إسرائيل تبدأ عملية «غيوم الخريف» في غزة وتبحث إعادة احتلال الحدود الفلسطينية ـ المصرية

6 قتلى فلسطينيين في مواجهات وليبرمن يطالب بتطبيق الأسلوب الروسي في الشيشان

TT

في الوقت الذي كانت فيه قوات الجيش الاسرائيلي تجتاح المنطقة الشمالية من قطاع غزة، في عملية حربية جديدة واسعة اتخذت اسم «غيوم الخريف»، التأم المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة الاسرائيلية ليبحث في طلب من قوات الجيش لتوسيع العمليات الحربية لتشمل احتلالا للمنطقة الجنوبية من القطاع على طول الحدود الفلسطينية – المصرية. وقد برز في الاجتماع تصريح للوزير الجديد، أفيغدور ليبرمن نائب رئيس الحكومة ووزير الدولة لمواجهة الأخطار الاستراتيجية، الذي قال في أول جلسة له في الحكومة ان على اسرائيل ان تتعامل مع الفلسطينيين كما تعاملت روسيا مع الشيشان، أي تصفية العناصر المسلحة بأي ثمن وبلا رحمة. وفيما وصف بأنه المرحلة الأولى من الحملة العسكرية الجديدة على قطاع غزة، قتلت القوات الاسرائيلية فجر امس ستة فلسطينيين وجرحت عشرات آخرين، فيما قتل احد جنود الاحتلال في توغل اسرائيلي لبلدة بيت حانون، اقصى شمال غزة.

وقرر مجلس التريث في اقرار طلب الجيش حول احتلال الشريط الحدودي في الوقت الحاضر، وانتظار نتائج العمليات الحربية التي بدأت فجر أمس، وبعد ذلك يعاد ويبحث الموضوع. واعترف رئيس أركان الجيش، الجنرال دان حالوتس، خلال الجلسة بأن جنديا اسرائيليا قد قتل في بداية العمليات ولكنه أضاف ان قواته تمكنت من اصابة عشرات المسلحين الفلسطينيين. وطلب رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، من الجيش مواصلة التحضير لخطة عسكرية «قد نحتاج الى تنفيذها في القريب». وعلم ان خطة الجيش تحتوي على مشروع لاقامة قناة مائية ضخمة على طول الحدود، لكي تمنع الفلسطينيين من شق أنفاق بين سيناء المصرية وقطاع غزة. ومثل هذه القناة لا يمكن ان تتحقق إلا إذا احتلت اسرائيل المنطقة من جديد وقامت بنفسها بشق القناة.

وكانت أنباء مسربة من قيادة الجيش قد نشرت، قبيل الاجتماع المذكور، تحدثت عن خلافات عميقة بين القيادتين السياسية والعسكرية حول العمليات الحربية. وحرص من سرّب الأنباء على الاشارة الى ان الخلاف الأساسي هو مع وزير الدفاع، عمير بيرتس، ووزيرة الخارجية، تسيبي لفني، اللذين يعارضان في توسيع العمليات. لكن ناطقا بلسان بيرتس قال ان رئيس الحكومة، أولمرت، يعارض ايضا هذا التوسيع لأنه لا يريد ان يسافر الى الولايات المتحدة في وقت تكون فيه اسرائيل في حالة حرب مع الفلسطينيين.

وشهدت الجلسة نقاشات حادة في موضوع الحرب ومداها، خصوصا عندما طلب الوزير ليبرمن ان تعتمد اسرائيل الأسلوب الروسي. ورد عليه وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، فقال ان المقارنة تسيء لاسرائيل بشكل غير معقول. وقال ان «اسرائيل ليست روسيا، فهذه دولة عظمى وعلينا أن نعرف حدودنا، والفلسطينيون ليسوا الشيشان. وعلينا أن لا نسمح لهم بأن يتحولوا الى شيشان آخرين، «فالشيشان فجروا أنفسهم داخل قاعة مسرح في موسكو، فهل هذا ما تريد أن يحدث في تل ابيب».

وفي نهاية الاجتماع توجه الوزير بيرتس الى مقر قيادة اللواء الجنوبي للجيش ليراقب مسار العمليات عن قرب، فصرح بأن الاجتياح الجديد سيكون محدود النطاق والزمن وهدفه مكافحة الخلايا الفلسطينية المسلحة التي تطلق صواريخ «قسام» باتجاه البلدات الجنوبية. ففي هذه السنة، سقط على البلدات الاسرائيلية حوالي 300 صاروخ. وتحولت مدينة بيت حانون الى مدينة القسام بسبب استخدامها قاعدة لإطلاق هذه الصواريخ.

