متحف يروي قصة 5 آلاف من العقول العربية المهاجرة إلى البلقان

من الدراسة إلى التوطين ثم رحلة الذهاب بلا عودة

TT

تشير الآثار التاريخية الموجودة في متحف دوبروفنيك بكرواتيا حاليا، إلى أن تاريخ الاتصال الثقافي والتجاري، بين البلاد العربية ومنطقة البلقان كان سابقا للفتح العثماني في القرنين الثالث والرابع عشر الميلاديين للمنطقة.

وتوجد حاليا في ألبانيا ومقدونيا والبوسنة عائلات تعود جذورها إلى الحجاز ومصر والشام.

وقدمت أغلب العقول والكفاءات العربية المهاجرة في منطقة البلقان، للدراسة والتحصيل العلمي، ونبغت في مجال تخصصاتها، لا سيما الطب والهندسة، وقررت البقاء في البلقان. وبعد الحرب التي شهدتها المنطقة، وصلت موجة جديدة من العقول والكوادر، ولا سيما في مجال اللسانيات. أما أسباب الهجرة الطويلة أو المزمنة بتعبير بعضهم فتعود لعدة عوامل؛ منها الزواج، وانجاب الأطفال الذين يواصلون تعليمهم في المدارس والمعاهد والكليات البلقانية ولا يستطيع الآباء نقلهم للبلاد العربية لمواصلة تعليمهم.

ولا توجد حاليا احصاءات موثقة عن عدد العقول والكفاءات العربية في منطقة البلقان، لكن البعض يقدرها بنحو 5 آلاف من الكفاءات العلمية في مجال الطب والهندسة والمعلوماتية والآداب، موزعين على جمهوريات يوغوسلافيا السابقة المستقلة، وبعض الدول البلقانية الاخرى كاليونان وألبانيا. ولا يكاد يوجد مستشفى بدون أن يكون به عدد من الكوادر العربية التي أصبحت معروفة لدى المواطنين في منطقة البلقان، وهناك أسماء بارزة في كل مجال من مجالات العلم والمعرفة.

وبعد الحرب، قدم إلى المنطقة كوادر ومتخصصون من النوع الذي يصعب إعداده في المنطقة؛ ومن ذلك كوادر اللغة العربية والعلوم الاسلامية، الذين أبلوا بلاء حسنا في عملية الارتقاء بمستوى اللغة العربية في منطقة البلقان، ومساعدة الكوادر المحلية في تثقيف الطلبة بكليات الفلسفة وأقسام اللغة العربية التابعة لبعض الكليات؛ ومنها كلية الدراسات الاسلامية في سراييفو.

ومن بين الكوادر العربية من يعمل في غير التخصص الذي درسه في الجامعة، فنجد بعض المهندسين والأطباء يعملون في مجالات أخرى، كمترجم لدى بعض السفارات، أو مبرمج على الحاسب الآلي، وهم يخجلون من ذلك، ولكن ظروف المعيشة اضطرتهم إلى ذلك العمل.

وقال س. م «إذا عملت بتخصصي، وهذا في حالة العثور على وظيفة فإن راتبي لا يكفيني، كل شيء قادم من الخارج إلى هذه المنطقة، فمثلا السروال القادم من ايطاليا لا يعرض بأسعار ايطالية فحسب، بل تزيد عليه رسوم الجمارك والارباح والضرائب المرتفعة، فيشتريه المواطن والمقيم هنا بأضعاف سعره في أي بلد أوروبي آخر.

وينطبق هذا على المواد الغذائية وكل شيء تقريبا».