قد تهرب المرأة من زواج فاشل إلى زواج آخر غامض النتائج تلبية لظروف اجتماعية أو نفسية ملحة كتلبية الصالح من الطالبين لها للزواج لرضاء أسرتها التي باتت تحس بان ابنتهم عبء يجب أن يتم التخلص منه او لرغبتها في اعطاء نفسها للمرة الثانية المجال لإثبات أنها قادرة على إنشاء أسرة ناجحة بكل المقاييس الاجتماعية المعروفة.
وقد تجد المرأة نفسها للمرة الثانية أمام مفترق طريق شديد الضيق ليجبرها أمام الانحراف نحو الطلاق للمرة الثانية أو الاستمرار في حياة قد تكون غير سعيدة خوفا من تقلد شهادة الانفصال مرة أخرى.
تقول سارة. ص ـ مديرة مدرسة ـ بانها اختارت الزواج للمرة الثانية مع طفلين من زواج سابق حتى ترتاح من ضغط المجتمع من حولها، فكيف للمرأة أن تعيش دون زوج وهي ما زالت في منتصف عقدها الثالث؟ تقول: لأنني من عائلة لا تؤمن ببقاء المرأة دون زوج، فقد مارس والدي واخوتي ما يكفي لكي اقبل بالزوج القادم، فليس هناك ما يجعلني ارفضه فهو من عائلة تماثلنا نسبا وقد قبل بالاقتران بثلاثة أفراد أنا واولادي ومن هنا قبلت· واشارت إلى أن زوجها اثبت حتى الآن بأنها لم تخطئ الاختيار وان تضحيتها بحريتها الشخصية لم تكن مجازفة، بعد أن شاركها شراء منزل لها باسم أولادها ورفض منها المشاركة في مصروف المنزل.
وتحكي هدى. ع ـ إدارية في احدى الوزارات ـ بان أهلها مارسوا عليها ضغطا نفسيا غير مقصود لتجديد تجربتها في الزواج خاصة أنها لم ترزق بأبناء، ففي كل مرة تلتقي مع والدتها أو والدها على انفراد لا يكون الحديث الا حول متى ستتزوج، وكأن الزواج بيدها وتتحكم فيه، ووسط ما كانت تراه من دموع والدتها ـ المتأثرة بكونها دون كيان أسري كأخواتها ـ وتعابير والدها الحزينة، كلما فتح هذا الموضوع معها فاضطرت أن تقبل بأول طارق يكون قابلا للزواج بتقدير جيد حسب قولها.
وتعتبر سامية. ش ـ إدارية ـ أن اختيار المرأة للزواج الثاني مجازفة كبيرة بالنسبة لها، خاصة مع وجود خبرات اجتماعية سابقة غير سعيدة، وقد تملكها الخوف من العودة لدائرة المشاكل والأزمات النفسية مع زوج آخر، لكنها تضطر أمام ضغوط من حولها أن تخوض التجربة متحملة عواقب ذلك الاختيار.
وتستشهد الجوهرة. س بتجربتها، فقد تزوجت المرة الأولى ولم توفق، وخرجت من التجربة دون أطفال، وخاضت التجربة للمرة الثانية مع زوج يصغرها بعدة سنوات، وتم ذلك ليس بسبب ضغوط أسرية، ولكن بسبب رغبتها في انجاب أطفال، وكانت مصيبتها اكبر عندما اكتشفت ان زوجها عقيم، ولا يوجد بصيص أمل في أن ينجب وقررت للمرة الثانية أن تنفصل عنه.
وللهروب من المشاكل التي تصاحب رجوع المرأة إلى منزل أسرتها مرة أخرى بأطفال أو بغيرهم، تدفع المرأة إلى المجازفة بقرار أكثر جرأة للزواج مرة أخرى وهو ما حدث مع سارة ر. التي قررت الهروب منزل أسرتها، الذين كانوا يحاسبونها على كل شيء، حتى عدد ساعات النوم ووجدت أنها كانت مخنوقة بأحكامهم، فقررت الزواج بأول طارق لعله يكون المنقذ لها، وكان زوجا يكبرها بنحو 30 عاما لكنه أرمل وأطفاله تعدوا سن الطفولة، لكنها تقول: رغم انه اقرب للشيخوخة منه للشباب، لكنه يحمل قلبا حنونا، وقد استطاع أن يحتويني ويعوضني عن حنان الأب الذي فقدته.
ويوضح وليد الزهراني الاخصائي النفسي بمركز الراشد، الحالة النفسية التي تمر بها المرأة خلال زمن اتخاذ قرار الزواج الثاني، بأنها تقع تحت وطأة كم هائل من القلق والخوف من الفشل للمرة الثانية وتكون في حيرة من أمرها قد تجعلها غير قادرة على اتخاذ القرار الصائب، واشار إلى أنه في اغلب الأحيان يكون الزواج الثاني ناجحا بدرجة كبيرة، لان الزوجة تستفيد من تجربتها السابقة في تلافي الاسباب السابقة لحدوث فشل الزواج.
وينصح الزهراني العائدات لتجربة الزواج بعد الانفصال بعدم اعادة التجربة الا بعد مرور عام على الاقل بين التجربتين، وهي الفترة المناسبة للتخلص من رواسب التجربة الماضية وتستطيع بداية تجربة جديدة دون اي تأثيرات خارجية عليها.