الجوز يحمي الشرايين ويزيد مرونتها

تناوله مع الوجبات الدسمة يقي أكثر من زيت الزيتون من تأثيرات الشحوم الضارة

TT

ربما ليس من قبيل الصدفة أو لمجرد التفنن في إعداد الحلويات، أن يلجأ معدو الحلويات العربية الى إضافة مكسرات كالجوز أو الفستق أو الصنوبر أو غيره لأطباق أصناف البقلاوة أو الكنافة أو مثيلاتها من الحلويات، إذْ أن مجلة الكلية الأميركية لطب القلب نشرت في عدد 17 أكتوبر الحالي نتائج دراسة أسبانية مثيرة للاهتمام تُؤكد على فوائد هذا السلوك لصحة شرايين القلب. وكأن الصانع العربي لتلك الحلويات يُحاول بإضافته للمكسرات أن يُقدم لنا طبقاً صحياً من الحلويات، بالرغم من تجنيه علينا عند إضافته للسمن الحيواني في إعداد البقلاوة أو الكنافة بطريقة شهية.

والذي يقوله الباحثون من جامعة برشلونة، وفق نتائج دراستهم الحديثة، هو أن تناول ما يملأ الكف من مكسرات الجوز Walnuts، الغنية بالدهون العديدة غير المشبعةpolyunsaturated fat ، مع الوجبات الغنية بالدهون المشبعةsaturated fat الحيوانية المصدر، يبدو أن له تأثيراً حامياً وواقياً لشرايين القلب من ضرر تلك الشحوم المشبعة المتلفة لجدران الشرايين والمسببة لظهور مرض تصلب الشرايين فيها. والمعلوم أن مرض تصلب الشرايين هو الداء القاتل العالمي الأول للناس في كافة أرجاء الأرض.

كما وجد الباحثون في دراستهم أن مقارنة إضافة الجوز بإضافة زيت الزيتون، كمصدر عالي المحتوى والجودة للدهون الأحادية غير المشبعة monounsaturated fat، لا يُعطي زيت الزيتون نفس ميزة الوقاية للشرايين حين تناوله مع تلك الشحوم الحيوانية في نفس الوجبة الغذائية.

ومما هو مُشاهد على خشبة البحث العلمي من فصول مسرحية صحة القلب، الكثيرة في التراجيديا والنادرة في الكوميديا، أن الأحداث الدرامية للدراسات فيها بلغت شأواً بعيداً في إثبات جدوى تناول الزيوت النباتية المستخلصة من أنواع المكسرات والثمار والبذور. وبلغت درجة الدراما، كما يُقال، حد محاولة بحث عما هو الأفضل بين ما ثبت علمياً فائدته منها. وما بين أيدينا من دراسة أسبانية، هو تعمق في بحث تأثير زيت الزيتون أو مكسرات الجوز على مستوى مرونة الشرايين وقدراتها على الاتساع حال الحاجة الى زيادة في تدفق الدم من خلالها!. ولعدم قراءة الناس لنتائج الدراسة هذه بطريقة غير سليمة من خلال الاستمرار في استهلاك الدهون المشبعة من الشحوم الحيوانية، يقول الدكتور إميليو روس، مدير عيادات أمراض الدهون في مستشفى كلينيكيو ببرشلونة في أسبانيا حيث تم إجراء غالب الدراسة، بأن على الناس أن لا يأخذوا رسالة الدراسة بصفة خاطئة حينما يعتقدون أن لهم أن يُسرفوا في تناول الشحوم غير الصحية طالما يُضيفون الى الأطباق المحتوية على الدهون المشبعة قليلاً من مكسرات الجوز. بل عليهم أن يُدركوا أن المطلوب هو جعل مكسرات الجوز جزءاً من الطعام الصحي الذي عليهم تناوله، كما أن عليهم الحد من تناول الدهون المشبعة.

وأضاف بأننا في كل مرة نتناول وجبات من الطعام عاليةً في محتواها من الدهون المشبعة، فإن جزيئات الشحم المشبع تعمل على تنشيط عمليات الالتهابات، والتي ضمن عوامل أخرى، داخل جدران الشرايين، وبالتالي تُقلل من مرونتها. ومع استمرار حصول هذه العمليات التي تطال بنية ومرونة الشرايين وتتلف خصائصها الطبيعية، فإن تصلب الشرايين كحالة مرضية ينشأ فيها. ومن ثم تصبح شرايين القلب مريضة وبالنهاية يظهر مرض القلب. ودراستنا الحديثة تُظهر أن تناول مكسرات الجوز يقوم بعملية المحافظة على مرونة الشرايين ويحميها من التصلب.

