ولش لـ«الشرق الأوسط»: لا مراجعة لسياساتنا لعزل سورية.. وقلقنا من سلوكها يتزايد

مساعد وزيرة الخارجية الأميركية قال إنه إذا كانت دمشق جادة فعليها أن تظهر هذا لكن ليس لوسائل الإعلام.. وتضع على الطاولة السلام لا السلاح

TT

نفي ديفيد ولش مساعد وزيرة الخارجية الاميركية، ان تكون واشنطن تجري تقييما لسياسة عزل سورية، موضحا أن دمشق لم تقدم ما يكفي لإجراء هذه المراجعة بخصوص عزلها. وأوضح ولش في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الخطوات التي أقدمت عليها سورية فيما يتعلق بإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان، وانتخاب رئيس لبناني بداية لكنها لا تكفي، وان واشنطن تنتظر من دمشق خطوات اخرى فيما يتعلق بأربع قضايا اخرى، وهي إيواء الفصائل الفلسطينية في دمشق، وعلاقات سورية الاستراتيجية مع إيران، وخلط الاوراق في لبنان باستخدام جماعات مسلحة هناك، والمتسللون الى العراق عبر الحدود السورية. وقال ولش إن وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس قابلت نظيرها السوري وليد المعلم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي لإيصال رسالة «وجها لوجه» حول دواعي القلق الاميركي من السلوك السوري، موضحا: «أعتقد انه من المهم من وقت لآخر ان يسمع الناس بشكل مباشر ووجها لوجه اسباب قلقنا. الولايات المتحدة لديها علاقات دبلوماسية مع سورية، لكن للأسف هذه القنوات أصبحت ضيقة جدا منذ فترة قصيرة مضت. والسبب وراء ذلك هو ان اسباب قلقنا من السلوك السوري قد تزايدت». وشدد ولش على أنه ليس هناك تشابه بين علاقة سورية مع حماس، وعلاقة قطر مع حماس، موضحا: «هذه العلاقات محدودة جدا، وتختلف تماما عن طبيعة العلاقات التي تقيمها سورية مع الفصائل الفلسطينية. فعدد من مقرات حماس في دمشق، هذه المقرات ليست موجودة في تركيا او قطر بنفس الطريقة».

وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية إن بلاده لا تضع شروطا لدعم ورعاية المباحثات بين سورية واسرائيل سوى جدية دمشق في السلام، موضحا:«اميركا لا تضع شروطا لقبول مفاوضات من اجل السلام.. إذا كانت الحكومة السورية جادة، فإن لديها الوسائل لإظهار هذه الجدية بشكل مباشر للولايات المتحدة، وليس لوسائل الاعلام». كما أوضح أن الاتفاق بين اميركا وكوريا الشمالية، الذي تم بموجبه رفع اسم كوريا الشمالية من قائمة الدول الراعية للإرهاب يتضمن، بموجب قرار مجلس الامن، منع تجارة المواد والمعلومات النووية الحساسة بين بيونغ يانغ وطهران، موضحا أنه اذا حدثت أية مخالفات لهذا الاتفاق، فإن واشنطن سترد. وهنا نص الحوار:

* هل هناك مراجعة داخل الادارة الاميركية لسياسة عزل سورية، خصوصا بعد زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدمشق الشهر الماضي؟

ـ سياساتنا حيال سورية واضحة ومتسقة، وهذه السياسات واحدة سواء في العلن أو في السر. لدينا علاقات مع سورية وسفارة، ونعتبر أن لسورية مسؤوليات مهمة، مثل باقي دول الجوار العراقي، لحماية أمن العراقيين والسيطرة على اراضيهم. لكن مع الاسف حكمنا هو انه كانت هناك تجاوزات جدية لهذه المسؤوليات من قبل سورية. ثانيا، علاقات سورية مع لبنان كانت مصدر مشاكل في الماضي، ونعتقد ان لبنان يستحق مستقبلا حرا ومزدهرا مع احترام امنه وسيادته من قبل كل جيرانه، خصوصا سورية. ثالثا ، سورية للاسف تأوي حتى اليوم عددا من الجماعات التي لها أنشطة ارهابية. وهذه مشكلة خطيرة جدا اثرت على آخرين في المنطقة، لكن بالذات أثرت على قدرة الحكومة الفلسطينية الشرعية لمواصلة مباحثات السلام مع اسرائيل. استراتيجيا نحن قلقون، لأن النظام السوري وضع نفسه في علاقات تحالف مع إيران لفترة طويلة، بالرغم من تأثير طهران السلبي جدا في المنطقة، وسلوكها الذي ادى الى دق اجراس الخطر لدى حلفائنا، ناهيك من الولايات المتحدة نفسها. وفي هذا الاطار، خرجت سورية عن الاجماع الاقليمي والعالمي. هذه هي القضايا التي نقولها علانية وسرا وهي واضحة ومتسقة. وبالتالي أقول إنه ليس هناك مراجعة لسياساتنا حيال سورية.

