الفنان أحمد زكي في رحلة المجهول

ممثل كبير يحمل ملامح المصري البسيط

TT

لحد ساعة كتابة هذا التقرير كانت التقارير الاعلامية متفاوتة حول الوضع الصحي للفنان احمد زكي الغارق في غيبوبة عميقة، وبحسب بعض التقارير التي لم تؤكد رسميا فإن دماغه توقف عن العمل الا أن قلبه لازال ينبض.

مشوار المرض الخبيث كما رواه احمد زكي بلسانه في أول يوم تصوير فيلم «حليم». كان يتحدث عن المرض وهو يضحك وكأنه لا يريد إشعار محبيه وجمهوره بمرارة المرض القاسي الذي لا يفرق بين الأجساد ولا يعرف إذا كان هذا الإنسان تعشقه الجماهير أم لا.

عندما وقف احمد زكي على المسرح منذ أقل من شهرين في أول يوم تصوير لفيلم «حليم» يروي حكاية مرضه، كنا نشعر من صوته ومن الفرحة التي كانت تملأه والأمل الذي يغمره بأنه سيتغلب على هذا المرض.

قال زكي يومها: «يا جماعة هناك أشياء كثيرة تربطني بـ«حليم» فهو من نفس قريتي بالشرقية»، وهو يضحك ويضرب كف على كف قال: «ونفس الترعة التي كان يستحم فيها عبد الحليم حافظ وأخذ منها البلهارسيا استحممت فيها أنا أيضاً وأخذت منها البلهارسيا»، ويضحك أيضاً بصوت عال ويقول: «لكن أنا تعالجت من البلهارسيا ثلاث مرات ولكن عبد الحليم لم يتعالج منها لأنه وقتها لم يكن لها إبر للعلاج»، وأخذ يضحك ويقول: «ولكن يا جماعة كنت معذور لنزولي الترعة لأن في هذه الترعة كان السمك البلطي كبير»، وأخذ يمثل بنصف ذراعه على طول السمكة ويواصل كلامه ويقول: «كان من المستحيل مقاومة جمال هذا السمك فكنا نخلع ملابسنا وننزل لاصطياد السمك».

ومن كثرة تصفيق الناس رفع يديه وخفض رأسه لتحية الحاضرين وقال: «يا جماعة أحب أن أقول إننا جميعا يجب أن نحتفل بكل لحظة تمر علينا ونحن بصحة جيدة ونعتبرها عيدا لأن الحياة حلوة ويجب أن نحب الحياة، وأنا بدعواتكم إن شاء الله سأتغلب على هذا المرض». وكان يتحدث بقوة وإرادة الواثق من رحمة الله وطالب الناس بالدعاء له بالشفاء.

ولكن أجمل شيء ذكره احمد زكي عن أزمات المرض الصعبة كان في بداية مرضه منذ أكثر من عام قال: في يوم زهقت من المستشفى وذهبت إلى المنزل وأنا جالس في البلكونة اتجهت إلى الله عز وجل بالدعاء وقلت يا رب أنا راض بكل شيء وليس لي أي اعتراض على قدرك. ويضحك بشدة ويقول: وفجأة وجدت الغدد الليمفاوية تضخمت ورقبتي تورمت وأصبح حجمها كبيرا جدا، وعلى الفور اتصلوا بالإسعاف ووجدت الناس وعمال الإسعاف والدكاترة الذين من حولي يبكون وأنا الوحيد الذي كنت أضحك لأنني تذكرت مشهد عبد السلام النابلسي في فيلم «شارع الحب» عندما وقف في دكانه وقال «يا رب ابسطها يا رب»، فوجد زينات صدقي ترميه بالملوخية فوق رأسه، فقال «كفاية يا رب ما تبسطهاش أكتر من كده». هذا المشهد لم يفارقني وأنا في سيارة الإسعاف وأضحك بشدة وكل من حولي يبكون ولا يعرفون لماذا أضحك. وقال بقوة: لا تتصوروا إزاي أنا كنت في غاية السعادة عندما قابلت مجموعة من الطلبة وكانوا قادمين من الامتحان، وقالوا لي إننا أجبنا عن بعض الأسئلة عن تاريخ الرئيس السادات من الفيلم الذي مثلته «أيام السادات».