* الجوز وزيت الزيتون

* وقام الدكتور روس وزملاؤه الباحثون من جامعة برشلونة بمتابعة 24 شخصا من البالغين غير المدخنين أو البدينين أو المصابين بارتفاع ضغط الدم. نصفهم نسبة الكولسترول في دمهم طبيعية، والنصف الاخر مرتفعة بدرجة متوسطة. وطُلب منهم جميعاً اتباع نظام غذائي لمدة أسبوعين وفق ما يُعرف بوجبات سكان مناطق البحر المتوسط Mediterranean diet، وذلك قبل البدء في الدراسة العلمية هذه. والمعروف أن هذا النظام من التغذية يتضمن تقليل تناول الدهون المشبعة الحيوانية مع الإكثار من تناول الألياف الغذائية كالتي في الفواكه والخضار والحبوب الكاملة غير المنزوعة القشر، مع الإكثار النسبي من تناول الدهون الأحادية غير المشبعة كما في زيت الزيتون. ثم قُسّم المشاركون الى مجموعتين، الى كل منهما تم تقديم نوعين من وجبات الطعام. الوجبة الأولى مماثلة للثانية من حيث احتوائها على كميات عالية من الدهون الحيوانية المشبعة على هيئة سندوتشات (شطائر) من نقانق سلامي مع الجبن موضوعة في خبز أبيض، إضافة الى تناول كوب صغير من لبن الزبادي كامل الدسم. لكن الاختلاف بين نوعي الوجبة الغذائية أن الأولى أُضيف اليها 5 ملاعق شاي من زيت الزيتون (أي حوالي 25 مليلترا)، والثانية أُضيف إليها 40 غراما من الجوز (أي حوالي 8 حبات من مكسرات الجوز الكاملة). طُلب من المشاركين تناول واحدة منهما لمدة أسبوع، ثم في الأسبوع الثاني يتناولون الوجبة الأخرى. وتبين للباحثين من المتابعة والتحاليل للمشاركين في الدراسة أثناء تناول نوعي الوجبة الغذائية، أي التي بزيت الزيتون والتي بمكسرات الجوز، أن كلاهما ساهم في خفض حدة التفاعلات الالتهابية وعمليات أكسدة الكولسترول في الشرايين. والمعروف أن هاتين العمليتين الضارتين تنشطان دوماً بعيد تناول وجبات عالية المحتوى من الدهون المشبعة، وتُؤديان الى زيادة التصلب في الشرايين، وهو التطور المرضي الأساس في حالات أمراض شرايين القلب.

لكن الاختلاف في التأثيرات الإيجابية بين كلا نوعي الوجبة الغذائية في الدراسة هو أن تناول الوجبة المحتوية على مكسرات الجوز حافظ على مقدار مدى رحابة مرونة الشرايين بغض النظر عن مستوى الكولسترول في الدم، بخلاف الوجبة المحتوية على زيت الزيتون التي لم تظهر هذه الفائدة فيها. وتم إثبات وجود الاختلاف هذا عبر تصوير الشرايين وجريان الدم من خلالها بتقنيات التصوير بالأشعة ما فوق الصوتية.

وساهم كل من مكسرات الجوز وزيت الزيتون في خفض الالتهابات والأكسدة داخل الشرايين، لكن الجوز بالإضافة الى هذا ساهم أيضاً في حفظ مرونة الشرايين. والمعروف أن أهمية المحافظة على قدر عال من مرونة جدران الشرايين هو تمكين الشرايين من الاتساع عند الحاجة لاستيعاب كميات أكبر من الدم كي تجري من خلالها لتلبية الحاجات المتعاظمة لبعض الأعضاء المهمة في التزود بكميات أكبر من الدم. مثل حالات بذل المجهود البدني، حيث تتطلب هذه الحالة زيادة تدفق الدم الى القلب كي يضخ دماً أكبر الى الجسم، وتتطلب أيضاً زيادة الدم المتدفق الى العضلات كي تعمل بشكل أفضل وأقوى، وغير ذلك من الحالات. كما أن الأهمية الأخرى لمرونة الشرايين هي تمددها عندما يضخ القلب الدم الى الجسم كي لا يرتفع ضغط الدم داخل الشرايين آنذاك. ولذا فإنه كلما تدنت قدرات مرونة الشرايين قلت قدرتها على زيادة إعطاء الأعضاء كميات أكبر من الدم عند الحاجة وكذلك زيادة احتمالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم.

