منى الصبان: 15 ألف دارس من جميع أنحاء العالم وفي مقدمتهم المصريون والسعوديون

TT

لإلقاء الضوء بصورة اكبر حول هذه التجربة التقينا، على هامش مسابقة أفلام من الإمارات، التي اختتمت فعالياتها في السادس من الشهر الحالي، الدكتورة منى الصبان، الأستاذة بالمعهد العالي للسينما بالقاهرة، أكاديمية الفنون ومديرة المدرسة العربية للسينما والتلفزيون على شبكة الإنترنت، للتحدث عن هذه التجربة العربية الاولى:

> في البداية متى وكيف كانت فكرة إقامة مدرسة على شبكة الإنترنت متخصصة في السينما في ظل غياب واضح وكبير للتعليم عن بعد باللغة العربية في الدراسات الإنسانية والعلمية الأخرى؟

ـ في الحقيقة انه وقبل عام 99، لم يكن لدي أي خلفية عميقة حول استخدامات الإنترنت، فقد كانت استخداماتي له لا تتعدى المراسلات الإلكترونية، إلا انه طلب مني في ذلك العام تقديم ورقة عمل حول التعليم السينمائي باستخدام الإنترنت، وذلك في المؤتمر الذي تقيمه الرابطة العربية الأميركية لأساتذة الإعلام في احدى الجامعات العربية الأميركية، وكان موضوعه لتلك السنة «التعليم عن بعد للإعلام»، ووجدت تشجيعا خاصا من الدكتور حسين امين، عميد كلية الإعلام ورئيس الرابطة في القاهرة، عندها بدأت التحضير لتلك الورقة، إلا أني أضفت إليها التلفزيون، ذلك أن التلفزيون قرين السينما، ومعظم المدارس السينمائية العالمية لا تفصل بين التلفزيون والسينما في الوقت الحالي، وهكذا قدمت الورقة في ذلك الشهر نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام، وكانت تلك أولى الخطوات لإنشاء المدرسة.

> متى تم البدء عمليا بالمشروع؟ وما هي الجهات الداعمة له؟

ـ بعد ان تلقينا الدعم المعنوي الكبير من زملاء المهنة ومن الرابطة لإتمام المشروع، كان اول اولوياتي ان يتم المشروع من دون ان يتم فرض اي رسوم على المشتركين او الدارسين، وان تقدم المدرسة خدماتها مجانا للجميع، لتكون مدرسة ثقافية اكاديمية غير ربحية. وبعد المؤتمر مباشرة قدمت المشروع لصندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة المصرية على اساس انه تنمية ثقافية يهدف لخدمة الدارسين للسينما وتنمية مواهبهم في العالم العربي. وبقيت على اتصال مع الصندوق حتى تم إقرار المدرسة بقرار من وزير الثقافة في يوليو (تموز) 2001، بتمويل من صندوق التنمية، وتم الافتتاح عمليا في اكتوبر (تشرين الأول) 2001 على يد السيدة سوزان مبارك، ويعمل في المدرسة الآن سبعة عاملين.

> ما هي الأهداف التي تريد أن تحققها المدرسة بخلاف المدارس العربية الأكاديمية؟ وما هي الشريحة التي تستهدفها المدرسة؟

ـ في البداية، وقبل ان اقدم ورقة العمل لاجتماع الرابطة، كنت قد قمت بزيارة لكافة الملحقيات الثقافية العربية بمصر، وذلك لأخذ فكرة عن وضع دراسة السينما في تلك الدول. ولا اخفيك اني قد تفاجأت بأن الكثير من العاملين والمسؤولين في تلك الملحقيات لم يكن لديهم ادنى فكرة عن وجود مثل هذه الدراسة المتخصصة اصلا، فضلا عن وفرة مصادرها بالنسبة للمهتمين بهذا الفن، التي تكاد تكون معدومة في جميع الدول العربية. ويكفي ان نعرف ان في معهد السينما الوحيد في مصر، الذي يعتبر في نظر الكثيرين رائد صناعة السينما العربية، يستقبل كل سنة ما يفوق 3000 طلب للالتحاق بالمدرسة، إلا ان عدد المقبولين لا يتجاوز 64 فقط حسب اللوائح الرسمية للمعهد. وهذا بلا شك قد دفعني اكثر لإكمال المشروع الذي كنت اعتقد انه سيكون له صدى كبير عند شريحة واسعة تستهدفها المدرسة، وبالتالي كانت الشرائح الأهم التي تستهدفها المدرسة هم الذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس الأكاديمية او من يتسنى لهم ذلك، وهم يتلخصون في ثلاث شرائح رئيسية: اولاها هم اولئك المتقدمون للمعاهد السينمائية، إلا انه لم يتم قبولهم. والشريحة الأخرى هم العاملون في المجال السينمائي والتلفزيوني، إلا انه لم يسبق لهم ان التحقوا بالمدارسة الأكاديمية. ولك ان تعرف ـ وذلك حسب دراسة مصغرة قمت بها على التلفزيونات العربية ـ ان معظم العاملين في هذه المجالات يحملون شهادات وتخصصات ليس لها اي علاقه بالسينما، فهناك خريجو الزراعة والهندسة والصحافة وفنيو التبريد والتكييف. والشريحة الثالثة هم الهواة من اصحاب المهن الأخرى، فقد وجدت ان كثيرا من المهندسين والأطباء والفنيين الذين ليست لديهم رغبة في ترك مهنهم، إلا ان لديهم مواهب ورغبة جامحة في ممارسة هذا الفن كهواية يمارسها او كعمل إضافي.

