في حقل الألغام (الحلقة الرابعة) ـ تنشر مذكرات أول رئيس للحكومة العراقية بعد سقوط صدام

علاوي: أعدت تشكيل الجيش العراقي الذي كان بريمر قد حله

TT

تسلم الدكتور أياد علاوي رئاسة الحكومة العراقية بينما البلد كان مهدما بلا جيش وبلا مؤسسات أمنية، والحدود مع دول الجوار مفتوحة على مصاريعها. كان بريمر، مثلما ذكرنا في الحلقات السابقة قد حل الجيش ومؤسسات الدولة وتهدم كل شيء، وجاء علاوي ليضع أسسا جديدة لبناء الدولة بما فيها القوات المسلحة وليبدأ من نقطة الصفر وليؤكد استقلالية قرارات حكومته ويقف ضد التسلل الإيراني ويعيد الثقة في العلاقات العراقية ـ العربية.. هذا ما تحدث عنه علاوي خلال هذه الحلقة من مسيرته وسط حقل الألغام قال اياد علاوي، رئيس اول حكومة عراقية بعد الاحتلال، متحدثا عن مفهوم الاستقلال في اتخاذ القرارات المهمة:

«ماكو» لا توجد في المفاهيم العامة حكومة مستقلة تماما باتخاذ قراراتها، وهذا يعتمد على نوع القرار. حتى حكومة الولايات المتحدة هي غير مستقلة في قراراتها. لنأخذ مثلا قرار الحرب والدخول الى العراق، ما كانت الحكومة الاميركية قادرة على اتخاذ وتنفيذ مثل هذا القرار لولا ان اصطفت معها دول مهمة ومجلس الامن والأمم المتحدة واعتمدت على قرارات تساعدها على ما قامت به.

الاستقلال اليوم، بمعنى الاستقلال الكامل في اتخاذ القرارات الكبيرة، غير ممكن في العالم الذي نعيشه. وهذه المسألة نسبية، يعني هناك دولة تستطيع ان تتمتع بـ 90% من الاستقلالية في اتخاذ قراراتها، ودولة اخرى يمكن ان تتمتع بـ 20% من الاستقلالية في اتخاذ قراراتها.

من الصعب على أي حكومة ان تتخذ قرارا مستقلا بمعنى الكلمة. يعني اذا ارادت الحكومة العراقية ان تتخذ قرارا مهما فسوف تفكر بالجامعة العربية ودول الجوار والدول الاسلامية والمحيط الاقليمي والتوازن في المنطقة والوضع الدولي ومجلس الامن. ثم ان على اراضينا توجد قوات ضخمة تابعة لقوات التحالف ثم صارت بقرار من الامم المتحدة القوات المتعددة الجنسية، كان لهذه القوات وجود أساسي في العراق، ومع ذلك لم يستطيعوا اتخاذ قرار مستقل إلا في التنسيق وبموافقة الحكومة، ما عدا بعض الاستثناءات.

بالنسبة لنا اتخذنا ونفذنا قرارات حتى من غير الرجوع للادارة الاميركية او البريطانية او القوات المتعددة الجنسيات، خاصة في المسائل التي تتعلق في وقتها ببناء الجيش والأجهزة الامنية والمؤسسات العسكرية من غير العودة الى أحد. أما ان تقول ان الحكومة كانت مستقلة وتتمتع بكامل السيادة، فأقول لك لا.. بالتأكيد لا. وليس هناك مدى او نسبة معينة لاستقلالية هذه الحكومة او تلك في اتخاذ القرارات كون ذلك يعتمد على نوع القرار نفسه، هناك مثلا قرارات ليس للحكومة الاميركية اي تدخل بها.

وحول ما اذا كان علاوي يتصل بالادارة الاميركية او اية جهة اخرى لأخذ موافقتها قبل اتخاذ القرارات، قال الرئيس السابق للحكومة العراقية: لا..لا، بالتأكيد لا ..لا..لا. لا ابدا، هذا لم يكن يحصل، بل حصل ما هو عكس ذلك.عندما اتخذنا قرار اعادة تشكيل الجيش العراقي والاستعانة بعناصر الجيش العراقي الذي حله بريمر لم نسأل موافقة احد، بل هو قرارنا تماما، وعندما كنت اطلب المساعدة من الدول العربية والغربية بتسليح قواتنا كنت اكلم الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الحكومة البريطانية توني بلير واقول لهما لقد حصلنا على كذا انواع من السلاح ونريد منكم كذا انواع من الاسلحة لتجهيز جيشنا.