وأضاف بحرارة: عندما قدمت فيلم «ناصر» كنت أقدم فترة مهمة من تاريخ هذا الرجل في فترة صعبة، وهذه الأفلام أريد أن توضع بمثابة وثائق تاريخية للشعب المصري المحب لزعمائه.

ومن أمنيات زكي أيضا أنه يريد أن يشاهد فيلم «حليم» في شريط هذا الفيلم الذي صور 80 في المائة من مشاهده، لدرجة أنه أوصى مخرجه شريف عرفة أن يصوروا جنازته ويضعوها في الفيلم وكأنها جنازة عبد الحليم حافظ.

ومن الغرائب أن هناك تشابها كبيرا بين احمد زكي وعبد الحليم حافظ. لإأحمد زكي توفي والده وهو ما زال في بطن أمه وتربى في منزل خاله وجده بالشرقية وتزوجت والدته من رجل آخر وظل في قطيعة معها حتى جاءت لزيارته في الأسبوع الماضي وأخذته في حضنها وظلت تدعو له، وأخذت تقول له «قلبي وربي راضيين عنك»، وصلت ركعتين لله في غرفته وأخذت تدعو له بالشفاء.

والواقعة التالية رواها احمد زكي بلسانه قال: هناك أشياء قدرية تربطني بعبد الحليم حافظ، فعندما سافرت إلى لندن منذ أكثر من عام ولم أكن أعلم شيئا عن حقيقة مرضي بعد الكشف عليّ في المستشفى قالوا لي إن هناك عملية بسيطة ستجرى لك وهي إزالة المرارة. وطوال الحكاية لا يتوقف عن الضحك، وهي عملية بسيطة جداً وستعود لمصر بسرعة، فرددت عليهم وقلت اذا كانت العملية بسيطة وهي إزالة مرارة، فمن الأولى أن أعمل هذه العملية في مصر والدكاترة في مصر بيعملوها كل يوم. فرد الدكتور وقال لي: اذا لم تعمل هذه العملية فخلال عشرة أيام سوف تؤثر على الكبد والرئة. فقلت على الفور أنا موافق على اجراء العملية، وكانت المفاجأة أن الدكتور قال لي انت شجاع مثل «حليم». واكتشفت أن هذا الدكتور هو نفسه الذي كان يعالج عبد الحليم، وهنا شعرت بالخوف. وظل يضحك ولكن هذا الدكتور هو أيضا الذي اجري لي العملية رغم خوفي.

يوم الاثنين الماضي أذاع التلفزيون المصري خبر وفاة احمد زكي، وللأسف سمع الخبر بنفسه ولكنه تماسك وقال لمن حوله انه سيدفنهم جميعا. وفي نفس اليوم جاءت لزيارته سهير البابلي وطلب منها أن تستدعي ياسمين الخيام لأنه يريد أن يسمع منها أسماء الله الحسنى بصوتها. وفي اليوم التالي جاءت ياسمين الخيام استجابة لرغبة احمد زكي. ورغم انه كان يتألم بصوت عال لدرجة أن من كهن يمر بالممر في نفس الدور كان يسمع صوته من شدة الألم. وعندما دخلت ياسمين الخيام لتسمعه أسماء الله الحسنى أخذ يردد وراءها يا الله يا الله بدون توقف. وفي نفس اليوم تعرض لأزمة شديدة وضيق في التنفس وقام الأطباء بمنع الزيارة عنه، ونام. وعندما استيقظ مساء اليوم التالي وعلم بوجود عماد الدين أديب خرج على الكرسي المتحرك لرؤيته، وبعد قليل جاءت منى زكي واحمد حلمي.