* لكن وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، قابلت وزير الخارجية السوري وليد المعلم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، لماذا؟ وماذا كانت رسالة واشنطن لدمشق خلال الاجتماع؟

ـ أعتقد انه من المهم من وقت لآخر ان يسمع الناس بشكل مباشر ووجها لوجه، اسباب قلقنا. الولايات المتحدة لديها علاقات دبلوماسية مع سورية، لكن للأسف هذه القنوات أصبحت ضيقة جدا منذ فترة قصيرة مضت. والسبب وراء ذلك هو ان اسباب قلقنا من السلوك السوري قد تزايدت. هناك تغييرات حدثت خلال الشهر الماضي، فاتفاق الدوحة حمل نوعا من الامل للبنان، كما تم انتخاب رئيس لبناني بعد فترة طويلة من الخلافات. وأعلنت سورية عن نيتها تغيير علاقتها مع لبنان، عبر اقامة علاقات دبلوماسية رسمية، وهو قرار دعت له الجامعة العربية. نحن مستعدون للنظر في هذه التغييرات، وتقييم ما إذا كانت هناك خطوات اخرى بخصوص لبنان. بخصوص العراق، نحن قلقون جدا على امن العراق، وعلى القوات الأجنبية الموجودة هناك، وما إذا سمح للارهابيين بعبور الحدود. نأمل من الحكومة السورية ان تتخذ خطوات اخرى لمعالجة هذا الوضع، لأننا نعتقد ان هذا الوضع على المدى البعيد يشكل خطرا على الأمن السوري. اما فيما يتعلق بعلاقات دمشق مع الجماعات الارهابية التي تأويها في سورية فهى ايضا مصدر قلق كبير، ولم أر تغييرا كبيرا في السلوك السوري بهذا الصدد. انا اتحدث عن حماس والجهاد الاسلامي والحركة الشعبية والديمقراطية وغيرهم. انا لا ارى هدفا للعلاقات مع هذه الجماعات إذا كان قرار العرب هو مبادرة سلام شاملة مع اسرائيل، تقوم على القبول بقيام دولتين عبر محادثات في اطار الاتفاقيات السابقة وبينها التزامات منظمة التحرير الفلسطينية وقرارات الجامعة العربية. سورية مرة اخرى في هذه القضية تخرج عن الاجماع الاقليمي والعالمي. هذه القرارات ليست قرارات تتخذها اميركا، هذه قرارت تتخذها سورية، ومن المهم ان يسمعوا هذه الطلبات بشكل علني وبشكل خاص ايضا.

* لكن البعض يقول لماذا تطلب اميركا من سورية عدم ايواء الفصائل الفلسطينية، فيما حلفاء لأميركا في المنطقة مثل قطر وتركيا لديهم علاقات مع بعض الفصائل الفلسطينية؟

ـ إن هذه العلاقات محدودة جدا، وتختلف تماما عن طبيعة العلاقات التي تقيمها سورية مع الفصائل الفلسطينية. فعدد من مقرات حماس في دمشق، وهذه المقرات ليست موجودة في تركيا او قطر بنفس الطريقة. القضية الثانية هي: ما هو القرار الدولي وليس القرار الاميركي حول حماس؟. القرار الدولي اساسه هو مبادئ اللجنة الرباعية، التي تتضمن الاعتراف بالتفاهمات بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وهذا ليس موقف اميركا، هذا موقف عالمي، وبالتالي حجم الاتصالات السياسية مع حماس محدودة جدا، حتى إذا كانت هناك دول اخرى لها موقف مختلف. نحن نرى ان حماس منظمة ارهابية.