يذكر انه في 26 يونيو (حزيران) 2004 نشرت «الشرق الاوسط» الخبر التالي: «ابلغ رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي مسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية الاسبوع الماضي، انه يعتزم التحرك بسرعة لإعادة تشكيل العديد من فرق الجيش العراقي التي حلت بقرار من سلطة التحالف المؤقتة في الربيع الماضي، على نحو يسمح بإعادة منح الجنود والضباط رتبهم العسكرية ومرتباتهم ومخصصات التقاعد التي حرموا منها بموجب ذلك القرار.

وقال علاوي لنائب وزير الدفاع الاميركي بول وولفويتز الذي زار العراق الاسبوع الماضي، انه يخطط لإعادة تشكيل اربع او خمس فرق عراقية في غضون بضعة اشهر، وأوضح ان بين هذه الفرق فرقا تابعة للحرس الجمهوري الذي كان يعد بين وحدات النخبة في الجيش العراقي السابق.

وقال مصدر موثوق في البنتاغون ان علاوي لم يقدم ارقاما محددة لعدد الجنود والضباط الذين سيتم استدعاؤهم الى وحداتهم السابقة، إلا ان اعادة تشكيل خمس فرق سوف يعني إعادة نحو 50 ألف عسكري الى الخدمة.

وكان علاوي قد اكد على امتداد الاسابيع الماضية عزمه على تعزيز قوى الأمن الداخلي، قائلا «ان حل الجيش كان خطأ جسيما، واننا نعمل على اصلاح هذا الخطأ».

وقال وولفويتز في شهادة امام الكونغرس اول من امس، انه لن يصاب بالدهشة اذا اصدر علاوي قرارا بإعادة جيش صدام الى العمل، في اشارة رمزية الى ان الحكومة العراقية الجديدة تملك مقدارا كافيا من السلطة لكي تصدر قرارات مخالفة للقرارات التي اتخذتها سلطة التحالف المؤقتة.

وقال احد المقربين من علاوي ان رئيس الوزراء تحدث مع وولفويتز بقوة، مشيرا الى ان اعادة الجيش الى العمل «شأن من شؤوننا الخاصة». وأضاف المصدر «قال علاوي اننا سوف نعيد تشكيل الوحدات القديمة من الجيش العراقي، وسيكون لدينا اربع او خمس فرق، وان وولفويتز لم يعترض».

وكان علاوي قد اكد في اول يوم تولى فيه منصب رئيس الوزراء، انه يضع الأمن على رأس أولويات حكومته، وانه يعتزم القيام بكل ما من شأنه اعادة الاستقرار الى العراق». ويستطرد علاوي في الحديث عن استقلالية قراراته، قائلا: حتى موضوع القوات المتعددة الجنسيات حاولت جدولته وتنظيمه ووضع برامجها من خلال تشكيل مجلس مشترك ترأسته بنفسي، وكان اعضاؤه عن الجانب العراقي نائب رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والدفاع والخارجية والمالية والعدل ورئيس المخابرات الوطنية العراقية، أما عن جانب القوات المتعددة الجنسيات فكان الاعضاء سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا وقائد القوات المتعددة الجنسيات وممثل الامم المتحدة.

في هذا المجلس الذي كان ينظم العلاقة بين الحكومة العراقية وبين هذه الدول كانت الكفة راجحة لصالح القرارات التي يتخذها الجانب العراقي والرأي الغالب كان هو الرأي العراقي وكان ممثلو الدول الغربية ينفذون ما يتفق عليه العراقيون.

هذا كله مثبت في سجلات، وآمل ان لا تكون هذه الوثائق قد اعطيت للصحافة او وزعت في الشوارع كونها وثائق مهمة لتراث الدولة وتاريخ الحكومة في مرحلة مهمة من تاريخ العراق. حاولت خلال رئاستي للحكومة العراقية تأسيس مؤسسات، وان يكون العراق دولة مؤسسات.على سبيل المثال، كلمني هاتفيا وزير الخارجية، هوشيار زيباري، من اوروبا وهو في طريقه لحضور اجتماع مع الاتحاد الاوروبي وأراد تعليمات منا.

