قصر المير أمين: لؤلؤة بيت الدين... وإبداع من القرن التاسع عشر

TT

من على تلال بلدة بيت الدين في اعالي بلدة دير القمر في قضاء الشوف، يطل قصر المير امين الذي يعرف بـ «لؤلؤة بيت الدين». القصر ذو اطلالة على قصر بيت الدين المترامي الاطراف ومدينة بيروت. يعود تاريخ بنائه الى عام 1938 من القرن التاسع عشر ويرتفع عن سطح البحر 950 متراً. وإليكم قصة بنائه: اراد المير امين الإبن الثالث للمير بشير الشهابي الثاني من زوجته الاولى، الست شمس، وشقيق كل من قاسم وخليل، بناء قصر مميز لاسيما ان والده كلفه بإدارة الشؤون السياسية والانابة عنه عند غيابه. وأختار المير أمين (وهي اللفظة اللبنانية لكلمة امير) هذه الرقعة الجميلة في قضاء الشوف الذي يعرف بكثافة الخضرة في ثناياه وغزارة ارتفاع القصر يتيح له اطلالة جميلة على المساحات الخضراء الشاسعة والاشجار الشاهقة التي تسور المكان ويمكنك تأملها على مد النظر وعلى مدينة بيروت. يعرف عن قصور تلك الحقبة انها عادة ما تتألف من قسمين: الحرملك والسلملك. السلملك هو ما يمثل القسم الخارجي من المكان والحرملك ما يمثل القسم الداخلي او بالاحرى القسم الخاص بالحريم. تبصم الهندسة العثمانية والاسلامية مختلف ارجاء القصر، لاسيما انه شيّد خلال فترة الحكم العثماني للبنان. والجدير بالذكر ان قصر بيت الدين ـ الذي استغرق بناؤه 30 سنة ـ مستوحى ايضاً من الهندسة العثمانية. تدخل قصر المير امين عبر بوابة خشبية منقوشة بالمسامير النحاسية، وتعلوها مخطوطة كتب عليها: «مدخل عظيم، دار مشعة كما اميرها، قصر نبيل شاهد على دماء الشهداء وفاتح ذراعيه بسعادة لزائريه ذوي الابتسامة المشرقة، حقاً هذا قصر عظيم من ابداع سنة 1255 الهجرية».

فور دخولك يقابلك حوض ماء مستطيل لا يعلو من الارضية بكثير. غالبية الابواب شاهقة ومصنوعة من الخشب، تمتد الباحة الخارجية على مستويات مختلفة وتحيط بها الغرف من مختلف الجهات، القناطر تظلل الباحة الخارجية. يشتهر قسم السلملك بصالة الاستقبال الرحيبة الواقعة على يسار المدخل الرئيسي. ابرز ما يلفت في هذا القسم القاعة الصغيرة الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية من الباحة الخارجية، اذ تكتسي جدرانها بالاخشاب، كما يطغى الخشب على مختلف الاثاث ما يعكس روعة الهندسة الاسلامية، اضافة الى ذلك تنتشر المخطوطات الخشبية في مختلف ارجاء السلملك.

ومن السلملك الى الحرملك: تطغى الاحجار الملونة على ارضية وجدران هذا القسم، منها الرمادي والبني ليشكلا تناغماً مع الابيض. وباحة الحرملك واسعة ايضاً ويتوسطها حوض ماء عريض مصنوع من الرخام والفسيفساء. والحوض يتغذى من نافورة تتوسطه. وقد خصصت جهة من الباحة لاسطبلات الخيول، من الغرف المميزة في الحرملك، ديوان حسن جيهان، الخاص بالاميرة حسن ابنة الست شمس. وطوال العقود الماضية احتل قصر المير أمين مكانة رفيعة بين المعالم اللبنانية. وخلال حقبة الستينات قامت الحكومة اللبنانية بشراء القصر وشرعت بترميمه، ليفتتحه رئيس الجهورية شارل حلو سنة 1969. وخلال وقت من الاوقات حول القصر الى ناد خاص بالقوات العسكرية اللبنانية. وفي العام 1974 خضع القصر لعملية ترميم ثانية ليحول ـ في عهد الرئيس سليمان فرنجية ـ الى فندق. ومع اندلاع الحرب في لبنان سنة 1975، تضرر القصر كثيراً. ومع هدوء الاوضاع نوعاً ما في العام 1986، شهد قصر المير أمين عملية اصلاح واسعة، ليفتتحه وزير السياحة آنذاك وليد جنبلاط في الحادي عشر من يوليو (تموز) من العام 1987. ومنذ ذاك الحين وقصر المير أمين يعرف من اكثر فنادق لبنان تميزاً. يذكر ان معالم القصر ما زالت طاغية على ارجاء الفندق، اذ يعرف بأسلوبه الهندسي العثماني واللبناني الاصيل ويطغى الطابع الشرقي على اثاثه ومختلف ارجائه من لوحات الخشب المرسومة التي تكسو الجدران الى الثريات المصنوعة من الخرز كما ان المطاعم والقاعات تتخذ اسماء عربية. فإحدى القاعات الصغيرة ما زالت تعرف بـ «ديوان حسن جيهان». والجناح الامبراطوري يعرف بالـ «حرملك» ويقع في القسم الذي كان يعرف بالحرملك. وتنتشر في ارجائه المشربيات الخشبية. اما الجناح الملكي فيعرف بالـ «سلملك» ويقع في مكان السلملك الاصلي واثاثه محض شرقي.

يذكر ان الفندق يتألف من اربعة طوابق فقط، تماماً كما كان القصر والاجنحة تقع في الطابق الارضي مكان بعض غرف القصر.