لبنان.. حملة إعلانية تتنبأ بالأسوأ

تحمل عبارات وصورا تجسد «قباحة» الاستمرار في الطائفية

TT

اعتاد اللبنانيون على رؤية اللوحات الاعلانية السياسية في الطرق، خصوصا خلال فترات الانتخابات النيابية أو في المناطق التي «تتبع» حزبا او زعيما معينا.. ففي مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب اللبناني كثرت مثلا لافتات تحمل عبارات «النصر الالهي» وغيرها للدلالة على استثمار ما حققه حزب الله في الحرب، فيما مناطق ثانية ترفع لافتات تنعي الرئيس الراحل رفيق الحريري وتؤكد استمرار الدعم لابنه سعد، وأخرى تعلن ولائها لنائب او «ابن المنطقة». وليس بعيدا عن هذه الاعلانات، تفاجأ اللبنانيون مؤخرا وقبل اغتيال الوزير بيار الجميل بأيام بحملة اعلانية شاملة، رسمت للوهلة الأولى تساؤلات تراوحت بين الاعجاب والرفض، حيث وزعت بشكل مكثف لافتات تحمل عبارات مثل «مبنى برسم البيع للدروز فقط»، أو «موقف للموارنة فقط»، أو «طبيب متخصص بالمسلمين السنة»... وغيرها من اللوحات الاعلانية التي تحمل صورا وعبارات خيالية يستطيع المرء من خلالها ان يرى مدى القبح الذي قد يصل اليه المجتمع عبر الاستمرار في نهج الطائفية. يقول المدير التنفيذي لقسم الابداع في شركة «ليو بورنيت» في بيروت التي نفذت هذه الحملة وروجت لها بأن الحملة هي محاولة «لتسليط الضوء على المشكلة التي نعيشها في لبنان من خلال تطرقنا الى موضوع كان يعتبر من المحرمات ولكننا ترجمنا من خلاله خوفنا مما يمكن أن نصل اليه اذا استمر اللبنانيون في انتهاج هذا السلوك، وذلك بطريقة ساخرة وباعتمادنا على عبارات استفزازية انما ذات آثار أيجابية من دون الاستعانة بأشخاص معينين بل بأسماء وهمية تدل على طائفة الشخص وبالتالي على زبائنه». وتصب هذه اللوحات في اطار الاعلان الوطني الذي يستخدم مقومات الاعلان التجاري المتمثلة بالصورة واللغة والهوية والجمهور المستهدف، بالاعتماد على الوسائل الاعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة. ويقول الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور محمود طربيه ان هذا الاعلان يختلف عن الاعلان السياسي. وهو يهدف الى دمج مفهوم الابداع والترفيه في قضايا جادة بهدف وصول هذا الحزب أو ذاك الى شريحة أوسع مع اضفاء صبغة تجارية استهلاكية على هذه المفاهيم».

يعتبر «ان الاعلان السياسي هو لكسب مؤيدين جدد أو تلميع صورة الجهة وتحسينها في نظر الموالين، وذلك من خلال ترسيخ أفكار قائمة وموجودة أو طرح أفكار سياسية حديثة، وبذلك أصبح الاعلان السياسي ضرورة حتمية للوصول الى جمهور واسع».

أما في ما يتعلق بالمصداقية التي يمكن ان تكتسبها هذه الاعلانات لدى الجمهور، في ظل تأرجحها بين المبالغة وعدم الصدقية في أحيان كثيرة في أذهان المتلقين في حالة الاعلانات التجارية، يشير طربيه الى «ان هدف الاعلان السياسي يبقى مقتصرا على التذكير أو التنوير أو التعليم، وبالتالي ترتكز نتائجه الفعلية على الذين يعتبرون في موقع وسطي، أي غير المحسوبين على جهة معينة، فاما ان يقبلوا الفكرة ويتأثروا بها واما ان يرفضوها».