ويوم الاربعاء طلب من محمد وطني الذي يرافقه أن يأتي له بابنه هيثم وقال له :يا هيثم اذبح عجل أمام شقة المهندسين. وقال له «اذا حدث لي شيء فاعلم انك لن تكون وحدك»، وفي عبارة صريحة قال له «اكمل دراستك وركز في شهادتك ثم بعد ذلك اعمل اللي انت عاوزه». وجاء لزيارته العديد من الجماهير المحبين له ومنهم من أراد أن يتبرع بكلية، وهناك من عرض أن يتبرع بكبده من أجل شفاء احمد زكي.

وطوال هذا الأسبوع كانت تزوره بصفة يومية الفنانة مديحة يسري رغم مرضها، والفنانة يسرا التي كان عندها أمل كبير في شفائه وخاصة عندما علمت أن هناك دواء جديدا لشفاء السرطان تم اكتشافه في انجلترا، وعلى الفور تحمست هي وعماد اديب واقنعا الأطباء بعمل اشعات مقطعية، ولكن للأسف المواصفات لم تكن مطابقة للدواء الجديد. وطوال هذا الأسبوع بدأت ادارة المستشفى وتحديدا من يوم الاثنين 21 مارس تجمع متعلقات احمد زكي الشخصية من شرائط القرآن واسطوانات الموسيقى وكل الاشياء الخاصة به وتم ارسالها الى شقته القديمة بالمهندسين، ولكن دائما الأمل موجود عند احمد زكي الذي يعيش في حالة حرجة جدا للغاية وعند محبيه وجماهيره التي تدعو الله عزل وجل لشفائه، ولكن هذه المحنة نفسها تعرض لها احمد زكي منذ أكثر من شهر ونصف، وظن الناس انها النهاية، ولكن عناية الله تدخلت وتجاوز المحنة وعاد بكل قوة للتصوير والعمل. وطوال هذا الأسبوع بدأت ادارة المستشفى وتحديدا من يوم الاثنين 21 مارس تجمع متعلقات احمد زكي الشخصية من شرائط القرآن واسطوانات الموسيقى وكل الاشياء الخاصة به وتم ارسالها الى شقته القديمة بالمهندسين، ولكن دائما الأمل موجود عند احمد زكي الذي يعيش في حالة حرجة جدا للغاية وعند محبيه وجماهيره التي تدعو الله عزل وجل لشفائه، ولكن هذه المحنة نفسها تعرض لها احمد زكي منذ أكثر من شهر ونصف، وظن الناس انها النهاية، ولكن عناية الله تدخلت وتجاوز المحنة وعاد بكل قوة للتصوير والعمل. احمد زكي كان طوال حياته مرتبطا بالشاعر والمؤلف الكبير صلاح جاهين. في كل أزماته يلجأ إليه ويجد منه المساندة، فهو بالنسبة له الأخ الكبير، فهو الذي وقف بجانبه عندما سحبت منه بطولة فيلم «الكرنك» في بداية حياته الفنية وفكر في الانتحار، ولكن صلاح جاهين أخرجه من أزمته وقال له: انت موهوب والبطولات قادمة ولا تتعجل. وصدق صلاح جاهين ونجح احمد زكي وأصبح النجم الأول في مصر، وتوفي صلاح جاهين ولكن صلته بأحمد زكي لم تنته، فعندما تعرض احمد زكي لحادث سيارة جاءه صلاح جاهين في المنام وطمأنه. وجاءه عندما اجرى عملية المرارة وتجاوز المحنة، ثم امتنع صلاح جاهين عن زيارة احمد زكي في المنام، وطوال الفترة الماضية كان احمد زكي يقول «أنا في انتظار زيارة صلاح جاهين»، لأنه عقب كل زيارة في المنام يتجاوز محنته، فهل سيزور صلاح جاهين احمد زكي في المنام؟