الإعلامية السعودية ريما الشامخ: من الظلم اختزال كفاءتي في كوني امرأة

برزت في تغطية الحوادث الأمنية.. وتعتبر أن المجتمع لم يكن عائقا أمامها

TT

ارتبط اسم وشهرة الإعلامية السعودية ريما الشامخ بشكل كبير بالاحداث الامنية التي شهدتها المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة، وكثيرون يعتبرون أن ريما الشامخ فتحت باب التغطية الميدانية في أصعب أشكاله أمام الإعلاميات السعوديات ليثبتن انهن لسن اقل شأنها من زملائهن الرجال في المهنة. وهي ترى كذلك انه من الضروري على المذيعة التأنق، حتى خلال التغطية الميدانية، حتى وان كانت المراسلات الغربيات يبدين اقل اناقة وذلك لأن الثقافة الاجتماعية في السعودية تختلف عن الغرب. ريما الشامخ هي نجمة ساطعة في قناة «الإخبارية» السعودية، التي يديرها زوجها الصحافي محمد التونسي، فكيف ترد على من يقول ان هناك تضاربا في المصالح وانه يفضلها عن غيرها من المذيعات. «الشرق الأوسط» التقت ريما الشامخ في الرياض، وتحدثت معها عن تجربتها واستمعت الى ارائها حول تجربتها، وفي ما يلي نص الحوار:

> يرى فيك البعض أنك دشنت التغطية الميدانية النسائية في ما يتعلق بالأحداث الإرهابية التي وقعت في السعودية؟ فما تعليقك على ذلك؟

ـ أشعر بالفخر الشديد لتجربتي هذه التي تضمنتها مخاطر عدة إلا انه كان هناك مهمة تتعلق في تزويد المشاهد بتفاصيل ما يحدث كي لا يستقي الأخبار من فضائيات عربية وغربية أخرى، وكانت الإخبارية أول من عرض مشاهد مختلفة للأحداث الإرهابية وفي مواقع مختلفة نقلت عنها فضائيات العالم، والى جانب هذه التغطيات الميدانية كان هناك برنامج وثائقي أطلق عليه «دائرة الظلام» لرصد العمليات كافة وركز على رصد كافة الجوانب والآثار لهذه العمليات واعتمد على التحليل المنطقي من خلال مقابلة كافة الأطراف ذات العلاقة بالموضوع.

>  كيف تقيمين التعامل الأمني والمجتمع المحيط من خلال تغطيتك لمواقع التفجيرات وبالأخص كونك امرأة؟

ـ لحسن الحظ لم أصادف أي عائق للنزول إلى الميدان وإنما كان حضوري يضفي جانبا من الطمأنينة للمشاهدين حيث أن الوضع لم يكن بذات الخطورة التي تصفها القنوات العالمية، وفيما يتعلق بالمسؤولين فشاهدت الدعم والتعاون منهم.

> في حال استغراق التغطية الميدانية لأيام عدة أين تلجئين لأخذ قسط من الراحة؟

ـ قد تضطرني الظروف لأخذ قسط من الراحة في ذات سيارة البث التلفزيوني كما حدث في حادثة الخبر حيث لم أتمكن من مغادرة الموقع لمتابعة أي تطورات مفاجئة.

> هل واجهت صعوبات باعتبارك امرأة اقتحمت ميدان طالما احتله الرجل لفترة طويلة؟

ـ من خلال تجربتي أقول لك انني اعشق العمل الميداني ولا اعترف بعمل المكاتب، حيث لا أتمكن من تفهم كيفية التواصل مع الآخرين من خلال المكوث في المكاتب، ومنذ اتخذت الصحافة مهنة بقيت متواجدة في الميدان، والمجتمع لا يعيق الإبداع ولا يعارض إثبات الجدارة وما علينا الثقة بأنفسنا وتطوير مهاراتنا والتعامل مع العقبات بروية وموضوعية، ومن جهة أخرى لا يقتصر الابتعاد عن الميدان على المرأة وإنما كثيرا ما نجد الرجل أيضا يعتمد على البيانات الصحافية.