وقال رئيس حزب «ميرتس»، يوسي بيلين، ان ليبرمن انسان مهووس ويحاول أن يدفع بالفلسطينيين الى المزيد من التطرف حتى يصبحوا مثل الشيشان. ولكن مشكلة اسرائيل الحقيقية لا تكمن في ليبرمن، بل في أولمرت وبيرتس. فهما يقودان اسرائيل الى مغامرات حربية غبية لا تعود عليها بأية فائدة ولا تحقق سوى الأضرار. فالعمليات الحربية الحالية لن تؤدي الى منع اطلاق الصواريخ باتجاه اسرائيل. واقترح عليهما أن يعلنا استعدادهما للتفاوض مع الحكومة الفلسطينية على اتفاق هدنة لوقف النار فورا مقابل تحرير الأموال الفلسطينية المحتجزة في اسرائيل حاليا (تقدر بنصف مليار دولار). وفي غزة قالت مصادر فلسطينية ان العشرات من الدبابات الاسرائيلية توغلت فجر امس في عمق الاراضي الفلسطينية باتجاه بيت حانون تحت تغطية من مروحيات الأباتشي، وطائرات الاستطلاع بدون طيار. واشارت المصادر الى ان القوة العسكرية التي توغلت في البلدة تتشكل بشكل اساسي من عناصر لوائي المشاة «جفعاتي» و«جولاني»، اللذين تمت اعادتهما للعمل في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الأخيرة في مواجهة حزب الله. واشارت المصادر أن عناصر من الوحدات الخاصة تسللت الليلة قبل الماضية الى تخوم البلدة حيث تمركزت على اسطح العديد من البنايات التي تقع في محيطها، وبعد توغل الدبابات الاسرائيلية قامت عناصر الوحدات الخاصة بإطلاق النار على المسلحين الفلسطينيين الذين خرجوا للتصدي للقوات الغازية، في حين قامت طائرات الاستطلاع بدون طيار باطلاق صواريخها على تجمعات المقاومين والمدنيين الذين دفعهم الفضول للخروج من منازلهم، الأمر الذي ادى الى مقتل ستة فلسطينيين وجرح العشرات. وذكرت مصادر عسكرية اسرائيلية أن جندياً اسرائيلياً قد قتل في العملية جراء قيام قناص فلسطيني بإطلاق النار عليه اثناء التوغل في البلدة. من ناحيتها قالت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة حماس أن الجندي قد قتل بنيران عناصرها. من ناحية ثانية ذكرت مصادر طبية فلسطينية أن القتلى الفلسطينيين الذين سقطوا في العملية هم محمد زويدي (27عاماً) وهو أحد أفراد جهاز الأمن الوطني الفلسطيني، بالاضافة الى مقتل ثلاثة من كتائب القسام وهم القائد الميداني حسام أبو هربيد (27 عاماً) وهو أحد المرافقين الشخصيين لوزير شؤون اللاجئين الفلسطيني الدكتور عاطف عدوان الذي يقطن البلدة، وأحمد سعدات (22عاماً)، وطارق مصطفى ناصر (22عاماً)، كما قتل محمد المصري، وهو أحد عناصر سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، ووصل إلى المستشفى جثة هامدة جراء إصابته بشظايا أطلقتها الطائرات الحربية على تجمعات للمواطنين في البلدة، بينما لم تعرف هوية القتيل السادس.

من ناحية ثانية قال الجنرال يوآف جيلانت، قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الاسرائيلي إن الحملة تهدف بشكل أساسي إلى وقف تعاظم القوة العسكرية لحماس، ومنعها من تهديد العمق الإسرائيلي الداخلي. وأضاف جيلانت الذي كان يتحدث في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية صباح امس أن القوة العسكرية لحركة حماس تتجه لتكون تهديدا إستراتيجيا، الأمر الذي يوجب على «إسرائيل» المبادرة للمس بهذه الحركة وبجهازها العسكري «كتائب عز الدين القسام».

وقال جيلانت إن الجهاز العسكري لحماس يخطط لتشكيل وحدات نظامية لإطلاق القذاف الصاروخية، إلى جانب تشكيل وحدات «كوماندوز» متخصصة في العمليات الخاصة.. واعتبر أن أحد أهم أهداف الحملة العسكرية على قطاع غزة هو العمل على وقف تدفق السلاح عبر الانفاق، مدعياً أنه يتم تهريب 2 الى 3 اطنان من المتفجرات شهرياً، الى جانب صواريخ جراد وقذائف متطورة.

وذكرت المصادر العسكرية الإسرائيلية أن العملية الواسعة ستكون متدحرجة ومكونة من عدة مراحل، منوهة الى أن المرحلة الأولى ستكون على شكل عمليات خاصة ومحددة في عمق قطاع غزة في مناطق شمال قطاع غزة التي منها يتم إطلاق الصواريخ على المستوطنات اليهودية، وفي اقصى جنوب القطاع وتحديداً في محيط الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر بغرض تدمير الأنفاق. وفي اقصى شمال الضفة الغربية اقدمت قوات الاحتلال على اختطاف قائد بارز في الجهاد الاسلامي. وقال محمود السعدي، مسؤول حركة الجهاد الإسلامي في جنين إن أفراد قوة إسرائيلية خاصة، يستقلون سيارة مدنية، اعترضوا طريق الشيخ غسان راغب السعدي (45 عاماً) في منطقة واد برقين غرب جنين، أثناء عودته إلى منزله في مخيم جنين، وقاموا باختطافه تحت تهديد السلاح.