المخطوطات مستقبل تمبكتو قلب أفريقيا الثقافي

مالي: تسهيلات عصرية لتصوير التاريخ المخزون إلكترونيا

المواطن المالي فدا آغا محمد يعالج بعناية بالغة المخطوطات القديمة الموجودة في منزل عائلته بقرية بير منذ مئات السنين («نيويورك تايمز»)
TT

امسك إسماعيل ديادي حيدر بكنز بين يديه يرجع إلى 11 جيلا ـ كتاب بغلاف جلدي متهرئ، يحتوي على تاريخ فرعي أسرته، فرع يرجع إلى القوت الغربيين في إسبانيا والفرع الآخر إلى الأصول القديمة لأباطرة الصونغي الذين حكموا هذه المدينة في أوجها.

وهذه المجموعة من الوثائق الهشة، التي كتبت بخط عربي منمق للقرن السادس عشر، هي مستقبل هذه المدينة المنسية.

وقد جدد الاهتمام المفاجئ بالكتب والوثائق القديمة المخفية لقرون طويلة في مساكن عبر شوارع هذه المدينة المتربة وفي صناديق جلدية في مخيمات البدو، الآمال في استعادة تمبكتو ـ المدينة التي ارتبط اسمها في الحضارة الغربية بالمجهول ـ مكانة في قلب أفريقيا الثقافي.

وقال حيدر «أنا مؤرخ. اعرف من أبحاثي أن هذه المدن العظمية لا تحظى بفرصة ثانية. ولكن هنا لدينا فرصة ثانية لتمسكنا بماضينا».

وهذه المدينة القديمة حبيسة رمال الصحراء الكبرى والعالم المتغير الذي يهتم أكثر بالوصول إلى البحار أكثر من الطرق التي حفرتها حوافر الجمال عبر كثبان الرمل على حافة نهضة أخرى.

وتقيم حكومة جنوب أفريقيا مكتبة جديدة للمعهد، وتسهيلات عصرية، لإعداد سجل وتصوير آلاف من الكتب رقميا وتوفير محتوياتها، العديد منها لأول مرة، للباحثين. وقد دفعت الجمعيات الخيرية والحكومية من أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط مئات الألوف من الدولارات لمكتبات الأسر القديمة التي يجري توسيعها وتحويلها إلى مراكز أبحاث، وهو ما يجذب علماء من جميع أنحاء العالم يرغبون في ترجمة وتفسير تلك الوثائق المنسية.

ودوافع هؤلاء متنوعة. فجنوب أفريقيا وليبيا تسعيان لنفوذ في المسرح الأفريقي، وكل منهما يروج لرؤيته لأفريقيا. وإسبانيا لديها علاقات مباشرة ببعض التاريخ المخزون هنا، بينما الجمعيات الخيرية الأميركية بدأت في تقديم أموال بعدما عرض هنري لويس غيتس، بروفسور الدراسات الأفريقية في جامعة هارفارد، بعض النصوص في برنامج وثائقي في أواخر التسعينات.

وتجدر الإشارة إلى أن الفصل الجديد في قصة تمبكتو، التي فقدت حظوتها في القرون الوسطى، هي غريبة غرابة تلك التي سبقتها.

فجغرافية المنطقة التي أدت إلى غموض المدينة في الخيال الشعبي أكثر من 500 سنة، كانت هي السبب وراء عظمتها. فقد أسسها البدو الرحل كمركز تجاري في القرن الحادي عشر وأصبحت فيما بعد جزءا من مملكة مالي الضخمة، ثم وقعت تحت سيطرة إمبراطورية الصونغي.

وقد أحضر التجار معهم الكتب والوثائق من البحر المتوسط والشرق الأوسط، وكانت الكتب تباع وتشترى في تمبكتو، باللغة العربية واللغات المحلية مثل الصونغي والتمشق، وهي لغات الطوارق.