في حقل الألغام (الحلقة السادسة ) ـ دعمت ديوان الرقابة المالية ومفوضية النزاهة ومحاربة الفساد الإداري والمالي الذي كان مستشريا في عهد بريمر وامتد إلى حكومتنا

"الشرق الأوسط" تنشر مذكرات أول رئيس للحكومة العراقية بعد سقوط صدام

TT

أزمات كثيرة واجهت حكومة الدكتور اياد علاوي، رئيس اول حكومة بعد الاحتلال. كان علاوي يقود سفينة البلد وسط امواج هائجة وأعاصير، مرة تهب من مدينة الثورة (الصدر) حيث تمرد جيش المهدي من اتباع رجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر، واخرى من مدينة الفلوجة، وثالثة من سامراء.

كان لعلاوي خياران لا ثالث لهما، إما ان يواجه هذه الازمات بقوة ليبرهن على قوة الدولة او ان يضيع كل شيء، فاختار الطريق الاول.

وغير الازمات المحلية، كانت هناك ازمات دولية وديون ومشاكل تسليح الجيش العراقي وبناء مؤسسات الدولة. في هذه الحلقة يروي علاوي قصة تهديده بترك الحكومة، ومواجهته لأبرز الازمات التي كادت تعصف بحكومته وكيف تعامل معها.

يقول: الازمات التي مرت بها حكومتنا، كانت مجموعة أزمات مررنا بها؛ ازمات واسعة وكثيرة ومعقدة، منها كانت أزمات: النجف والثورة (مدينة الصدر) والبصرة والفلوجة وسامراء.. هذه الازمات الابرز في زمن حكومتنا والتحديات التي تعرضت لها الحكومة. وكانت هناك مشاكل كثيرة حاولنا التغلب عليها، قسم منها وفقنا في حلها وقسم آخر لم نوفق.

كان رأيي عندما تعرضنا لهذه المشاكل في مناطق مختلفة، أنه لم تكن عندنا أية امكانات، حتى انه جاءني قبل ايام الجنرال كيسي وتعشى معي وتذكرنا مفاصل كثيرة؛ ومنها مسألة النجف في قمة الأزمة، وحصلت مسالة أخرى في الموصل.

في النجف كانت امكاناتنا محدودة جدا من حيث عدد المقاتلين والتجهيز والتسليح. وكنت في زيارة للقاء شيوخ العشائر والأئمة في النجف وكنا تحت القصف، عندما خرجت من اللقاء كان هناك عدد قليل من العسكريين (يهوسون) يهتفون وكان قسم منهم لا يحمل اية اسلحة وكنت انا في سيارة مصفحة ومعي الحماية فنزلت (اهوس) معهم لتقوية معنوياتهم مع ان القصف ورمي الرصاص علينا كان مستمرا.

في الموصل، حصلت نفس العملية حتى كادت المروحية (الهليكوبتر) الني تنقلني تصاب.

كانت عندي رؤية مكونة من مراحل عدة. الرؤية الاولى هي اننا سننتصر، وان ما يجري هو مجرد فقاعات نتيجة غياب وانهيار الدولة العراقية واننا سننتصر وامكاناتنا والدولة ستنتصر، كنت أؤمن ايمانا قطعيا بهذه الرؤية.

رؤيتي الثانية هي انني كنت على استعداد لاستعمال القوة حيث ما اقتضى ذلك من غير ان نتراجع لأنني مؤمن بان هذه المسألة تهم العراق ومستقبله. اما الرؤية الثالثة فهي انني كنت مؤمنا ايضا بالحوار وفتح بابه. اذكر في مدينة الثورة، أنني كنت مجتمعا مع شيوخ العشائر ورجال الدين، وانا اتحاور معهم في ملعب لكرة القدم تحت وابل من القصف. سألتهم عما يريدونه وقلت لهم اذا تريدون استمرار المعارك فسوف نستمر ونحن لها.

بعد هذا الاجتماع الذي جرى في 17 اكتوبر (تشرين الاول) 2004 خرج علاوي وقال للصحافيين «التقيت للتو مع انصار الصدر، تأثرت وشعرت بالسعادة، الامور تسير في الاتجاه الصحيح والأسلحة يتم تسليمها للحكومة العراقية». وأضاف «ادعو العراقيين في جميع انحاء العراق... لتسليم أسلحتهم واحترام حكم القانون وأن يكونوا جزءا من العملية السياسية».

