ماهي موالاة الكفار؟

عبد المحسن العبيكان*

TT

بعد حصول هذه الكوارث والمصائب انتبه الناصحون المخلصون لهذا الخطر فأعدوا العدة لمحاربته والقضاء عليه بشتى الطرق وانجح الوسائل. فبدأ ولله الحمد يأفل نجم هذا الفكر المنحرف ويزول خطره وتضمحل شبهات زعمائه وقادته، ونحن بإذن الله تعالى سوف نتكلم عن عدة مواضيع تناولتها شبهاتهم او تعرضت لها آراؤهم في حلقات متتالية ضمن تلك المواضيع.

ولنبدأ بمسألة حكم موالاة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين. فقد كثر السؤال عن معنى وحكم مظاهرة المشركين ومدى انطباق ذلك على الوضع اليوم.

فأقول وبالله التوفيق: تكون موالاة الكفار ومظاهرتهم على ثلاثة اوجه، نعرض للوجه الاول منها في هذه الحلقة:

فالوجه الأول: ان تكون توليا تاما مطلقا عاما، فهذا كفر مخرج عن ملة الاسلام وهو مراد من اطلق الكفر. الدليل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين) «المائدة: 51». وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول واياكم ان تؤمنوا بالله ربكم ان كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون اليهم بالمودة وانا اعلم بما اخفيتم وما اعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل) «الممتحنة:1».

قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير الآيات ما نصه: «نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين ان يوالوا الكافرين وان يتخذوهم اولياء يسرون اليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك، فقال تعالى: (فليس من الله في شيء) «آل عمران: 28» اي: ومن يرتكب نهي الله في هذا، فقد برئ من الله، كما قال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة الى ان قال ـ ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل). وقال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين اولياء من دون المؤمنين أتريدون ان تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا) «النساء: 144»، وقال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) «المائدة: 51 ». وقال تعالى بعد ذكر موالاة المؤمنين من المهاجرين والانصار والاعراب: (والذين كفروا بعضهم اولياء بعض الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير) «الانفال: 73» أ هـ.

وقال الامام ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ: «من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من اهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول احدا الا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، واذا رضيه رضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه» أ هـ.

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمهم الله: «قد فسرته السنة وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة» أ هـ. وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ: «ان كان توليا تاما كان ذلك كفرا وتحت ذلك من المراتب ما هو غليظ وما هو دونه» أ هـ.

* فقيه سعودي