تشتهر «أم على» كطبق محبب لدى الشعوب العربية، كونها تمثل القاسم المشترك للمطبخ العربي، ولارتباطها بالحنين إلى الماضي، ويندر أن تجد شرق أوسطيا، لا يعلم عن «أم على» المحببة.
في مسلسل «عباس الأبيض في اليوم الأسود»، حاول المؤلف تفسير مصدر اسم «أم على» على لسان الفنان يحيي الفخراني، ففي أحد المشاهد دخلت عليه أم محمود (الفنانة ماجدة زكي) بطبق «أم علي»، كقيمة تزيد من المودة، بادر بسرد قصة مسمى طبق «أم علي» أو «أم المنصور» التي انتقمت لزوجها من الملكة شجرة الدر وقتلتها لكن ليس بـ«القباقب» كما يشاع، واحتفلت «أم المنصورية» بهذا النصر بتوزيع طبق كبير مكوناته سكر وعيش أبيض وحليب لمدة شهر كامل، فارتبط الاسم باسم هذه السيدة «أم على»، فأقبل عليه المصريون وتفننوا في صنعه بإدخال العديد من التحسينات عليه.
توضح الدكتورة ميرفت فاروق أستاذة التاريخ بجامعة عين شمس ارتباط الطبق بهذا الاسم بقولها «كانت أسماء السيدات في العصر العثماني عبارة عن ألقاب كأم أحمد وأم علي وغيرها من الأسماء، يرتبط الاسم بهن منذ الميلاد، فإطلاق اسم أنثوي يعتبر عيبا ويخدش الحياء، فكانت البنات يحملن أسماء ذكورة مسبوقة بكلمة «أم» ومن هنا جاء أسم «أم علي» زوجة الأمير ايبك، الذي تزوج الملكة شجرة الدر بعد موت زوجها الملك الصالح.
ولكن هذه ليست القصة الوحيدة التي أدخلت هذا الطبق التاريخ، فهناك قصة أخرى يتداولها أهل المدينة المنورة، تشير إلى كرمهم ورفادتهم لزوار مدينة الرسول الكريم.
تقول الحاجة نور محمد «أهل المدينة يقدمون طبق عبارة عن رغيف من الرقاق منقوع في الحليب اتساقا مع وصية نبوية كريمة، وكانت تلك الوجبة تقدم بجوار المسجد النبوي، وكان يصنعها أهالي المدينة بأنفسهم، ويقدمونها برحب وسعة من دون مقابل».
وتتابع الحاجة نور حديثها فتقول «كان ذلك الطبق يعرف باسم فتة الحليب أو الزلابية، وهي عبارة عن رقاق تقلي في الزيت الحار، ثم توضع في الحليب وتقدم وهي ساخنة كإفطار للمصلين بعد الانتهاء من صلاة الفجر، وخاصة في ليالي الشتاء الباردة في المدينة المنورة».
ولـ«أم علي» قصة شهيرة ارتبطت بحاكم مصر الأسبق محمد علي باشا، فقد أبدى إعجابه بالطبق الذي تناوله أثناء زيارته للمدينة المنورة، وطلب من طباخه الخاص أن يتعلم أصول إعداد الزلابية، وبانتقالها إلى مصر أطلق عليها «أم علي». بعدها انتقل الطبق إلى كثير من البلاد العربية، بقي الاسم كما هو في الشام، بينما تحول في تونس إلى «مرقوق بالحليب».
وشهدت «أم على» العديد من الإضافات، ففي بلاد الشام أضيفت المكسرات كالبندق واللوز والزبيب والقشطة، وفي تونس الخضراء، أضيفت المكسرات والكريمة الخفيفة، حتى صارت تحاكي بعض أنواع الحلويات الغربية. و«أم على» غنية أما بقيمتها الغذائية، الدكتورة بسنت هاشم أستاذ التغذية والعلاج الطبيعي، فإن «أم علي» وجبة شتوية تحتوي على 2400 سعر حراري، ومصدر قيمتها الغذائية من الحليب الذي يحتوي علي درجة عالية من الكالسيوم، بالإضافة إلى النشويات التي تتمثل في الرقاق أو الخبز، كما توفر المكسرات كميات كبيرة من الفتيامينات. أما كميات السكر العالية فتعطي «أم علي» قيمة غذائية متكاملة لذيذة الطعم، يقبل عليها الكثير وخاصة الأطفال.