، رغم اختلاف عمر المرضى، أو أسباب المرض، أو الجنس.

بالاضافة الى ذلك فإن حدوث السكتات الدماغية والمكوث في المستشفى وحاجة نقل الدم تقل نسبتها عن نسبة جراحة القلب المفتوح التي بلغت 3 في المائة في المراكز الغربية.

وبينت الدراسات ان نسبة بقاء الشرايين مفتوحة لمدة 5 سنوات بعد العملية شبيهة بعمليات القلب المفتوح، اي تقدم العملية النتائج ذاتها بأقل تكلفة مالية، وأقل اختلاطات مهددة للحياة.

* هل هناك فرق في نسبة انفتاح الشرايين المزروعة تبعاً لاختلاف الطريقة المتبعة سواء على قلب ساكن أو نابض؟

ـ اشارت الدراسات الى ان النسب هي ذاتها لمدة 5 سنوات، ويجب انتظار الدراسات الاخرى لمعرفة تبدل النسبة على المدى الطويل. بشكل عام فإن نسبة بقاء الاوردة مفتوحة هي 85 في المائة لمدة خمس سنوات و 60 في المائة لمدة 10 سنوات، أما الشرايين فإن نسبتها عالية جدا، ان تبقى مفتوحة بمعدل 90 في المائة لمدة عشر سنوات، و 80 في المائة لمدة 20 سنة.

* هل هناك اختلاف في نسبة حدوث امراض شرايين القلب بين الغرب والعالم العربي؟

ـ حالياً نعم، فنسبة حدوث أمراض القلب تكون أقل في العالم العربي، لكن ليس لفترة طويلة، فالعرب يتبعون العادات الغربية حالياً في النمط الغذائي والعادات، فترى الآن «ماكدونالدز» و«بيتزهات» اينما كنت، فإذا خضع الانسان لهذه العادات منذ الصغر فهذا سوف يؤثر في الأجيال المقبلة، ولا شك أن في المستقبل القريب ستصبح النسبة متساوية.