«أدب النميمة» يفتح شهية القراء

بين مقهى «زهرة البستان» و«أتيليه القاهرة» في جلسات المثقفين

TT

بإمكان المتجول بين مقهى «زهرة البستان» و«أتيليه القاهرة» و«بار الجريون» أن يسمع ليل كل ثلاثاء ـ وهو موعد جلسات المثقفين هناك ـ أسرار الكتاب وأهل المعرفة، حيث لا عمل للمجتمعين في هذه الأماكن الثلاثة سوى «النميمة»، حتى أطلق على هذه المنطقة اسم «مثلث الرعب». وإن كان الاغتياب هو مما عرف عن المثقفين في كل زمان، فإن الجديد هو استغلال هذه الثرثرات التي يفترض انها آنية، لتأليف كتب ونشرها، بحيث أصبحت هذه المؤلفات من أقرب الإصدارات إلى قلوب القراء. ولعل أشهر كتب النميمة، هو الذي حمل صراحة اسم «كتاب النميمة» للروائي سليمان فياض، وحلل فيه شخصيات العديد من المثقفين المصريين. والكتاب بجزءيه «كتاب النميمة» و«نبلاء وأوباش»، يتعرض لقصص أناس معروفين، ويثير الكثير من التساؤلات، لكنه ينطوي على لغة أدبية راقية وممتعة. وعديدون اليوم يعتبرون رواية «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني كتاب نميمة بامتياز، لأنه يتعرض لأناس معروفين بالاسم وما يزالون على قيد الحياة. وهناك من يعتبر أن «المرايا» لنجيب محفوظ هي نوع من الاغتياب. فنجيب محفوظ في هذه الرواية اعتمد على شخصيات موجودة في الواقع الثقافي، زاملها وعرفها، لكنه في الرواية ألبسها أقنعة بأسماء اخرى. وهناك أيضا رواية محفوظ الشهيرة «الكرنك» التي قيل إنه كتبها عن صلاح نصر، مدير المخابرات العامة المصرية أيام عبد الناصر، راصدا فيها التعذيب الذي يمارس في السجون، والتحولات الفكرية لدى عدد من المثقفين اليساريين. بعض الكتب، باتت تقوم بشكل أساسي ومباشر على سرد أخبار الغير والتشهير بهم من دون مواربة أو مسحة خيالية. ولعل أشهرها هو «مثقفون تحت الطلب» الذي صدر منذ حوالي عامين وقام بتأليفه محمد عبد الواحد، الذي كان يعمل في المكتب الإعلامي لوزير الثقافة فاروق حسني، وفيه فضح عدداً من المثقفين ورجال الوزير بالاسم. وبسبب هذه الظاهرة، يعتقد الناقد يسري عبد الله أن الوسط الثقافي المصري مصاب بعدد من الأمراض كالنميمة والشائعات، التي تعبر في رأيه عن خواء، وانشغال بالآخر.