عطية قديس يوثق معالم الأقصر وآثارها بألفي صورة نادرة

معارض لصوره بمدن أوروبية

TT

نحو ألفي صورة لمعالم وآثار مدينة الأقصر وغيرها من الأماكن الأثرية في مصر يحملها أرشيف عطية قديس، ووراء كل صورة قصص وحكايات يرويها فنان مبدع ينتمي للجيل الأول للمصورين الفوتوغرافيين في مصر والجيل الثاني للمصورين في العالم.

ولد عطية قديس بمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر وعاش على أرضها، وبدأ خطواته الأولى في عالم التصوير سنة 1907، وقتها لم يكن هناك مصورون مصريون فكلهم كانوا من فرنسا وإيطاليا وإنجلترا وكانت معظم صورهم توثيقية للآثار القديمة وكانوا اول من أنشأ معامل تصوير في الأماكن الأثرية وأماكن الاكتشافات.

من بين هؤلاء برز المصور انتونيو بياتو .. المصور الذي جعل من عطية قديس مساعدا له.. وكان عمر قديس وقتها 16 سنة. وفى سنة 1907 كان بياتو في طريقه لمغادرة مصر فباع متعلقاته وآلاته للشاب عطية قديس الذي بدأ عمله بمرافقة السائحين والتقاط الصور لهم وتقديمها كهدايا.

وقام عطية بمغامرة لم يسبقه إليها أي مصور محلي في ذلك الوقت فقد التقط صورا لأغلب المدن والمزارات الأثرية والسياحية، بدءا منطقة أهرام الجيزة وحتى النوبة. وفي سنة 1916 كانت صور عطية قديس تزين العديد من كتب الإرشاد والآثار والمراجع التاريخية. وعند اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون سنة 1922 أصبحت الأقصر مقصدا سياحيا يعج بالزوار الأجانب وخاصة الإنجليز، ولم يفوت عطية قديس الفرصة والتقط صورا رائعة، كما لم يفوت الفرصة لالتقاط صور الزيارات الرسمية ومنها زيارة ملكة بلجيكا والملك فؤاد والملك فاروق. اعتزل قديس التصوير في أوائل الستينات، وآلت صوره واستوديوهاته لأبنائه الذين لم يحترف احد منهم التصوير. وعندما توفي سنة 1972 ترك وراءه ثروة من الصور النادرة التي توثق حياة الناس من خلال ثلاثة آلاف نيغاتيف بها قرابة 2000 صورة. هذه الأفلام وجدت أخيرا طريقها للترميم وإعادة طبعها وذلك بحسب قول المحاسب إيهاب عبد الله قديس، حفيد عطية قديس والقنصل الفخري لإنجلترا في الأقصر، الذي قال إن ألف صورة من صور عطية قديس التي تعد بمثابة «سجل نادر من الصور البانورامية للأقصر قبل مائة عام سوف تعرض في جناح دائم بمركز التراث الذي تجري إقامته في مدينة الأقصر بتكلفة 18 مليون جنيه، بجانب الإعداد لإقامة عدة معارض متنقلة لصور عطية قديس في عدد من المدن الفرنسية والإنجليزية تحت عنوان «الأقصر من مائة عام».

وباتت صور عطية قديس تملأ ميادين مدينة الأقصر أخيرا بعد قرار لرئيس المدينة الدكتور سمير فرج القيام بحملة تحمل العنوان نفسه وتهدف لتعريف زوار المدينة من سياح العالم بالصورة التي كانت عليها الأقصر ومعالمها الأثرية والسياحية قبل مائة عام.

وكان قرار الدكتور سمير فرج مثار شكر وثناء من قبل الآثاريين وعلماء المصريات وعشاق الأقصر من سياح العالم. أما حفيد عطية قديس، إيهاب عبد الله قديس، فعلق على القرار بقوله:

«أشعر أن جدي أخذ حقه الآن فقط حيث عاش طوال حياته يحمل كاميرا خشبية فوق ظهره، وتفانى في عمله من دون أن يقدره أحد. الآن يمكن لجدي أن يدخل التاريخ».