بعد يوم واحد من لقاء علاوي مع شيوخ عشائر ورجال دين في مدينة الصدر، أعلن ان حكومته تريد «تعميم عملية تسليم الأسلحة» كما يحصل حاليا في مدينة الثورة ببغداد الى جميع المناطق مثل البصرة وغيرها، حيث كانت قد جرت في البصرة مواجهات مسلحة بين انصار الصدر والقوات العراقية، وتحدث عن ثلاثة أنماط من أعمال العنف والإرهاب يواجهها العراقيون حاليا. وكشف وزير الدولة لشؤون الأمن الوطني قاسم داود ان الحكومة مددت مهلة تسليم الأسلحة في مدينة الثورة الى 21 من اكتوبر 2004، وانها ستعلن بعد اسبوع بعد ذلك التاريخ عفوا عمن يسلمون السلاح يشمل كل أنحاء البلاد.

وقال علاوي في كلمة أمام المجلس الوطني المؤقت «نعمل على مد عملية نزع الأسلحة الى كافة المناطق مثل البصرة وغيرها تحضيرا للانتخابات العامة التي جرت أواخر يناير (كانون الثاني) 2005. وتحدث علاوي في كلمته بتاريخ 18 اكتوبر 2004 ايضا عن المخاطر الإرهابية التي يواجهها العراقيون في الوقت الراهن، وقال «نواجه ثلاثة أنماط من الارهاب متداخلة في ما بينها؛ اولا: الاعمال الاجرامية التي يقترفها مجرمون محترفون ضد المواطنين كالخطف والتهديد وتفشي مظاهر الفساد والاعتداء على الموظفين وعرقلة عمل المؤسسات ومصالح الحكومة وارتكاب جرائم، هدفها ترويع المواطنين وإشاعة الخوف في المجتمع العراقي».

وأضاف «ثانيا: نشاطات تخريبية تستهدف البنى الارتكازية وقوات الشرطة والحرس الوطني والقوات المتعددة الجنسيات تحت شعارات زائفة وأهداف مضللة تقوم بها جماعات ضالة من عناصر النظام المقبور الهادفة الى عرقلة مسيرتنا والنيل من قدرتنا وتصميمنا في مواجهة التحديات». وتابع ان «ثالثها: أعمال ارهابية تخطط لها عناصر أجنبية تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار في بلادنا تنتمي الى تنظيمات كتنظيم أبو مصعب الزرقاوي و أسامة بن لادن وغيرهما يعملون على الاستفادة من هذه الفرصة لإيذاء العراق وأهله».

واحدة من ابرز وأكبر الازمات التي واجهت حكومة علاوي، كانت ازمة الفلوجة التي حاول رئيس الحكومة وقتذاك ان يتلافى فيها الهجوم العسكري على المدينة، لهذا التقى شيوخ أهالي الفلوجة في نهاية اغسطس (اب) 2004 وقال انه عقد اجتماعات خاصة مع ممثلي الجماعات المقاتلة من مدن الفلوجة والرمادي وسامراء لإقناعهم بقبول عرض العفو الذي قدمته الحكومة، مشيرا الى انه بالرغم من أنه قال انه لم يتوصل الى اتفاق مع أي من الجماعات، فقد أكد أن بعض الممثلين «يغيرون مواقفهم... ويأخذون العفو على محمل الجد».

وكانت الاجتماعات التي عقد بعضها في بيت علاوي الخاص خارج المنطقة المحصنة التي تضم مقر الحكومة العراقية، قد اعتبرت شكلا مغامرا وغير تقليدي من دبلوماسية القنوات السرية. ولكنها تمثل الجهد الأكثر أهمية حتى الآن لمعالجة المقاتل عبر وسائل سياسية بدلا من الوسائل العسكرية.

وقال علاوي في تصريحات اعلامية «انني ألتقي بمن هم من الرمادي والفلوجة. وأتحدث الى الناس هناك ونحن نتصل بهم وبالقبائل والرجال الذين كانوا في الأجهزة العسكرية والأمنية. هناك عفو وقد طلبت منهم أن يستفيدوا منه».

وعلى الرغم من وعوده القوية بالقضاء على التمرد بالقوة العسكرية، يبدو أن علاوي توصل الى ان عقد اتفاقات سلام مع الأعداء قد يكون أفضل بالنسبة له ولبلاده.

