«الصين الشعبية» تحيط بـ«الحرم النبوي» من جميع الجهات

سيطرة تامة لبضائعها وغياب للصناعات والحرف «الوطنية»

TT

يدور زوار الحرم النبوي حول جهاته الأربع بحثا عن هدية غالية يعودون بها من أحد الأماكن والديار المقدسة عند المسلمين، فلا يجدون أمامهم سوى طوفانا من البضائع «الصينية الرخيصة»، فيما لا يقف أمام هذا المد الصيني سوى باعة «التمور» و«النعناع» المديني. سور البضائع الصينية يحيط بخاصرة الأسواق في السعودية، ولكن تظل الأسواق المحيطة بالأماكن المقدسة، أكثر تمايزا بطبيعة الصورة التي كانت تمثلها الأسواق والبضائع التي تشكل جزءا مهما في خريطة اهتمامات أي زائر للمدينتين المقدستين، مكة، والمدينة.

يقول، عبد العظيم السيد، وهو مصري، يأتي للمرة الأولى إلى الأماكن المقدسة، انه واجه حيرة كبيرة في نوعية الهدايا، التي ينتظرها أقاربه «ليس أمامي سوى شراء النعناع والتمر. رائحة البضائع الصينية أزكمت أنوفنا في كل مكان»، فيما عبّر عن دهشته من غياب «المنتجات اليدوية التي تعكس ثقافة المكان والناس».

البائعون يدافعون عن أنفسهم، بأنه ليس أمامهم سوى هذه البضائع التي يمكن لها تحقيق مداخيل مناسبة لحجم الايجارات المرتفعة حول ساحة الحرم النبوي، إذ يرى، أبو أيمن، وهو بائع لملابس الأطفال، أنه «ليس هناك منتجات محلية في مجال تجارته يمكنها الصمود أو المنافسة سعريا» مضيفا «أين هي البضاعة الوطنية أساسا.. ليس أمامنا سوى ما تجود به المصانع الصينية».

من جهتها، انتقدت الدكتورة عزيزة الأحمدي، مديرة مركز سيدات الاعمال بالغرفة التجارية الصناعية في المدينة المنورة، خطط التطوير والاستثمار في المنطقة المركزية، قائلة: «للأسف غابت خطط إنشاء أسواق متخصصة بالصناعات والحرف اليدوية، عن خطط التطوير السابقة». كما ضربت مثالا عن «تعثر كثير من الافكار المبدعة في بعض الصناعات اليدوية التي كان لها أن تفتح بيوتا عديدة، وتحل جزءا من مشكلة البطالة والفقر خاصة في أوساط السيدات».

الجدير بالذكر أنه كان لأهل المدينة المنورة، سوق يسمى «المناخة»، يعود لعصر النبوة، عندما أقره الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن كان يسمى سوق «بني قينقاع»، ليصبح السوق مركزا حضاريا يؤمه القادمون من كل مكان، وفيه كانت تقضى مختلف الحاجات التجارية والاجتماعية.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن تسمية السوق، جاءت نسبة إلى فسحة كبيرة كان أغلب الحجاج ينيخون جمالهم فيها ويقيمون بها مدة الزيارة، في المدينة المنورة. بينما شكل ذلك السوق ما يعتبر بلغة العصر الحديث «سوقا حرة» حيث كان هناك التزام أدبي، بأن «لا يقام في المناخة بناء ثابت، حتى أن المتاجر وعشة المحتسب كانت جميعها مبنية على شكل عشش وصناديق بحيث يسهل إزالتها، فبقيت المناخة سوقاً عاماً ومناخاً لجمال الحجيج. وقد كان الامتناع عن البناء في المناخة تمشياً مع أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعدم البناء فيها وجعلها وقفاً للمسلمين».