> يؤخذ عليك البعض ما يصفونه بأسئلة عفوية خلال التغطية الميدانية، فهل المراسل الميداني يقع في بعض الأوقات في فخ «البث المباشر»؟ حيث هناك انتقادات عدة حول ماهية الأسئلة التي تطرحينها على ضيوفك، فهل تلقين باللائمة على المعد أم على البث المباشر؟

ـ الأسئلة التلقائية والعفوية غالبا ما تشكل محصلة ما يدور في أذهان الناس في لحظة وقوع الحدث، ولا بد من إلقاء الأسئلة من زوايا مختلفة للوصول إلى الحقيقة، وأنا انتقد إعداد الأسئلة مسبقا قبل حضور أي مناسبة عامة، كما وأعارض بشدة الأسئلة المكتوبة والجاهزة مسبقا حيث أن ذلك يؤدي إلى إغفال الصحافي أية مستجدات ويبقى تركيزه منصبا على ما أعده من أسئلة، وأنا لا أبحث عن الإثارة على حساب المضمون، فأنا لا اعتمد الأسئلة المفخخة كمادة صحافية بالنسبة لي، وبقدر المستطاع أحاول أن أتحصل على إجابات صريحة وواضحة أسعى لان تكون انعكاسا لما يدور في أذهان الناس.

> ولكن ألم تخنك بعض الأسئلة حيث ظهرت دون المستوى الذي تتوقعينه؟

ـ لا أبدا لم أصادف ذلك، وذلك لعشقي للبث المباشر وأعده اصدق أنواع البث الغير محضر.

>  كيف انعكست العلاقة الزوجية بينك وبين مدير قناة الإخبارية محمد التونسي من الناحية المهنية وموقعك الوظيفي؟ وهل كان الأثر ايجابيا أم سلبيا؟

ـ في العمل الصحافي والإعلامي أدين للأستاذ محمد التونسي بالجميل، فعلى يديه تعلمت أنا ومئات الصحافيين زملائي أبجديات المهنة، ولك أن تسألي الكفاءات الشابة المتميزة في المواقع المختلفة بمؤسساتنا الصحافية، إلا أن، ومن ناحية أخرى بدأت العمل التلفزيوني بشكل مستقل ولمدة ثلاثة أعوام عن زوجي حيث لم يتول إدارة القناة سوى قبل أربعة أشهر فقط ولا اعتقد أن هناك أي تغيير أو تأثير يطالني فمنهجي العملي هو ذاته منذ بدأت العمل الإعلامي.

> ولكن يرى المشاهد أن ريما الشامخ دوما في الواجهة فما السبب؟

ـ أنا في الواجهة منذ أن بدأت الإخبارية، فاندلاع الأعمال الإرهابية بدأ منذ مايو 2003 وكنت وقتها لوحدي في الميدان.

> ولكن هل تواجد زوجك في ذات الوسط الإعلامي كان له أثر ايجابي أم سلبي؟

ـ العمل الإعلامي مكشوف تماما أمام الجميع ولا تجدين التوصية أو الواسطات، فالحكم والفيصل من خلال التغطيات المباشرة وقراءة نشرات الأخبار وتقديم البرامج هو المكن والإجادة، واكبر واسطة لا تستطيع أن تخلق إعلاميا ناجحا.

> هل ترشيحك لإجراء حوارات سياسية كحوارك مع وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول والقيام بتغطيات ميدانية لمواقع التفجيرات وحوادث الإرهاب اعتمد على كفاءتك المهنية أو لكونك صحافية سعودية وهو ما يعد سابقة في المجتمع السعودي أم خليط بين الاثنين؟

ـ حواري مع وزير الخارجية الأمريكي السابق جاء بناء على اختيار من واشنطن، ولم يكن هناك تركيز على إظهاري كوني امرأة وكنت قد أجريت حوارات مختلفة مع عدد كبير من الرؤساء والوزراء ولا أنكر التشجيع والدعم الذي لاقيته من جهات مختلفة وأنا ممتنة بذلك واقر واعترف أن جهدي في ذلك سابقة واعتز بذلك، كثيرا ما كنت أبادر بنفسي بإجراء اتصالاتي ولم أرشح دوما > هل كونك امرأة في المجال الإعلامي المرئي كان عاملا ايجابيا لتسهيل مهام إجراء الحوارات مع عدد من المسؤولين أم كان مأخذا تسبب في تعقيد مهمتك الإعلامية، فعنصر المفاجأة يلعب دورا بالتأكيد باعتبار أن هناك تشوقا عالميا لمعرفة ما هي المرأة السعودية؟

ـ أرى انه من الظلم والتجني على الإنسان أن نختزل كفاءته ونحكم عليه من خلال جنسه هل هو رجل أم امرأة، بل هناك معايير مختلفة ومتعددة تتعدى جنس الإنسان تمتد لمهنيته وحرفيته، وكوني امرأة لم يغير من الأمر شيئا على الإطلاق فلا اعتبره ميزة مكتسبة أو أمرا ينتقص مني وإنما إعلامية فقط، والضيف يتعامل بحرفية مع المذيع ويحترم مهنيته وليس كونه رجلا أو امرأة وأتمنى أن تصحح هذه الصورة.

