«طوفان في بلاد البعث» يغرق مخرجه في مشاكل السياسة

احتجاز المخرج عمر أميرالاي في سورية رغم إنتاج الفيلم منذ عامين

TT

يعتبر المخرج عمر أميرالاي الذي منعته السلطات السورية أول من أمس من مغادرة البلاد بسبب فيلمه «طوفان في بلاد البعث» واحدا من رواد السينما التسجيلية في العالم العربي. ويعرف عن أميرالاي انه مخرج ذا حس سياسي، لكن لا ينتمي للعمل الحزبي، وكثيرا ما كانت أعماله تمس الواقع السوري بشكل خاص أو العربي بشكل عام.

وكانت السلطات السورية استوقفت عمر أميرالاي بعد استجوابه لمدة 13 ساعة حول فيلمه «طوفان» الذي يتحدث عن تجربة حكم حزب البعث العربي الاشتراكي الذي عرضته قبل نحو عشرة أيام قناة «العربية» الفضائية. ويقول أميرالاي، 60 عاما، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية أول من أمس «كانوا يريدون معرفة ما هي الغاية والدلالات التي يحملها الفيلم».

وكان أميرالاي في طريقه الى الأردن لتصوير فيلم جديد، لكنه احتجز على الحدود وعاد إلى دمشق. ويرى أميرالاي أن فيلمه يتناول قضايا أساسية وخاصة تربية جيل. وسبق ان عرض فيلم «طوفان» الذي أنتجته قناة «إر تي» الفرنسية الألمانية منذ عامين في اكثر من تظاهره عالمية، كما فاز بجائزة أفضل فيلم قصير في بينالي السينما العربية الذي أقامه معهد العالم العربي في باريس هذا الصيف، إلا انه واجه حملة لمنع عرضه في مهرجان قرطاج السينمائي التونسي. ويظهر الفيلم الذي يمتد لنحو 46 دقيقة أسلوب نظام البعث المحاط بالنفاق الآيديولوجي خلال رحلة المواطن من الطفولة الى الكبر. وتسجل كاميرا عمر أميرالاي خطابات لرئيس البلدية والنائب البعثي منذ نصف قرن والتي تمجد كل كلمة يقولها الحزب والرئيس الراحل حافظ الأسد، أو معلم المدرسة الذي نراه وسط تلاميذه يعدد انجازات النظام، بل يشرح معنى كلمة «حرية». وتتواصل رحلة خطاب تمجيد البعث الى ان يرتد عليه ويجعله موضع استهزاء وسخرية ليخرج الطوفان. كذلك تقول النهاية الكثير حيث تتوقف الكاميرا على مشهد لأربعة أجهزة كومبيوتر في صناديقها وقد وضعت على الأرض بجوار حائط فصل دراسي في الوقت الذي يتشدق فيه المعلم بمزايا تكنولوجيا المعلومات التي ادخلها الى سورية الرئيس الشاب بشار الأسد.

وقبل 33 عاما اخرج أميرالاي فيلمه الأول عندما كان من اشد المتحمسين لعملية تحديث البلاد تحت راية حزب البعث العربي الاشتراكي والذي يمجد فيه بناء أول سد كبير يقام على نهر الفرات ويعتبر مفخرة لسورية. ويرى أميرالاي أن سبب إيقافه ربما يكون اعتقادا من السلطات ان «الفيلم عرض في سياق حملة سياسية ضد النظام السوري واستخدامه من قبل قناة «العربية» كأداة لاستفزاز السلطات».

وكان عمر أميرالاي قد أطلق فيلمه الأول «محاولة عن سد الفرات»، في عام ، ثم سار على نفس النهج النقدي الوثائقي في فيلميه «يوميات قرية سورية» و«الدجاج» عن بلده سورية، ثم انقطع عن هذا الواقع، ليخوض تجارب سينمائية مختلفة في بلدان مختلفة، لكن ظل دائماً محتفظا برؤيته النقدية.