«الدولة الأبدية» في مهب رياح الشرق الأوسط

«الشرق الأوسط» في تركيا.. من فرط حب أتاتورك لاسطنبول أختار أنقرة عاصمة

TT

تعيش تركيا وضع أزمة، لكن هذا ليس شيئا جديدا على الأتراك، فالجمهورية التي ولدت من رحم الحرب والصراع الدولي للاستيلاء عليها خلال السنوات الاخيرة من عمر الدولة العثمانية اعتادت على الازمات. فلم يكن مفاجئا ان تستيقظ خلال الاشهر الماضية على نزاع مفتوح بين العلمانيين والاسلاميين على هوية الجمهوريــة، أو ان تجد نفسها في مواجهة مفتوحة داخليا (مع الاكراد) وخارجيا (مع اميركا والعراق والمجتمع الدولي) بسبب خططها للدخول الى شمال العراق لتصفية معاقل حزب العمال الكردستاني. هذه الازمات الداخلية والخارجية تجعل تركيا اليوم في مهب رياح الشرق الاوسط، ومهب اوروبا، ومهب اميركا ومهب اسيا. وفي خضم هذه التطورات الاقليمية والدولية ينظر الأتراك للتاريخ طويلا، ويعطون اهتماما خاصا للطريقة الاستثنائية التي تطوروا بها كأمة وكدولة. فمثلا مفهوم الدولة كان حاضرا لدى العثمانيين منذ القرن 13, إذ أنها سميت «دولت عالية عثمانية»، أما شعارها فكان «دولت أبد مدت» أي «الدولة الابدية». وبـالتالي اذ يشعر الأتراك بخطر على مصالحهم لا يشعرون بخطر على وجودهم. القرارات المهمة في تركيا تصدر من أنقرة العاصمة الرسمية ومركز الوزارات ومؤسسات الحكم، ومن اسطنبول «قلب» تركيا وعاصمة تاريخها كله، فهي كانت عاصمة الدولة العثمانية (1299- 1922)، وقبل ذلك كانت بتسميتها الأولى القسطنطينية عاصمة الامبراطورية البيزنطية. مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة وأبوها الروحي، من حبه لاسطنبول وخوفه عليها، قرر ان يحميها من محاولات القوى الكبرى للاستيلاء عليها، فاختار أنقرة عاصمة بدلا منها بجرة قلم.

واعتبارا من اليوم تبدأ «الشرق الأوسط» سلسلة تحقيقات وحوارات من تركيا تتعلــق بالتحديــات التــي تواجههــا، والخلافــات بين الاسلاميين والعلمانيين وطبيعة الاسلام التركي.