حلمي بكر.. هاجم الساحة الفنية فاختفت ألحانه

تزوج سبع مرات.. ويحمل لقب «بكريار»

TT

حلمي بكر، حالة فنية مختلفة، قدم للساحة الغنائية ما يزيد على ألف أغنية ورغم ذلك فضل في السنوات الأخيرة أن ينأى بنفسه من الدخول في منافسة يطغى عليها حالة التردي في سوق الغناء، حيث تكثر أغنيات بلا اسم أو هوية، ومن أجل ذلك دخل في معارك وشن هجوما متعددا على كل ما هو هابط ومبتذل في الساحة الغنائية.

حصل حلمي بكر على دبلوم المعهد العالي في الموسيقى عام 1960 وهو نفس العام الذي شهد احترافه كملحن مع المطربة وردة من خلال أغنية «شويه صبر» التي حققت نجاحا كبيرا وقدمته وردة في حفل أضواء المدينة وكانت هذه أول مرة يقدم فيها مطرب ملحن على خشبة المسرح وأمام الجمهور. ولا يحسب حلمي بكر مشواره في عالم التلحين بالكم ولكن بالكيف الذي يعده معياره الوحيد فيقول: أغنية «معندكش فكرة» التي غنتها وردة كان من المفترض أن تغنيها أم كلثوم ولكن القدر كان الأسبق، ولهذه الأغنية قصة طريفة مع سيدة الغناء العربي فقد رشحني لها رياض السنباطي أكثر من مرة، بعدها أخبرني محمد عبد الوهاب أن أم كلثوم ذكرت له أن رياض السنباطي رشحني ثلاث مرات وأيضا كمال الطويل، وقال لي سوف أطلبها لك فتخيلت أنه يمزح وأعطاني السماعة فقلت: نعم يا اختي؟ وجاء صوت العملاقة أم كلثوم: آه يا قليل الأدب ثم قالت لي: أرجو أن تكون ألحانك أفضل من أخلاقك؟ وبعدها التقيت بها وكان لقاء فيه رهبة واتفقنا على الأغنية، وعندما انتهيت من تلحين نصف مذهبها، أسمعتها اللحن فقالت لي: حلو قوي وعندما أعود نسجله، ولكن سافرت وعندما عادت كانت رحلة مرضها الأخيرة، فكانت الأغنية من نصيب وردة.

ارتبط حلمي بكر بالموسيقار محمد عبد الوهاب ويحكي بكر قصة معرفته به فيقول: كنت طالبا بمعهد الموسيقى وحضر عبد الوهاب ليسجل أغنية «بافكر في اللي ناسيني» في قاعة التسجيل، وطلب عودا وأحضروا له عودي وتسللت ودخلت القاعة، واختبأت بين الكراسي وظل عبد الوهاب يسجل مدة ست ساعات كاملة، غلبني النوم أثناءها وصدرت مني أصوات شخير فأنزعج عبد الوهاب، ووبخني لأنني دخلت من دون استئذان فقلت له إنني صاحب آلة العود، وبعد هذه الواقعة تعرفت على عبد الوهاب أكثر أثناء تسجيل أغنية «من رمش عيونك يا» لصباح، وقال عني عبد الوهاب في برنامج إذاعي: حلمي بكر علامة مميزة في الموسيقى العربية، وبعد ذلك تجاوزت علاقة حلمي بكر بعبد الوهاب حدود العمل إلى العلاقة الشخصية والإنسانية وارتبط به بعلاقة عائلية وصداقة أسرية.

لحلمي بكر مواقف شديدة القسوة تجاه ما يحدث لحال الأغنية وتدهور مستواها فيقول: فن اليوم مثل طعام وملابس وسلع اليوم نستهلكها وننساها فورا دون أن تترك أي بصمة أو قيمة في حياتنا، يقولون إنها تعبر عن إيقاع العصر واقول إنها مخلفات حرب، هذا الفن نتاج نكسة 1967 وكان يجب أن ينتهي عام 1973 بعد الانتصار الكبير ومعنى الاستمرارية هنا أن هناك آفة أو مرضا مستعصيا في الحقل الموسيقي مما يستوجب استدعاء الصحة العالمية، لكي تعتبر هذه المنطقة موبوءة موسيقيا، ويرى أن ما يحدث الآن في عالم الأغنية هو «سلق بيض» والدليل كثرة الألحان المتشابهة للملحن نفسه.