* تحت أية شروط يمكن ان تقوم اميركا برعاية المباحثات بين سورية واسرائيل، كي تتحول الى مباحثات مباشرة؟ وهل حاولت دمشق الطلب من واشنطن ان تقوم برعاية مباحثات السلام؟

ـ اميركا لا تضع شروطا لقبول مفاوضات من اجل السلام، هذا قرار تتخذه اسرائيل وجيرانها، لكننا سنحكم عليه فيما يتعلق بما إذا كان جادا. اذا كانت مباحثات السلام جادة، فلا سبب لدينا كي نعارضها. وفي حقيقة الامر نؤمن ان السلام في المنطقة يجب ان يكون شاملا. في مؤتمر انابوليس دعونا جهات متنوعة لبحث مسار السلام الفلسطيني- الاسرائيلي، بما في ذلك سورية، وقبلت سورية وحضرت اجتماع انابوليس، وسبب دعوتها هو أننا أردنا أن نوضح أنه ليست هناك أبواب مغلقة أمام مفاوضات جادة. لكن إذا كانت الحكومة السورية جادة، فإن لديها الوسائل لإظهار هذه الجدية بشكل مباشر للولايات المتحدة وليس لوسائل الاعلام. أعتقد أنه من المهم لأمن ومستقبل الجميع في المنطقة أن تفعل سورية هذا. لسنا نحن الطرف الذين يعارض السلام، لكننا نؤمن إنه إذا كان هذا هو الطريق، فيجب ان يكون على أسس حقيقة، وهذا يعني توجها لوضع السلام على الطاولة وليس السلاح. وهذا يعني أن على سورية أن تفعل شيئا ما حيال الفصائل الفلسطينية في دمشق، وحيال علاقاتها الاستراتيجية مع إيران، وحيال السلام، وحيال عدم خلط الاوراق في لبنان باستخدام جماعات مسلحة هناك. هذه هي القضايا التي سنقيس بموجبها مستوى الجدية السورية. ففي نهاية المطاف، إذا كانت هناك جدية سورية.. سنأخذها بجدية.

* اميركا رفعت كوريا الشمالية مؤخرا من قائمة الدول الراعية للارهاب، وذلك مقابل وقف كوريا الشمالية لأنشطتها النووية الحساسة. هل تضمن الاتفاق ايضا بنودا تتعلق بوقف كوريا الشمالية مدها البرنامجين النووين الايراني والسوري بمواد نووية ومعلومات حساسة، بعدما قالت وكالة الطاقة الذرية ان كوريا الشمالية لها دور في تطوير البرنامجين النوويين لهذين البلدين؟

ـ قرار مجلس الامن حول كوريا الشمالية ينطبق على كل من كوريا وإيران، وهو يتضمن منع تجارة المواد النووية الحساسة والمعلومات النووية بين هذين البلدين. هذه القواعد موجودة بالفعل في القرار الدولي حول كوريا الشمالية، وإذا وجد أن هناك مخالفات من أي طرف من الاطراف بأي طريقة، فإن خطوات سوف تتخذ. لدينا قلق كبير من انشطة التخصيب النووي في كوريا الشمالية. وكان هدف الدبلوماسية الاميركية ومجموعة دول الـ6 التوصل لتفاهم مع كوريا الشمالية لمعالجة القلق من الانشطة النووية الكورية. بعض التقدم حدث. آمل ان تنظر الحكومة الايرانية الى هذا ونماذج اخرى، لترى أن هناك فوائد تنتظرهم إذا اخذوا طريقا آخر. لكنهم حتى الآن لم يغيروا طريقهم وهو السعى للحصول على مواد من أجل انتاج سلاح نووي، وهذا ليس مقبولا عالميا.

* العلاقات مع لبنان وإيران متداخلة ، هل تسليحكم للجيش اللبناني متأثر بحزب الله وعلاقة حزب الله مع إيران؟

ـ نحن ندعم الحكومة اللبنانية ومؤسساتها، نفعل هذا لأننا نؤمن ان هذا أفضل طريقة لأمن واستقرار الشعب اللبناني، حتى يصبح لبنان بسيادة وأمن وازدهار في المستقبل. نحن لا نسلح أية ميليشيا. الجيش اللبناني مؤسسة تاريخية ضمن الدولة، لديهم جيش صغير يحتاج الى ان يكون اكثر قدرة. لو كانت هناك ضمانات أمنية أفضل من جيرانهم، سواء أكانوا الجيران القربين أم البعيدين، فربما كانت التحديات التي يواجهها الجيش اللبناني اليوم اقل، لكن للاسف هذا ليس الوضع، وبالتالي هو يحتاج لقدرات لحماية مواطنيه، خصوصا ضد بعض الأنشطة التي تحدث في المخيمات هناك، وضد العنف في الشوارع الذي تحدثه ميليشيا مسلحة. هذه مسؤوليات الدولة لحماية مواطنيها، وليس هناك أي سبب كي تقوم جماعة مسلحة في لبنان برفع السلاح ضد المدنيين اللبنانيين. هذه ليست مقاومة، هذا قتل.