الأوروبيون قلقون على حرياتهم من كثرة الممنوعات

قوانين منع التدخين والسيارات الملوثة تدخل حيز التنفيذ

عنصران من الشرطة الفرنسية داخل أحد المقاهي للتأكد من عدم وجود مدخنين فيه أمس (أ.ف.ب)
TT

بدا عام 2008 في أوروبا بسيل من القوانين الوطنية الجديدة التي تحذر التدخين والسيارات الملوثة او الاغذية غير الصحية، غير ان بعض الاوروبيين يشعرون بالأسف حيال تعاظم دور الدولة الحامية التي تسعى الى تنظيم اسلوب معيشتهم وحرمانهم من متعهم الصغيرة. وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية فقد بدأت سحب الدخان الأزرق التي تشكل جزءا من الديكور الرومانسي للحانات والمطاعم والمقاهي في فرنسا والمانيا والبرتغال في الاختفاء مع انضمام هذه الدول في الاول من يناير (كانون الثاني) الى قانون حظر التدخين الذي سبق ان تبنته عدة دول اوروبية اخرى.

وفي المانيا، حيث للسيارة اهمية كبيرة، لم يعد باستطاعة السائقين في العديد من المدن قيادة السيارات التي تخلف تلوثا شديدا، في حين تفرض عليهم مدينة ميلانو الايطالية الكبيرة دفع رسوم كغرامة. ولمكافحة البدانة لدى الصغار قررت بريطانيا منع الاعلانات التلفزيونية التي تروج لأنواع الاغذية والمشروبات الغنية بالدهون والملح والسكر الموجهة للاطفال والمراهقين.

ويرى البعض في هذه الاجراءات كبسولة دواء مرة لكنها ضرورية فيما يحتج آخرون على مساس خبيث باسلوب معيشة على الطريقة الاوروبية. ويقول علي، 55 سنة، في برلين لصحيفة «بيلد» الالمانية الشعبية «لن يمنعني أحد من التدخين في مقهاي الصغير. انني ادخن اربعين سيجارة يوميا منذ كنت في الثانية عشرة ولن اتغير الان». وتحتج صاحبة حانة تدعى آن تشيتشك في تصريح لصحيفة «برلينر تسايتونغ» قائلة «لم نعد اطفالا صغارا يقال لهم ما عليهم القيام به».

وذكرت صحيفة «دي فيلت» ان الحق في التدخين بحرية كان من المطالب التي نزل من اجلها ثوار برلين الى الشوارع في القرن التاسع عشر. وقالت الصحيفة المحافظة آسفة «حرية التدخين في الاماكن العامة كانت احد الانتصارات الوحيدة الباقية من 1848. وقد انتهى ذلك الان». وفي المانيا وبعد سنوات من المقاومة الشرسة للوبي التدخين بدء سريان تشريع، يتباين حسب الولايات الاقليمية، يسمح معظم الوقت للمؤسسات بفتح مساحات منفصلة للتدخين. وقد اتخذت البرتغال اجراءات مماثلة.

لكن فرنسا اعتمدت تشريعا اكثر صرامة يرسل المدخنين الى الشارع لاحترام الحظر التام في الاماكن العامة.

ولم تتأخر المقالات الصحافية التي تتحدث عن تهديد «للحرية» العزيزة على قلب الفرنسيين. ففي «ليبراسيون» اليسارية تحدث استاذ علم الاجتماع هنري بيار جودي عن «نهاية حقبة» وقال ان «اقتصاد الصحة العامة يبرر رقابة ملزمة اكثر فاكثر للحياة الخاصة». واضاف «مع ذلك اننا نعلم ان الخمور والتدخين من الاسلحة التقليدية لمكافحة الضغط العصبي»، متسائلا ان «استهلاكهما، وإن كان مفرطا احيانا، اتاح بلا شك منع الكثير من الثورات الجماعية. فهل سيولد حظرهما حركات تمرد؟».