وخلال مشواره الفني، وخاصة في السنوات الأخيرة دخل حلمي بكر في صدامات وعكف على مهاجمة كل صوت جديد، فلم يسلم منه مطرب أو مطربة وعن ذلك يقول: أنا لست من هواة الكلام ولا دعاة التصادمية، لأنني لست ضد أحد ولا أهاجم أحد، ولكنني اقول إن 70% من الأصوات الموجودة حاليا على الساحةإ أنا صاحب قرار إجازتها في الإذاعة باعتباري عضوا في لجنة الاستماع، لذلك فأنا لست ضدهم ولكن ضد التدهور في حال الأغنية! وقد أدى غياب حلمي بكر عن التلحين فترات متباعدة إلى خروج أصوات تتهمه بأنه ترك التلحين وتفرغ للكلام والمعارك الكلامية ضد الملحنين الشباب، وهو الاتهام الذي يرفضه بكر ويقول: زمان كنا نصفق من قلوبنا للملحن المبدع، الآن للأسف الشديد نصفق للحرامي الذي يسرق ألحان غيره، هناك أصوات كثيرة تطالبني بوضع الحان لها لو وافقت لملأت الدنيا طربا، ولكن لن أشارك في هذه المهزلة.

وبسبب وضوح وصراحة ومواقف حلمي بكر الثابتة تجاه ما يحدث للأغنية تعرض لخسارة كبيرة، ولكنه يقول دائما: خسارتي أعتبرها مكسبا، أنا خسرت عندما قلت رأيي صريحا ومحايدا ومن أجل الصالح العام حتى تصبح الأغنية في مسارها الصحيح.

ودائما يرى حلمي بكر أن هناك خللا في صناعة نجومية المطرب المصري، فهناك نوعان من المطربين، الأول هو الذي تنزل له من البيت وتذهب لحفلته ونستمتع به ونتسلطن، والثاني هو الذي نكتفي بشراء ألبومه فقط، والنوع الأول هم النجوم الحقيقيون، أما الثاني فهم نجوم من ورق يرتبط نجاحهم بنجاح الكليبات، التي تصور أغنية واحدة من أغنيات الألبوم والكليب سر نجاحهم.

وإذا كانت حياة حلمي بكر مع الموسيقى والألحان فيها الكثير من الشد والجذب والصدام والدخول في معارك من أجل قضيته الأساسية، وهي الأغنية، فإن حياته الخاصة دائما بها نغمة شارده منذ سنوات الشباب وحتى اليوم، وفي مطاردته الطويلة لنغمته الشاردة قصص زواج وطلاق وحب وفراق فقد تزوج حلمي بكر سبع مرات لدرجة أنه في الوسط الفني يحمل لقب «بكريار» ويرجع حلمي بكر الفشل في زيجاته المتعددة إلى «عقله» فهو يحب ويعشق، ولكن عقله يتدخل في كل تفاصيل الحياة.

الزوجة الأولى كانت الفنانة المعتزلة سهير رمزي وتزوجها عام 1964 واستمر زواجهما أربع سنوات وكان سبب الانفصال رغبة سهير رمزي في التمثيل وإصرارها عليه، أما الزوجة الثانية فهي «شاهيناز» أم أبنه هشام الذي يعيش حاليا في أميركا، واستمر الزواج 13 عاما، وهي شقيقه الفنانة شويكار وتم الطلاق بعد أن وصلت المشاكل بينهما إلى أقسام الشرطة، أما الثالثة فهي المطربة التونسية «عليا» وقد تم الزواج عرفيا واستمر ثلاث سنوات، وهو الذي اكتشفها وقدم لها اشهر أغانيها «يا حبايب مصر» و«عاللي جرى»، أما الزوجة الرابعة فقد استمر زواجه منها أربعة أيام وتم في لندن في إحدى زياراته، والخامسة فهي «نانا» ابنة خالة الممثلة الشابة «دنيا» وكانت اسرة هذه الفتاة قد ضاعت ممتلكاتها أثناء الغزو العراقي للكويت عام 1990 وهربوا لسورية بوثائق مزورة، وحدثت لهم مشاكل، وكان المخرج أن يتزوج البنت بوصفه صديق العائلة، وعندما انتهت المشكلة انتهى الزواج، أما الزوجة السادسة فكانت ابنة خالة المطربة السورية «أصالة»، والزوجة الأخيرة لحلمي بكر حاليا هي فتاة صعيدية اسمها «نارمن» وكانت قبل الزواج تعمل صحافية في أحد المحلات العربية وفارق السن بينهما تجاوز الأربعين عاما إلا أنه يؤكد أن الحب لا يعرف حساب السنين. وهوايات حلمي بكر غريبة كحياته، فهو يهوى السيارات القديمة جدا ويهوى أيضا أن يقوم بتصليحها بنفسه، وقد عشق هذه الهواية منذ طفولته ويقتني حلمي بكر حاليا سيارتين ماركة ستروين موديل 1940.