اخبرته فورا اننا نحتاج مسألتين مهمتين من هذا الاجتماع، الاولى ان يفتتح الاتحاد الاوروبي مقرا له في بغداد وفي المقابل يفتتح العراق مقرا له لديه.اما المسألة الثانية فهي ان نقيم علاقات مع حلف شمال الاطلسي(الناتو). وذهب الرجل وطرح هذه المواضيع وتبناها كموقف عراقي وتحقق. لم يجد اننا تشاورنا مع الادارة الاميركية او بريطانيا او غيرها.وأرسلت انا مذكرة لرئيس الحلف الاطلسي، واخرى لرئيس الاتحاد الاوروبي، ومثلما تعرفون فان اول كلية عسكرية افتتحت في العراق اليوم هي تحت اشراف حلف شمال الاطلسي وتباشر عملها. هذه الامور كانت بقرارنا وليس بقرار من جهة اخرى.

وقتذاك، وفي ظل الظروف العصيبة من تاريخ العراق وقفت معنا، من الدول العربية كل من مصر، والاردن ودولة الامارات العربية المتحدة والمغرب والكويت والسعودية. هذه الدول وقفت معنا بقوة وبمستوى مشرف «حقيقة يرفع الرأس».

ولا بد ان اذكر انه في عهد مجلس الحكم طرحت قوات التحالف موضوع تدريب منتسبي الجيش العراقي والاجهزة الامنية في رومانيا وبلغاريا وغيرها من الدول، لكنني رفضت هذا الموضوع وقلت لماذا يتم تدريب العراقيين في هذه الدول ولا ندربهم في الدول العربية.

قلت في هذا الخصوص هناك مصر والاردن والامارات وغيرها من الدول العربية التي تستطيع تدريب قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية. وبالفعل عندما تحدثت مع الرئيس المصري حسني مبارك ومع المسؤولين في الاردن ودولة الامارات وطلبت منهم تدريب العراقيين، فتحت الابواب أمامنا بالكامل وبلا تردد واستقبلوا منتسبي قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية لتدريبهم مجانا وبلا مقابل، بل تحملوا نفقات إقامتهم وتجهيز العراق بالأسلحة والمعدات.

عندما كنت رئيسا للوزراء كانت هناك الكثير من القضايا نحلها مع قادة الدول العربية والإسلامية بواسطة الهاتف بلا عقد او مشاكل، وبالفعل بدأنا نتعامل مع بعضنا البعض كأهل وبيت واحد، وهذه مواقف يشكر عليها الاخوة القادة العرب كون العراق، وكما أؤكد باستمرار، له عمقان؛ عمق عربي وعمق اسلامي، وكلاهما مهم وأساسي، وهذه من الامور التي شجعتني لمبادرة مؤتمر شرم الشيخ، وكذلك لتشكيل اللجنة الثلاثية مع سورية وأبادر بها واقترحها على السوريين والاميركيين. كانت هناك علاقة ممتازة ومتميزة مع الدول العربية.

اما فيما يتعلق بالجامعة العربية وموقفها من القضية العراقية وقتذاك، فانا انتقدت مواقفها واعتبرت ان بعدها ووضعها غير صحيحين، ولا يخدم الجامعة ولا العراق.

لا اعرف الاسباب الحقيقية لموقف الجامعة هذا، هناك من يلقي باللوم على ادارة الجامعة نفسها.انا شخصيا لا اعتقد ان المسؤولية تقع على ادارة الجامعة لأنها تتألف من دول عربية وليست لفلان وفلان، او انها تابعة لهذه الدولة او تلك.

كان يجب ان يكون هناك موقف عربي واضح أقوى وأوسع تجاه القضية العراقية. موقف عربي شمولي وليس ان تنفرد الامارات او الاردن او غيرهما بموقف.لاحظنا هذا الموضوع في مسألة فتح السفارات العربية وتعيين السفراء في بغداد، دعوتي كانت للدول العربية والاسلامية دائما تصب باتجاه رفع التمثيل الدبلوماسي، حتى عندما تركت الحكومة وقمت بجولات عربية يكون حديثي مع قادة هذه الدول حول مسألة رفع التمثيل الدبلوماسي وتوطيد العلاقات مع العراق، كون هذه المسألة مهمة.

