الطعام والسينما: وصفة النجاح المجربة

TT

ظلت علاقة السينما بالطعام والشراب معقدة، فأحيانا تكون مسيئة مثلما حدث مع ماي كلارك بوجهها المملوء بالكريب فروت وهي تسمع عن جيمس كاغني في فيلم «عدو الشعب». وأحيانا غير متبادلة مثلما هو الحال مع توني شلهوب، وهو يسمع عن زبائن ناكرين للجميل في فيلم «الليلة الكبيرة».

يمكن للقليل من الطعام أن يستغرق وقتا طويلا في الأفلام. تذكر سو ليون وهي تمص «اللولي بوب» (قطعة الكراميل على طرف عود) في فيلم «لوليتا» أو تناول سلطة الدجاج في فيلم خمس قطع سهلة أو تناول دايانا كيتون للبسطارما (اللحم المقدد بالتوابل) في فيلم «آني هول».

وأحيانا يسرق الطعام الأضواء مثلما هو الحال في فيلم «وليمة بابيت» وفيلم «مثل الماء للشوكولاتة». يمكن القول إن الأكل والشرب في هذه الأفلام هو انعكاس للشخصية مثلما الحال مع الملابس التي يرتديها الممثلون أو الطريقة التي يتحدثون وفقها. فمثل هذا الاحتمالات المتعلقة بطرائق الأكل، هي مقبولة من النقاد، لكنها ليست دائما تلقى إقبالا لدى المشاهدين. ويعد ما حققه فيلم «الطرق الجانبية» لالكسندر باين عام 2004 رقما قياسيا، إذ انه سجل رقم 71 مليون دولار داخل الولايات المتحدة، إضافة إلى فيلم «شوكولاتة»؛ وكلاهما يستغرقان في الأكل والشرب.

وفي السنة المقبلة ستكون هناك أفلام جريئة تسعى إلى استثمار التقييم الإيجابي المتزايد لدى الجمهور لروح التلذذ بالمأكل والمشرب. فمن المتوقع أن تعرض شركة «فوكس القرن العشرين» فيلما عنوانه «سنة طيبة»، وفيه يلعب الممثل راسل كراو دور موظف في مصرف متخصص بالاستثمار، وهو يرث حقل كروم في منطقة بروفانس الفرنسية. وهناك شركة «وارنر بروذرز» التي أكملت للتو العمل على فيلم عنوانه «تقريبا مارتا» وتمثل فيه كاثرين زيتا جونز التي تؤدي دور الطاهية المسيطرة وارون ايكهارت باعتباره المواجه لها في المطبخ، ويؤدي دور شخصية من أصل ايطالي اسمه نِك. كذلك هناك فيلم على وشك الظهور عنوانه «طعام الحب» ويستند إلى رواية انتوني كابيلا، الذي أعاد صياغة قصة سيريانو دو برجراك باعتبارها حكاية حب معاصرة تجري في روما والطعام هو مصدر الإغواء فيه. وسيبدأ تصويره في شهر سبتمبر (ايلول) المقبل، وسيضم الفيلم عنصرين جذابين للمخرج بيتر تشيلسوم: الرومانسية والطعام الإيطالي.

كذلك ستخرج نورا افرون، التي سبق لها أن جعلت فيلم «احتراق القلب» مملوءا بالطبخ والأكل، فيلما جديدا مقتبسا من رواية جولي باول تحت اسم «جولي وجوليا: 365 يوما، 524 وصفة طبخ، ومطبخ صغير»، وهو مستلهم من كتاب جوليا تشايلد «اتقان الطبخ الفرنسي».

كذلك هناك أفلام معادية للأطعمة السريعة؛ ففي الخريف المقبل ستعرض شركة «فوكس سيرتش لايت» فيلما جديدا عنوانه «أمة الأكل السريع» وكاتبه ومخرجه هو ريتشارد لينكليتر ومقتبس من كتاب اريك سكلوسر غير القصصي حول حقيقة وعواقب صناعة الأكل السريع، بينما يسعى كريغ بيري منتج فيلم «الفطيرة الأميركية» إلى البدء بتصوير فيلم جديد في الخريف المقبل عنوانه «كل ما يمكن أن تأكل» ويدور في عالم مضحك يسوده التنافس في مجال الأكل.

وقالت ليزا شوتلاند، العاملة في وكالة الفنانين المبدعين «الطعام هو المادة التي يتوجه الناس لها من أجل الراحة والسلامة. وفي هذه الأوقات المجهولة أصبح هذا أكثر فأكثر سائدا».

أو قد يعود الأمر الى ان الطاهي أصبح «نجم الروك الجديد» كما تؤكد دينيس دي نوفي مخرجة برنامج «غذاء الحب».

وقالت ان «السمات التي تجعل الرجل جذابا قد اتسعت الى ما بعد حدود الأدوار الرجالية التقليدية. فكبار الطهاة يجسدون الأشياء التي تجعل كل الفنانين الكبار جذابين في أنهم يتميزون بالإبداع والروح العاطفية».

وفيلم «تامبوبو» الذي أخرجه جوزو ايتامي عام 1985 حول البحث عن طبق من الرامين الياباني، يرتبط بنمط من نهضة في الأفلام التي تستخدم الطعام في مشاهدها، والتي تواصلت في فيلم «مأدبة بابيت» عام 1987 وفيلم «مثل الماء بالنسبة للشوكولاتة» عام 1992. ويبدو ان هذا النوع من الأفلام بلغ ذروته عام 1994 مع فيلم أنغ لي الموسوم Eat Drink Man Woman بعرضه الحيوي للمطبخ الذي يديره رئيس طهاة شبه متقاعد في تايبه يقوم بدوره سيهونغ لونغ، الذي يعد وجبات الأحد اللذيذة لبناته الثلاث.

ويقدم فيلم «ليلة كبيرة» الذي ظهر عام 1996 تحديا أميركيا نادرا لما بلغه فيلم أنغ لي، بقصته التي تتحدث عن الطاهي الايطالي بريمو الذي يلعب دوره توني شلهوب الذي يصور ممارسته الطبخ باعتبارها فنا رفيعا لا يمكن مقارنته بصلصة الطماطم. ويبلغ بريمو شقيقه وشريكه سيكوندو، الذي يمثل دوره ستانلي توتشي، قائلا «اذا ما ضحيت بعملي فانه ينتهي». وغالبا ما يجري الاستشهاد بالجزء الأخير الهادئ من الفيلم، الذي يظهر فيه فطور من البيض المخلوط كنوع من غصن زيتون للشقيقين المتخاصمين اللذين اخفق مشروعهما التجاري، باعتباره واحدا من أعمق المشاهد في السينما التي تصور الأبطال وهم يتناولون الطعام. وقالت ليندا غاروتشي، مخرجة فيلم (جوليا تشايلد)، الذي يدور حول الشخصية التي اشتهرت ببرامجها الخاصة بالطبخ في التلفزيون الأميركي، إن «ذلك الفيلم يحرك المشاعر. إنه يثير استجابة عاطفية قوية حقا. فحماس بريمو وسيكوندو العاطفي شديد. وعندما كنت أسمع ذلك البيض يطلق أصواتا معينة في الزيت المقلي، كنت أفكر بوالدي. فلدى كل امرئ ذكريات مرتبطة بالطعام».

* خدمة «نيويورك تايمز»