وقال علاوي انه طرح «سؤالا بسيطا حقا» على الرجال من سامراء، مضيفا انه أبلغهم «قولوا لنا ما الذي تريدونه على وجه التحديد. اذا كنتم بحاجة الى المال فانتظروا وستجدون وظائفكم وتبدأون بكسب المال، فالدورة الاقتصادية ستبدأ، واذا أردتم ان تكونوا حكاما لهذا البلد فانتظروا الانتخابات، واذا أردتم اخراج الأميركيين فافعلوا ذلك ولكن احصلوا على اجماع الناس بطريقة مناسبة وليس بإرغامهم على ذلك»، مشيرا الى انه عرض العفو على المتشككين. وقال «أجتمع بهم وأبلغهم بأن هناك شيئا واحدا عليهم القيام به، وهو احترام القانون وحكم القانون. واذا اردتم أن تستخدموا العنف فسنواجهكم بالعنف والقمع، وسنجعلكم تمثلون أمام العدالة».

في 11 اكتوبر2004 وجه علاوي تحذيرا واضحا لأهالي الفلوجة طالبهم فيه بتسليم الارهابي الاردني ابو مصعب الزرقاوي وجماعته وإلا فانهم يعرضون انفسهم لعملية عسكرية «كبيرة». وقال علاوي أمام أعضاء في المجلس الوطني المؤقت «طلبنا من اهالي الفلوجة تسليم الزرقاوي ومجموعته، واذا لم يسلمونا اياهم فستكون هناك عملية كبيرة». واعاد علاوي التذكير بواجب الحكومة في استعادة السيطرة على جميع المناطق المتمردة من اجل اجراء الانتخابات العامة في اجواء هادئة. وقال «من واجبنا إعادة الأمن والاستقرار الى جميع مناطق العراق لكي يتمكن الناس من التصويت ونأمل ان يستجيب اهل الفلوجة لمناشدتنا». وقال علاوي ان بحوزته اوراقا تثبت تورط «المجموعات الارهابية»، وخصوصا الزرقاوي في ما سماه «اثارة الفتنة الطائفية والقومية في العراق».

وعندما لم يستجب اهالي الفلوجة لإنذارات رئيس الحكومة قامت القوات الاميركية بهجوم واسع على المدينة، ودافع علاوي في 12 نوفمبر 2004 عن الهجوم على معقل المقاتلين في الفلوجة، قائلا انه سيحسن الأمن في أنحاء العراق وسيمهد الطريق أمام الانتخابات المقرر اجراؤها في يناير.

وكتب علاوي في صحيفة «ذا صن» البريطانية الواسعة الانتشار يقول «إن الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة في المدينة لم يكن ممكنا تفاديه وانه سيساعد العراق على تحقيق حلمه في الديمقراطية». وقال علاوي «انها ليست معركة باختيارنا... اذا انتصرنا سيقترب العراق من تحقيق الرغبة العارمة لمواطنينا في ان يصبح بلدا حرا وديمقراطيا». واضاف «حسم الوضع في الفلوجة سيمهد الطريق لتحسين الأمن عبر منطقة أوسع. وسيسمح بمشاركة كاملة في انتخابات يناير».

واشار رئيس الوزراء العراقي الى انه كان يأمل في حل سلمي في الفلوجة لكن لم يكن هناك خيار سوى التصدي لمن وصفهم بـ«الإرهابيين والمتمردين المسلحين»َ في ثالث أكبر المدن العراقية. وكتب علاوي يقول «قلنا مرارا وتكرارا ان العملية السياسية تبقى مفتوحة أمام جميع أولئك الذين ينبذون العنف». وقال ايضا ان عملية تسجيل الناخبين بدأت وان هناك تأييدا ضخما للانتخابات المزمعة». واضاف «الآن فان هذا الحلم أصبح أقرب من أي وقت مضى».

بعد يوم واحد من تحذير علاوي لأهالي الفلوجة، توجه الى مدينة سامراء التي كان التمرد قد نشب فيها هي الاخرى. وفي اجتماع مع اهالي المدينة قال لهم ان حكومته تستبعد «الخيارات العسكرية بشكل عام» ولا ترغب في اللجوء الى الحلول العسكرية، لكنه اكد تصميمه «على ان ينتصر العراق على الزمر الضالة». واضاف «نأمل من الجميع المبادرة بإنهاء المظاهر المسلحة، والدولة مصممة على ازالة وجود أي مظاهر للتسلح، ونناشد كل من يحمل السلاح تسليمه». وقال «قمنا بأول زيارة الى سامراء والتقينا مع المحافظ والحرس الوطني وتم الاطلاع على سير العمليات التي من خلالها تمت تصفية جيوب الارهابيين والخارجين عن القانون».