اما مسألة العلاقات مع الدول المجاورة، لنتحدث عن ايران اولا، فانا شخصيا من أوائل من دعا الى نزع سلاح منظمة مجاهدي خلق ومنعهم من القيام بأية عمليات اعلامية او استخباراتية او عسكرية ضد ايران. ومن اوائل العمليات التي انجزتها هي توسيع العلاقات التجارية مع ايران وتبادل زيارات الوفود الاقتصادية ودعم الوفود التي سافرت لإيران لتقوية الاواصر التجارية. وتبنيت بقوة مسألة دعوة ايران وحضورها مؤتمر شرم الشيخ باعتبارها دولة جوار. وفي مرات عديدة طلبنا ان تستضيف ايران مؤتمرات دول الجوار، وحرصي كان منطلقا من احترام الجغرافيا والتاريخ، نحن نرتبط مع ايران بعلاقات كبيرة وعميقة وكنت حريصا على ان اوضح أننا لا نتدخل في الشأن الايراني الداخلي وفي ذات الوقت كان عليهم في ايران احترام العراق وعدم تدخلهم في الشأن الداخلي العراقي. حقيقة، انطلقت بهذه الروحية مع دول الجوار، بل والتي هي بعيدة عن هذا الجوار.

يصمت علاوي قليلا..يرتشف الشاي، ثم يعاود الكلام فيقول: في بداية تولي رئاستي للحكومة دعيت لزيارة الولايات المتحدة وبريطانيا، لكنني كنت حريصا على زيارة بعض الدول العربية والإسلامية قبل التوجه لواشنطن او لندن، لهذا اعتذرت من الرئيس بوش ورئيس الحكومة البريطانية بلير وقلت لهما ان زياراتي الاولى ستكون للدول العربية ثم الاسلامية، وبعدها سأزور واشنطن ولندن. بالفعل كانت جولتي الخارجية الاولى عربية، وللأسف لم اتمكن من زيارة الدول الاسلامية، حيث كان في برنامجي زيارة اربع دول اسلامية هي تركيا وباكستان وايران وماليزيا باعتبارها الرئيسة الحالية للمؤتمر الاسلامي، ولأسباب فنية تتعلق بالتوقيتات كان علي ان ازور بعض هذه الدول او واحدة منها، لكنني كنت اريد زيارة الدول الاربع في جولة واحدة ولم يتحقق للأسف هذا.

كنت حريصا جدا على الاهتمام بالعمقين العربي والإسلامي للعراق كوني مؤمنا، قلتها سابقا، وأقولها هنا ايضا بوضوح انه في النتيجة نحن أهل المنطقة ونحن أولى بها والأولى والأقدر على حمايتها، وهذا يحتاج توفير المناخ الصحي للعمل والتواصل الحقيقي غير المبني على حساسيات ومشاكل ونوايا مبيتة. يجب ان نتعاون؛ نتعاون بيننا. وهذا هو الطريق الوحيد لاستقرار المنطقة وازدهارها وليس هناك طريق آخر. اما التدخل في الشؤون الداخلية والمشاكل والحساسيات والتصعيد وتصدير الافكار السياسية والعقائدية فلا تخدم احدا، وأثبتت عبر التاريخ انها لا تخدم اية جهة، بل كانت بشكل مستمر مصدرا للتوتر وليست مصدرا للسلام والاستقرار والازدهار.

لقد عملت كثيرا لدعم علاقاتنا مع دول الجوار ولربط العراق مع دول الجوار، وللأسف «قسم مشى وقسم آخر لم يمش وقسم ثالث ما يزال متعثرا»، لكن الجهود يجب ان تستمر.