* تعليل دقيق

* يُعلل الدكتور روس ما يحصل هنا بقوله إن طبقة الخلايا المُبطنة للشرايين تفرز مادة كيميائية تُدعى أكسيد النتريكnitric oxide اللازمة لمحافظة الشرايين على مرونة في عضلاتها وأليافها المكونة لجدرانها القوية والمُحكمة التركيب. وحينما نتناول الوجبات الدسمة فإن مركبات الدهون المشبعة تعمل بشكل مُؤقت على اضطراب عملية إنتاج وإفراز أكسيد النتريك، وبالتالي تمنع الشرايين من التمتع بقدرات المرونة وزيادة تدفق الدم من خلالها استجابة لمتطلبات حالات زيادة النشاط والمجهود البدني.

والذي يقوله الدكتور روس هو أن مكسرات الجوز بالإضافة الى احتوائها على المواد المضادة للأكسدة فإنها تحتوي أيضاً على مركب كيميائي مهم جداً هو مركب أرجنين arginine. وهو أحد الأحماض الأمينية التي تتكون البروتينات منها، والذي يستخدمه الجسم في تكوين وإفراز مركب أكسيد النتريك المُوسّع للشرايين. هذا بالإضافة الى احتواء مكسرات الجوز على الصنف النباتي من الدهون غير المشبعة العديدة لدهون أوميغا ـ3 omega-3 fatty acid (أي كما في زيت السمك)، أو ما يُعرف علمياً حمض لينولينك alpha-linolenic acid (ALA) . وهذا النوع من الدهون النباتية بالذات لا يُوجد في زيت الزيتون، وهو ربما وراء اختلاف التأثير بينهما، أي بين مكسرات الجوز وزيت الزيتون. ولذا يرى الدكتور روس أن تناول مكسرات الجوز يُحقق الفوائد التي يُعطيها تناول الأسماك وزيتها، بطريقة بديلة أسهل من الأسماك في حال عدم توفرها أو عدم الرغبة في تناولها. والواقع أن الدكتور روس حالياً يُجري دراسة جديدة حول جدوى حمض لينولينك في مكسرات الجوز على مساعدة المرضى المُصابين باضطرابات في إيقاع نبضات القلب، لأن دهون حمض لينولينك النباتية هي شبيهة التركيب بأحماض أوميغا ـ3 في زيت السمك المفيد بدرجة عالية للقلب. وسبق لي في ملحق الصحة بالشرق الأوسط قبل أسبوعين عرض دراسات حول جدوى زيت السمك في خفض نشاط اضطرابات إيقاع نبض القلب.

وحول مخاوف البعض من أن تناول المكسرات عموماً أو زيت الزيتون قد يُسهم في زيادة وزن الجسم، قال الدكتور روس بأنه لا توجد أدلة علمية على ربط تناول الزيوت الصحية في المكسرات أو الزيوت النباتية بزيادة وزن الجسم والسمنة. بل الصحيح أن الإكثار من تناول الدهون الحيوانية المشبعة، كالتي في الزبدة أو السمن الحيواني، هي ما تُسهم في زيادة الوزن. وهو موضوع يطول شرحه لعل الفرصة تسمح في أعداد قادمة من ملحق الصحة لعرض الحقائق العلمية في هذا الشأن والمُؤيدة لكلام الدكتور روس.

* مكسرات الجوز.. آليات عدة لفوائد صحة القلب > الجوز أحد الثمار النباتية التي عرفها الإنسان قديماً. وقبل اكتشاف الأميركيتين كان يُوجد في القارات المعروفة أكثر من عشرين نوعاً من أشجاره. وبعد اكتشافهما عرف الناس أنواعاً منه أكثر عددا وأكبر من أنواعه.

وبالتحليل لحصة بمقدار ربع كوب من الجوز فإن الطاقة تبلغ حوالي 160 كالورى (سعر حراري). وتُمد الإنسان بحاجته اليومية من دهون أوميغا ـ3 النباتية بمقدار يتجاوز 90%، ومن عنصر المنغنيز بـ 45%، ومن النحاس بـ 20%، ومن تريبتوفان بحوالي 15%.