يتحدث علاوي وكأنه يتذكر معلومة مهمة ويقول: «اريد ان اذكر معلومة مهمة هنا هي انني لم آت بإرادة اميركية او بريطانية بل انا ناضلت وعملت منذ سنوات طويلة وقدمت التضحيات من اجل العراق وسعادة الشعب العراقي، لذا فأنا لم آت اعتباطا، من هذه المسألة استمددت قوة كبيرة في تكويني النفسي لمواجهة هذه الاحداث. وبالطبع كان عندي تقدير بأن هناك عوامل اقتصادية مهمة تدفع الناس لليأس والتطرف، لذا نتيجة الاصرار والحوار واللجوء الى القوة والوضوح والمحاججة وضخ الامكانات لتدعيم الوضع الاقتصادي، استطعنا تجاوز هذه المحن».

من المشاكل المهمة التي مررنا بها، وهذه لم تذكر من قبل، شكلت الوزارة في بداية يوليو، وتم اختياري رئيسا للوزراء وانتقلت السيادة في نهاية الشهر وباشرنا عمليا.

في يوليو، كانت تجري المباحثات في مجلس الأمن حول قوات الاحتلال لاستصدار قرار بشأنها، لم تكن الحكومة وقتذاك ذات سيادة، وكان هوشيار زيباري وزير الخارجية موجودا في المفاوضات في المجلس، وكنا انا وهو على اتصال يومي كما كنا على اتصال مع ممثلي الدول الاعضاء في مجلس الأمن، وكان الرأي الواضح لدينا هو يجب ان يتضمن قرار مجلس الأمن مسألة مهمة واساسية وهي ان حكومة العراق التي تمثل شعب العراق هي بالنتيجة صاحبة الحق في ابقاء او مغادرة القوات المتعددة الجنسيات.

دخلنا انا وزيباري من جهة، وممثلو فرنسا واميركا وبريطانيا وروسيا، من جهة أخرى باستثناء ممثل الصين، وتحدثت مع كوفي أنان امين عام الامم المتحدة، كما تحدثت مع بعض الاشقاء العرب لدعم هذا القرار وطلبت مساندتهم، كانت الحوارات تجري عبر الهاتف وكان رأينا واضحا وثابتا وبالفعل تم اصدار قرار بهذا الشأن بالرغم من وجود تحفظات عليه. لو لا تضمين هذا الموضوع في قرار مجلس الأمن لما كنت بقيت في منصبي رئيسا للحكومة، كنت اقدم استقالتي واترك الحكومة.

هذه احدى الازمات السياسية التي كانت تتفجر خلف الكواليس من غير ان يعرفها احد سوى الاخ زيباري واعضاء مجلس الأمن وانان والاشقاء الذين تحدثنا معهم ووقفوا معنا.

كانت هناك أزمات متنوعة تتفجر هنا وهناك من غير ان يعرف الشارع العراقي بها، وكنا منشغلين بهذه الازمات المعقدة. ومن جملة هذه الازمات التي لا علاقة لها بالجانب الأمني، جاءني ذات يوم أحد ليخبرني ان طحين الحنطة الذي يوزع في بطاقة الحصة التموينية ملوث ببرادة الحديد، طبعا نحن في اللجنة الاقتصادية العليا التي اترأسها انا او الاخ برهم صالح. طلبت من وزير التجارة في ثاني اجتماع لنا، ووفق قرار صدر عن اللجنة، ان يكون هناك احتياط في المواد الغذائية الاساسية لمدة 90 يوما، يعني في اي وقت يجب ان نجد في المخازن رزا وطحينا وسكرا وشايا وزيت طعام وغيرها من المواد الغذائية احتياطا لثلاثة اشهر.

