ألمانيا تقدم أدنى دعم لأطفال الأجانب في المدارس

TT

أثارت دراسة نشرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التابعة للأمم المتحدة جدلا واسعا بين الألمان بسبب تصنيفها ألمانيا في ذيل قائمة البلدان التي تقدم أفضل رعاية لأطفال المهاجرين في المدارس. وطالب العديد من المسؤولين الألمان بدراسة أسباب الظاهرة، ومحاسبة المسؤولين عنها ووضع البرامج الكفيلة بتحسين أداء أطفال الأجانب في المدارس الألمانية.

وتتهم الدراسة، التي نشرت مساء أول من أمس في العاصمة برلين، ألمانيا بالعجز عن دمج أطفال المهاجرين في المجتمع الألماني. كما لاحظت الدراسة، التي قارنت أوضاع التلاميذ الأجانب في17 دولة، أن المدارس الألمانية ترسل التلاميذ الأجانب إلى مدارس الإعداد المهني دون تمحيص في مستوياتهم وقابلياتهم. وينقل من المدارس الإعدادية (التي تضم عادة التلاميذ المهيئين لمواصلة الدراسة في الجامعات والمعاهد العليا) إلى مدارس الإعداد المهني كل التلاميذ من ذوي المستويات الدراسية المتدنية بغية إعدادهم لدخول المعاهد المهنية. ومعروف أن أبناء المهاجرين، وخصوصا أبناء الأتراك، يشكلون نسبة عالية من تلاميذ مدارس الإعداد المهني.

وتخلص الدراسة إلى أن اللغة لا تلعب الدور الأساسي في تدني مستويات التلاميذ الأجانب وخصوصا الذين يصلون إلى ألمانيا بعمر يزيد عن 6 سنوات، إذ قدرت الدراسة أن 25 في المائة من أبناء المهاجرين من الجيل الأول (الذين لم يولدوا في ألمانيا)، من عمر 15 سنة، لا يعرفون القواعد الأساسية للرياضيات، وترتفع هذه النسبة إلى 40 في المائة بين أبناء المهاجرين من الجيل الثاني (الذين ولدوا في ألمانيا). وعموما فإن الفرق بين مستوى التلاميذ الألمان والتلاميذ من أبناء المهاجرين (وخصوصا أبناء الأتراك) يبلغ في الرياضيات نحو 3 سنوات دراسية، في حين أن هذا الفرق غير ملحوظ في كندا ونيوزيلندا وأستراليا. وتضم قائمة الدول التي شملتها المقارنة فرنسا وبلجيكا وهولندا والولايات المتحدة أيضا.

وإثر الكشف عن نتائج الدراسة، طالبت وزيرة التعليم الاتحادية، إنيته شافان، بمنح أولاد الأجانب فرصا أكبر في الوصول إلى الجامعات والمعاهد العليا. وأوصت الوزيرة بضرورة منح أولوية لبرامج تقوية لغة الأجانب وتحسين اندماج أولاد المهاجرين بالمجتمع الألماني. وفي حين أكد متحدث باسم نقابة المعلمين أن نتائج الدراسة لم تفاجئه، قالت رجينة شفارزهوف، من وزارة التربية في ولاية الراين الشمالي فيسفتاليا، أن المدارس تواجه صعوبة في التأثير على أولاد المهاجرين لأنها أساسا تجد صعوبة في التأثير على أهالي التلاميذ ودفعهم، كمثل، للتحدث في البيت باللغة الألمانية.

وذكر عالم اللغات الألمانية بيتر سلبرناغل أن كل شيء يتعلق باللغة لأن من لا يفهم اللغة الألمانية لن يفهم الرياضيات والتاريخ أيضا، وطالب بفتح حوار مع أهالي التلاميذ الأجانب في اجتماعات الآباء والمعلمين. وعارضه في الرأي أندرياس ماير ـ لاوبر، من جمعية التربية والعلوم، الذي قال إن اللغة ليست العامل الحاسم في الأمر. وطالب ماير ـ لاوبر بالحرص على تعليم التلاميذ الأجانب لغاتهم الأم إلى جانب اللغة الألمانية.

وتحدث المترجم الإيراني محمد ر. لـ«الشرق الأوسط» عن تجربته فأشار إلى أن المعلمة حاولت إرسال ابنته إلى مدارس الإعداد المهني رغم تفوقها الدراسي. وقالت المعلمة له، عندما اعترض على قرارها، «إنها أجنبية، ومدارس الإعداد المهني أفضل لها». وتواصل ابنة محمد ر. حاليا دراستها في المرحلة النهائية من كلية الهندسة المعمارية في جامعة آخن. وتحدث المحامي التركي عبد الله ج. عن تجربة نقله من المدرسة الإعدادية إلى مدرسة الإعداد المهني بسبب «شقاوته» لا غير. ويقول إن مدير مدرسة الإعداد المهني أعاده بنفسه إلى المدرسة الإعدادية بعد أن لاحظ تفوقه على الآخرين.