كوش .. الحضارة المفقودة

وثائق: كانت ندا للممالك الفرعونية

TT

توصل مفكرون ومؤرخون وعلماء آثار الى ان ثقافة دولة «كوش» القديمة اكبر اتساعا وثراء مما كان متصورا. إذ تدل وثائق مصرية من العصور القديمة، فضلا عن البحوث الحديثة في مجال الآثار، على ان دولة «كوش» ازدهرت على مدى خمسة قرون في الألفية الثانية قبل الميلاد وبلغ نفوذها السياسي والعسكري أوجه خلال تلك الفترة وسيطرت على اراض واسعة في افريقيا. وأظهرت بحوث ودراسات تاريخية ان جيران كوش المصريين في الشمال كانوا يدركون ان «كوش» غنية وانها كانت ندا لهم. يقول العلماء ان ثمة مؤشرات ظهرت اثر ارتفاع مياه النيل خلف خزان مروي الجديد المقرر تشييده في شمال السودان. فقد اتضح من حفريات سريعة اجريت في المكان وجود مواقع استيطان قديمة ومقابر ومواقع لتنقية الذهب في مواقع لم تكتشف أصلا في السابق من جانب علماء الآثار. وقال علماء آثار في تقارير ومقابلات اجريت معهم في الآونة الاخيرة انهم عثروا على أدلة متزايدة تثبت ان مملكة «كوش» بسطت نفوذها خلال فترة سيطرتها من العام 2000 الى العام 1500 ق. م على امتداد يقدر بـ 750 ميلا بطول وادي نهر النيل. وتمتد هذه المنطقة من الشلال الأول الى ما وراء الشلال الرابع. وتغطي هذه المنطقة جزءا من منطقة جغرافية واسعة غير محددة عرفت في العصور القديمة باسم «بلاد النوبة». بعض علماء الآثار يرتكز على نظرية تتلخص في ان الكشوفات الأثرية اظهرت ان حكام مملكة «كوش» كانوا اول حكام في منطقة افريقيا جنوب الصحراء يبسطون سيطرتهم على اراض واسعة وممتدة. وفي هذه السياق يقول جيف ايمبرلينغ، الذي يقود فريق الكشف الأثري التابع لجامعة شيكاغو، إن هيمنة حكام «كوش» على اراض واسعة في المنطقة تدل على انها كانت طرفا رئيسيا في المعادلة السياسية والعسكرية في ذلك الوقت على نحو اكبر بكثير مما كان متصورا.

وخزان مروي، الذي يقف على تشييده مهندسون صينيون بمساعدة فرنسية وألمانية، يقف عند نهاية الشلال الرابع، وهو عبارة عن ممر ضيق من الجزر والمنحدرات. وسيتسبب ارتفاع مياه النيل في تشكيل بحيرة عرضها ميلين وطولها 100 ميل، الأمر الذي سيؤدي بدوره الى نزوح ما يزيد على 50 ألف شخص من قبائل المناصير والرباطاب والشايقية. وتتوقع غالبية خبراء الآثار ان يكون هذا العام هو الأخير لاستكشاف مواقع مملكة «كوش» القريبة من ضفاف النهر.