وتتفرع استفادة شرايين القلب من تناول الجوز الى آليات عدة، أهمها عمل زيوته غير المشبعة بنوعيها الأحادي الذي يُشكل 15%، والعديد الذي يُشكل أكثر من 80%، وذلك في خفض الكولسترول الخفيف الضار، ورفع الكولسترول الثقيل الحميد. إضافة الى دور مادة أرجنين، المتوفرة في الجوز، في إنتاج أكسيد النيتريك الموسع للشرايين كما تقدم.

وكان ملحق الصحة بالشرق الأوسط قد عرض في يوليو من العام الماضي نتائج دراسة الباحثين من جامعة ولونغوغ بأستراليا التي نُشرت في نفس الشهر في مجلة الرابطة الأميركية للسكري حول فائدة تناول مرضى السكري للجوز في تخفيف حدة مضاعفات أمراض الشرايين لديهم. وأيضاً الدراسة المنشورة بعدد ديسمبر من مجلة رعاية مرضى السكري الأميركية حول دور الجوز في خفض نسبة الكولسترول لدى مرضى السكري من الجنسين. ودراسة الباحثين أيضاً من برشلونة المنشورة في عدد أبريل من عام 2004 لمجلة الدورة الدموية الأميركية حول دور الجوز الإيجابي في صحة القلب. ومن نتائجها تبين أن تناول الجوز من قبل منْ هم مصابون بارتفاع الكولسترول في الدم، يخفف من نسبة الكولسترول الكلي في الدم بمقدار يصل الى أكثر من 7%، والكولسترول الخفيف بمقدار 10%. كما أظهرت الدراسة أن الجوز يرفع من مرونة الشرايين بنسبة 64%.

هذا، ومن المعلوم أن فوائد أوميغا ـ3 الصحية على القلب من جوانب شتى أهمها الحماية من أنواع اضطرابات إيقاع النبض القاتلة على وجه الخصوص. والمعروف أن الجسم يُكون أوميغا ـ3 من مركبات حمض لينولينك ذي الدهون العديدة غير المشبعة. وكانت مجلة التغذية الأميركية قد نشرت في عدد نوفمبر من عام 2004 نتائج دراسة تأثير وجبات عالية المحتوى من دهون حمض لينولينك. وتبين منها بالإضافة الى خفض الكولسترول، خفض نسبة بروتين سي التفاعلي المرتبط ارتفاعه بارتفاع احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب، وكذلك خفض نسبة المواد التي تساعد على التصاق الكولسترول بجدران الشرايين.

كما أن ثمار الجوز تحتوي على مركبات إلليجيكEllagic المضادة للأكسدة. وهي الداعمة في تقوية جهاز مناعة الجسم إضافة الى لعبها أدواراً مختلفة في الوقاية من ظهور التغيرات السرطانية لدى نواة خلايا أنسجة عدة في الجسم. وكانت مجلة كيمياء مواد فايتو الغذائية قد نشرت في أغسطس 2003 نتائج دراسة حول فوائد المواد المضادة للأكسدة في مكسرات الجوز. وفيها تناول الباحثون بالدراسة أكثر من 16 مركبا كيميائيا له تلك الخصائص المانعة لإتمام عمليات أكسدة الكولسترول بفعل تأثير عناصر الجذور الحرة الضارة على الجسم. والمعلوم أن الكولسترول الخفيف يحتاج الى أن تتم أكسدته كي يرسخ ترسبه داخل جدران الشرايين القلبية وغيرها، وهو ما لو تم فإن سلسلة من العمليات الكيميائية الحيوية تبدأ بالنشاط الذي محصلته تكوين تراكمات الكولسترول المسببة لضيق مجرى الشريان، وبالتالي نوبات ألم الذبحة الصدرية أو نوبات الجلطات القلبية. وبناء على العديد من الدراسات الأخرى فإن نشرات الأطباء من جامعة هارفارد تشير الى أن تناول الجوز تحديداً، من بين باقي المكسرات، قد أثبتت الدراسات أنه يخفف من نسبة الكولسترول الخفيف الضار ويرفع من نسبة الكولسترول الثقيل الحميد. وكان مجلس الجوز بكاليفورنيا قد تقدم قبل أكثر من عامين الى هيئة الغذاء والدواء الأميركية بعريضة التماس تتضمن الطلب بنصح الإدارة عموم الناس تناول مكسرات الجوز نظراً لدورها في تقليل خطورة الإصابة بأمراض القلب. وذكرت حيثيات الطلب جُملة من الدراسات التي أثبتت جدوى الجوز في جوانب شتى من صحة القلب. ولذا فإن إدارة الغذاء والدواء الأميركية ترى أن الأدلة العلمية تدعم القول بأن تناول حوالي 50 غراماً من الجوز يومياً وضمن تناول وجبات تتميز بأنها قليلة المحتوى من الدهون المشبعة ومن الكولسترول وبأنها لا ترفع من كمية الطاقة الغذائية اليومية، هو، سلوك غذائي، ربما يُقلل من خطورة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية.

