قصة صحافي: دخل بغداد بتأشيرة غير قانونية.. وزواجه كان أول ضحايا الحرب

تنافست عليه شبكات التلفزيون وكان يعاني في صغره «من صعوبات في التعلم»

TT

بعد سنوات من الصراع لكي يصبح صحافيا متخصصا في الشرق الاوسط، كان ريتشارد انغل يعيش في القاهرة وتزوج من صديقته من ايام الدراسة، وبدأ يبحث عن مغامرة جديدة.

وفي الوقوت الذي كانت ادارة بوش تستعد لغزو العراق، قرر انغل انه لا بد ان يكون في العراق، واشترى فيزا غير قانونية. وما ان وصل للعراق اصبح منغمسا في الصراع بحيث اصبح زواجه ضحية للحرب. فقد ذكر «لا توجد حياة خاصة. هذا ما افعله طوال اليوم. لا اعيش حياة فردية مثل الشخص الذي يمتطي جملا في الصحراء، ولكن لا يوجد هامش شخصي».

وقد قضى انغل، البالغ من العمر 33 سنة، وقتا اطول في العراق من أي مراسل تلفزيوني اخر، فقد كان مراسلا لشبكة «ان.بي.سي»، لمدة ثلاثة سنوات ونصف السنة. وفي الوقت الذي كان المراسلون التلفزيونيون يتبدلون العمل في العراق، استمر انغل هناك.

ويذكر مقدم نشرة الاخبار في شبكة «ان.بي.سي» بريان وليامز «في عصر من الانتقادات الاعلامية الفورية فهو لا يعبأ بشيء في وسط المناطق الحربية. وهو لا يهتم على الاطلاق بأي موقع على الانترنت لديه مشاكل فيما يتعلق تغطيته للاحداث في العراق وهو يتجنب الرصاص، وهو اكثر شخص يعيش يومه قابلته في العشرين سنة الماضية».

وخلال زيارة نادرة للوطن كان انغل يبدو اكثر رشاقة من مظهرة على شاشات التلفزيون حيث يرتدي درعا واقيا من الرصاص. وهو يتحدث، بلا تأثر، عن افظع ما يفعله البشر لبعضهم البعض.

فقد اجرى في اوائل الشهر الحالي لقاء مع امرأة اختطف ابنها البالغ من العمر 13 سنة. وبعدما دفعت 12 الف دولار فدية، تعرض ابنها للتعذيب وقتل.

وقال انغل «شيء فظيع لقد شاهدت مئات من الجثث ـ الجثث المتعفنة الجثث المدفونة في قبور غير عميقة. وفي مرة من المرات شاهدت كلب يحمل رأس بشري في فمه. وتشم رائحة الجثث، وتشهد الناس الذين يشعرون بالغضب. والاشخاص الذين يقتلون هم اشخاص كبار في السن جدا او فقراء جدا او صغار وضعاف للغاية بحيث لا يمكنهم مغادرة البلاد».

ويحظى انغل، بين الدائرة الصغيرة من الصحافيين الذين يخاطرون بحياتهم في المنطقة بإحترام كبير. وقالت لارا لوغان كبيرة مراسلي شبكة «سي.بي.اس» التلفزيونية الاميركية، في لقاء من العراق، «اعجب بريتشارد لانه يتحمس للاحداث. وعندما كان صحفيا بالقطعة بلا دعم حقيقي لم يخش البقاء وحيدا في العراق خلال حملة الصدمة والترويع. كما انه شخصا دمثا».

لماذا يبقى؟ فعندما عينت «ان.بي.سي انغل» مدير مكتبها في الشرق الاوسط في الصيف الماضي، وافق على عقد جديد، وانتقل الى الهدوء النسبي في بيروت. وبعد ايام وجد نفسه يغطي حربا عنيفة بين اسرائيل وحزب الله، وشعر فجأة بالنشاط مرة اخرى. غير انه لا يقر النزاعات العسكرية.

وفي سن الثالثة عشرة، كان انغل يشعر بالاحباط بسبب صعوبات التعليم ويرغب في الفرار من الحياة الهادئة في مانهاتن. ولذا طلب الانضمام الى برنامج للحياة في الغابات في ويمونغ.

وقال انه شعر بـ«الخوف» ولكن تلك التجربة ادت الى تحول شخصي. وبالرغم من صعوبات التعلم، اظهر تحسنا في مجالات اخرى. ويشير واحد من زملاء الدراسة انه «كان كاتبا عظيما. ولكنه كان يعاني من أي شيء يتعلق بالارقام».

وبعد تخرجه من جامعة ستانفورد عام 1996 متخصصا في العلاقات الدولية، يقول انغل انه قررر «ان الشرق الاوسط هو حدث جيلي». وقال لوالديه انه سينتقل الى القاهرة، حيث زارها من قبل».

وتتذكر امه قولها له «هل انت مجنون؟ هل تتذكر انها فوضويا؟» وعندما قال لها انه يفكر في الذهاب الى دمشق، سمحت له بالذهاب للقاهرة لأنها ليست سيئة لهذه الدرجة.