> يمكن اعتبارالسينما أحد الفنون والعلوم التطبيقية التي لا يمكن ان تدرس من دون ان تكون هناك تجربة عملية، فكيف استطاعت المدرسة التوفيق ما بين الجزء النظري والتطبيقي؟

ـ اولا يجب ان يوضع في الحسبان ان شريحة واسعة من الدارسين هم اولئك الذين لا تعوزهم التجربة العملية بقدر ما يفتقرون الى المادة النظرية التي توجه ممارساتهم المهنية، إلا انه ولكي تشمل المدرسة كافه الدارسين في المدرسة فنحن الآن بصدد دراسة (ومن ثم إقرار) تطبيق اختبارات وامتحانات نظرية للدارسين يتم عقدها في عدة مراكز عربية ستخول المتجاوزين لها الدخول الى ورش عمل تطبيقية تقيمها بعد ذلك المدرسة.

> من خلال متابعتي للمدرسة يلاحظ الزائر عدم وجود اي قسم يخص التمثيل، الذي هو احد اهم فروع الفن التلفزيوني والسينمائي؟

ـ منذ بداية المشروع وانا مرتبطة بشكل رئيسي بالمناهج التي يتم تدريسها بمعهد السينما بالقاهرة، ولأنه لا يوجد في المعهد اي قسم للتمثيل، فقد اكتفينا بالعلوم التقنية الاخرى. الامر الآخر، وهو الاهم الذي دعا الى عدم ادراج اي دورس في التمثيل، هو صعوبة اعطاء جزء نظري بمعزل عن الجزء العملي، وهو الذي يمكن ان يتوفر في غيره كالإخراج والتصوير والديكور وغيرها.

> في قسم «رف الكتب» توفر المدرسة ارشيفا ضخما من الكتب السينمائية، إلا ان الكثير من هذه الموارد هي في الواقع غير متوفرة منذ سنوات عديدة، فما الفائدة التي ربما ستعود على الطالب من هذا القسم؟

ـ لا اخفيك ان هذه مشكلة تواجه جميع المراجع والكتب العربية بكافة تخصصاتها، والسينما احد تلك التخصصات، إلا اني وفي محاولة للتخفيف من هذه الإشكالية وتوفير هذه المصادر للقارئ، كنت قد تحدثت مع مكتبة الاسكندرية للقيام بمشروع يهدف الى توفير هذه المراجع للدارسين في المدرسة، وذلك عبر تنزيلها على موقع المدرسة، واخذ رسوم رمزية لكل كتاب يقوم الدارس بتحميله، إلا انه وبعد مفاوضات سنة كاملة اعتذرت المكتبة عن عدم إتمام المشروع.

> ما هي الإنجازات التي حققتها المدرسة منذ افتتاحها؟

ـ يقدر عدد الدارسين بالمدرسة اليوم بأكثر من 15000 دارس من جميع انحاء العالم، تأتي مصر في المرتبة الأولى، ثم تأتي السعودية، وهو ما أثار انتباهي وفضولي، حيث يتعدى عدد المشتركين من السعودية اي دولة عربية اخرى، إلا انهم لا يقتصرون على هاتين الدولتين، فهناك مشتركون من سورية ولبنان والمغرب وحتى من أميركا واستراليا واوروبا من الناطقين باللغة العربية. وبطبيعة الحال ان مثل هذا الكم الهائل من الدارسين يدفع بنا الى مواصلة العطاء وتطوير المدرسة لتكون اكثر شمولية، ولتعود على الدارس بمردود افضل، وان تكون الخطوة الأولى لظهور معاهد سينمائية اخرى نظامية تقليدية، ومدارس اخرى عبر شبكة الإنترنت، وإعطاء دفعة اكبر لحركة السينما العربية وتطويرها لتكون في مصاف الإنتاجات العالمية الاخرى المتميزة، كما اني دائما ادعو الدارسين الى عدم الاكتفاء بما تقدمه المدرسة ومحاولة الاطلاع على ما تقدمه المواقع الأجنبية المتخصصة في السينما من معلومات قد لا تستطيع المدرسة توفيرها.