> هل ترين بوجود قصور في جانب تطوير الكفاءات الإعلامية السعودية النسوية؟

ـ اتفق مع ذلك بدرجة كبيرة، حيث لا يوجد آليات أو برامج لإعداد جيد كما لا يوجد معاهد أو كليات تقوم بهذا الدور، كما لا نرى أي مفهوم للتدريب الإعلامي على رأس العمل، في ما يتعلق بي توفرت لي فرصة الحصول على برنامج تدريبي مكثف تابع لقناة العربية إلا انه لم يكفني.

> ولكن ألا تتفقين مع من يقول أن غياب الإعلامية السعودية لوقت طويل وتواضع أدائها عائد إلى عدم مساندة المجتمع لها وللعمل الإعلامي النسوي؟

ـ المجتمع لم يكن أبدا عائقا أمام الإبداع طالما كان ضمن الثوابت والضوابط التي يحترمها المجتمع، الإعلامية هي لم تتمكن من تطوير نفسها ولا يمكن أن نلوم المجتمع على كل شيء.

> ولكن في أي مرتبة تضعين الإعلاميين والإعلاميات السعوديات مقابل الإعلاميين العرب؟

ـ أنا أرى أنهم حتى الآن لم يعطوا الفرصة بعد لإثبات الجدارة، فالفضائيات العربية قائمة منذ سنوات طويلة ومن الظلم أن نقارن الإعلاميين السعوديين بغيرهم من العرب، حيث أن لديهم كوادر تعمل على التأهيل والتدريب والتلميع قد تكون غائبة لدينا.

> يلاحظ المشاهد بساطة ظهور المراسلات العربيات والغربيات أثناء التغطيات الميدانية متجنبات التكلف، على عكس ما هو في أوساط الظهور الإعلامي النسوي سواء الخليجي أو السعودي خاصة، فهل تتفقين مع ذلك؟

ـ المرأة السعودية رائدة في مجال الأناقة ولا يمكن لأي كان أن يقلل من تذوق السعودية للأناقة والتأنق مطلوب وواجب كون المذيع والمذيعة أمام ملايين المشاهدين، والمظهر الجميل اللائق حق للمشاهد وإنما دون تكلف وإفراط، كما أن الثقافة الاجتماعية في السعودية تختلف عما هي في الغرب.

> ولكن ألم يكن حضورك للملتقيات والمؤتمرات الرسمية التي غالبا ما تقتصر على الحضور الإعلامي الذكوري بحثا عن التميز ما بين الأوساط الإعلامية النسائية، أم لتبرهني على قدرة المرأة في مزاحمة الإعلامي الصحافي بمهنية مطلقة؟

ـ أبدا ليس بحثا عن التميز بل بحثا عن العمل والعمل وحده وأنا بطبيعة عملي لا أقوم بتغطية أخبار المرأة أو التجمعات النسائية وجل عملي يتعلق بالجانب السياسي.

> هل كان قرار الانخراط في الإعلام المرئي قرارا صعبا كونك امرأة سعودية وبمجتمع محافظ، وكيف تصفين التقبل الأسري والمجتمع المحيط بك لذلك؟

ـ لم يكن قرارا بقدر ما كان صدفة بحته، وذلك من خلال العرض الأول الذي تقدم لي للظهور عبر الفضائيات من خلال شاشة (ام بي سي) للمشاركة في تقديم برنامج كلام نواعم، بعدها آثرت الظهور عبر قناة الإخبارية في السعودية، ولا يمكن أن أتجاهل دعم أسرتي لي في مجالي الإعلامي.

> ذكر مقربون منك انك متميزة بالطهي وتدبير الشؤون المنزلية، كيف تمكنت من التوفيق ما بين الحياة الزوجية بجل متطلباتها وما بين العمل الإعلامي الذي بحاجة إلى تكريس وقت عمل طويل؟

ـ هذا غير دقيق، للأسف الشديد أنا غائبة عن منزلي فمجال الإعلام صعب وشائك يتطلب التفرغ واليقظة بشكل دائم والتوفيق ما بين العمل والالتزامات الاجتماعية يظل أمرا مجهدا ولكن في المقابل عندما أجد متسعا من الوقت أكرسه لابني عبد الرحمن والذي يبلغ من عمره 7 أعوام وابنتي الجوري 3 أعوام.