يقع عدد من المدن داخل السعودية في بواطن الأودية لأسباب كانت في السابق متعلقة بالمياه وندرتها حيث من السهولة الوصول إليها من خلال الآبار عند حفرها في باطن الأودية ليستقر حولها الناس لاحقا لتبدأ مرحلة تشكل القرى والبلدات التي تحول بعضها إلى مدن.
ومن اشهر الأودية في جزيرة العرب وادي الباطن أو الرمة الذي يعتبر أعظم أودية الجزيرة من حيث الطول والاتساع وكثرة الفروع ويبدأ من حرة اثنين إلى الشرق من المدينة المنورة ثم يمتد إلى الشمال الشرقي من المملكة ليعدل مساره شرقاً ويأخذ الاتجاه الجنوبي الشرقي فالشمال الشرقي حتى يصل إلى حدود نفود الثويرات، ويواصل سيره في الاتجاه نفسه حتى يصل إلى صحراء الدهناء التي تختفي تحت رمالها المتحركة بعض أجزاء الوادي التي تعاود الظهور حال جريان المياه ليأخذ الوادي منها تسمية «الباطن» التي تعني الخفي وغير الواضح. وبعد الدهناء يواصل الوادي مسيره باتجاه الشمال الشرقي مارا بعدد من الهجر حتى يصل مدينة حفر الباطن التي يجتازها من الوسط حتى يخرج من شمالها ويتجه شرقاً من خلال هضبة الدبدبة إلى مدينة الرقعي ثم يتابع طريقه في محاذاة الحد الغربي والشمالي للحدود الكويتية ـ العراقية حتى ينتهي في أرض منخفضة واقعة غرب مدينة «الزبير» العراقية ليصب في شط العرب. والوادي يمر بعدد من المدن السعودية منها بريدة وعنيزة والرس والبكيرية وحفر الباطن. وقبل التجهيزات التقنية كان الوادي يفيض بالمياه حاملا لها من المنطقة الغربية ليمر بالبلدات والمدن مسببا كوارث فيها نتيجة كميات المياه الكبيرة التي تجتمع فيه حيث أن غالبية الأراضي الواقعة على جانبية مرتفعة ولها مصبات منحدرة تجاهه مما يجعله نقطة تجميع للمياه تمتد إلى مئات الأميال. وكان سكان البادية أكثر المستفيدين من بطون الأودية وذلك لاعتدال أرضها وسهولة الوصول إلى المياه الجوفية إلى جانب تضررهم الكبير منها حيث تنقصهم التجهيزات التقنية للتنبؤ بوقوع السيول في الأماكن البعيدة التي غالبا ما تفاجئهم حال وصولها إليهم، ولكن مع تراكم الخبرات الإنسانية أصبح السكان أكثر فهما لبيئتهم حيث أن سكان البادية باتوا لا يقيمون في بطن الأودية ويتحاشونها في الصيف بالقدر ذاته في الشتاء حتى ضمنت عاداتهم وتقاليدهم.
وفي الوقت الحاضر تعاني بعض المدن من مشكلة السيول خصوصا تلك الواقعة في بطون الأودية جراء اجتياح المياه لها التي تفسد على الناس حياتهم بعد أن تحول الشوارع الرئيسية إلى انهار جارية، كما انها تتسبب في احتجاز الاشخاص، اضافة إلى تقطيع اوصال المدينة وعزلها عن بعضها إلى جانب الاضرار التي تلحق بالمرافق الخدمية.