* الجوز يسهل النوم ويرفع مستوى الذكاء > نشرت مجلة التغذية وعمليات الأيض الحيوية وأمراض القلب والأوعية الدموية في عدد سبتمبر الماضي نتائج دراسة الدكتور مارانغوني في تأكيد أن تناول أربع من ثمار الجوز يومياً يرفع من مستوى أوميغا ـ3 في الدم بالدرجة التي يحتاجها الجسم، وأن ذلك يستمر لمدة أسبوعين بعد التوقف عن تناولها. وعرض الباحثون جوانب دقيقة في البحث تتعلق بالأنواع الطويلة من أوميغا ـ3 المتوفرة في الأسماك دون النباتات، وكيف أن الجوز هو الأغنى بأوميغا ـ3 من بين كل المكسرات، وقادر على رفع حتى نسبة الأنواع الطويلة تلك في الدم أسوة بتناول الأسماك أو زيتها، وهو ما لا مجال للاستطراد فيه. لكن بشكل عام فإن تناول ربع كوب من ثمار الجوز يُؤمن أكثر من 90% من احتياج الإنسان اليومي من أوميغا ـ3.

وربما كان شكل التجاعيد في ثمار الجوز عند إزالة القشرة الصلبة عنها، الشبيه بشكل هيئة الدماغ البشري، هو ما دفع الكثيرين الى القول بأن الجوز غذاء للعقل والدماغ. والمعلوم أن دماغ الإنسان مكون من الدهون بنسبة 60%، وخلايا الدماغ كي تعمل بكفاءة ونشاط يجب تزويدها بمركبات دهنية أهمها أوميغا ـ3، التي يحصل الجسم عليها من تناول الأسماك أو تناول بذور الكتان أو ثمار الجوز. وتحديداً فإن جدار الخلية العصبية والبوابات التي فيه مكونة من الدهون، ودهون أوميغا ـ3 السائلة تُسهل دخول المواد الى خلايا الدماغ وبالتالي تلقي الرسائل المحتوية على المعلومات، كما تُسهل إخراج الخلايا الدماغية للفضلات والمواد الضارة من داخلها. من هنا الفائدة لتحسين القدرات العقلية والذهنية لدى الأطفال، وحتى الأجنة، وصولاً الى المتقدمين في العمر سواء أكانت قدراتهم الذهنية سليمة أم أُصيبوا بحالات اضطرابات الذاكرة. وهناك ثمة أكثر من 2000 دراسة علمية حول آثار وتداعيات نقص أوميغا ـ 3 على الدماغ وأدائه لوظائفه. وهناك نصيحة مدعومة بدراسات علمية آخرها نشر في عدد سبتمبر الماضي من مجلة التغذية الأميركية للباحثين من جامعة تكساس حول دور تناول الجوز في رفع مستوى هرمون ميلاتونين في الدم. والمعروف أن هرمون ميلاتونين يُفرز من الغدة الصنوبرية في الدماغ من أجل المساعدة على تنظيم النوم وحث الجسم على الدخول فيه. والذي تم اكتشافه هو أن الجوز يحتوي على هيئة حيوية من هذا الهرمون، ما يجعل تناول الجوز في آخر النهار أو أول الليل مُساهماً في الدخول الى النوم بشكل طبيعي. وإضافة الى تحسين مستوى القدرات الذهنية والعقلية بدءا من الأطفال ووصولاً الى كبار السن، فإن مكسرات الجوز تخفف من حدة التفاعلات في عمليات الالتهابات سواء في المفاصل أو الرئتين أو حساسية الجلد أو الصدفية.

كما أن دراسة متابعة للأطباء من هارفارد شملت أكثر من 80 ألف ممرضة، واستمرت أكثر من عشرين عاماً، قد لاحظت أن منْ يتناولون يومياً حوالي 30 غراما من المكسرات كالجوز هم أقل عُرضة للإصابة بحصاة المرارة بمقدار يتجاوز 25%.