السبانخ والحديد.. بين الخرافة والعلم

مراجعة طبية للأخطاء الصحية الرائجة

TT

ارتباط السبانخ بالحديـد، هو من الأمثلة الواضحة على استمرار اعتقاد الناس بخطأ علمي شائع رغم نتائج الدراسات العلميـة الحديثة، اذ يوجد اعتقاد متأصل لدى الناس عموماً ومرضى فقر الدم والنسـاء الحوامـل على وجه الخصوص، مفاده أن السبانخ من أعلى المصادر المفيـدة للجسم في الحصول على الحديد من الغذاء، رغم أن الحقيقة العلميـة هي خلاف هذا تمامــاً.

ويوجه جزء من اللوم إلى ما ذكره أحد علماء القرن التاسع عشر حول محتوى السبانخ العالي من الحديد، وكذلك الى بحار هزيل الجسم غدا من أشهر شخصيات أفلام الكارتون يُدعى «بوباي» تحول إلى مصارع قوي منتفخ العضلات بمجرد التهامه محتويات إحدى معلبات السبانخ! وقد بدأ تشويش المعلومات الصحية حول السبـانخ والحديـد، بعد تأكيد طبيب ألماني حلل مكونات أوراق السبـانخ في عام 1870، أنها تحتـوي عشرة أضعاف كمية الحديـد الموجـودة في غيرها من الخضار الورقيـة. وجرى تغذيـة خرافـة أن السبـانخ من أفضل مصادر الحديـد من بين تشكيلة المنتجـات الغذائيـة.

إلا ان دراسة ألمانية عام 1937 لإعادة تحليل مكونات السبانخ، اظهرت انه يحتوي من الحديد على 10% فقط، مما كان يُعتقد من قبل، وفي التسعينات بينت الدراسات العلمية أن قدرة أمعاء الإنسان على امتصاص محتوى السبانخ من الحديد، لا تتجاوز 2 إلى 5% من نسبته المتوفرة في السبانخ. ومع ذلك ظل الناس وبعد مرور نحو 70 عاما من ذلك مؤمنين بقوة السبانخ الحديدية الخارقة! وووفقا للدراسات الاميركية، فان كمية تزن 100 غرام من أوراق السبانخ المطبوخة والمُصفاة، تحتوي على حوالي 36 مليغراما من الحديد، أي كمية تسد ثلث حاجة الرجل اليومية منه، وحوالي 20% من حاجة المرأة لو تمت عملية امتصاصه في الأمعاء بنسبة طبيعية. لكن بالمقارنة مع منتجات غذائية طبيعية أخرى، فإننا نجد في كوب من العدس المطبوخ حوالي 66 ملغ أي ضعف السبانـخ. وفي نفس الحجم من حبوب الفاصوليا المطبوخة 52 ملـغ. و في 100 غرام من المشمش المجفف حوالي 4 ملغ. وفي نصف كوب من الزبيب دون البذور حوالي 15 ملغ. وفي 100 غرام من الفستق حوالي 12 ملغ.