«كتائب الحرمين» تابعة لتنظيم «القاعدة» .. وتأخر إعداد التسجيلات يثير تساؤلات حول مؤسسة «سحاب»

المديهش والفراج أباحا قتل الأبرياء وعابا على السعودية تعاملها مع المنظمات الدولية

TT

حاولت الفئة الارهابية التي تطلق على نفسها «كتائب الحرمين»، التي أصدرت شريط عملية «الوشم» خلال الفترات الماضية إيهام الجمهور بأنها مستقلة عن تنظيم «القاعدة» بهدف إعطاء تصور أن هناك جهات عدة تعمل على الأرض. ومما يؤكد بطلان هذا المسعى الإرهابي القرائن التي عثرت عليها السلطات الأمنية التي أعلنت في الرابع عشر من فبراير (شباط) الماضي عن ضبط سيارة مفخخة من نوع «جي إم سي»، تبين في وقت لاحق أن ملكيتها تعود إلى عبد العزيز المديهش، منفذ تفجيرات «الوشم»، وعثر على أجزاء منها في المنزل الذي تمت مداهمته في الثاني عشر من أبريل (نيسان) الماضي بحي الفيحاء، والذي تبين أن ما يسمى «قائد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية» عبد العزيز المقرن وأعوانه راكان الصيخان وفيصل الدخيل وناصر الراشد، كانوا يختبئون فيه، ويتردد عليهم فهد الفراج ـ المنفذ الثاني لعملية «الوشم» ـ بحسب روايات سكان الحي، وهو ما يؤكد أن «كتائب الحرمين» وما يسمى «سرية الفلوجة» التي نفذت عملية الخبر، تتبعان «القاعدة».

ولعل من أسباب تأخر أشرطة القاعدة إلى فترة تتراوح بين 3 ـ 5 أشهر، يعود إلى أن هناك شخصا واحدا لديه القدرة على التعامل مع التقنيات التصويرية وعملية إنتاج الشريط المصور. ومن المعروف أن إنتاج دقيقة واحدة في أقل الأحوال يحتاج إلى جهد ساعة حين تتوفر الإمكانيات، وهو ما يفتقده التنظيم، مما يخلق علامة استفهام كبيرة حول وجود مؤسسة تدعى «سحاب» تتولى إنتاج هذه الأشرطة.

ومن هنا فإن توقيت ظهور شريط عملية «الوشم» ليس له دلالة معينة، كظهوره مثلا في الأسبوع الأول من مهلة العفو، إذ من الممكن تفسير ذلك بأن الهدف هو تثبيط المجموعة ونزع فكرة الاستسلام من ذهن المنخرطين في العمل الإرهابي.

وتفيد المعلومات الأولية بأن الثلاثة أشخاص الذين ظهروا إلى جانب عبد العزيز المديهش خلال التسجيل يعتقد أنهما من المجموعة التي داهمتها قوات الأمن في منطقة خضيرا في القصيم في العشرين من مايو (أيار) الماضي، ويعتقد أنهم من بين الأربعة الذين قتلوا في تلك العملية وهم سلطان بن سعد العبيد الجبر وإبراهيم بن عبد العزيز الشايع وعبد الرحمن بن دخيل الفالح وعبد المجيد بن عبيد الله بن محمد الطلحي. ومعلوم أن التنظيم الإرهابي لا يزج بقياداته في أعمال تفجيرية، وإنما توكل إلى الأتباع الذين بدورهم يعرضون الفكرة الانتحارية أو الاستعداد للقيام بها، غير أن الحالة الوحيدة المستثناة كانت عندما قاد خالد الجهني ـ أحد القياديين ـ الهجوم الانتحاري في 12 مايو 2003 .

ومن تحليل الشريط تظهر العديد من الملاحظات، والتي منها اختلاف المكان الذي يوجد به المديهش وفهد الفراج، إذ يتضح أن المكان الذي يختبئ فيه الأول عبارة عن استراحة مؤثثة، والتصوير تم في فترة المساء، ويدلل على ذلك تصوير السيارة المفخخة في وقت كان فيه الظلام حالكا. أما المنزل الذي كان فيه الفراج فيعتقد أنه جديد، وهذا ظاهر من حداثة دهان الجدران، كما أنه غير مؤثث، مما تسبب في ظهور صدى مصاحب للصوت، إضافة إلى أن النافذة التي كانت خلفه تمت تغطيتها بملاءة، وقوة ضوء الشمس أوضحت الرسومات الهندسية للواقي الحديدي الذي عليها، وهي من التصميمات الحديثة، كما تشير قوة الضوء إلى أن التصوير كان في ساعات الصباح الأولى أو في فترة العصر، وفي كلا الحالتين فالمنزل إما أنه يطل على الناحية الشرقية أو الغربية.

