مواجهة الرس ثاني أطول مواجهة بين رجال الأمن والإرهابيين في السعودية

الطبيعة الزراعية للمنطقة وكثرة الاستراحات السكنية والمستودعات استغلها الإرهابيون في التخفي

TT

المواجهة الأمنية التي تدور بين قوات الأمن السعودية ومجموعة الإرهابيين في مدينة الرس القصيمية تلحق ثالث مدن المنطقة بشقيقتيها الكبريتين بريدة وعنيزة، اللتين شهدتا في فترة سابقة العديد من المواجهات الأمنية، وبذلك تضيف القصيم مدينة الرس لخريطة مكافحة الإرهاب السعودية. وتعد المواجهة الأخيرة التي تدور بين الأمن السعودي والإرهابيين في حي الجوازات في مدينة الرس آخر عملية أمنية تشهدها المنطقة في الوقت الحالي، وأطول عملية تنفذ في المنطقة بعد تجاوزها لعملية مطاردة مطلوبين في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) 2004 في بريدة وعنيزة، والتي استمرت لما يزيد عن 18 ساعة وانتهت بقتل أحدهما والقبض على الآخر، وفي حال استمرار العملية فإنها تقترب من تحطيم رقم قياسي آخر لكنه على مستوى السعودية، المتمثل في الفترة التي استغرقتها عملية الخبر في 29 مايو(أيار)2004 والتي تجاوزت 48 ساعة، وحتى وقت إعداد هذا التقرير تكون عملية الرس قد استغرقت ما يزيد عن 36 ساعة. وتعد المنطقة الواقعة في قلب منطقة نجد، من أكثر المناطق السعودية شهرة بالمحافظة، ويعتقد على نطاق واسع أن عددا من السعوديين الذين شاركوا في ما عرف بحروب (الجهاد) تتحدر أصولهم من تلك المنطقة التي شكلت في فترات طويلة منطلقا للدعوة إلى الجهاد الإسلامي في الشيشان وغيرها. ونظرا لطبيعة المنطقة الزراعية التي تكثر فيها الاستراحات السكنية والمستودعات، فقد أصبحت تمثل مكانا مناسبا للتخفي لاسيما أنها مدينة ثانوية يكون وجود الأمن فيها بصفة محدودة، وليس أدل من ذلك عثور الأجهزة الأمنية خلال عمليات المداهمة والتفتيش في هذه الاستراحات على كميات كبيرة من الذخائر والمتفجرات، إضافة إلى الأسلحة والوثائق والمواد المستخدمة في عمليات التفجير. وظهرت القصيم على ساحة مشهد العنف المحلي في 21 يوليو (تموز)2003، بعد أن أصدرت وزارة الداخلية أكثر البيانات الأمنية ضخامة، عبر الإعلان عن اكتشاف خلايا مكونة من 16 شخصاً، في كل من القصيم والرياض والمنطقة الشرقية. وأوضح الإعلان أن الإرهابيين استخدموا استراحات ومنازل ومزارع لتخزين نحو 20 طناً من المتفجرات وعددا كبيرا من قذائف «آر. بي. جي»، إضافة إلى مصادرة مواد خاصة بتجهيز المتفجرات، ومجموعة كبيرة من الوثائق والصناديق المخصصة لجمع التبرعات الخيرية والدراجات النارية. وكان الظهور الثاني للقصيم في الثامن والعشرين من الشهر ذاته، حينما طوقت قوات الأمن إحدى المزارع الواقعة في بلدة غضى التابعة لمحافظة عيون الجواء في منطقة القصيم، وأسفرت العملية عن القبض على من قام بإيواء المطلوبين، ومقتل ستة من المطلوبين وهم، احمد بن ناصر عبد الله الدخيل، أحد المطلوبين الـ19، وكريم عليان الرمثان، والفريدي الحربي، وسعود عامر سليمان القرشي، ومحمد غازي سليم الوافي الحربي، وعيسى كمال يوسف خاطر(تشادي الجنسية) وعيسى صالح علي أحمد (تشادي الجنسية) والقبض على إبراهيم بن عبد الله خلف الحربي. وقد تم ضبط أسلحة وقنابل يدوية وذخائر حية ومجموعة من الأشرطة التي تحوي مواد تحريضية وملابس نسائية.

وفي الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2003 كشفت وزارة الداخلية عن خلية تضم 4 أشخاص في المليداء، وقبضت على واحدٍ منهم بينما فر البقية برا إلى منطقة حائل الواقعة إلى الشمال من القصيم بعد أن أصابوا ضابطين وجنديين ومواطنا، بعدها بيومين عثر على سيارتهم التي خلفوها بعد فرارهم، ليأتي الإعلان في 20 منه عن العثور على مجموعة من المواد المجهزة للمتفجرات في بئر في صحراء البكيرية في القصيم.

وأعقب هذه الأحداث هدوء استمر قرابة خمسة اشهر، حتى جاءت مداهمة مجموعة من الإرهابيين الذين كانوا يختبئون في حي الفيحاء في الرياض في 12 أبريل (نيسان) 2004 وهروبهم إلى منطقة القصيم، وفي طريقهم قاموا بقتل 4 عسكريين من أفراد أمن الطرق، وبعد عمليات تفتيش مكثفة عثر على سيارتين مفخختين في منطقة الشماسية، وفي 16 من الشهر نفسه اعتقلت سلطات الأمن شخصا في القصيم على علاقة بالمطلوبين، وبعدها بأربعة أيام 20 أبريل أصيب اثنان من رجال الأمن بعد أن أطلق مجهولون النار عليهم في بريدة.

وفي 6 مايو 2004 قبض رجال الأمن في بريدة على مقيم عربي لعلاقته بمطلوبين أمنيين، ليشهد 20 مداهمة سلطات الأمن استراحة اختبأ فيها إرهابيون في «خضيرا» إحدى ضواحي مدينة بريدة ما أسفر عن مقتل 4 منهم والقبض على خامس، فيما أصيب 13 عسكريا في المواجهة توفي منهم اثنان، واستخدم الإرهابيون في تبادل إطلاق النار مع قوات الأمن قذيفة من نوع «آر. بي. جي». وبعدها بأربعة أيام عثر في 24 من ذات الشهر على السيارة التي أطلقت النار على الجنود الذين كانوا يحاصرون الاستراحة وذلك بعد ورود معلومات تفيد بوجود أحد المطلوبين في منزل، وبعد اقتحام المنزل عثر على السيارة بينما لم يعثر على أحد من المطلوبين. وتم في الشهر التالي ـ21 يونيو(حزيران)2004 ـ الإمساك بمطلوب أمني في بريدة كان أحد الذين فروا من مداهمة في مكة المكرمة. وأعقب هذه الفترة غياب للمنطقة عن خريطة الأحداث حتى 28 أغسطس(آب)2004، عندما تمكن الأمن ضبط مجموعة من المطلوبين أمنيا في بريدة بينهم باكستاني، ليستمر وضع المنطقة هادئا إلى 3 نوفمبر 2004 عندما قبض رجال الأمن على مطلوب أمني في مدينة عنيزة بعد مواجهة مسلحة أدت إلى مقتل زميله في بريدة، وعثر بحوزته على قنابل يدوية ومسدس. وبعدها على الفور تم القبض على 6 من المشتبه فيهم في مقهى للإنترنت في مدينة بريدة، وبعدها بنحو أسبوعين 16 نوفمبر نفذت الجهات الأمنية عملية مداهمة لعدد من المطلوبين في عنيزة حيث أمكن القبض على عدد منهم، لتخرج المنطقة لمسرح الحدث عبر العملية الأخيرة.