انا لا اعرف بدقة مدى توسع النفوذ الايراني في العراق والآن لا تتوفر بين يدي ارقام محددة، لكنني اعرف انه في الانتخابات الماضية أبلغت اطرافا عراقية من قبل ايران بأنها (ايران) لا تقبل بعلاوي وعليه خط احمر، وقلت للايرانيين ان هذا غير صحيح وانه ـ ليس من موقع الاعداء بل من موقع الحوار ـ انكم اذا سمحتم لأنفسكم بالتدخل بالشأن الداخلي العراقي فسوف تجدون ان هناك من يتدخل بالشأن الداخلي الايراني ومسألة التدخل في الشأن الداخلي لا يخدم اي طرف، وهو سيف ذو حدين تستخدمه ضد الآخرين ويستخدم ضدك.

وكان علاوي قد قال في حديث خص به علاوي «الشرق الاوسط» ونشر في 10 سبتمبر (ايلول) الماضي (فيما يخص التدخل الايراني في الشأن العراقي) «نعم هناك تدخلات ايرانية حقيقية. دعني اذكر لك هذه القصة لتتصور مدى هذا التدخل: في الانتخابات السابقة زار العراق مسؤولون ايرانيون ضمن وفد رسمي رفيع المستوى وقد قال هؤلاء لقادة احزاب عراقية بصراحة ان لإيران خطوطا حمراء على اياد علاوي، وانها لا ترغب في بقائه رئيسا للوزراء. كما تدخلت ايران بكل ثقلها في الانتخابات لصالح جهات معينة. كنت وما ازال ادعم سياسة الاحترام المتبادل بين العراق وجيرانه، سياسة تقوم على شبكة من المصالح بين العراق وبين دول الجوار بما فيها ايران، والابتعاد عن التدخل في الخصوصيات. عندما كنت رئيسا للحكومة استقبلت السفير الايراني وقلت له ان تدخلهم لن يخدم احدا وإننا في العراق نحترم جيراننا ونحترم عدم التدخل في شؤون الجار، ولهذا اوقفنا نشاطات (مجاهدين خلق) واعتبرناهم لاجئين سياسيين، ونأمل من ايران ان تتعامل مع العراق بالمثل. اعتقد ان التدخلات الايرانية لن تجدي نفعا في النهاية وسوف تكون محصورة ولن تخدم الاستقرار، وبالتأكيد لن تخدم وضع العراق. ان قيام مسؤول ايراني بإبلاغ قادة سياسيين عراقيين ان لايران خطوطا حمراء على اياد علاوي، ولن تسمح له بان يكون رئيسا للوزراء مرة اخرى، هو تدخل سافر. ليس المهم موقع رئاسة الوزارة، لكن المهم التدخل ذاته. لن يبيح اي سياسي عراقي لنفسه التدخل في الشأن الايراني والقول ان للعراق خطا احمر على أي سياسي ايراني. لم نتدخل في الانتخابات الايرانية الاخيرة ولم نقل عندنا خط احمر على هذا او ذاك.

ويستمر علاوي بحديثه بشأن التدخل الايراني في الوضع العراقي، قائلا: أنا اعرف ان هناك حقائق وأحاديث عن توسع النفوذ الايراني في العراق؛ قسم من هذه المعلومات صحيحة وقسم آخر غير حقيقي والفصل يتم عن طرق الحوارات المستمرة واستخدام القنوات الحضارية المتعارف عليها بين الدول سواء كانت هذه القنوات علنية او سرية. ويجب ان تحرص ايران نفسها على الحوار، وبالضبط مثلما ذكر الاخ سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية الذي تحدث عن مخاوف، ولكن ايضا عزز هذه المخاوف بمسألة مهمة وهو ان يكون هناك حوار وحديث.