فوجئت ان وزير التجارة وعلى العكس من قرار اللجنة الاقتصادية يخبرنا بأنه لا تتوفر في المخازن مواد غذائية اساسية، فكتبت له «ماذا تريد ان نفعل؟ هل تريد ان تصير مجاعة في العراق؟». بادرت واتصلت بمجموعة قادة دول عربية، اتصلت بالإمارات كما اتصلت بالأخ رئيس الوزراء الكويتي، وطلبت تجهيزنا بالمواد الغذائية الاساسية، قالوا «اهلا وسهلا ولكن الحكومة لا علاقة لها بهذه المواد وانما القطاع الخاص هو المسؤول وسوف نعطي الاولوية لتجهيزكم من القطاع الخاص بالمواد الغذائية».

عدت واتصلت باستراليا والولايات المتحدة. اتخذت وقتها اجراءين، الاول احلت ملف هذا الموضوع للتحقيق، والثاني بادرنا بتشكيل وفود مكونة من ديوان الرقابة المالية ووزارتي التجارة والخارجية ومن رئاسة الحكومة او وزارة الأمن القومي، شكلنا ستة وفود؛ وكل وفد يتكون من خمسة اشخاص حتى لا تصير فرصة للاختلاس او الفساد الاداري، وطلبت من الحكومة عدم التصريح بأنه لا يوجد طحين في مخازن وزارة التجارة حتى لا يتسبب ذلك في حدوث لغط وتستغل المسألة لإشاعة المشاكل حتى وصلت المواد الغذائية وتعدت المسألة بسلام بفضل جهود الوفود التي عالجت القضية بحزم.

نسال علاوي: من خلال أحاديثكم نصل الى نتيجة هي انكم كرئيس حكومة تتدخلون في كل مفاصل العمل لحل الاشكالات ومعالجتها، تُرى ماذا كان عمل الوزراء؟

يجيب قائلا: والله «ما أدري»، ما اعرف.. الحقيقة انا لا اتدخل فقط في هذه الامور بل حتى في الخطابات المهمة، سواء الخطاب الذي القيته امام الكونغرس الاميركي، والخطاب الذي القيته في القمة الاوروبية. انا كنت اكتب الخطابات بنفسي حيث لم تكن هناك دولة.. وحتى الآن «ماكو دولة». تدخلت في المواضيع الاقتصادية والأمنية من غير ان تكون عندي خلفية في المواضيع الاقتصادية والأمنية، انا رجل سياسي ولكن هناك منطق عام يتحكم في الأحداث يجعلني اقرر ما هو لصالح البلد وما هو ضد مصلحته، غير هذا انا اعتمد على تجربتي الطويلة سواء بالعمل السياسي او الحياة العامة، لذا عندما تسلمت رئاسة الحكومة بادرت مباشرة بتشكيل المؤسسات حتى نستطيع بناء البلد، مثل اللجنة الاقتصادية العليا، مجلس النفط، مجلس الإعمار، مجلس الأمن القومي، الوزارات، حتى اننا كنا ندعو القوات المتعددة الجنسية وسفراء الدول لحضور اجتماعاتنا لندفعهم للمساهمة في بناء البلد وحث مؤسساتهم على عملية التنمية وليتأكدوا بان العراق هو دولة مؤسسات، حتى اني طلبت من حلف شمال الاطلسي (الناتو) التدخل في دعم المؤسسات العسكرية العراقية للاستعجال في بناء القدرات العسكرية حتى تستطيع ان تحل محل القوات الاجنبية متى ما استكملت بناءها.

هذه كانت قرارات صعبة ومتعبة؛ وجزء كبير منها كان يقع على عاتقي. في ذات الوقت دعمت ديوان الرقابة المالية ومفوضية النزاهة ومحاربة الفساد الإداري والمالي الذي كان مستشريا في عهد بريمر وامتد الى حكومتنا.

كانت المرحلة متعبة للغاية، وكنا نعمل ليل نهار وحققنا انجازات نفخر بها وسوف يتذكرها العراقيون.. كنا نعمل لبناء دولة من الصفر بعد ان تهدم كل شيء. اسسنا نواة لقوة جوية وقوة بحرية وقوات مدرعة ومغاوير شرطة، وصار عندنا كيان اقتصادي وبدأنا نتعامل مع الدول لإلغاء المديونية او جدولتها.

* غدا:

ـ علاوي: لم تكن في العراق مؤسسات لتسيير البلد ـ حركة الوفاق هل تتحول الى حزب سياسي؟

ـ كان بعض الوزراء لا يميز بين كونه في الحكومة أو في المعارضة!