وحرص الفراج على إظهار العديد من الأسلحة الموجودة لديه، وهي عبارة عن مسدس واحد ومدفع رشاش واحد وثلاثة قذائف «ار بي جي» وقاذفة واحدة لها وبازوكا، كما ظهر متوشحا بدلة لحمل الذخيرة والأسلحة، خلافا للمديهش الذي أحاط نفسه بالمسلحين بجانب عدد من الأسلحة الخفيفة. ويظهر من خلال التسجيل أن فهد الفراج أسهب كثيرا في الحديث عن الطوائف المسلمة، إذ كفرهم ودان حمايتهم، إضافة إلى استنكار دخولهم إلى المقدسات، وبين في حديثه أنه من ضمن الجماعات التي تتوافد على المقدسات للإنكار على الطوائف المسلمة الأخرى عباداتها.

وتضمن الشريط ايضا اشادة بقيادات التنظيم السابقة، مستغربا قيام الحكومة السعودية بملاحقة الإرهابيين، كما يتضح من الشريط التحريض على العنف تجاه رجال الأمن والمفكرين والمثقفين، حيث اظهر بعض صورهم وأشار إلى بعضهم بالاسم.

وحاول الشريط الربط بين الحرب على العراق التي قادتها الولايات المتحدة وبين الطائفة الشيعية في السعودية من خلال عرض لقطات تزاوج بين الطرفين، إضافة إلى ترديد عبارات تكفر المجتمع وتصوير السعودية على أنها «بلد محتل يجب تحريره»، كما أن العمليات الانتحارية قيل عنها حرفيا انها من العبادات.

وظهر الفراج وهو يرتدي «عقالا»، وهذا أمر ليس بالغالب عند الفئات المتشددة، إذ تحدث عن الدولة الإسلامية لكنه عجز عن تقديم شرح لمفهوم الدولة المسلمة، كما أطلق أحكام تكفير نسبها إلى من زعم أنهم علماء ولم يذكرهم، ولم يبين نص فتاويهم، الأمر الذي يعده المتخصصون في الشريعة عدم إدراك لما يتحدث عنه. واعترض المديهش والفراج على التعاون بين السعودية والدول غير المسلمة، وعابوا عليها اللجوء إلى المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، كما تحدثوا عن المؤسسات المالية مثل البنوك والربا، التي قالوا انها تتعامل به، إضافة إلى وصم الفئات والطوائف المسلمة بالشرك.

وادعى المنفذان خلال التسجيل أن المبنى المستهدف في حي الوشم بالرياض يتبع لقوات الطوارئ وليس إدارة المرور كما بينت الداخلية السعودية، في إشارة واضحة إلى جواز قتل رجال الأمن العاملين في هذا القطاع. أما مقتل الأبرياء من المدنيين فأظهر الشريط المتشدد «أبو قتادة»، وهو يتحدث عن هذا الموضوع ويتهم الإعلام بالكذب والتزييف، ليعود ويؤكد التسجيل جواز قتل المدنيين بناء على فتوى «التترس».

ولوحظ على الشريط أن المادة التي تضمنت أقوال الانتحاريين فقط هي الخاصة بالقائمين على الشريط، أما باقي اللقطات فكانت مأخوذة عن التلفزيون السعودي وقناة «الإخبارية» و«الجزيرة» و«ام بي سي» وقناة «زد اف دي» الألمانية، مما يوضح أن العناصر الإرهابية غير قادرة على تصوير عملياتها والحصول على لقطات خاصة بها.

من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مقربة من عائلة الفراج، أن فهد الفراج من الشخصيات بسيطة العقلية وساذج التفكير، وسهل التأثير فيه، وانه أكمل تعليمه الابتدائي ثم التحق بمعهد مهني لم يكمله، ليعينوه ذووه على إنشاء تجارة له عبارة عن محل في حي السلي لبيع الخضار، غير أنه فشل في تجارته ايضا.