كان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل قد حذر في 23 سبتمبر(ايلول) الماضي من مخاطر التدخل ايراني في الشأن العراقي، ونشرت «الشرق الأوسط» في 24 سبتمبر الماضي نص تحذير الفيصل، قائلة «حذر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل من المخاطر التي تواجه العراق، وعلى رأسها التهديد بتفكيك اراضيه، والتدخل الايراني في شؤونه، الذي اشار الى انه يثير مخاوف من صراع أوسع في المنطقة. وكان الأمير سعود الفيصل واضحاً بانتقاده التدخل الايراني المالي والسياسي والعسكري في المناطق العراقية المحاذية لإيران. وقال في تصريحات لصحف أميركية امس، إن «العراقيين يشتكون من تدخل من جانب ايران»، مضيفاً: «ان ذلك يشمل دخول الاشخاص والأموال والأسلحة والتدخل في الحياة السياسية». وأضاف الأمير سعود: ان لطهران مصالح نتفهمها، إلا انه عبر عن القلق من طريقة التعبير عن هذه المصالح. وأشار الى انه بحث التدخل الايراني مع مسؤولين اميركيين اثناء زيارته للولايات المتحدة، محذراً: «اذا صح ان هناك تدخلاً، وخصوصاً في المحافظات المجاورة لإيران، فان ذلك سيكون من الخطورة بمكان». ويستطرد علاوي حديثه عن علاقات العراق مع دول الجوار متحدثا عن وضع سورية والعراق، قائلا «لسورية وضع خاص. تعرفون ان لسورية ايادي بيضاء مع القوى السياسية العراقية، ونحن كلنا كنا في سورية وكانت لنا هناك مكاتب، كما كنا نتحرك بحرية في دمشق ولكن للاسف كانت هناك في النتيجة بعض الاشكالات المهمة والأساسية التي أضرت بالعراق ومنها قضية حفظ الحدود وما وراء الحدود والإعلام، لهذا عندما زرت سورية والتقيت القيادة السورية تحدثت معهم كإخوان وأهل وقلت لهم ان المشكلة لا تنحصر بالحدود وحسب، بل هناك مشكلة الاعلام السوري الذي يعطي شرعية للارهاب تحت تسميته بالمقاومة، فهل من يقتل العراقيين الابرياء هم من المقاومة، ونحن لم نسمع بمقاومة تقتل ابناء شعبها الابرياء، او يعطي هذا الاعلام الشرعية للعمليات الارهابية عندما يتحدث عن الاحتلال ومقاومة هذا الاحتلال. يضاف الى هذا هناك عناصر استغلت حسن الضيافة في سورية وبدأت تتآمر وتدمر العراق. تحدثت بكل صراحة مع القيادة السورية وقلت لهم ان الحل الامثل هو ان ننسق ونتعاون فيما بيننا على الاصعدة الامنية والاستخباراتية وعلى بقية الصعد المختلفة وتهدئة الاعلام.

لقد أنجزنا مع القيادة السورية خطوات متوازنة، حيث شكلنا لجنة مشتركة اطلقنا عليها تسمية (اللجنة الثلاثية) ضمت الى جانبنا وسورية، الولايات المتحدة التي تحدثت عنها والتي كانت بمبادرة مني، حيث تحدثت وقتها مع الرئيسين الاميركي والسوري الذي بعثت له برسالة مع وزير الداخلية فلاح النقيب شرحت له اهمية موضوع تثبيت السلام والاستقرار في العراق وحماية الشعب العراقي، واستجاب الرئيس بشار الاسد الذي كان قد عرض علي مسألة اشكالات الحدود التي تتعلق بالامكانات المادية والتقنية، وأثرت هذه المسائل في ذات الوقت مع الرئيس بوش الذي ابدى استعداده للتعاون.

كانت الامور بيننا وبين سورية تتقدم وتتراجع، وفي اعتقادي ان الحوار يجب ان يستمر مع كل دول الجوار بدون استثناء حتى الدول التي لا تنفذ ما عليها من استحقاقات، بينما نشاهد مثلا دولا اخرى مثل الاردن، على سبيل المثال لا الحصر، لنا معها حدود مشتركة مستقرة وتعاون امني واستخباراتي وتدريب مشترك. حتى الاعلام الاردني بدأ يتحدث عن الارهاب ومخاطره بدلا من ان يتحدث عن المقاومة والاحتلال للعراق، هذا كله مهم لان ما يحدث في العراق يؤثر على دول الجوار. وآمل ان تستمر الحكومة العراقية بالحوار مع سورية بالرغم من المشاكل والتراجع الذي حدث في العلاقات بين العراق وسورية.

* غدا : - علاوي: لست من طلاب السلطة لكن الأوضاع السيئة في العراق تجبرنا على البقاء في العمل السياسي - تعرضت لمحاولات اغتيال من قبل جهات لا يرضيها بقاؤنا في العراق - نعم..أنا كمن يمشي في حقل من الألغام